يدرك معظم المهنيين أهمية بناء العلاقات في مسيرتهم المهنية. وفي حين أن حضور المؤتمرات أو الاهتمام بحضور اللقاءات هي طرق رائعة للتواصل مع الآخرين، إلا أن هناك طريقة أخرى يتم إغفالها أو تفاديها، وهي قيامك بتنظيم فعالية كبيرة بنفسك، لذلك تعلّم التخطيط لفعالية بناء العلاقات .
تمكّنك استضافة فعالياتك الخاصة من بناء العلاقات بصورة استراتيجية أكثر مما تسمح به المؤتمرات أو حفلات التعارف عادة، لأنك تتحكم بقائمة المدعوين، وبصفتك صاحب الدعوة ستكون صاحب "فضل" في العلاقات التي ستنشأ بين ضيوفك. كما أنها طريقة ممتازة بالنسبة للأشخاص الانطوائيين لضمان حصولهم على فرص متكافئة، إذ يحرصون على إقامة الاجتماع في البيئة الهادئة التي تمكنهم من تقديم أفضل أداء لديهم.
أقمت على مدى الأعوام الأربعة الماضية عشرات الدعوات على العشاء بهدف التعارف وبناء العلاقات بمعدل مرة واحدة شهرياً. واكتشفت أنها طريقة مجزية للتواصل مع الناس وهي أسهل بكثير مما اعتقدت في بادئ الأمر، فلا حاجة لمهارات معينة، وليس من الضروري أن تكون التجهيزات باهرة.
اقرأ أيضاً: تعرف على أفضل طريقة لنسج العلاقات في الوظيفة الجديدة.
أول سؤال يجب طرحه بكل تأكيد هو: كيف تتم الدعوة؟ كثير منا يبالغ بالتفكير بهذا الأمر، "هل سيقبل الجميع دعوتي؟ هل سينسجم المدعوون مع بعضهم البعض؟ ما هو أفضل مزيج من الحضور؟" ونبدأ بالبحث عن "المزيج" الأمثل الذي لا وجود له. ونتيجة لذلك، إما أن نتخلى عن فكرة إقامة الدعوة، أو ندعو خليطاً عشوائياً من الناس راجين أن تأتينا النتيجة بأفضل صورة ممكنة. ولكن ليس من الواضح أن أياً من هاتين الطريقتين هي الأفضل.
ولذلك، إن كنت تفكر بإقامة فعالية خاصة بك بهدف بناء العلاقات، أورد فيما يلي 5 استراتيجيات يمكنك استخدامها من أجل اختيار المدعوين وجمعهم ضمن مزيج رائع.
فكر بشأن حجم التجمع الذي تقيمه بطريقة استراتيجية
يركز معظمنا اهتمامه بهوية المدعوين لدرجة أننا ننسى سؤالاً على نفس القدر من الأهمية: كم عددهم؟ عندما أنظم دعوة عشاء مثلاً، أحاول ألا أدعو أكثر من 10 أشخاص، لأن وجود عدد أكبر من ذلك سيصعّب إجراء محادثة جماعية واحدة على المائدة وتحقيق الهدف الذي أرجوه من أحد جوانب الأمسية على الأقل وهو أن يحظى المدعوون بتجربة نفس الشعور. إن كنت تود إقامة دعوتك الأولى ولا تشعر بعد بالراحة، فقد يكون من الأفضل دعوة ستة أشخاص فقط، أو ربما ثمانية.
اقرأ أيضاً: العلاقات وليس المكان هي العنصر الأهم في مساحة العمل المشتركة.
قرر ما إن كانت دعوتك ستركز على موضوع محدد
إن إحدى الطرق لضمان أن يكون هناك موضوع للمدعوين يتحدثون فيه هي دعوة أشخاص يوجد بينهم أمر مشترك حتى إن لم يعرفوا بعضهم من قبل، كأن يكونوا جميعهم من خريجي جامعتك مثلاً، أو أن يعملوا جميعهم في قطاع التقنية، إلا أنه ليس واجباً. وأنا أقوم عادة بدعوة مجموعة متنوعة من الأشخاص "المثيرين للاهتمام" إلى العشاء، لأن المهنيين أصحاب الأداء العالي يستمتعون عادة بلقاء أشخاص من خارج مهنتهم. فالرئيس التنفيذي شديد الانشغال بشركته الناشئة مثلاً لا يحظى بفرصة التعرف على ممثلين أو ناقدين فنيين كل يوم.
تمعّن في التفكير بمزيج الحضور
إن كنت ترغب بدعوة مجموعة متنوعة، من الضروري أن تكون متنوعة بحق، وليست عبارة عن عدد من الأشخاص الذين يعرفون بعضهم البعض إلى جانب بضعة أشخاص غرباء. فالمجموعة التي تضم ستة أشخاص يعرفون بعضهم جيداً مع شخصين لم يلتقيا بأحد منهم ستشكل مزيجاً كارثياً، لأن الأشخاص الذين يعرفون بعضهم مسبقاً سيلجؤون بالتأكيد إلى دعاباتهم القديمة ومحادثاتهم الخاصة تاركين الغريبين جانباً، وأنت من تتحمل مسؤولية حصول الجميع على مساحات متساوية.
ومن الضروري أيضاً أن تفكر بشخصيات المدعوين. يتمكن معظم المدعوين غالباً من الاختلاط بطريقة مقبولة، ولكن إذا كنت تعرف صديقاً يعاني من صعوبة في التفاعلات الاجتماعية (كأن تكون لديه عادة الهيمنة على المحادثات أو التحدث في المواضيع السياسية.. إلخ)، فما عليك إلا اتباع حدسك، فربما لم يكن حضوره مع هذه المجموعة مناسباً. ويجب عليك، بصفتك صاحب الدعوة، أن تسعى لإيجاد حيوية إجمالية رائعة للمجموعة، وكأنك تمارس دور الإشراف على الفعالية تماماً. وفي حين أن التحكم بكل المتغيرات غير ممكن، فإن اختيار المدعوين بحكمة له أثر كبير.
اقرأ أيضاً: "صديق الصديق" لم يعد أفضل طريقة للعثور على وظيفة.
استعن بشريك
ولكن ماذا لو شعرت أنك لا تعرف عدداً كبيراً من الأشخاص لدعوتهم إلى اجتماعك؟ هناك حل رائع يكمن في إيجاد شريك في الدعوة، وقد شرحت ذلك في كتابي الإلكتروني "تميز في بناء العلاقات" (Stand Out Networking). فكر في زملائك الذين تعرفهم وتحبهم ممن يتمتعون بشبكة علاقات اجتماعية واسعة، فهؤلاء هم "صلة الوصل" في حياتك. شاركت على مدى أعوام في التخطيط لفعالية بناء العلاقات، وإقامة دعوات مع عدة أصدقاء لي، وغالباً ما كنا نتقاسم مسؤولية وضع قوائم المدعوين. وكنت أرتب فعاليات العشاء بحيث يدعو كل منا أربعة من زملائه، ما ساعدنا في التخفيف من ضغط الفعالية، حيث نكون كلانا مسؤولين عن ضمان سير المحادثة بسلاسة وتقديم المقبلات في الأوقات المناسبة. بالإضافة إلى أننا نتمكن بذلك من جمع شبكتينا الاجتماعيتين والتعرف على أشخاص جدد.
استفد من معارفك الحاليين في وضع قائمة المدعوين
بمجرد إقامة هذا العشاء يصبح مدعووك سفراء نوعيين، فهم يفهمون طبيعة هذه الفعاليات، وبالتالي أصبحوا يعرفون من سيكون من المناسب أيضاً حضور فعاليتك ومن سيتوق لها. ويمكنك الاستفادة من ذلك والتواصل معهم فيما بعد وسؤالهم عن أصدقائهم الذين قد يستمتعون بحضور الفعاليات القادمة وعن إمكانية تعريفك بهم. وبذلك، ستملأ دعوات العشاء التالية بضيوف مهمين. وهناك استراتيجية مشابهة تتمثل في دعوة أشخاص تعرفهم مسبقاً والطلب من كل منهم إحضار شخص يرى أنه مهم أو مناسب لعنوان الأمسية (مثلاً: "أحضر صديقاً يعمل في مكتب حقوق الطبع والنشر أو في مجال المحاماة أو الصحافة").
إن بناء العلاقات أمر ضروري من أجل نجاح الأعمال، ولكن نسبة ضئيلة من المهنيين يبذلون جهوداً فعلية لإقامة الفعاليات واستضافتها بأنفسهم، وذلك لأنهم لا يعرفون غالباً كيفية التخطيط لفعالية بناء العلاقات ، ومن أين يجب البدء بتجميع قائمة المدعوين. ومن خلال اتباع الاستراتيجيات المذكورة آنفاً، يمكنك جمع الأشخاص المميزين وإقامة علاقات مهنية قد تثبت أهميتها في الأعوام القادمة.
اقرأ أيضاً: الرؤساء التنفيذيون الذين يتمتعون بشبكة علاقات متنوعة يرفعون قيمة الشركة.