لماذا عليك التخلي عن عادة إرسال البريد الإلكتروني في وقت متأخر من الليل؟

4 دقيقة
الانفصال عن الأجهزة
shutterstock.com/Brian A Jackson

ملخص: ثقافة العمل المستمر مضرة بالنتائج. عندما يراقب الموظفون باستمرار بريدهم الإلكتروني بعد ساعات العمل، بسبب خشيتهم تفويت شيء مهم منك، أو بسبب إدمانهم على أجهزتهم، فإنهم يخسرون وقت التوقف عن العمل الضروري لأدمغتهم. يتيح الانفصال عن الأجهزة للموظفين تجديد قدرتهم على الإبداع وإنعاش حافزهم، لذلك يجب على قادة الشركة تحديد توقعات واضحة وصحية بشأن التواصل بعد ساعات العمل. على سبيل المثال، يمكن لسياسة الشركة أن تشجع الموظفين على عدم استخدام البريد الإلكتروني بعد الساعة 10 مساءً وفي عطلة نهاية الأسبوع. على القادة أيضاً مراجعة مواقفهم تجاه بيئة العمل التي تتطلب العمل المستمر وتحاشي افتراض أن العمل لساعات إضافية يؤدي إلى تحقيق نجاح أكبر، فذلك مفهوم خاطئ. في الواقع، تقلل ساعات العمل الطويلة من الإنتاجية والمشاركة. بدلاً من إبقاء الموظفين مشغولين ومشتتين بالرسائل الإلكترونية المستمرة، يجب على القادة الحد من التواصل خارج ساعات العمل والتشديد على أهمية المشاركة الكاملة والانتباه في العمل عن طريق وضع الأجهزة جانباً في أثناء المحادثات والاجتماعات.

إنها الساعة 11 ليلاً، تدرك فجأة أن هناك خطوة مهمة يجب على فريقك اتخاذها في المشروع الحالي. فبينما لا تزال تفكر في الأمر، تسارع إلى كتابة رسالة إلكترونية لأعضاء الفريق.

لأن "خير البرّ عاجله"، أليس كذلك؟

لكنه مثل خاطئ. بصفتي مدربة متخصصة في إدارة الانتباه، رأيت على مدى السنوات العشر الماضية أن الشركات التي لديها ثقافة إرسال الرسائل الإلكترونية بعد ساعات العمل تميل إلى العمل بوتيرة أسرع، لكن ذلك بدوره يقلل من الإبداع والابتكار والإنتاجية الحقيقية.

إذا كنت معتاداً على ذلك، فأنت تضيع فرصة الابتعاد قليلاً عن العمل، وذلك ضروري للحصول على منظور جديد تحتاج إليه بصفتك القائد. بالإضافة إلى ذلك، عندما يعمل المدير، يشعر الفريق بأنه مجبر على العمل أيضاً.

فكّر في التأثير المقصود للرسالة التي تريد إرسالها. هل تريد من فريقك الرد عليك على الفور؟ أم أنك ترسل الرسالة الإلكترونية فقط لأنك تفكر فيها حالياً وتريد الانتهاء منها قبل أن تنسى أمرها؟ إذا كانت الإجابة هي الأولى، فأنت تتعمد ربط موظفيك بعملهم على مدار الساعة. وإذا كانت الإجابة هي الثانية، فأنت تفعل الشيء نفسه عن غير قصد. وكِلا السيناريوهين غير مفيد لك أو لموظفيك أو لثقافة شركتك. صحيح أن البقاء على اتصال خلال فترات الانشغال خارج ساعات العمل هو سمة لأصحاب الأداء العالي، لكن عدم الانقطاع عن العمل نهائياً علامة على إدمان العمل. وهناك فرق كبير بين الاثنين.

بغض النظر عن نيتك، ومن خلال خبرتي مع مئات الشركات، وجدت سببين رئيسيين لانتشار عادة إرسال الرسائل الإلكترونية في وقت متأخر من الليل من المدير إلى فريقه:

  1. الطموح: إذا كان المدير يرسل رسائل إلكترونية في وقت متأخر من الليل أو خلال عطلة نهاية الأسبوع، فسيعتقد معظم الموظفين أنه من الضروري الرد على الفور، أو أنهم سيتركون انطباعاً جيداً إذا فعلوا ذلك. حتى لو كان عدد قليل فقط من موظفيك يحملون هذا الاعتقاد، فإنه يمكن أن ينتشر بسرعة إلى بقية أعضاء الفريق. يكفي مجرد ذكر عابر في اجتماع، مثل "عندما كنا نتحادث بالبريد الإلكتروني الليلة الماضية" لتنتشر هذه الفكرة. بعد كل شيء، يسعى الجميع إلى تحقيق ميزة في حياتهم المهنية.
  2. الانتباه: ثمة الكثير من الموظفين الذين لا يتعمدون العمل خارج أوقات العمل، لكن مهاراتهم في إدارة الانتباه ضعيفة. فهم معتادون على تعدد المهام والمشتتات المستمرة لدرجة أنهم يجدون أنفسهم يمدون أيديهم تلقائياً إلى هواتفهم الذكية بغض النظر عما يفعلونه للتحقق من رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية ووسائل التواصل الاجتماعي. يشجع التواصل في وقت متأخر من الليل على هذه العادة السيئة.

ثقافة العمل المستمر مضرة بالنتائج. عندما يراقب الموظفون باستمرار بريدهم الإلكتروني بعد ساعات العمل، بسبب خشيتهم تفويت شيء مهم منك، أو بسبب إدمانهم على أجهزتهم، فإنهم يخسرون وقت التوقف عن العمل الضروري لأدمغتهم. لقد أثبتت التجارب أننا نحتاج إلى وقت نتوقف فيه عن العمل كي نتمكن من تقديم أفضل أداء لدينا. فالوقت الذي نقضيه بعيداً عن العمل يولّد أفكاراً ورؤىً جديدة، لكن موظفيك لا يستطيعون أبداً الانفصال عن العمل إذا كانوا مستعدين دائماً للوصول إلى أجهزتهم لمعرفة إذا ما كنت قد أرسلت رسالة إلكترونية. القدرة على الإبداع والإلهام والتحفيز هي ميزاتك التنافسية، ولكنها أيضاً موارد قابلة للنضوب وتحتاج إلى التجديد. بالمناسبة، ينطبق ذلك عليك أيضاً، لذلك يجدر بك أن تراجع عاداتك في التواصل.

يمكن لقادة الشركة المساعدة على منع ترسيخ الافتراضات غير الصحية حول البريد الإلكتروني وغيره من أشكال التواصل الأخرى.

من المهم أن تكون واضحاً بشأن التوقعات المتعلقة بالبريد الإلكتروني وأشكال التواصل الأخرى، وضع سياسات تعزز ثقافة صحية تقدّر العمل على مهمة واحدة في كل مرة والتركيز ووقت التوقف عن العمل. على سبيل المثال، أنشأت شركة فايناميك (Vynamic)، وهي شركة استشارات ناجحة في مجال الرعاية الصحية في فيلادلفيا، سياسة أسمتها "زي ميل" (zmail) تشجع على عدم استخدام البريد الإلكتروني بين الساعة 10 مساءً و7 صباحاً خلال أيام الأسبوع وكذلك طوال اليوم في عطلة نهاية الأسبوع. لا تقيد هذه السياسة العمل خلال هذه الساعات، ولا تحظر التواصل. إذا كانت هناك حاجة إلى إرسال رسالة بعد ساعات العمل، يُشجع الموظفون على تقييم إذا ما كانت الرسالة مهمة بما يكفي لإجراء مكالمة هاتفية. وإذا اختار الموظفون العمل خارج أوقات الدوام الرسمي، تحثهم سياسة زي ميل على عدم فرض عاداتهم على الآخرين بإرسال الرسائل الإلكترونية خلال هذه الفترة، وبدلاً من ذلك، يمكنهم حفظ مسودات من رسائلهم ليرسلوها يدوياً في وقت لاحق، أو إعداد برنامج البريد الإلكتروني لإرسال الرسائل تلقائياً خلال ساعات العمل. تسهم هذه السياسة في تحقيق التوافق بين المبدأ المعلن بأهمية وقت التوقف عن العمل وسلوكيات الموظفين التي تسهم في ثقافة العمل الإيجابية.

ومن الضروري أن يعيد قادة الشركات النظر في موقفهم تجاه بيئة العمل المستمر. من الصعب تبديد الاعتقاد (اللاوعي غالباً) أن المزيد من العمل يعزز النجاح، ولكن الحقيقة هي أن هذا الاعتقاد ليس مفيداً ولا مستداماً. فساعات العمل الممتدة تقلل في الواقع من الإنتاجية والمشاركة. لقد لاحظت في كثير من الأحيان أن القادة يؤمنون نظرياً بأهمية وقت التوقف عن العمل، لكنهم يريدون أيضاً الحفاظ على تقدم أهداف الشركة، الأمر الذي يبدو أنه يتطلب التواصل باستمرار.

لا تزيد بيئة العمل المحمومة التي تتضمن الرد على الرسائل الإلكترونية على مدار الساعة من إنتاجية الموظفين، بل تجعلهم مشغولين ومتشتتين فقط. تعتمد قراراتك باختيار الموظفين على معرفتهم وخبرتهم ومواهبهم الفريدة، وليس على عدد المهام التي يمكنهم أداؤها في وقت واحد، أو عدد الرسائل الإلكترونية التي يمكنهم الرد عليها في اليوم.

لذلك اعمل على تعزيز بيئة عمل تسمح للموظفين فعلياً بتطبيق قدراتهم العقلية تلك بطريقة هادفة:

  • استبدل بمصطلح "إدارة الوقت" مصطلح "إدارة الانتباه" الأكثر ملاءمة، واجعل تدريب الموظفين على هذه المهارة الأساسية جزءاً من خطة تطويرهم.
  • تجنب التواصل خارج ساعات العمل.
  • كن قدوة وناقش فوائد المشاركة الكاملة عن طريق إبعاد أجهزتك الإلكترونية عند التفاعل مع موظفيك وتطبيق سياسة "عدم استخدام الأجهزة" في الاجتماعات لتعزيز التركيز على مهمة واحدة والمشاركة الكاملة.
  • لا تشجع بيئة النشاط الدائم المشتتة التي تعوق التدفق الإبداعي من خلال التشديد على أهمية التركيز، وتحقيق التوازن بين التصميم المفتوح للمكاتب مع توفير مساحات هادئة كافية، وتقديم خيارات للعمل عن بُعد بدوام جزئي للأدوار والمهام والمشاريع التي تتطلب تركيزاً عالياً.

ستسهم هذه السلوكيات في تحسين جودة الناتج الذي تقدمه أنت وموظفوك، وتعزز ثقافة مؤسسية أكثر إنتاجية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي