تقرير خاص

كيف يمكن للرؤساء التنفيذيين التخفيف من آثار المخاطر المتفاقمة؟

10 دقيقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عندما تجتمع المخاطر معاً، فإن عواقب وجودية يمكن أن تنتج عن تأثيرها التراكمي. بيد أن القادة قادرون على منع المخاطر المتفاقمة (Compounding Risks) من مباغتتهم من خلال تكييفهم لعمليات إدارة المخاطر بهدف التعامل مع التهديدات المتعددة التي تواجههم.

تتمثل إحدى أهم مسؤوليات الرئيس التنفيذي لأي شركة في تحقيق قيمة دائمة للمساهمين. ومع ذلك، يُظهرُ التاريخ كم أن هذا الطموح خدّاع ومراوغ. إذ تشير الإحصائيات إلى أن 15% فقط من الشركات التي كانت مدرجة في قائمة فورتشن 500 قبل 50 عاماً لا تزال على قيد الحياة حتى اليوم. فقد انتهى الأمر بالعديد من الشركات التي كانت شهرتها تطبق الآفاق وتملأ الدنيا ذات يوم إلى الزوال من الوجود أو وجدت من يستحوذ عليها لأن قادتها فشلوا في التصدي للمخاطر التي اعتبروها غير مهمة، أو غير محتملة، أو بعيدة في المستقبل، أو حتى المخاطر التي لم يروها على الإطلاق.

في بيئة الأعمال التي تتسم بالتعقيد اليوم، تواجه الشركات شبكات من المخاطر المتداخلة التي يصعُب التنبؤ بتأثيرها المشترك والتعامل معه. فعندما يتحول العديد من هذه المخاطر إلى واقع في وقت واحد، فإن تأثيرها التراكمي يمكن أن يشكل تهديداً وجودياً للمؤسسة. وتتجلى خطورة هذه المخاطر المتفاقمة خصوصاً لأن فرق الإدارة تميل إلى عدم الاستعداد لتأثيرها المشترك. وفي حين أن عمليات إدارة المخاطر في الشركات تتتبّع التهديدات الفردية التي تطال المؤسسة وتسعى جاهدة للتخفيف من آثارها، إلا أنها نادراً ما تضع تقييماً للتداعيات الناتجة عن حصول عدة صدمات في وقت واحد.

عندما تتحول المخاطر المتفاقمة التي تواجهها شركة ما إلى أزمة شاملة، فإن الشركات المنافسة في القطاع والجهات الرقابية والمعلقين سيتكهنون حتماً بالأسباب التي دفعت إدارة المؤسسة إلى الفشل في التصدي للتهديد الذي كان يلوح في الأفق رغم قدرتها على التصدي. فعلى سبيل المثال كيف أمكن صانعي آلات التصوير الفوتوغرافي إغفال ثورة الهواتف الذكية التي دمرت أعمالهم عندما ابتكروا الكاميرات الرقمية الأولى رغم أنه كان بوسعهم عدم إغفالها؟ في معظم الحالات، لا يكون السببَ الجهلُ أو الإهمالُ المتعمد، بل عدم كفاية البصيرة، أي الفشل في التأكد من تحديد المؤسسة للمخاطر المحتملة التي قد تؤدي إلى تفاقم المخاطر أو تأخير الإجراءات المناسبة للتخفيف من تأثيرها. ومع تنامي المخاطر المعقدة والبعيدة المدى، من التوترات الجيوسياسية إلى التغير المناخي، لا يمكن للرؤساء التنفيذيين ومجالس الإدارة تحمّل تكلفة عدم الاستعداد.

3 أنواع من المخاطر المتفاقمة

تزايدت حدّة التهديد بتفاقم المخاطر بسبب الترابط الشديد في العالم الذي تعمل الشركات فيه اليوم. ففي كثير من الأحيان، يُنظر إلى أسباب المخاطر المتفاقمة على أنها “بجعات سوداء”، أو “مجاهيل غير معلومة” لم يكن من الممكن أن يتوقعها أحد. ولكن في معظم الحالات يمكن التنبؤ بالمخاطر الضمنية أو الأساسية. وإذا ما أراد القادة التعرف عليها في وقت مبكر، فإنهم يحتاجون إلى طرح أسئلة بخصوص التهديدات المعروفة – من الهجمات السيبرانية إلى الزعزعة التي تتسبب بها التكنولوجيا إلى أزمات الصحة العامة – التي يمكن أن تجتمع معاً وتتسبب بخطر متفاقم ينبغي عليهم أخذه في اعتبارهم في استراتيجياتهم التي يضعونها للتخفيف من آثار المخاطر.

تتصف المخاطر المتفاقمة بسمتين مشتركتين: فخصائص المخاطر المتفاقمة تختلف عن خصائص المخاطر الضمنية أو الأساسية، وغالباً ما تكون احتمالية حدوث الأولى أو تأثيرها مختلفين عن احتمالية حدوث الثانية أو تأثيرها. وعلاوة على ذلك، تندرج المخاطر المتفاقمة ضمن ثلاث فئات متميزة هي: المخاطر المترابطة، والمخاطر التراكمية، والمخاطر المستجدة.

“المخاطر المترابطة” هي تهديدات للشركة من مصادر متعددة يرى القادة أنها غير متصلة ببعضها البعض ولكنها في الواقع متصلة ضمن نظام مترابط أوسع. فحدث واحد يعطل جزءاً واحداً من النظام يمكن أن ينتشر إلى أجزاء أخرى ويؤثر عليها. فعلى سبيل المثال، تسببت جائحة فيروس كورونا في انخفاض القدرة التصنيعية الإقليمية والقدرة على شحن الحاويات على مستوى العالم، وهما خطران لم تكن شركات كثيرة تتوقع أن ينجما عن الحدث نفسه. وعلى المنوال ذاته، وخلال الأزمة المالية لعام 2008، اكتشفت المؤسسات أن الموردين والعملاء في مناطق جغرافية متباينة تعرّضوا للإفلاس مع تردد صدى تداعيات الأزمة في مختلف الأسواق العالمية. وفي الآونة الأخيرة، تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا بمخاطر متفاقمة مترابطة لبعض المؤسسات، مثل ارتفاع تكلفة المواد الخام مع الخسارة المفاجئة للأسواق الاستهلاكية الدولية.

في كل حالة من الحالات، كان يمكن للخطر الواحد ــ سواء الجائحة، أو الأزمة الاقتصادية، أو الحرب الإقليمية ــ أن يكون وجودياً في حد ذاته. ويدرك معظم القادة أن مثل هذه الأحداث المهمة من شأنها أن تعطّل أعمالهم وتزعزها، غير أن الطريقة التي تردد بها صدى هذه الأزمات في مختلف أرجاء عالم الأعمال المترابط فاجأت الكثيرين.

الفئة الثانية من المخاطر المتفاقمة هي “المخاطر التراكمية”، حيث يتنامى خطر واحد أو أكثر بمرور الوقت ليحدث صدمة كبيرة واحد. وغالباً ما تكون المخاطر الضمنية أو الأساسية معروفة لفرق الإدارة وتكون خاضعة للمراقبة الدقيقة. ومع ذلك، فإن المقاييس المستخدمة عادةً ما تتبع حوادث فردية فقط (مثل عدد المرات التي يتعطل فيها نظام تكنولوجيا المعلومات) وعادة ما تُحدَّد عتبات عالية لتنبيه الإدارة العليا عند تجاوزها (مثل نسبة مئوية معينة من الحسابات التي تأخر السداد فيها عن موعد الاستحقاق). ونتيجة لذلك، لا يدرك القادة في كثير من الأحيان أن وتيرة هذه المخاطر أو شدتها آخذة في التصاعد. ومثلها كمثل الفائدة المركبة في المصرف، فإنها تتراكم، مما يؤدي إلى تفاقم التهديد مع مرور السنوات، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن العواقب من الدرجة الثانية والثالثة قد لا تؤخذ في الاعتبار. فعلى سبيل المثال، قد يكون إطار المخاطر مصمماً بحيث يقدّر النسبة المئوية للمعاملات التي ستخسرها الشركة أثناء تعطّل واحد في عمل نظام تكنولوجيا المعلومات، ولكن ليس لتقدير الإيرادات المحتملة مدى الحياة من العميل المفقود، أو الضرر الذي يلحق بسمعة الشركة، والمغادرة الجماعية المحتملة للعملاء بسبب الانقطاعات المتكررة.

يُعرّفُ المؤلف مالكولم غلادويل نقطة التحول هذه على أنها “لحظة الكتلة الحرجة، أو العتبة، أو نقطة الغليان”. فتماماً كما أن مطباً واحداً في الطريق قد لا يتسبب بانفلات عجلة سيارة غير محكمة التثبيت، ولكن الطريق الوعرة الأطول قد تتسبب في انفلاتها، فإن حدثاً فردياً واحداً قد يكون تحت السيطرة، لكن سلسلة من هذه الأحداث الفردية يمكن أن تتحول إلى تهديد وجودي. فقد وصلت إحدى الشركات الصناعية الشهيرة إلى شفا الإفلاس عندما أدت عمليات الاستحواذ السيئة والديون المرتفعة والميزانية العمومية المتضخمة إلى تعرضها لتداعيات شديدة الوطأة بسبب الأزمة المالية عام 2008. أو دعونا ننظر إلى الحوادث الصناعية الكارثية. فبفضل بروتوكولات السلامة الحديثة، من غير المرجح أن تؤدي حالة فشل واحدة إلى كارثة، لكن حالات الفشل المتعددة المتعلقة بالسلامة والتي تحدث في وقت واحد يمكن أن تتحول إلى أزمة. وتعدُّ شبكات التواصل الاجتماعي مصدراً متكرراً لهذا النوع من المخاطر المتفاقمة لأن بعض التغريدات أو المنشورات السلبية يمكن أن تنتشر بسرعة، مما يؤدي إلى أن يمتد العمر بسردية أو رواية (يحتمل أن تكون كاذبة) تلحق ضرراً كبيراً بسمعة المؤسسة.

ينطوي النوع الأخير من المخاطر المتفاقمة، والذي نطلق عليه اسم “المخاطر المستجدة”، على العديد من المخاطر المادية المعروفة – سواء كانت هجمات إلكترونية أو تهديدات لنموذج الأعمال أو نقاط ضعف ناجمة عن المناورات المالية – حيث تجتمع هذه المخاطر معاً وتتسبب بظهور خطر جديد غير متوقع يتصف بخصائص مميزة. غالباً ما تكون المخاطر الضمنية أو الأساسية طويلة المدى بطبيعتها، مثل تأثير التغير المناخي، أو التوترات الجيوسياسية، أو الزعزعة التي تتسبب بها التكنولوجيا. ورأينا في السنوات الأخيرة أمثلة واضحة بجلاء على المخاطر التي يمكن أن يشكلها خطر جديد مفاجئ يضاف إلى المخاطر القائمة، حيث كانت الشركات ذات المديونية العالية قادرة على إدارة هذه المخاطر، حتى جاءت الجائحة وعصفت بعوائدها. وكذلك الحال، بدا الطلب المرتفع على الرقائق الدقيقة من القائمين على تعدين العملات المشفرة عرضياً للعديد من الشركات، إلى أن أدى التسارع التكنولوجي الناجم عن الجائحة ومشاكل سلاسل الإمداد والتوريد إلى نقص عالمي في الرقائق أجبر العديد من الشركات المصنعة على تجميد عملها.

في معظم الحالات، تكون المخاطر الضمنية أو الأساسية تحت أنظار القائمين على إدارة الشركات. ومع ذلك، فإن التحديات المستجدة التي يمكن أن تنجم عن هذه المخاطر مجتمعة تغيب عن بالهم، تماماً كما تغيب عن بالهم حاجة وظائف إدارة المخاطر، والإدارة، ومجالس الإدارة لاختبار قدرتها على التصدي لمثل هذه المخاطر المعقدة.

كيفية التصدي للمخاطر المتفاقمة

بما أن الرئيس التنفيذي يُعتبرُ الفرد المسؤول عن تحقيق التوازن بين أداء الشركة على المدى القصير ونجاحها على المدى الطويل، فإنه بصفته تلك يتحمل المسؤولية النهائية عن التصدي للمخاطر المتفاقمة. ويمكن للقادة الراغبين في التعامل مع مثل هذه التهديدات اتخاذ أربع خطوات ألا وهي: ضمان شمول برنامج إدارة المخاطر في الشركة للمخاطر المتفاقمة، والتحقق من أن فرقهم مستعدة استعداداً مناسباً لإدارة مثل هذه المخاطر، وانتهاج مقاربة تركز على الأفق الزمني وتضمن الاستثمار في عدم تجاهل المسارات التي يمكن أن تقود على المدى الطويل إلى تفاقم المخاطر، والنظر في السيناريوهات المختلفة المتفاقمة عند التخطيط لرهانات استراتيجية كبيرة.

“تعزيز حوكمة عملية إدارة المخاطر”. يجب على القادة توجيه أقسام إدارة المخاطر لديهم إلى توسيع نطاق سيناريوهات المخاطر التي يراقبونها لتشمل المخاطر المتفاقمة. فعلى سبيل المثال، بمجرّد أن يحدد مديرو إدارة المخاطر أهم المخاطر التي تواجه الشركة، فإنهم غالباً ما يرسمون خارطة لإدارة المخاطر على مستوى المؤسسة. بدلاً من ذلك، يجب على الفريق النظر في المخاطر الفردية التي يمكن أن تجتمع معاً لتتحول إلى خطر جديد متفاقم، وكيف يمكن أن يحدث ذلك، مع التركيز خصوصاً على المخاطر التي قد تكون بسيطة بحد ذاتها لكنها متكررة الحدوث (حصول انقطاع في الخدمات الإلكترونية، على سبيل المثال). يمكن للنظر إلى أعمال الشركة من خلال عدسة العميل وليس من خلال عروض المنتجات أن يساعد مديري إدارة المخاطر على رؤية نقاط الاحتكاك البسيطة ولكن المتكررة التي قد تؤدي إلى مغادرة العملاء.

من الأفضل تتبّع جميع المخاطر من خلال عملية رسمية لإدارة المخاطر. ومن الأهمية بمكان ترسيخ مبدأ المساءلة، مع ربط بطاقات تقييم أداء كبار المسؤولين التنفيذيين بأهداف إدارة المخاطر وإطلاع مجالس الإدارة بانتظام على آخر المستجدات المتعلقة بكيفية استعداد الإدارة لمواجهة المخاطر المتفاقمة (انظروا الفقرة الجانبية بعنوان: “دور مجلس الإدارة في التصدي للمخاطر المتفاقمة”) سيسمح إنشاء نظام للإنذار المبكر للقادة أن يعرفوا كيف تتطور المخاطر. فعلى سبيل المثال، ما هي المؤشرات الأولية التي تراقبونها لتفهموا كيف يمكن للتوترات الجيوسياسية المتغيرة أو المتصاعدة أن تتسبب بنشوء مخاطر متفاقمة تؤثر على عملياتكم على المديين القصير أو الطويل؟

إخضاع عملية إدارة المخاطر لاختبار “استراتيجية ما قبل الانهيار”. دفعت التقلبات الحالية العديد من المؤسسات إلى تبنّي عملية رسم السيناريوهات في التخطيط الاستراتيجي. غير أن معظم الآليات التي تعتمد مبدأ “ماذا لو؟” لا تغطي النطاق الكامل للمخاطر المتفاقمة. وبالتالي، فإن تحليل العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى حدوث أزمة يمكن أن يساعد فرق الإدارة على تحديد المخاطر المتفاقمة وعواقبها على مدى آفاق زمنية متعددة. في مثل هذه الجلسات المخصصة لاختبار استراتيجية ما قبل الانهيار، يفترض الفريق حصول حدث سلبي كبير (مثل انخفاض المبيعات بنسبة 75%)، ثم ينطلق من النهاية إلى البداية لتخيّل كيف يمكن أن يحدث مثل هذا السيناريو. ما المنتجات التي يمكن للعملاء استخدامها كبدائل لعروضك؟ ما الذي قد يدفعهم إلى الانتقال إلى تلك البدائل؟ ما الحدث الذي يمكن أن يُلحِق ضرراً هائلاً بسمعة الشركة؟

خلال ورش العمل أو خلوات المسؤولين التنفيذيين، يمكن للمتخصصين بشؤون المستقبل وغيرهم من الخبراء من داخل المؤسسة وخارجها مساعدة فريق القيادة على التعرف على المخاطر المعقدة التي قد لا يخطر في باله أن يأخذها في حسبانه. يتمثل مفتاح نجاح اختبار استراتيجية ما قبل الانهيار في تبنّي ذهنية “المُتحدّي” ومراجعة السيناريوهات المتعددة التي يمكن أن تؤدي فيها المخاطر المتفاقمة إلى أزمة.

“استخدام نهج تخطيط الأفق”. تنبع العديد من المخاطر المتفاقمة من ظواهر ذات آفاق زمنية طويلة المدى مثل التغير المناخي، أو الابتكارات التي تطال السوق أو نماذج الأعمال، أو تغيّر سلوكيات المستهلكين. وتميل هذه المخاطر إلى التراكم ببطء حتى تصل إلى نقطة التحول لتصبح بعدها مخاطر وجودية بالنسبة للمؤسسة. وبالتالي، يمكن لنهج تخطيط الأفق أن يساعد فرق الإدارة على التصدي للمخاطر التي يمكن أن تنشأ في مراحل مختلفة من خلال النظر إلى ثلاثة آفاق: أولاً، الحفاظ على الأعمال والأنشطة الأساسية والدفاع عنها؛ وثانيا، رعاية الأعمال والأنشطة الناشئة؛ وثالثاً، إنشاء أعمال وأنشطة تجارية جديدة بحق.

يحظى التعامل مع الأفق الأخير بأهمية خاصة من أجل التخفيف من تأثير المخاطر بعيدة المدى. فعلى سبيل المثال، تستثمر شركات طاقة عديدة في إزالة الكربون من أعمالها وأنشطتها رغم استمرارها في الاعتماد على الوقود الأحفوري. وبالمثل، تعمل معظم شركات تصنيع السيارات على تطوير السيارات الكهربائية مع استمرارها في بيع المركبات التي تعمل بالبنزين. يتمثل جوهر نهج الأفق هذا في تهيئة الشركات لاستيعاب التغيير المزعزع التالي في القطاع الذي تعمل فيه، والذي غالباً ما يأخذ شكل الخطر المترابط المتفاقم، كأن تواجه مزيجاً من التغييرات التنظيمية والرقابية، والتحولات في سلوك المستهلكين، والتقدم التكنولوجي.

“اعتماد رهانات كبيرة تتصدى للمخاطر بعيدة المدى”. يحتاج الرئيس التنفيذي الذي يتبنّى نهج الأفق إلى اعتماد رهانات استراتيجية كبيرة يمكن أن تغيّر مسار المؤسسة تغييراً جذرياً، حيث تُمكّنُ مثل هذه الاستثمارات الشركة من مواكبة التطور الحاصل في قطاعها، والتحوط أثناء تلك العملية ضد المخاطر بعيدة المدى. ومع ذلك، لا ينبغي أن تهدف هذه الرهانات الكبيرة إلى تحييد خطر واحد فقط، وإنما إلى تخفيف تأثير التهديدات العديدة التي تواجهها المؤسسة، حيث من المرجح أن تنجم حالات الزعزعة التي تطال القطاع عن مجموعة من المخاطر.

غالباً ما تخضع المخاطر المتفاقمة للتجاهل من أقسام إدارة المخاطر والرؤساء التنفيذيين ومجالس الإدارة. ومع ذلك، عندما تكون هذه المشاكل غير محددة وغير خاضعة للرقابة ولا يُتصدّى لها كما ينبغي، فإنها يمكن أن تهدد بقاء المؤسسة وتعرّضها لخطر الزوال من الوجود. ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتسارع وتيرة التحولات التكنولوجية، وغير ذلك من التهديدات طويلة المدى التي لها آثار واسعة النطاق، يحتاج الرؤساء التنفيذيون إلى التأكد من مراقبة مؤسساتهم للتفاعلات الحاصلة بين المخاطر المختلفة وضمان أنهم مستعدون لمواجهة أزمات متعددة تضرب في وقت واحد.

المخاطر المترابطة

المخاطر الناجمة عن مصادر متعددة ترى الإدارة أنها غير متصلة ببعضها البعض ولكنها في الواقع متصلة ضمن نظام مترابط أوسع.

مثال: أدى غزو روسيا لأوكرانيا إلى ارتفاع تكاليف المواد الخام وخسارة الأسواق الاستهلاكية الدولية.

المخاطر التراكمية

المخاطر التي قد تكون طفيفة، لكنها عندما تتراكم بمرور الوقت، تؤدي إلى صدمة كبيرة واحدة.

مثال: بعض المنشورات السلبية التي تنتشر على شبكات التواصل الاجتماعي انتشار النار في الهشيم، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى الإضرار بسمعة المؤسسة والتسبب في الخروج الجماعي للعملاء.

المخاطر المستجدة

المخاطر المادية التي تجتمع معاً وتتسبب بظهور خطر جديد غير متوقع يتصف بخصائص مميزة.

مثال: أدى التسارع التكنولوجي الناجم عن جائحة كوفيد-19، جنباً إلى جنب مع الطلب المرتفع من القائمين على تعدين العملات المشفرة على الرقائق الدقيقة، إلى ظهور نقص في الرقائق على مستوى العالم.

دور مجلس الإدارة في التصدي للمخاطر المتفاقمة

في حين أن التصدي لمواجهة المخاطر يقع على عاتق الإدارة، إلا أن على مجلس الإدارة ضمان دراسة كبار المسؤولين التنفيذيين للمخاطر الحاسمة التي قد تؤثر على أداء الشركة على المدى الطويل، والتخفيف من أثرها من خلال الخطوات التالية:

  • السؤال عن سيناريوهات المخاطر المتعلقة بالأعمال التجارية والظروف الاقتصادية وظروف السوق التي أخذتها القيادة في حسبانها، وإذا كانت قد تجاهلتها، فلا بد من استقصاء الأسباب.
  • تطبيق اختبار التحمل على عملية تقييم المخاطر التي يضطلع بها فريق الإدارة، خاصة فيما يتعلق بالمخاطر المتفاقمة، مع احتمال الاستعانة بخبراء للمساعدة في تجريب سيناريوهات “ماذا لو؟”.
  • تطبيق اختبار التحمل على خطة القيادة الخاصة بمواجهة المخاطر. على سبيل المثال، كيف تستثمر المؤسسة في آفاق استراتيجية مختلفة؟ هل تتصدى الرهانات الكبيرة التي تعتمدها القيادة للمخاطر المتفاقمة، وليس فقط للمخاطر الفردية؟
  • التأكد من تتبّع القيادة للمؤشرات الأولية التي يمكن أن تنبّه مجلس الإدارة إلى التغير في بيئة الأعمال وحاجته إلى تغيير الاستراتيجيات، وتبادل هذه المؤشرات مع المجلس.
  • إخضاع الخطط الكبيرة لاستثمار رأس المال للتقييم بناء على سيناريوهات “ماذا لو؟” المتعددة لفهم كيف تؤدي تلك القرارات إلى التسبب بالمخاطر أو التصدي لها.
  • التأكد من تمتّع المؤسسة بالمرونة المالية الكافية التي تسمح لها بتحمل الصدمات المتعددة والتحقق من نقاط الضعف في نموذج الأعمال الحالي إذا ما تعرّض لتلك الصدمات.
  • تحديد دور مجلس الإدارة خلال الأزمات والاستعداد لها من خلال إجراء تمارين حول السيناريوهات المتطرفة مثل التعرض لهجوم إلكتروني ضخم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .