هل يمكن أن تساعد أدوات الإنترنت الموظفين في التدريب على المرونة؟

4 دقائق

تخيّل أنك تمر بيوم عصيب في عملك. لم يسر عرضك التقديمي بشكل جيد، وانتقد مديرك أداءك بقسوة، وحصل زميلك على ترقية إلى منصب كنت تأمل في شغله يوماً ما، وفوق هذا كله، يعتزم بعض زملائك الخروج بعد العمل دون دعوتك.

من الطبيعي أن يشعر أي شخص بالتعاسة في نهاية يوم كهذا. ولكن ما يساعدك على التعلم من هذه التجارب والعودة إلى العمل في اليوم التالي هو المرونة. أصبحت المرونة والقدرة على التكيف مع النكسات الشخصية والمهنية والتعافي منها معروفة بوصفها محركاً رئيساً للأداء الوظيفي بصورة متزايدة. وبإمكان يوم سيئ أن يُفقد تركيز أولئك الذين يفتقرون إلى المرونة، ما يدمر شعورهم بتقدير الذات، ويؤثر على مواقفهم تجاه وظائفهم وأداءهم أعمالهم.

درسنا في بحثنا الأخير ما إذا كان توظيف أدوات تدخّل بسيطة عبر الإنترنت يبني المرونة لدى الموظفين. ووجدنا أن الموظفين المحبطين الذين استخدموا مثل هذا التدخل عدة مرات في الأسبوع أظهروا تحسناً أكبر بكثير في المرونة من الموظفين الذين لم يخضعوا لأي مساعدة.

المرونة هي عنصر حاسم في النجاح ضمن مكان العمل.

تعد المرونة مهمة بشكل خاص للموظفين الذين يعانون من القلق والاكتئاب، والذين قد تزيد الضغوطات اليومية حالتهم سوءاً. وبالنظر إلى أن حالات الاضطراب الناتجة عن القلق تؤثر على ما يُقدّر بحوالي 15.7 مليون شخص سنوياً، وإفادة أكثر من 20% من موظفي الولايات المتحدة بتعرضهم لأعراض الاكتئاب، يُعتبر تحسين مرونة الموظف أمراً حتمياً توجبه طبيعة العمل.

وتشير الأبحاث إلى أن أرباب العمل يفقدون حوالي 32 يوماً سنوياً بسبب انخفاض الإنتاجية لكل موظف مكتئب، ما قد يكلف أصحاب العمل 44 مليار دولار سنوياً. ولوضع هذا الأمر في منظوره الصحيح، قد يكون لدى صاحب العمل الذي يعمل لديه ألف موظف ما يصل إلى 200 موظف يعانون من الاكتئاب ومجموع 6,400 يوم من الإنتاجية المفقودة كل سنة. وليس من المستغرب أن أفاد 75% من أرباب العمل في استبانة شملت 487 رب عمل أن "التوتر" كان شاغلهم الصحي الأول في مكان العمل.

وهنا يأتي دور التدريب على المرونة. وفي حين أن التدريب على المرونة غالباً ما يكون ناجحاً، إلا أنه قد يستغرق وقتاً طويلاً. ويعلّم التدريب على المرونة الأفراد كيفية التعامل مع الشدائد والتعافي منها ويقلل من الاكتئاب والقلق ويحسن أداء الموظفين في مكان العمل، فضلاً عن تحسين رفاههم وأدائهم الاجتماعي بشكل فعال. ويمكن أن يؤثر التدريب على المرونة بشكل إيجابي على نتائج الصحة البدنية المتعلقة بهرمون الكورتيزول المرتبط بالتوتر، مثل معدل ضربات القلب وضغط الدم والكوليسترول.

وعلى الرغم من الحاجة المتزايدة إلى تدخلات المرونة في مكان العمل، حدّت مجموعة متنوعة من العقبات من اعتمادها. إذ عادة ما تتطلب التدريبات المتعلقة بالمرونة تيسيراً شخصياً وموارد لوجستية ومالية تجعل من الصعب توسيع نطاق تلك البرامج التدريبية. في الواقع، يقدم واحد فقط من بين كل عشرة من أرباب العمل برامج لإدارة التوتر في مكان العمل، مثل برامج التدريب على المرونة. وتعاني هذه البرامج أيضاً من انخفاض المشاركة بسبب عدد لا يحصى من الأسباب، بما في ذلك الخزي الاجتماعي المرتبط بالحاجة إلى المساعدة.

هل يمكننا أن نجعل التدريب على المرونة أبسط؟

تساءلنا عما إذا كانت التدخلات والأدوات الخاصة بالمرونة عبر الإنترنت فعالة في التغلب على هذه الحواجز وزيادة المرونة بين الموظفين الذين يعانون من التوتر. وللإجابة عن هذا السؤال، أجرينا دراسة على 591 مستخدماً لتطبيق شركة هابيفاي (Happify) في الولايات المتحدة، حيث يعمل اثنان منا، والتطبيق هو عبارة عن منصة على الإنترنت يتضمن تمارين للحد من التوتر. أفاد جميع المشاركين في دراستنا أنهم يعانون من اضطراب عاطفي أو من اضطراب في مكان العمل عندما قاموا بالاشتراك لأول مرة في موقع هابيفاي. وطلبنا منهم استخدام المنصة مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعياً لمدة ثمانية أسابيع، ونظرنا في التغيير الذي طرأ عليهم في المرونة، والذي قمنا بقياسه بالنظر إلى شعورهم بالتفاؤل والتوتر الملحوظ والعواطف الإيجابية خلال تلك الفترة الزمنية.

وتركزت الأنشطة الأساسية التي شارك فيها المستخدمون في خمسة مجالات رئيسة، ألا وهي اليقظة الذهنية والامتنان وتحديد الأهداف والتسامح والتعاطف الذاتي. وللتأكد من أن استخدام المنصة الأساسية عبر شبكة الإنترنت تسبب في حدوث تغييرات في المرونة، قمنا بمقارنة الموظفين الذين أكملوا الأنشطة عبر الإنترنت بالموظفين المختارين بشكل عشوائي ضمن مجموعة تحكم والذين منحناهم إمكانية الوصول إلى المحتوى الموجود عادة أثناء تصفح الإنترنت للبحث عن موضوعات حول الصحة العقلية والرفاهة، كما أجرينا المقارنة مع مجموعة لم تستخدم أي برنامج.

وجدنا بعد ثمانية أسابيع تحسناً بنسبة 25% في المرونة بين الموظفين الذين يعانون من توتر عاطفي شديد وتوتر في مكان العمل والذين أكملوا نشاطين إلى ثلاثة أنشطة عبر الإنترنت كل أسبوع. وكانت هذه النسبة ضعف التحسينات التي لوحظت في المجموعتين الأخريين من الموظفين تقريباً.

والأكثر من ذلك، كانت هذه التحسينات أكثر وضوحاً بين أكثر الموظفين شعوراً بالتوتر، أي أولئك الذين يحتاجون غالباً إلى قدر كبير من الموارد للعلاج. وتشير هذه النتائج إلى جانب الأبحاث الأخرى التي تُظهر استفادة الأفراد الأقل توتراً من التدريب على المرونة، أن هذه البرامج قد تساعد أي موظف قبل أن يصل إلى نقطة الانهيار.

وتُظهر هذه النتائج أيضاً إمكانية بناء المرونة من خلال برامج وأدوات التدخل عبر الإنترنت في غضون أسابيع، بخلاف المعتقد السابق الذي يفيد أن بناء المرونة يتطلب قدراً كبيراً من الوقت والمال. ومع ذلك، هناك حاجة إلى دراسات إضافية لتحديد مدى طول أمد هذه الآثار.

وبالنسبة لك كرب عمل، تفيد هذه النتائج أن بإمكانك عرض برامج تدريب على المرونة ميسورة التكلفة وفعالة وتتسم بالمرونة المواتية لاحتياجات الموظفين، ما يتيح لهم المشاركة بالخطى التي تناسبهم وتجنبهم الخزي الاجتماعي المرتبط ببرامج التدريب العامة في مكان العمل. ويمكن أيضاً تقديم برامج المرونة عبر الإنترنت بلغات متعددة، ما يجعلها حلاً أكثر شمولاً لأصحاب العمل ذوي القوى العاملة المتنوعة والعالمية. ويمكن لأصحاب العمل تعزيز رفاهة مكان العمل بشكل أفضل من خلال توسيع برامج صحة الموظفين الحالية لتشمل أدوات إدارة التوتر والمرونة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي