ملخص: قد تُثير التغييرات في مكان العمل مشاعر القلق والغضب والإحباط. لكن التأثر بتلك التغييرات ليس علامة على الضعف بالضرورة؛ بل إن الشعور بالانزعاج طبيعي في تلك المرحلة. وتحدد مؤلفة هذا المقال 6 استراتيجيات لتحافظ على عقلية متوازنة خلال فترات عدم اليقين.
قد يؤدي التغيير المفاجئ في القيادة، أو عملية إعادة هيكلة الشركة، أو الظروف الاقتصادية الصعبة إلى فوضى في مكان العمل، ما يجعل الحفاظ على التوازن والاستقرار تحدياً. فكيف يمكنك التأقلم مع التحديات والظروف الصعبة في العمل إذاً؟ وما المصادر التي يمكنك اللجوء إليها للحصول على الدعم؟ وما أفضل طريقة للتركيز على الأهداف والأولويات، سواء في الوقت الحالي أو على المدى الطويل؟
ما الذي يقوله الخبراء؟
التعامل مع الصعوبات في مكان العمل هو جزء لا مفر منه ومزعج في الحياة المهنية. قد تشعر بعدم الاستقرار نتيجة الرحيل المفاجئ لمديرك، أو تسريح العاملين في إدارتك، أو إعادة التنظيم غير المتوقعة لفريقك. لكن بحسب استشارية تطوير القدرات القيادية في المؤسسات والمدربة المهنية للمسؤولين التنفيذيين، إيريكا روبرتس، فإن وجود الفوضى والتحديات في مكان العمل لا يعني الاستسلام لها، والحل يكمن في الحفاظ على التركيز. وتقول: "لا يوجد استقرار في عالمنا اليوم لأن التغيير دائم، لكن بدلاً من الخوف منه، علينا تعلّم كيفية تقبّله والتكيّف معه".
وتضيف: "الهدف هو تحقيق أقصى استفادة من التغييرات من خلال البحث عن فرص وإمكانات جديدة". وإليك كيف:
لا تقسُ على نفسك
تقول روبرتس إن التغييرات المتسارعة في مكان العمل "تُثير مشاعر القلق والغضب والإحباط". لكن التأثر بتلك التغييرات ليس علامة على الضعف بالضرورة؛ وتُضيف: "اسمح لنفسك باختبار تلك المشاعر". قد يكون التغيير مربكاً، لذا تعامل مع نفسك برفق؛ فالشعور بالانزعاج طبيعي في تلك المرحلة. وبحسب هومكس: "عندما يحدث أي تغيير في العمل، يفترض الكثيرون ضرورة بذل جهد إضافي لبلوغ النجاح، ولا سيما أصحاب الأداء المتميّز"؛ بمعنى أنهم يضغطون على أنفسهم لتحقيق الأداء الأقصى. "لكن من المهم أن تسمح لنفسك بالتكيّف مع التحديات"، ولو بصورة مؤقتة. ولا يعني ذلك "الاستسلام لليأس والشعور بالحزن"، بل يعني أخذ "الوقت الكافي للتكيّف"، وإلا، "فكيف يمكنك تحديد الخطوات الصحيحة التي يجب عليك اتخاذها لتُعيد ضبط مسارك المهني بما يتناسب مع أهدافك؟".
عزّز قدرتك على التحمل
تعليق العمل بصورة متعمّدة بعد فترة التغيير خطوة مناسبة، لكن احرص على عدم الوقوع ضحية القصور الذاتي؛ أي أن "تسيطر عليك مشاعر الخوف" والركود، بحسب هومكس. وتضيف: "نعتبر عدم اليقين عادة عائقاً يجب علينا التعامل معه والتغلب عليه". لكنها تقترح التفكير فيه من منظور مختلف وأبسط؛ أي اعتباره سلسلة من الأحداث المحتملة في المستقبل.
وبدلاً من التركيز المفرط على ما قد يحدث في المستقبل أو القلق حول كيفية تطور تلك الأحداث، تقترح هومكس إجراء تمرين عقلي. فكر في الأسئلة الآتية: "ما العوامل التي تساعدني على تحقيق النجاح والعوامل التي تعوقني عن تحقيقه؟" يعزز هذا النهج قدرتك على التحمل وإيمانك بأنك لن تفشل حتى في أسوأ السيناريوهات، مثل فقدان الوظيفة، أو تغيّر المهام، أو إلغاء مشروع ما. وتقول: "تمالك أعصابك"؛ فالهدف النهائي هو التحوّل من العقلية الدفاعية التي تهدف إلى حماية الذات إلى عقلية النمو التي تتيح تبنّي فرص جديدة.
اطلب الدعم
تؤكد البحوث الفوائد العديدة لعلاقات العمل القوية، خاصة خلال الفترات الصعبة. وتقول روبرتس: "من المفترض أنك أنشأت علاقات مع فريقك تساعدك على عدم الشعور بالعزلة عندما يحدث التغيير"؛ فالتحدث مع الزملاء يخفف حدة توترك ويتيح لك التنفيس عن مشاعرك. ومع ذلك، تنصح روبرتس بعدم الاعتماد الكامل على الزملاء للحصول على المساعدة؛ وتقول: "كن حذراً عند التعبير عن مشاعرك حيال الأحداث التي تجري في المؤسسة، وكن حذراً حيال المعلومات التي تشاركها مع أصدقاء العمل المقربين أيضاً"؛ فقد يُفسر الآخرون تعليقاتك بصورة خاطئة أو يشاركونها دون علمك حتى. قاوم الرغبة في نشر ما يتعلق بالتغيير الحاصل في العمل على وسائل التواصل الاجتماعي. تقول روبرتس: "قد تتسبب مشاركة الكثير من المعلومات في عواقب سلبية في المستقبل. لذا، من الأفضل الركون إلى شبكات شخصية موثوق بها خارج نطاق العمل"، مثل الشريك أو الأصدقاء أو المعالج النفسي.
حافظ على نظرة إيجابية ومتفائلة
لا بدّ من أن تجد جانباً إيجابياً في الاضطرابات التي تحدث في العمل. لذلك تنصح هومكس بضرورة "أن تكون متيقظاً لما يحدث حولك، بدلاً من أن تركز على العمل وتتجاهل ما يجري من أحداث"، وأن تتبنّى عقلية منفتحة. وتوصي روبرتس بطرح الأسئلة الثلاثة التالية على نفسك: كيف تؤثر هذه التغييرات في منصبي الحالي؟ كيف تؤثر هذه التغييرات في نظرتي تجاه المؤسسة و(أو) مستقبلي فيها؟ ما الفرص التي قد تنشأ نتيجة لهذه التغييرات في المؤسسة، والتي تتيح تطوير مساري المهني أو تعزيز مهاراتي المهنية؟
قد لا تكون الإجابات واضحة على الفور، لكن للنظرة الإيجابية دور مهم في إحداث فارق كبير. تقول روبرتس: "يمكنك اعتبار الفوضى عائقاً يجب التغلب عليه، أو فرصة للنمو". فقد تقول مثلاً: "سيعوق تقليص حجم الشركة تطوري المهني لأنني سأتولى مزيداً من المسؤوليات ولن أحصل على التوجيه اللازم من مديري"، أو: "يمنحني تقليص حجم الشركة فرصة إظهار مهاراتي في القيادة، ويتيح لي تولي مسؤوليات إضافية تُسهم في تعزيز مجموعة مهاراتي".
كن موضوعياً
على الرغم من أهمية الحفاظ على نظرة متفائلة في الأوقات الصعبة، يجب ألا تفقد الصورة الشاملة للموقف؛ فالاضطرابات في مؤسستك لا تعني بالضرورة أنها تواجه مشكلة (على الرغم من أن حدوثها أمر محتمل بالطبع). لكن الاضطراب المستمر وغياب التوجيه الواضح يعني أن مؤسستك تواجه صعوبات في التعامل بفعالية مع التحديات. تقول هومكس: "تواجه كل مؤسسة حالة من عدم اليقين، لكن ثمة اختلاف في كيفية تعاملها معه. فالتغيير دون وجهة محددة هو وضع غير سليم، وغياب الغاية الموجهة والاستراتيجية المتوسطة المدى علامة على ضعف التواصل مع الموظفين داخل المؤسسة حول حالة عدم اليقين".
إذا كان النهج الذي تتبناه مؤسستك يثير مخاوفك، أو إذا تولّدت لديك شكوك متكررة حول استراتيجيتها، فمن المهم أن تنظر بجدية في مدى تناسبها مع أهدافك المهنية. تقول هومكس: "التظاهر بحالة الاستقرار أمر غير واقعي"، ومع ذلك، قد تجد مؤسسة أخرى تتناسب مع قيمك ويكون العمل فيها أقل تقلباً.
تأمّل ملياً وأعِد تقييم المشكلة
وفقاً لروبرتس: قد تكون حالة الفوضى والاضطرابات في العمل محفزاً لتُعيد التفكير في وضعك الحالي وما ترغب في تحقيقه في مسارك المهني. وتقول: "لا يخصص الناس وقتاً لتقييم مواطن قوتهم ومواهبهم وأولوياتهم فيما يتعلق بالعمل". وتقترح أن تقيّم نفسك ووضعك. ما الإنجاز الذي ترغب في تحقيقه؟ ما أولوياتك؟ قد تجد أنك راضٍ عن وظيفتك وحياتك المهنية؛ أو تقرر أن الوقت حان لاستكشاف فرص جديدة أو إجراء تغييرات مهنية. وتقول: "ثمة العديد من العوامل التي لا يمكنك التحكم فيها في الحياة، لكن يمكنك التحكم في معنى النجاح بالنسبة لك، وفي الخطوات التي عليك اتخاذها لبلوغه. وقد تكون الظروف الراهنة المحفز الذي تحتاج إليه لاتخاذ تلك الخطوة".
مبادئ يجب تذكرها
ما عليك فعله
- اسمح لنفسك بفرصة اختبار مشاعر الضغط وعدم اليقين خلال الفترات الصعبة.
- التمس الدعم من أفراد عائلتك وأصدقائك وغيرهم من شبكة علاقاتك الشخصية الموثوق بها.
- اغتنم فرصة ممارسة تأمل النفس؛ إذ يعزز ذلك إدراكك بأنك راضٍ عن وظيفتك، أو يحفزك للبحث عن فرص جديدة.
ما عليك تجنبه
- الاستسلام لليأس. بدلاً من ذلك، غيِّر وجهة نظرك واعتبر التحديات فرصة للنمو، بدلاً من عائق يجب التغلب عليه.
- الإفراط في التعبير عن المشاعر أمام الزملاء. كن حذراً فيما تشاركه معهم؛ فقد يُفسر بعضهم تعليقاتك بصورة خاطئة أو يشاركونها دون علمك حتى.
- فقدان التركيز على الصورة الشاملة. قد يُشير الاضطراب المستمر وغياب التوجيه في المؤسسة إلى مشكلات خفية.