ملخص: وجد استقصاء أُجري على أكثر من 400 ألف موظف في الولايات المتحدة أنه عندما يشعر الموظفون بأن الترقيات في شركاتهم تدار بطريقة فعالة، يتضاعف احتمال أن يبذلوا جهوداً إضافية في أعمالهم، ويتعزز التزامهم مع شركاتهم على المدى الطويل، ويزداد اعتقادهم أن القادة يتصرفون بنزاهة بمعدل 5 أضعاف. ومع ذلك، إذا لم تُدَر عمليات الترقية بفعالية، فقد يثير نجاح شخص ما مشاعر الحقد لدى الآخرين، ويعجز الموظفون في الشركة بأسرها عن تحقيق تطلعاتهم المهنية. ولتحسين نظرة أعضاء فريقك تجاه الترقيات، احرص على إجراء محادثات معهم بشأن تطلعاتهم المهنية قبل الإعلان عن أي منصب جديد. وعند ظهور فرصة ما بالفعل، شجعهم على التقدم لها، بدلاً من أن تنتظر تقدمهم لها بأنفسهم. أخيراً، التزم الشفافية عندما تتخذ قراراً بترقية أحد الموظفين، ووضح سبب استحقاقه لهذه الترقية.
تُعد إدارة الترقيات بفعالية واحدة من أهم الطرق التي تساعد القادة على تعزيز نجاح شركاتهم. أجرينا استقصاءً على أكثر من 400 ألف موظف في الولايات المتحدة، ووجدنا أنه عندما يشعر الموظفون بأن الترقيات في شركاتهم تُدار بطريقة فعالة، يتضاعف احتمال أن يبذلوا جهوداً إضافية في أعمالهم، ويتعزز التزامهم مع شركاتهم على المدى الطويل، ويزداد اعتقادهم أن القادة يتصرفون بنزاهة بمعدل 5 أضعاف؛ وفي الواقع، تُعد النزاهة عنصراً أساسياً في الشركات التي تتمتع بثقة عالية بين موظفيها وتحقق أداءً متميزاً في أعمالها، خصوصاً تلك التي أجرينا دراسة عليها على مدى 3 عقود والتي كانت مُدرجة في تصنيف فورتشن 100 لأفضل الشركات للعمل فيها.
كما أن المردود الذي تحققه هذه الشركات مُبهر أيضاً، إذ إن عائدات الأسهم لديها أكبر بثلاثة أضعاف تقريباً من متوسط السوق؛ إضافة إلى ذلك، ينخفض معدل دوران الموظفين الطوعي في هذه الشركات إلى النصف مقارنة بنظيراتها في القطاع، وتُظهِر مقاييس الابتكار والإنتاجية والنمو فيها نتائج أفضل باستمرار من الشركات المنافسة.
ومع ذلك، تواجه هذه الشركات صعوبة في إدارة الترقيات. يعتقد 75% من الموظفين العاملين في أفضل 100 شركة أن الترقيات لا تُمنح إلا للذين يستحقونها، قد تبدو هذه النسبة مرتفعة بالفعل، لكنها ثالث أقل نسبة بين العناصر الـ 58 جميعها التي قيّمناها.
لماذا تُعد عمليات الترقية تحدياً إذاً، حتى في أفضل أماكن العمل؟
تُعد عمليات الترقية تجارب شخصية فريدة، فهي تعتمد في جوهرها على العلاقات بين الأشخاص، وتُعد من بين أهم المؤشرات التي توضح مدى توافق قرارات القادة مع القيم المعلنة للشركة. تتيح عملية الترقية الفعالة للقادة تمكين كل موظف من تحقيق أقصى إمكاناته، وتوضح نوع النتائج والسلوكيات التي يثمّنها القادة والشركة. ومع ذلك، إذا لم تُدَر عمليات الترقية بفعالية، فقد يثير نجاح شخص ما مشاعر الحقد لدى الآخرين، ويعجز الموظفون في الشركة بأسرها عن تحقيق تطلعاتهم المهنية.
ويمكن للقادة تحسين فعالية عملية الترقية من خلال تركيز اهتمامهم على الموظفين المرشحين للترقية وتقديم الدعم لهم في كل مرحلة من مراحل العملية:
قبل الترقية: اعرف تطلعات موظفيك المهنية
تبدأ المرحلة الأولى لعمليات الترقية الفعالة بتحديد تطلعات كل عضو في الفريق على المدى الطويل لكي يتمكن القائد من معرفة دور الموظف في نمو الأعمال، وكيفية تقديم الدعم له.
لنتأمّل مثال إحدى كبار القادة في مركز للاتصالات تابع لأحد عملائنا المهمين في مجال التكنولوجيا. عندما تولت قيادة الفريق، عقدت اجتماعاً مع كل موظف لفهم دوره الحالي، ومستوى أدائه واهتماماته وطموحاته، والمجالات التي تحتاج إلى تطوير في عمله.
وعندما أعرب موظفها في قسم دعم العملاء عن رغبته في العمل في مجال تكنولوجيا المعلومات، قررت الاعتماد عليه كلياً للتعامل مع كامل متطلبات الصوت والصورة في مركز الاتصالات، وكانت كلما حضر كبار القادة لتقديم عروض أمام الفريق تستهل الحديث بتقديمه أمامهم، وتسلّط الضوء على شهاداته في مجال تكنولوجيا المعلومات، ثم تطلب منه تجهيز المعدات اللازمة لتقديم العروض. وبعد مضي أشهر من دعم هذا الموظف (كما فعلت مع أعضاء فريقها جميعهم) تلقّت مكالمة من أحد قادة تكنولوجيا المعلومات يُعلمها أن منصباً جديداً في الدعم أصبح متاحاً في فريقه، فنجح موظفها في مركز الاتصالات في شغله وسُرّ الجميع لأجله.
عملت قائدة مركز الاتصالات على تنمية قادة ذوي أداء عالٍ مقارنة بأقرانها في المؤسسة. ولم يكن ذلك من قبيل المصادفة؛ بل كانت واضحة بشأن تطلعات أفراد فريقها، ودعمت كل فرد منهم في تحقيق أهداف التقدم. والأهم من ذلك، كلما حصل أحد موظفيها على ترقية، احتفل أفراد الفريق كله بالخبر بدلاً من التشكيك في قرارات القيادة. وبعد 14 شهراً من توليها منصب القيادة، تحوّل مركز فريقها من أسوأ الفرق أداءً إلى أفضلها أداءً على الإطلاق.
عند ظهور إعلان وظيفي جديد: شجع موظفيك وادعمهم
تتمثّل الشكوى الشائعة التي يُثيرها الموظفون حيال سياسات الترقية في شركاتهم في الشعور بأن قرار التوظيف في المنصب اتُخذ بالفعل قبل الإعلان رسمياً عن الوظيفة؛ أي أنهم يعتقدون أن هناك مرشحاً مفضلاً سيحصل على المنصب، بغض النظر عن مدى شفافية الفرصة. لكن قلة الثقة في النظام هذه تؤدي إلى إحجام الموظفين عن التقدّم، حتى لو كانوا مهتمين بالمنصب ومؤهلين لشغله.
عموماً، عندما يُعلن عن منصب جديد في الشركة، فلا تفترض أن يبادر الموظفون الذين تتوقع منهم النجاح في المنصب في التقدّم، حتى لو كنت على اتصال وثيق بأعضاء فريقك بشأن تطلعاتهم المهنية، بل شجعهم على التقدّم وادعمهم ووجههم. قل للمرشح الذي تأمل أن يتقدّم للوظيفة ما يلي: "أتوقع منك التقدم لهذه الوظيفة، حتى لو كنت غير متأكد من مدى استعدادك، إذ ستتيح لك المحاولة فرصة فهم متطلبات الانتقال للخطوة التالية في مسارك المهني".
لا يمكن لأي أداة أو نظام معالجة مشكلة نقص الثقة في عمليات الترقية، لكن الشخص الوحيد القادر على تغيير هذه العقلية هو القائد الذي يبادر بالتواصل مع أعضاء فريقه عندما تظهر الفرص.
بمجرد اتخاذ القرار: اكسب تأييد موظفيك
يشعر الجميع بالفضول لمعرفة هوية الشخص المُختار للترقية. ومع ذلك، يمثّل شرح أسباب اتخاذ القرار فرصة لإشراك الموظفين جميعهم في القرارات الإدارية. شارك قصصاً وأمثلة ملهمة حول كيفية استيفاء المرشح المعايير، وفوائد ترقيته على الفريق كله بدلاً من مجرد تكرار معايير الوظيفة المذكورة في الوصف الوظيفي.
ولتوضيح هذه النقطة الأخيرة، لنتأمّل مثالاً عن إحدى الشركات التي نتعامل معها، وهي شركة متوسطة الحجم متخصصة في التكنولوجيا الحيوية. حدثنا أحد قادة الشركة عن إحباطه مؤخراً بسبب المنافسة الشديدة على الترقيات بين أعضاء فريقه. لم تكن فرص الترقية على مستوى المناصب العليا كافية، ما جعله يخسر أعضاء فريقه إلى مناصب في مستوى الإدارة التنفيذية العليا في شركات أصغر. وأعرب عن أسفه قائلاً: "كلما رشّحت أحدهم للترقية، خيّبت آمال 10 آخرين".
أخبره زميله الذي قاد قسم البحوث في الشركة بأنه واجه المشكلة نفسها، ولمعالجتها، شكّل مجموعة مع قادة الفرق الأخرى وتعاونوا معاً لمناقشة كيفية الاستفادة من أهداف نمو المؤسسة لخلق فرص نمو وتقدم لكل عضو في الفريق على المدى الطويل.
وقال: "عندما يعرف أعضاء فريقي رغبتي في أن يحققوا أقصى إمكاناتهم، ويفهمون دور القادة في جعل طموحاتهم حقيقة واقعة، فسيشعرون حينها بأنهم شركاء مسهمون في أي قرار ترقية يُتخذ".
وتابع حديثه عن عادته في الاعتراف بجهود أعضاء الفريق الذين يُسهمون في تعزيز قدرة الشركة على الاستثمار في منصب جديد قبل الإعلان عن أي ترقية جديدة، وهو نهج لا يُسهم في تقدير الموظف المختار فقط، بل جميع الذين شاركوا في جعل فرصة الترقية ممكنة.
من الطبيعي أن يشعر بعض الموظفين الذين لم تخترهم الإدارة للفرصة المرغوبة بخيبة الأمل، لكن حقيقة أن يكون الموظف عضواً من فريق ناجح هو فوز شخصي أيضاً، ويمكن للجميع تقريباً أن يؤيد هذه الفكرة.
ما بعد الإعلان عن الترقية: إعادة ضبط التوقعات
من المهم بعد الإعلان أن تتواصل مع أولئك الذين لم يحصلوا على الوظيفة (أو حتى أولئك الذين لم يتقدموا لها) لتقديم التوجيه والدعم لهم. هل كانوا غير مستعدين للوظيفة في الوقت الحالي؟ هل كانت الوظيفة لا تتناسب مع تطلعاتهم المهنية؟ هل يواجهون مشكلة مع الشركة عموماً؟
في الأحوال جميعها، يُعد دعمك للموظفين في هذه المرحلة أمراً بالغ الأهمية لنجاحهم المستقبلي. بالنسبة لأولئك الذين لم يكونوا مستعدين للوظيفة في الوقت الحالي، احرص على العمل معهم لتوفير ما يحتاجون إليه من التطوير والتدريب في المرة المقبلة التي تتاح فيها فرص مماثلة. وبالنسبة لأولئك الذين لا تتناسب الوظيفة مع تطلعاتهم، فيمكنك مساعدتهم على تحديد الفرص المشتركة بين عدة أقسام بناءً على الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة بحيث تكون أكثر توافقاً مع طموحاتهم المهنية.
أما بالنسبة لأولئك الذين لديهم شكوك حول مستقبل الشركة، فقد تكون شكوكهم إشارة إلى عدم اهتمامهم بالتقدم في الشركة على المدى الطويل أو على عدم تلقّيهم الدعم. إذا كنت تعتقد أن الموظف ملائم للمؤسسة، فمن المُجدي استثمار الوقت والجهد لفهم وضعه الحالي حتى تتمكن من تحديد الطريقة المناسبة لدعمه.
عند تمكين القادة في المستويات جميعها من تطبيق هذه المبادئ على أعضاء فرقهم، سيكون هناك تأثير ملحوظ، إذ سيُعيد الموظفون تحديد تطلعاتهم المهنية، ويشعرون بالرعاية والدعم، وتزداد ثقتهم بالقادة عند اتخاذ قرارات الترقية، ويشعرون بالحماس تجاه الأهداف التي يمكنهم تحقيقها بصفتهم أعضاء مهمين في فريق ناجح.
الترقيات في العمل هدفها تطوير الموظفين، وعندما يتخذ القادة نهجاً يركز على الرعاية والتدريب، فقد تبدو كل عملية ترقية نجاحاً مشتركاً.