ما الخطأ الذي تقع فيه الشركات عند تقديم التخفيضات على الصفقات الكبيرة؟

4 دقائق
خطأ الشركات عند تقديم التخفيضات على الصفقات الكبيرة

أتعامل مع عميل مميز دائماً ما يطلب مني في الاجتماعات أن أحكي "قصة مشروب بيغ غلب (Big Gulp) من سلسلة متاجر "7-إيليفين" (7-Eleven)". يلح عليّ قائلاً: "هيا! احكها لنا". وغالباً ما أفعل.

استغلال فكرة التخفيضات على الصفقات الكبيرة

وافتتان صديقي بالقصة له ما يبرره، فقد أحسنت "7-إيليفين" استغلال فكرة تقديم التخفيضات على الصفقات الكبيرة والمتمثل هنا بتخفيضات الحجم، حيث تتراوح أحجام مشروباتها من المياه الغازية في فرع الشركة في كامبريدج بولاية ماساتشوستس الأميركية ما بين 450 إلى 900 غرام (بسعر يتراوح من 99 سنتاً إلى 1.39 دولار أميركي). وعلى الرغم من أن 450 غراماً من المشروبات الغازية، وهو ما يعادل كوباً عادياً، كفيل بأن يروي عطشي، فإنني لن أتردد في شراء "بيغ غلب" بحجم 680 غراماً من المشروب لأن سعره لا يزيد إلا بمقدار 20 سنتاً فقط. وهكذا تغريني "7-إيليفين" بشراء حجم أكبر من خلال خفض سعر الغرام للأحجام الكبيرة بطريقة تعكس استعدادي لدفع المال مقابل كمية أكبر من الصودا.

قد يبدو للوهلة الأولى أن ممارسة كل هذه الضغوط للحصول على عشرين سنتاً إضافياً أمر لا يستحق الجهد المبذول، لكن يجب ألا يغيب عن أذهاننا أن المياه الغازية تدر مكاسب مهولة. وقد أفادت شركة "7-إيليفين" أن أرباح المياه الغازية ارتفعت بنسبة تقترب من 100% بعد استحداث خط "بيغ غلب" الذي تضمن أحجاماً كبيرة تصل إلى 3,628 غراماً باسم "تيم غلب" (Team Gulp). وأفاد بعض مسؤولي فروع "7-إيليفين" أن مشروبات "بيغ غلب" تمثل ما يقرب من 10% من إيرادات متاجرهم.

يشير مغزى هذه القصة إلى معنى واضح، وهو أن تخفيضات الحجم يمكن أن تدر أرباحاً هائلة وتحقق نمواً كبيراً، شريطة أن تُنفَّذ بالشكل الصحيح.

يفترض هذا النموذج تنفيذ تخفيضات الحجم بشكل صحيح، لكن الواقع يقول إن هذا قلما يحدث، إذ تنفذ الكثير من الشركات هذه الاستراتيجية بشكل غير صحيح. وقد أشرت إلى هذه النقطة في مقالتي السابقة حول هذا الموضوع، وقلت إن السبب الرئيسي لاستخدام تخفيضات الحجم متجذّر في قانون تناقص المنفعة الحدية. يفترض هذا "القانون" أنه كلّما ازداد عدد الوحدات المستهلكة مِن السلعة، انخفض الاهتمام باستهلاك وحدة إضافية منها. (انظر، على سبيل المثال، إلى مقدار اهتمامك بشريحة البيتزا الأولى على العشاء، مقارنة باهتمامك بكل شريحة إضافية). وهكذا، يتمثل الغرض من تخفيضات الحجم في استغلال تخفيضات الأسعار لتحفيز العملاء على شراء أكثر مما يخططون لشرائه.

وأستطيع أن أقول من واقع خبرتي إن الشركات العاملة في قطاع التعاملات التجارية مع الشركات والأعمال الأخرى أكثر عرضة من غيرها لسوء فهم تخفيضات الحجم. ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الشركة المتعاملة معها غالباً ما تشتري البضائع بكميات كبيرة، لذا تشيع بينها المحادثات حول التخفيضات المرتبطة بحجم الطلبيات.

الهدف من تخفيضات الحجم بالنسبة للشركات

عندما أعمل مع عملاء متخصصين في التعاملات التجارية مع الشركات والأعمال ونحاول التوصل إلى أفضل حلول للتسعير، أذكرهم بأمرين مهمين فيما يخص تخفيضات الحجم:

لا تنس أبدا أن الهدف الرئيسي لتخفيضات الحجم هو تحفيز العميل على شراء كميات إضافية. حيث يغيب عن أذهان معظم المدراء الغرض الأساسي من تخفيضات الحجم، ويقعون في خطأ كلاسيكي بالانسياق بشكل أعمى وراء فكرة أنك "إذا اشتريت كمية أكبر، فلا مناص من منحك نسبة تخفيض". غير أن هذا التعميم لا أساس له من الصحة، ولا داعي للتخفيض ما لم يؤدِ إلى عملية بيع تحقق ربحاً إضافياً ما كان ليتحقق لولا هذا التخفيض.

وقد اكتشفت سوء فهم آخر خلال عملي الاستشاري، وهو أن العديد من مدراء الشركات المتخصصة في التعامل التجاري مع الشركات والأعمال ينظرون إلى التخفيضات باعتبارها مكافأة لعملائهم الكبار. لكن، وعلى الرغم من أهمية إظهار التقدير لكبار العملاء، ينبغي ألا تكون التخفيضات هي وسيلتنا الوحيدة في هذا المضمار. فهناك طرق أقل تكلفة للتعبير عن الامتنان. وتذكر أن عملية الشراء الكبيرة تعني ببساطة في كثير من الحالات أن العميل يحب المنتج (أو يحتاج إليه)، وهذا سبب للتمسك بالأسعار المحددة.

حدد نسب تخفيضات الحجم المقدمة لكل عميل على حدة، متى كان ذلك ممكناً. حيث يتمثل أحد التحديات الرئيسية لتصميم أي استراتيجية لتخفيضات الحجم في أن كل عميل لديه مستوى مختلف لما يعتبره "عملية شراء كبيرة". وبالعودة إلى مثال "بيغ غلب"، قد يكون 450 غراماً من المشروبات الغازية بمثابة عملية شراء كبيرة بالنسبة لي، لكن قد يكون لدى البعض الآخر مستويات مختلفة لما يعتبرونه عملية شراء كبيرة.

وبما أن الشركات التي تتعامل مع المستهلكين مباشرة، مثل "7-إيليفين"، لا تستطيع تخصيص تخفيضات الحجم بما يناسب كل عميل على حدة، فلا تجد أمامها إلا أن تستهدف الفئة المتوسطة من العملاء باستراتيجية تفرض حجماً واحداً على الجميع. وكثيراً ما يتم تجاهل العملاء الذين يشترون كميات صغيرة بسبب هذه الطريقة في حساب المتوسطات، بينما يتمتع العملاء الذي يشترون كميات أكبر حجماً بخصومات أكبر من اللازم.

وتقدم الكثير من الشركات المتخصصة في التعامل التجاري مع الشركات والأعمال أيضاً تخفيضات حجم تفرض حجماً واحداً على الجميع. وإن شئت، فاسأل أي مندوب مبيعات عن خطة تخفيض الحجم المتبعة في شركته، وسيسلمك جدولاً من صفحة واحدة يسرد نِسب التخفيض على النحو التالي: العميل الذي يشتري 10,000 إلى 19,999 وحدة سيحصل على خصم بنسبة 15%، والعميل الذي يشتري 20,000 إلى 30,000 وحدة سيحصل على خصم بنسبة 20%، والعميل الذي يشتري أكثر من 30,000 وحدة سيحصل على خصم بنسبة تصل إلى 25%، وبذات الطريقة كلما ارتفع عدد الوحدات التي يشتريها العميل.

عيوب استراتيجية تخفيضات الحجم

ما يعيب استخدام جدول التخفيضات الذي يفرض حجماً واحداً على الجميع هو أنه يهمل العملاء الصغار (كالعملاء الذين يشترون أقل من 9,999 وحدة في المثال المذكور أعلاه). من المرجح أيضاً أن يتمتع كبار العملاء بصفقة رائعة، لأنهم كانوا سيشترون على الأرجح كمية كبيرة دون تخفيض في كل الأحوال. لكن، وعلى الرغم من هذه العيوب، يعد هذا أفضل ما يمكن أن تفعله الشركة إذا لم يكن لديها فريق مبيعات يمتلك القدرة للتفاوض على الصفقات.

ويعتبر استخدام تخفيضات الحجم انطلاقاً من قاعدة أن نسبة واحدة تلائم الجميع خطأً فادحاً إذا كان فريق المبيعات يتفاوض على الصفقات مع العملاء بصورة فردية. (وهذا ينطبق على الشركات المتخصصة في التعامل التجاري مع الشركات والأعمال وكذلك على الشركات التي تتعامل مع المستهلكين مباشرة). ومن هنا، يجب على موظفي المبيعات تحديد نسب تخفيضات الحجم الملائمة لكل موقف على حدة، فيمكن زيادة الحافز المقدم للعميل لتحفيزه على شراء كميات أكبر بعد أن يتضح مقدار ما سيشتريه العميل فعلياً. ويجب تقديم التخفيضات على الصفقات الكبيرة والمتمثلة هنا في تخفيضات حجم مخصصة لكل عميل على حدة قدر الإمكان، أياً كانت الكمية التي سيشتريها. يمكن إقناع جميع العملاء الصغار والمتوسطين والكبار بشراء كميات أكبر إذا كان التخفيض سينعكس على حجم مشترياتهم. ويجب هيكلة التخفيضات لتحقيق أعلى نسبة من المبيعات المحتملة بطريقة مربحة لكل عميل.

أعتقد أنه قد اتضح لك الآن، عزيزي القارئ، أسباب افتتان عميلي المذكور آنفاً بقصة "بيغ غلب" والتي تفيد بأن بيع كمية أكبر مقابل زيادة بسيطة في السعر يمكن أن يحقق مكاسب مالية غير متوقعة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي