يُعد الاستعداد واحداً من أكثر الجوانب وضوحاً لتعلم مهارات الشخصية. ومع ذلك، يُساء فهمه. تخيل أنك على وشك أن تدير اجتماعاً، أو تقدم عرضاً مهماً لكسب أعمال لشركتك، أو تجري محادثة صعبة. في هذه المواقف بالتأكيد ستودّ تجهيز نفسك والاستعداد لما ستفعله أو ستقوله. إلا أننا عند تعلم المهارات الشخصية، نغفل عن الاستعداد لإدارة أنفسنا، خاصة عندما يتملكنا الشعور بالتوتر والضغط المصاحبين لهذا الموقف الواقعي.
للأسف، لا يُعطي تدريب الشركات على هذه المواقف أثراً ملحوظاً. فنحن نتعلم المهارات الجديدة في مواقف آمنة لا يكون للخطأ فيها تداعيات كثيرة، بينما نضطر إلى الأداء في مواقف مليئة بالضغوط لأجل تحقيق النتائج الرائعة المحتملة. لهذا لا يكون للملاحظات التي ندوّنها نفعاً كبيراً في المواقف الارتجالية التي نعجز عن توقعها.
التدرب على مواجهة المواقف الصعبة
لتعلّم المهارات الشخصية بطريقة تُعدّنا فعلاً لما سنواجهه في المواقف الصعبة، يمكننا تعلّم بعض الدروس من مجال مختلف يكون فيه التعلم والتطوير والأداء ضرورة. هذا المجال هو الرياضة الاحترافية.
أحد مبادئ التدريب في مجال الرياضة الاحترافية على سبيل المثال هو إعداد الأشخاص في السياقات الأكثر واقعية قدر الإمكان. فعندما تستعد فرق كرة القدم المحترفة للخصم التالي، تأخذ هذه الفرق في اعتبارها الظروف المحتملة التي ستواجهها. وإذا كان الملعب الذي سيلعب الفريق فيه صاخباً، يضع المدربون أمثال "بيل بيليتشيك"-مدرب نادي "نيوإنغلاند بيتريوتس" (New England Patriots)- موسيقى صاخبة في أثناء التدريب لمحاكاة ظروف اللعب. بل إن "بيليتشيك" معروف كذلك بأنه يَصُبُّ مياهاً على كرات التدريب لإعداد الفريق للعب في الأيام المطيرة.
ومع أننا لا نفكر دائماً بهذا الشكل في سياق الأعمال، لكن هذا ممكن بالتأكيد. فمثلاً يمكنك التدرب على العرض الذي ستقدمه لأصحاب رؤوس الأموال المستثمرين أمام حشد من الزملاء قمت بتدريبهم لمهاجمتك بأسئلة صعبة. ويمكنك أن تبتكر مواقف يتأخر فيها صاحب رأس المال المستثمر على حضور الاجتماع، أو يستعجلك لإنهاء عرضك في نصف المدة التي خططت لها. كما يمكنك أيضاً أن تعقد الجلسة في بيئة تحاكي ما ستقابله على أرض الواقع، سواءً في مقهى صاخب أو غرفة مؤتمرات عالية الحرارة.
الفهم والتخطيط والتطوير
يُجري الأشخاص في معظم الرياضات الاحترافية بحثاً موسعاً عن خصمهم التالي لفهم نقاط قوتهم وضعفهم وحركاتهم، ثم يقومون بالتخطيط لهذه الحركات في جلسات التدريب، مع تطوير الحركات التي من الممكن تنفيذها رداً عليها، وبهذا يستفيدون من الاستعدادات المسبقة في لعبة واقعية. وبالمثل، يمكن للشركات في جلسات التدريب على المهارات الشخصية أن تُعلّم الأشخاص السلوكيات وردود الفعل الممكنة التي يُحتمل أن يواجهونها في موقف معين ليكون الموظفون مستعدين. إلا أن هذا قد يؤدي -كما ذكرنا أعلاه- إلى لحظات مربكة، حيث تبدو كأنك تتبع سيناريو مكتوباً دون أن يكون له صدى على أرض الواقع. تتجاوز الفرق الرياضية الكبيرة ونجوم الرياضة هذه الحدود. فعندما يحددون المتوقع، يفكرون فيما قد يفاجئهم. وبدلاً من عرض نموذج واحد لحركات الخصم المحتملة، يعرض أمهر المدربين عدة نماذج على فرقهم. وقد يعرضوا شيئاً لم يره اللاعبون من قبل، أو رأوه بطريقة مختلفة. كما أن محاكاة المواقف غير المتوقعة ممارسة شائعة في تعليم فرق المستشفيات والجيش والاستجابة للكوارث. فشجع نفسك وابتكر الكثير من السيناريوهات قدر الإمكان.
ويكمن العمل الشاق في تعلم المهارات الشخصية في القدرة على تطبيقها خلال المواقف الصعبة التي لا يمكنك توقعها وعليك الأداء فيها. ولكن بتوعية نفسك حول التحديات الفعلية التي ستواجهك في المواقف الواقعية، ستصبح أكثر مرونة وتأقلما، وستزيد فرصتك في النجاح في المواقف الأكثر أهمية.