6 مبادئ لتفادي قرارات توظيف متحيزة

7 دقائق
التحيز في التوظيف
ميراج سي/غيتي إميدجيز

ملخص: في سوق المواهب اليوم، يبحث الجميع عن طرق جديدة لاتخاذ أفضل القرارات فيما يتعلق بالتوظيف والترقيات. تعرض المؤلفة في هذه المقالة 6 منبهات تحفيزية سلوكية قائمة على ذكاء القرار والحلول المستندة إلى الأدلة التي تؤدي إلى تغييرات قابلة للتوسع، وهذه المنبهات يمكن أن تساعد الشركات على اعتماد ممارسات تقلل التحيز في التوظيف وتعزز التنوع وتشكّل أفضل مجموعات المواهب.

 

يعرف كل مَن حاول تحقيق التنوع بشكل صحيح أنه لا توجد خلطة سرية لزيادة المواهب المتنوعة في الأدوار القيادية. فمحاولة تحقيق التنوع والمساواة والشمول باتباع خطط أو توجيهات أو قواعد لن تحقق مرادك. ولكن هناك بعض الأخبار السارة: من خلال التركيز على ذكاء القرار والحلول القائمة على الأدلة التي تؤدي إلى إحداث تغييرات قابلة للتوسع وزيادة الشمول، يمكن للقادة زيادة عدد المرشحين المتنوعين للتعيين والترقيات.

بصفتي أكاديمية، فقد درست لفترة طويلة مشكلة زيادة تنوع الموظفين في الشركات، وبصفتي مستشارة، فقد طبقت ما تعلمته لمساعدة الشركات على التعيين ومنح الترقيات بشكل أكثر إنصافاً. أعرض في هذه المقالة 6 منبهات تحفيزية سلوكية تشكل معاً نهجاً فعالاً وشاملاً يمكن أن يساعد المسؤولين التنفيذيين على اتخاذ قرارات أفضل وأقل تحيزاً فيما يتعلق بالتوظيف والترقيات.

1) ضع معايير لاختيار المرشحين

يمكن أن تكون عملية التوظيف مرهِقة لكل من المحاورين والمرشحين، وعندما يشعر الأشخاص بالإرهاق يميلون إلى تفضيل ما هو مألوف لهم. لكن اتباع نهج استراتيجي يمكن أن يساعد على تنظيم هذه العملية. وفقاً لبحث أُجري حول القرارات، يُعد إنشاء قائمة جيدة تضم مؤهلات محددة مسبّقاً ولها الأولوية في منصب محدد أمراً أساسياً لاختيار المرشحين بحكمة. إذ يجب أن تتفق لجنة التوظيف على 5 إلى 10 مؤهلات (قد تشمل كلاً من المهارات التقنية والفطنة التجارية) وترتبها حسب الأهمية.

الهدف هو تقييم كل مؤهل ومرشح على حدة في أثناء المقابلات، لكي لا يتأثر أي تقييم بمؤثرات سابقة. وبعد المقابلة، يمكن للمحاور منح درجات عالية أو متوسطة أو منخفضة. على سبيل المثال، في التوظيف لمنصب مدير الاتصالات، قد يتم تصنيف مهارتي الكتابة والتعاون على أنهما أهم مهارتين لهذا المنصب، بينما قد يتم تصنيف مهارة تصميم المواقع الإلكترونية في المرتبة الخامسة أو السادسة. بعد ذلك، عند تقييم مجموعة المرشحين، فإن هؤلاء الذين حصلوا على درجات عالية في العوامل الأكثر أهمية سيكونون في النهاية في مرتبة أعلى من هؤلاء الذين حصلوا على درجات عالية في المؤهلات الأقل أولوية، ما سيؤدي إلى إبراز المرشحين الذين يمتلكون أهم المهارات اللازمة للوظيفة. تجبر هذه الممارسة المُقيِّمين على التركيز على كل جانب وتقييمه على حدة بدلاً من، على سبيل المثال، الحكم على المقابلة على أنها ناجحة للغاية بناءً على عنصر أو عنصرين إيجابيين قد يكونان أو لا يكونان أساسيين للوظيفة.

إن إنشاء قوائم واضحة وموجزة للمؤهلات يوفر لصناع القرار مجموعة من النقاط المحورية التي يمكن أن تصرف تركيزهم بعيداً عن العِرق والنوع الاجتماعي والخلفية الاجتماعية والاقتصادية. إذ يجب أن توفر هذه الاستراتيجية مجموعات متنوعة من الخيارات، كما يمكن استخدامها في مجموعة كبيرة من أنواع الوظائف.

2) تحدَّ نفسك لتأييد الرأي المعاكس

أول مَن تُجرى معه مقابلة هو مَن يتم تعيينه. لاحظت هذا النمط في عملي، ولم أكن الوحيدة؛ فقد أظهرت البحوث أن هناك مَيلاً إلى تفضيل الخيارات المبكرة والتقليل من قيمة الأدلة المتناقضة التي تظهر لاحقاً. بعبارة أخرى، إذا أصدرت حكماً مبدئياً، فمن المرجح أن تتجاهل البيانات الجديدة التي لا تدعمه.

لاحظ أحد موظفي الموارد البشرية في شركة عالمية للخدمات المهنية كنت قد عملت معها أن 89% من الموظفين الجدد كانوا أول المرشحين الذين أجرت الشركة مقابلات معهم. أرادت اللجنة مواجهة هذا التحيز في التوظيف والترقيات، لذلك طبَّق صناع القرار استراتيجية "عكس طريقة التفكير". طُلب من صناع القرار التفكير في الأسباب التي قد تجعل كل مرشح من المرشحين الذين تم تفضيلهم على غيرهم اختياراً خاطئاً. وبالمثل، طُلب من صناع القرار تقديم أسباب مقنعة تدعو إلى اعتقاد أن المرشحين الذين لم يحتلوا مرتبة عالية قد يكونون المرشحين المناسبين للوظيفة. فعندما يُطلب من صناع القرار تقديم الحجج المضادة الضرورية، قد يعودون إلى البيانات التي استبعدوها في البداية، ما يجعل قراراتهم مدروسة وموضوعية بشكل أكبر في نهاية المطاف.

3) عدِّل البيئة

يمكن للبيئات المختلفة تحسين عملية صنع القرار ودعمها لتصبح عالية الجودة، كما يمكن أن تؤثر في جهود التوظيف في المؤسسات. ويمكن للعوامل التي تبدو صغيرة، مثل الفواصل الزمنية وترتيب الغرفة ودرجة حرارتها، التأثير على عملية صنع القرار.

يمكننا جميعاً أن نكون "مهندسي اختيار"؛ وتشير هندسة الاختيار إلى الطريقة التي يتم بها تقديم البدائل إلى صناع القرار. على سبيل المثال يُعد التوقيت أحد الأمور الأساسية في تصميم الخيارات: إذا طلبت من شخص ما تقييم مرشح قبل الغداء، وهو جائع، فمن المرجح أن تكون تقييماته أكثر قسوة. ولكن إذا طلبت منه القيام بذلك في وقت من اليوم يمتلك فيه الأشخاص عادة قدراً أكبر من الطاقة الذهنية ويكونون أكثر استرخاءً (في الصباح مثلاً)، فمن المرجح أن تكون تقييماتهم إيجابية بشكل أكبر.

يُعد تغيير الأوقات التي تُجرى فيها المقابلات من الطرق التي تُستخدم بها مبادئ علم النفس للتأثير على السلوك للأفضل، لذلك حدد الأوقات التي تتوقع أنك ستشعر فيها بمزيد من الاسترخاء والحيوية، وخصصها لتقييم المرشحين. لكي تكون أكثر ثقة بقرارك، اتخذ قراراً مبدئياً في وقت مبكر من الأسبوع، وأعِد النظر فيه في نهاية الأسبوع. وفي هذه المرحلة، اسأل نفسك: هل تطور تفكيرك أم أن لديك الشعور نفسه تجاه القرار؟

4) اعكس القواعد الافتراضية

يمكن أن تدعم القواعد الافتراضية رفاه الفرد والمجتمع وتُحسنه، إلا أن هذه القواعد التي لا يمكن التشكيك فيها غالباً ما ترسخ التحيزات. لذا، عند محاولة زيادة عدد النساء أو الأقليات في المناصب القيادية، يمكن لهذه القواعد الافتراضية أن تعترض الطريق.

صُدمت إحدى الشركات المتوسطة الحجم في مجال التكنولوجيا، وكنت قد عملت معها، حين علمت أن هذا كان يحدث لها. عندما قيّمنا أنماط الترقية بها، توقعوا أن يجدوا أنماطاً في صالح النساء والأقليات، لكننا وجدنا العكس. فقد كانت الشركة تمنح ترقيات للفئات نفسها بصورة متكررة.

لتغيير قرارات الترقية جذرياً، عكست الشركة القواعد الافتراضية. بدلاً من جعل الترقية استثناءً للقاعدة، أصبحت هي القاعدة. فقد حصل الجميع على ترقيات (أي تم تكليفهم بمسؤوليات إضافية)، طالما لم تكن هناك أسباب مقنعة لاستبعاد الموظف من الترقيات. بالإضافة إلى ذلك، عندما كان صناع القرار يبررون الاستبعاد، أُعطيت لهم صورة لكل مرشح وكان عليهم استخدام أسماء المرشحين عند مناقشة سبب عدم ترقية هذا الشخص. وقد أدى هذا النهج إلى إجراء مناقشة أكثر تفصيلاً وعمقاً لجهود المرشحين وإنجازاتهم.

هناك شكل آخر لهذا النهج في التوظيف. تخيل أن لديك 6 وظائف شاغرة و30 مرشحاً. ويتم تصنيف كل مرشح على أنه إما آمن وإما محايد وإما محفوف بالمخاطر. لإنشاء مجموعة أكثر تنوعاً، يجب أن تأخذ مرشحَين من كل مجموعة. فهذا يشبه إلى حد كبير المنطق الكامن وراء إنشاء محفظة أسهم متنوعة، حيث تظهر خصائص مختلفة في أوقات ودورات مختلفة. فإنشاء نموذج المجموعة المتنوعة هذا يمكن أن يحث الموظفين على مساعدة بعضهم لبعض، كما يمكن أن يعزز التعاون. ويمكن أن يؤدي اتخاذ القرارات بهذه الطريقة إلى زيادة التنوع، لأن المقيّمين سيخاطرون عمداً باختيار الأشخاص الذين عادة ما يستبعدونهم.

5) استخدم محفزات التخطيط

إذا لم تضع خطط عمل عملية، فقد يؤدي النسيان أو التسويف إلى عرقلة متابعة التنفيذ. لمساعدة صناع القرار على تجنب هذه المزالق، تم استخدام محفزات التخطيط بنجاح لزيادة النتائج المهمة، بما في ذلك التمارين الرياضية ولقاحات الأنفلونزا والالتزام بالمواعيد النهائية. عندما يُطلب من أي شخص اتخاذ قرار بشأن توقيت اتخاذ إجراءات معينة وأين سيتم اتخاذها وكيف سيتم ذلك، فإن الخطة تمثل التزاماً لن يُنسى ويَصعُب خرقه من الناحية النفسية.

تأمَّل حالة شركة للاستشارات الهندسية في الجنوب الغربي كانت تكافح لتوظيف المزيد من النساء والأقليات العِرقية إلى أن اكتشف قسم الموارد البشرية نمطاً معيناً: أن طلبات التوظيف التي تقدمها النساء والمرشحون من الأقليات تنقصها المستندات المطلوبة. ولم يكن المحاورون المكلفون بالتواصل مع المرشحين يتابعون معهم لطلب المعلومات الناقصة. وبالتالي أنشأت الشركة قائمة رقمية تضم الموظفين ومهمات المتابعة التي كُلفوا بها.

يمكن لجميع المقيّمين رؤية هذه القوائم. ويظهر في كل مهمة اسم المرشح وصورته وإجراء المتابعة المطلوب والموظف المسؤول. يتم توزيع القوائم قبل أسبوع من إجراء المقابلة، ويؤكد الموظفون المسؤولون استلام مهماتهم. قام قسم تكنولوجيا المعلومات بتهيئة القوائم لتُرسل رسائل تذكيرية لكل موظف ويتم إرسال نسخ منها إلى جميع الموظفين الآخرين الذين أجروا مقابلات مع هذا المرشح وقسم الموارد البشرية والمسؤول التنفيذي الذي سيكون المرشح تحت إدارته. وبذلك يمكن للجميع رؤية مَن تابع مع المرشح ومَن لم يتابع. أدى هذا النظام إلى القيام بمتابعة متكاملة الأركان، وزيادة عدد النساء والأقليات المعينين في شركة الاستشارات.

6) احرص على صياغة المعلومات بطريقة مناسبة

المعلومات الصحيحة لا تكفي وحدها؛ إذ يجب صياغتها بشكل مقنع. لتوجيه القرارات وتحفيز الأشخاص، يمكن للمسؤولين عن التواصل صياغة بعض الرسائل على أنها مكاسب والبعض الآخر على أنها خسائر. تتناول "نظرية الاحتمالات" (Prospect theory) الطرق الخفية التي تؤثر بها الصياغة على عملية صنع القرار. على سبيل المثال، في الرسائل المتعلقة بالصحة يمكن أن تكون الرسائل المصوغة على أنها خسائر أفضل في الدعوة إلى اتخاذ إجراء من الرسائل المصوغة على أنها مكاسب، لا سيما عندما تكون المشكلة المحددة وثيقة الصلة بالشخص. فقد تَبين أن الرسائل المصوغة على أنها خسائر مثل "عدم إجراء فحوص دورية يزيد احتمالات الوفاة بسبب السرطان" أكثر فعالية من الرسائل المصوغة على أنها مكاسب مثل "إجراء الفحوص الدورية يزيد من فرص النجاة من السرطان".

إليك الطريقة التي استخدمت بها شركة أدوية عالمية صياغة الرسائل عندما أرادت مساعدة مقدمي طلبات التوظيف على الاستعداد للمقابلات: وضعت الشركة كل متقدم مع موظف من خلال نظام اختيار، وأكدت في رسائلها المكاسب المحتملة باستخدام قائمة تضم 15 ميزة. تضمنت هذه المزايا: الحصول على معلومات داخلية مهمة، والتواصل مع شخص يشبههم ويعمل بالفعل في الشركة، والقيام بجولة في مبنى الشركة، والمشاركة في مقابلات تدريبية متعددة. ومن المخيب للآمال أن هذه المكاسب حفزت أقل من 14% من مقدمي طلبات التوظيف على المشاركة. لذلك غيرت الشركة مسارها، وبدأت باستخدام هذا العنوان "7 كوارث تحدث في المقابلات وكيفية تجنبها"، ما أدى إلى زيادة معدل المشاركة إلى 72% وكان أعلى بين النساء والأقليات.

تعتمد جودة الرسالة المقنعة على احتمالية أن تحث على اتخاذ إجراء. وإعادة صياغة الرسالة تتيح لنطاق أوسع من المستلمين الاستجابة. فمع زيادة عدد المتقدمين الذين اختاروا المشاركة في هذا النظام، تمكنت شركة الأدوية من بناء مجموعة مرشحين أفضل استعداداً للعمل.

في سوق المواهب اليوم، يبحث الجميع عن طرق جديدة لاتخاذ أفضل القرارات فيما يتعلق بالتوظيف والترقيات. الإجراءات القابلة للتكييف التي أشرت إليها في هذه المقالة قائمة على أفضل الممارسات التي أثبتت جدواها والتي تساعد على اتخاذ قرارات جيدة. ستحتاج كقائد إلى إيلاء اهتمام أفضل لما تحصل عليه، وفحص البيانات لتحديد سبب حصولك عليه، واتخاذ إجراءات تسهم في تغيير التفكير الاعتيادي. عندها فقط ستتمكن من توظيف المواهب التي تحتاج إليها وتنمية مهاراتها والاحتفاظ بها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي