التحيزات التي تعاقب فرق العمل المتنوعة عرقياً

4 دقائق
التحيزات في الفرق المتنوعة عرقياً

تسعى شركات التكنولوجيا والبنوك والشركات الاستشارية والعديد من فئات الشركات الأخرى جاهدة إلى خلق بيئات متنوعة وشاملة، ولكن على الرغم من ضخ ملايين الدولارات سنوياً في جهود التنوع، فإن المؤسسات تفشل أحياناً في الحصول على المنافع التي من المفترض أن تحققها مجموعات العمل المتنوعة. فكيف يمكننا حل مشكلة التحيزات في الفرق المتنوعة عرقياً؟

من المحتمل أن يكون سبب هذا الإخفاق هو أن المنافع المفترضة للتنوع عبارة عن فوائد وهمية أكثر منها واقعية، ولكن يبدو أن هذا الأمر غير مرجح نظراً للأبحاث الوافية التي تناقض هذا الادعاء. على سبيل المثال، تتبادل مجموعات المحلفين المتنوعة عرقياً مجموعة واسعة من المعلومات خلال مداولاتها، مقارنة بالمجموعات المتجانسة عرقياً، كما أن المجموعات المتنوعة من المتاجرين بالأوراق المالية يكونون أقل عرضة لاتخاذ قرارات غير صائبة في أثناء تداول الأسهم في البورصة، التنوع بين الجنسين أيضاً في فرق الإدارة العليا يحسن أداء الشركة، خاصة عندما يتم التركيز على الابتكار بشكل استراتيجيّ. وقد ساعد بحثنا السابق في إثبات أن مجرد وجود التنوع يمكن أن يقود المجموعات إلى العمل بجدية أكبر، وتبادل وجهات النظر الفريدة فيما بينهم، كما أن هذه المجموعات تكون أكثر انفتاحاً على الأفكار الجديدة، وتحقق أداءً أفضل، خاصة عندما تحتاج المجموعات إلى مشاركة المعلومات وحل الاختلافات في الرأي.

تقويض فوائد التنوع بسبب التحيزات الضمنية

إذن لماذا الاختلاف ما بين المردود المحتمل لتنوع مجموعات العمل وبين الواقع الفعليّ؟ قد يكون جزء من المشكلة أن تحيزات الناس بخصوص المجموعات المتنوعة، سواء بشكل واعي أو غير واعي، بإمكانها أن تقوض من فوائد التنوع،

ولاختبار هذه الفرضية، أجرينا سلسلة من التجارب التي يُكوّن فيها المشاركون آراءهم حول مستوى الصراع والتعارض ضمن تفاعلات المجموعة. كما يقوم المشاركون بالتعبير عن مستوى استعدادهم لتزويد تلك المجموعة بالموارد المطلوبة، من خلال هذا الأسلوب، تمكنّا من الحفاظ على محتوى التفاعل بشكل ثابت - حيث يقوم كل مشارك بقراءة نفس النص الدقيق، أو مشاهدة نفس فيديو للتفاعل، أو الاستماع إلى نفس المناقشة بين مجموعة مكونة من 4 أفراد، العنصر الوحيد الذي يتغير هو التكوين العرقي للأفراد في كل مجموعة. كانت المجموعات المتجانسة مكونة إما من أفراد أصحاب بشرة بيضاء أو أفراد أصحاب بشرة سمراء بالكامل، بينما تضم المجموعات المتنوعة اثنين من أصحاب البشرة البيضاء واثنين من أصحاب البشرة السمراء من ضمن المجموعة.

وقد كانت النتائج مذهلة: عند قراءة نسخة مزودة بصور تكشف تكوين المجموعة، كان يُنظر إلى الفرق المتنوعة عرقياً على أنها أكثر تعارضاً في العلاقات من تلك المتجانسة، وكانوا يحظون بفرص أقل للحصول على موارد إضافية بسبب هذه التصورات المتحيزة للصراع - على الرغم من أن المحتوى الموضوعي للتفاعل الجماعي كان هو نفسه تماماً.

أجرينا التجربة مرة أخرى - فربما يكون الأمر متعلقاً بالنص المكتوب الذي يترك بعض التفاصيل لخيال المشارك، استعنا في هذه المرة بممثلين لتصوير مناقشات مسجلة على شريط فيديو بحيث يمكن للمشاركين مشاهدتها، وكنا في غاية الحرص على ضمان المحتوى، الأسلوب، والسلوكيات الخاصة بالممثلين بحيث تكون متماثلة تماماً في كافة مقاطع الفيديو التي سيتم عرضها، ومرة أخرى، الشيء الوحيد الذي قمنا بتغييره هو التكوين العرقي للمجموعات - إما مختلفة أو متناغمة - وقد حصلنا على نفس نمط النتائج مرة أخرى. كان يُنظر إلى المجموعات المتنوعة على أنها أكثر تعارضاً في العلاقة فيما بينها، وبسبب هذا كانت فرصها أقل في الحصول على الموارد المالية مقارنة بالمجموعات المتجانسة. تم إعاقة المجموعات المتنوعة، الأمر الذي قد يعرقل نجاحها في المستقبل.

في الدراسة النهائية التي قمنا بها، استخدمنا شرائط صوتية للمناقشات مع صور لأعضاء المجموعة ليظهروا كمجموعات متناغمة أو مختلفة عرقياً. من المهم أننا تعلمنا من هذه التجربة الأخيرة أنه فقط عندما تعاني المجموعات من مستويات معتدلة أو ملتبسة نوعاً ما من الصراع، يكون هناك تحيز واضح ضد الفرق المختلفة، وفي الحالات التي كان فيها التعارض واضحاً ومرتفعاً جداً، كانت الفرق المتجانسة والمتنوعة كلاهما أقل احتمالاً في الحصول على التمويل بنفس القدر.

وجدنا اثنتين من الملاحظات المهمة التي تجعل هذه النتائج مقنعة إلى حد كبير - حيث لم يكن مجرد وجود المزيد من أصحاب البشرة السمراء يجعل الناس يعتقدون بأن هذه المجموعات أكثر تعارضاً في العلاقة بين أفرادها، كما تم تصنيف المجموعات المكونة بالكامل من أفراد أصحاب بشرة سمراء بنفس تصنيف المجموعات الأخرى المكونة بالكامل من أفراد بيض البشرة، بينما لم يظهر هذا التقييم المتحيز إلا عندما كان هناك تكوين عرقي متنوع داخل المجموعة. ثانياً، قيّم المشاركون في دراساتنا مدى تعارض المهام في المجموعات، ولم يتم العثور على اختلافات بهذا الصدد. لقد كان تقييم علاقة الصراع هو العنصر الوحيد المختلف، الذي أدى إلى تقويض الرغبة في دعم الفرق المتنوعة عرقياً.

ما الذي يمكن أن تفعله المؤسسات لمكافحة التحيز ضد المجموعات المتنوعة؟

بشكل أساسيّ، تتمثل الخطوة الأولى المهمة في نشر الوعي بخصوص هذا التحيز لدى المسؤولين عن تقييم فرق العمل المختلفة

فالاختلاف أو النزاع لا يُمثل بالضرورة علامة على أن الأمور تسير بشكل خاطئ تماماً أو أنها غير قابلة للحل، قد يكون النزاع ناجماً عن اختلاف المعلومات والرؤى ووجهات النظر السائدة، كما أن العمل عبر هذه الرؤى المختلفة قد يسمح بالمزيد من الابتكار وحل المشكلات بشكل أفضل للتوصل إلى قرارات دقيقة. بالتالي عليك أن تتذكر أن تقييمك لشدة النزاع قد يكون أقل إذا كان النزاع ما بين مجموعة متجانسة ومتكافئة من الأفراد.

ثانياً، يتعين على المدراء الاعتماد على معايير واضحة لتقييم الأداء

يتم وضعها قبل - وليس في أثناء - مراقبة المجموعة، بدلاً من تحديد الأداء والموارد في منتصف العملية. يوجد أسلوب آخر لقياس الأداء يتمثل في إشراك الأشخاص - الذين لم يتمكنوا من مراقبة أعمال المجموعة - في عملية تقييم النتائج. وينبغي أن يكون هؤلاء المقيّمون أيضاً غير مُطّلعين تماماً على تكوين فرق العمل إن أمكن، الأمر الذي من شأنه أن يساعد في تقليل التحيز ضد الفرق المتنوعة بنفس الأسلوب الذي ساعدت به الاختبارات العمياء في الأوركسترا على الحد من التحيز ضد العازفين، فمن خلال الفصل ما بين العملية وتكوين المجموعات وبين الأداء الفعلي لهذه المجموعات، يمكن رؤية منافع التنوع بشكل أكثر وضوحاً.

أخيراً، أقدم نصيحة بسيطة للفرق المتنوعة

عليكم أن تلعبوا بأسلوب الهجوم، وتأكدوا من أن المدراء يرون ويقدرون ما يحدث عندما تسير الأمور بسلاسة بين أعضاء الفريق، احتفلوا بما تحققون، حتى عندما تأتي النتائج المحققة من عملية قد يبدو عليها الفوضوية وعدم الاتساق بالنسبة للآخرين، وتأكدوا من أن الأشخاص الذين يقومون بتقييمكم يعرفون الكثير عن الفترات التي تسير فيها الأمور بشكل جيد، مثلما يفعلون أيضاً عندما لا يبدو أن الأمور تسير على النحو الصحيح. من دون المعلومات المقابلة، قد تؤدي تحيزات المدراء إلى عرقلة تقدم الفرق المتنوعة، كما أنها قد تقوض دون قصد من فرص ظهور فوائد التنوع داخل المؤسسة. ما يعني عودتنا إلى مشكلة تكرار التحيزات في الفرق المتنوعة عرقياً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي