كيف تبني خبرة تعزز فهم التحيز في عملية صنع القرار؟

2 دقائق

ربما كانت رقمنة النظم والذكاء الاصطناعي بصدد تغيير قطاع الأعمال عما عرفناه حتى يومنا هذا، لكنهما لا يزالان بعيدين كل البعد عن الحلول محل البشر في الحكم عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرارات معقدة. في الواقع، وفيما تصبح بيئة الأعمال أكثر تعقيداً من الناحية التكنولوجية، وتزداد تنافسية وتقلباً، بات القادة يعتمدون بشكل متزايد على قوة حكمهم لاتخاذ قرارات سريعة ودقيقة.

تتطلب ممارسة وإصدار حكم متبصر وعياً بالتحيزات التي تؤثر على فهم صناع القرار لبيئتهم والطريقة التي يبحثون فيها عن المعلومات ويعالجون هذه المعطيات. من خلال فهم هذه الأخطاء المنهجية وبعضها يمكن التنبؤ به تماماً، يمكننا تطوير عادات أفضل للتواصل وجمع البيانات والطريقة التي نؤطر بها تفكيرنا.

لقد عملتُ مع شركات عديدة من أجل دعم كل من تطوير العمليات وتدريب صناع القرار. يمكن للمؤسسات رعاية عملية صنع القرار القوية من خلال توفير الأدوات والعمليات التي تعزز الحكم الصائب. على سبيل المثال، لدى شركة رويال داتش شل إطار عمل شامل لضمان جودة القرارات يستخدم في جميع أنحاء المجموعة. وفي حين لا تملك كل شركة الموارد والميزانية نفسها، سيساعد فهم التحيزات الرئيسة التي تؤثر على تفكيرنا الأفراد والمؤسسات في اتخاذ قرارات أفضل.

تحيز فرط الثقة

(Overconfidence bias)

يحجم القادة في كثير من الأحيان عن الاستثمار في جمع المعلومات. لا يطرحون أسئلة لأنهم يعتقدون أنهم يعرفون الإجابة أو يعتقدون أنهم يعرفون ما يفكر به الآخرون. سيكسب القادة الكثير من خلال طرح المزيد من الأسئلة وتشجيع فريقهم على القيام بالمثل. تنجح الفرق عندما ترعى ثقافة يشارك فيها الناس المعلومات، حتى وإن لم تكن مشاركة بعض المعلومات محل ترحيب على الدوام.

النفور من الخسارة

(Loss Aversion)

يدرك القادة الأقوياء أن القرارات الجيدة لا تؤدي دائماً أو حتماً إلى النجاح. وإدراك أن بعض الأفكار الجيدة ستنتهي بالفشل يجعل من السهل تقليل الخسائر بدلاً من تركها تتكدس. أحد مظاهر ذلك هو المغالطة في تقدير التكلفة، حيث يصعب قتل المشروعات الفاشلة بسبب الموارد التي أنفقت عليها بالفعل. يمكن للمؤسسات التخفيف من ذلك عن طريق تحديد جدول زمني لمراجعة المشاريع من قبل فريق كفء مستقل لديه السلطة لاتخاذ القرار النهائي.

التحيز الراسخ

(Anchoring bias)

الترسيخ أو الإرساء هو الميل إلى الاعتماد بشدة على سمة واحدة أو جزء من المعلومات عند اتخاذ القرارات. لتجنب ذلك، يجب على القادة أن يحرصوا على استعراض كل مشكلة من وجهات نظر وجوانب مختلفة. كن منفتح الذهن واطرح الأسئلة واطلب معلومات وآراء من مجموعة متنوعة من الأشخاص. كما هي الحال مع الإعراض أو النفور من الخسارة، من المهم للشركات أو المؤسسات أن تبني بيئة يشعر فيها الناس أنهم يستطيعون طرح رأيهم دون خوف من رد فعل انتقامي.

التحيز للمتوفر

(Availability bias)

التحيز لما هو متوفر هو الميل إلى الاعتقاد أن الأشياء التي نعرفها أكثر صلة وأهمية من أشياء أخرى قد تطرح كبدائل لها. يتشكل حكمنا بناء على تجربتنا. لكن الطريقة التي نرى بها العالم ونتذكره ليست بالضرورة ما هو عليه. والمعلومات التي تصل إلينا متحيزة بقدر ما يختار الآخرون مشاركته وما يُقال أو لا يُقال من قبل أشخاص داخل مؤسستنا وفي قطاع الأعمال الذي ننتمي إليه أو من خلال وسائل الإعلام. وما قد يبدو قراراً آمناً أو صائباً استناداً إلى تجربتنا، قد يكون منقوصاً. سيساعدك التحكم في تدفق المعلومات التي تصلك والبحث عن البيانات ذات الصلة بدلاً من الاعتماد على البيانات التي اختار الآخرون مشاركتها معك، في تجربة العالم بطريقة أقل تحيزاً والتوصل إلى حكم أفضل.

هناك العديد من التحيزات المعرفية الأخرى التي تؤثر بشكل جماعي على أفكارنا وبالتالي في نهاية الأمر على صنع القرار لدينا. وفي حين أنه لا مهرب من هذه التحيزات ولا بد لنا أن نتعامل معها، سيساعد فهم وإدراك الأساسية منها والتنبه لها القادة في تعزيز حكمهم وتأطير أفكارهم لاتخاذ قرارات أكثر حكمة وتبصراً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي