كيف يُسهم التدريب التقني في تأهيل الشباب الإماراتي لوظائف المستقبل؟

4 دقائق
التدريب التقني ووظائف المستقبل
freepik.com/freepik

هل يمكنك تخيل مجتمع حيث يمكن للشباب استكشاف ريادة الأعمال كخيار وظيفي من خلال التدريب العملي أو التدريب التقني؟ هل يمكنك تخيل مكان يُشجّع فيه الشباب على الشعور بالفضول واختبار أفكارهم المتعددة وطرح الأسئلة والتعلم من أخطائهم بأمان ومن دون إصدار أحكام استعداداً لمرحلة التدريب التقني ووظائف المستقبل. هل يمكنك الآن تصوّر آلية تعاون مع قطاع التعليم والتدريب التقني والمهني؛ حيث يمكن للشباب التواصل والتوجيه من قبل رواد الأعمال ذوي الخبرة؟

إن كنت تتمتع بهذه القدرة على التصور، يمكنك معرفة أن المستقبل في يد هؤلاء الذين يجرؤون على الحلم كما يقول الروائي البرازيلي "باولو كويلو"، وفي الوقت ذاته يمكنك معرفة أن ريادة الأعمال لا تقف عند الحلول البسيطة فحسب، بل تعتمد على التفكير خارج الصندوق، وبالتالي فهي تمتلك مجموعة واسعة من التحليلات والأنشطة التي لا تنضب وتعمل على استغلال الهوايات والمهارات كافة وتسخيرها لصالحك، وهذا ما تؤكده دراسة غانم الهاجري بعنوان "تمكين الشباب في دولة الإمارات العربية المتحدة عبر دمج المهارات الريادية في التعليم والتدريب المهني والتقني"، موضحة أن الاستثمار في قطاع التعليم المهني من قبل الحكومة أمر حيوي لتنمية الموارد البشرية ويزود السكان بمهارات وقدرات العمل الأساسية. 

تمكين الشباب من النجاح 

لماذا يعتبر التدريب التقني والتعليم الريادي من الأولويات التي يمكنها تمكين الشباب من النجاح مستقبلاً؟ هل تعرف أن الهند اليوم تمتلك أكبر قوة عاملة في العالم وفقاً لبيانات "البنك الدولي"، وذلك ببساطة لأن سياستها الوطنية تتضمن الاستثمار في التعليم المهني، وإدخال تنفيذ صارم ومخطط جيد ومنهجي للتدريب المهني. كما ادعت جمهورية الهند أنه سيوفر بديلاً للتعليم العالي، ويعزز قابلية التوظيف ويساعد في التغلب على النقص في المهارات.

تطوير التعليم المهني

وفي العصر الحالي، لا يعتبر امتلاك شهادة تعليمية ضماناً أو موافقة على الوظيفة؛ حيث يجب أن يُستكمل التعليم التقليدي بالمعرفة والمهارات المهنية الأساسية اللازمة للعمل الحر. إذ تنبثق القدرة الإنتاجية والكفاءة للمؤسسات من دمج ريادة الأعمال في التعليم والتدريب التقني والمهني. ففي عام 2007، وضعت حكومة الإمارات العربية المتحدة استراتيجية حثت على تطوير تعليم عالي الجودة للوفاء بالمعايير الدولية واحتياجات مكان العمل، ونتج عن ذلك أن إجمالي القوى العاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2018 بلغ 7.384 مليون؛ حيث حصل العاملون في قطاع تجارة الجملة والتجزئة على أعلى تعويضات بقيمة تجازوت 62 مليون درهم، يليهم العاملون في قطاع التشييد والبناء الذين حصلوا على أكثر من 52 مليون درهم كأجور.

علاوة على ذلك، ركزت الإمارات أيضاً على تعزيز التعليم المهني وتقوية البحث العلمي. كما أطلقت برنامجاً صيفياً للطلاب من الصف السابع إلى الثاني عشر بسبب انتشار وباء كورونا، والطلب المرتفع في المستقبل على مساعدي الرعاية الصحية.

وتأتي هذه الخطوة يقيناً بأن تعزيز التدريب التقني يمكنه أن يوفر الملايين من الوظائف مستقبلاً، وهو ما يجعل سوق العمل بمثابة المتحكم في عملية التعليم سواء ذاتية أو أكاديمية. يقول ستيفن بيليت، مؤلف كتاب "العمل والذاتية والتعلم: فهم التعلم من خلال الحياة العملية" (Work, Subjectivity and Learning: Understanding Learning Through Working Life): "إن هناك تحولاً كبيراً لفهم أهمية التعلم من أجل الحياة العملية، ويعتمد ذلك على مواصفات مكان العمل التي تبلور عملية التعلم الخاصة للموظفين وتطورهم، وعند النظر في العلاقة بين الذاتية والتعلم والعمل، من الممكن تطوير الأسس لفهم التعلم من خلال الحياة العملية وبالتالي توضيح المسار لبناء القدرات المختلفة في حياة الفرد أو مهارات القدرة على الكسب أو العمل".

التدريب التقني ووظائف المستقبل

يمكن أن يوفر التدريب التقني والتعليم المهني والتكنولوجيا لأجيال المستقبل ما يحتاجونه للنجاح في الحياة، سواء المهارات الفنية أو المهارات الأكاديمية أو مهارات التوظيف. بالإضافة إلى ذلك، يساعدهم التعليم المهني والتقني في رؤية كيفية تطبيق ما يتعلمونه على احتياجات أصحاب العمل.

وفي هذا السياق، توضح دراسة "تمكين الشباب في دولة الإمارات العربية المتحدة عبر دمج المهارات الريادية في التعليم والتدريب المهني والتقني" (Achieving Youth Empowerment in UAE through Incorporating Entrepreneurial Skills in Technical Vocational Education and Training) أن التدريب التقني والتعليم الفني يعد مجالاً جديداً نسبياً لمواطني دولة الإمارات العربية المتحدة؛ لكن ظاهرة العولمة والزيادة الهائلة في عدد السكان أدى إلى توسع قطاعات متعددة، وهو ما يدفع بنا للتفكير في مرحلة ما بعد النفط، ما يؤكد ضرورة الاستثمار في رأس المال البشري الذي يضمن النجاح في المستقبل خاصة بعد التقارير السابقة الخاصة بـ "البنك الدولي"، التي تؤكد أن رأس المال البشري يسهم بتشكيل ثلثي ثروة الأمم بينما يشكل رأس المال الطبيعي (الذي يشمل المشتقات النفطية وغيرها من الموارد الطبيعية) 10% فقط من الثروة العالمية.

كانت الإمارات العربية المتحدة لاعباً أساسياً في قطاع الطاقة، مع قدرة تكرير عالية، وإنتاج مسوق للغاز الطبيعي، واحتياطيات كبيرة من النفط الخام. علاوة على ذلك، وعلى مر السنين، ازدهرت تجارة النفط والغاز، ما أدى إلى زيادة التوظيف في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة. 

لكن شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة نمواً في صناعة المعادن؛ حيث أدخلت مشاريع إنتاج وبناء جديدة لزيادة دورها كمصدّر مهيمن للمعادن. لذلك، في هذه القطاعات، زادت فرص العمل للخريجين الشباب ذوي مهارات التوظيف الإلزامية، ومع ذلك، فإن الدرجة المفضلة من الكفاءات والمهارات بين الخريجين التي تحتاجها القطاعات الخاصة غير متوفرة حسب "مكتب العمل الدولي". فالمطلوب هو قوة عاملة في القطاعات المالية ويجب أن تكون مؤهلة تأهيلاً عالياً مع التعليم المناسب، وقد لُوحظ أمر مهم بشأن التدريب والدورات المهنية، وهذا يشير إلى أن التعليم المهني يفتقر إلى التغلب على الوتيرة الديناميكية لهذه القطاعات، وبالتالي يتطلب اهتماماً فورياً.

التوظيف في المستقبل

للاعتماد على القوى البشرية، فإن قابلية الشباب للتوظيف في المستقبل تعتمد بشكل كبير على كيفية تفاعل التدريس والتعلم مع الاحتياجات المتغيرة التي يشهدها العالم؛ حيث سيحتاج المتعلمون إلى الإبداع والتكيف والمرونة من أجل التنقل في سوق العمل المتطور باستمرار.

وبالفعل، هناك اهتمام دولي متزايد بالتعليم والتدريب التقني والمهني كوسيلة لتعزيز التنمية المستدامة والتصدي للتحديات الاجتماعية والاقتصادية. كان هناك نمو كبير في التعليم المؤسسي ببلاد العالم نتيجة للتحولات في سياسات التعليم الوطنية، وبالتالي يمكن أن يكون تضمين التعليم الريادي والتدريب التقني والمهني وسيلة هامة لضمان استعداد المتعلمين للحياة خارج مؤسساتهم التعليمية.

ويمكن أن تكون العقليات المغامرة المقترنة بالمهارات المكتسبة من خلال التعليم والتدريب التقني والمهني هي الوصفة المثالية لدعم إمكانية توظيف المتعلمين في المستقبل؛ حيث سيجعل تعليم ريادة الأعمال أغلب الشباب أكثر قابلية للتوظيف.

وإن كان بإمكان التدريب التقني والتعليم الريادي تحديد ملامح المستقبل، فلا مجال إلا للاستفادة منه في الحاضر، والعمل على تطويره، فهناك العديد من الصناعات القائمة بالفعل على التكنولوجيا تحدد بدء التشغيل التكنولوجي وتنمية رواد الأعمال في هذا المجال، بما في ذلك: الشركات المصنعة للأدوية ومصنعي الأجهزة الطبية ومصنعي الحاسب الآلي، والإلكترونيات ومصنعي آلات أشباه الموصلات، وكل هذا يمكنه دعم الشباب وتمكينهم من وظائف المستقبل.

قد تؤدي مهارات ريادة الأعمال دوراً هائلاً في إحداث تحول اجتماعي واقتصادي في مجال التدريب التقني ووظائف المستقبل. علماً أن طرح تعليم ريادة الأعمال يعتبر مرحلة أساسية في النهوض بمؤسسات التعليم والتدريب التقني والمهني في الإمارات العربية المتحدة حيث يمكن أن يولد نتائج إيجابية.

نُشر المقال استناداً على أبحاث من منصة ساهم

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي