ملخص: إذا كنت تفكر في ترك وظيفتك، ولكنك تخشى أن يؤدي ذلك إلى الإضرار بعلاقاتك أو السمعة الحسنة التي بنيتها أو عدم حصولك على رسائل توصية، فاعلم أنك لست وحدك. في حين أنه لا يمكنك التحكم في رد فعل مديرك أو زملائك على قرارك، فإنه يمكنك التحكم في طريقة مغادرتك العمل للحد من العواقب غير المرغوب فيها.
- لا تتأخر في إخبار مديرك بقرارك لأنك تشعر بالذنب، إذ يفضّل معظم المدراء الحصول على إشعار بالاستقالة قبل مغادرتك بوقت كافٍ.
- كن لطيفاً وحازماً، ولا تغضب أو تتردد. قل شيئاً مثل: "وجدت بعد كثير من التفكير أن الوقت قد حان للانتقال إلى المرحلة التالية من حياتي المهنية. وهدفي من هذه المحادثة هو مناقشة كيفية جعل عملية الانتقال سلسة قدر الإمكان لكلينا".
- استعد للتعامل مع المدير الذي يرى أنك خائن! إذا تصرف مديرك ببرود أو بدا مجروحاً أو منزعجاً، فحاول ألا تأخذ الأمر على محمل شخصي. أفضل شيء يمكنك فعله هو التعبير عن تقديرك للفرصة التي مُنحت لك وما تعلمته خلال فترة عملك.
- لا تضع زملاءك في مأزق. إذا كانت هناك بعض المهمات التي لن تستطيع إنهاءها قبل مغادرتك، فافعل كل ما في وسعك لنقل الصلاحيات.
- لا تحمّل نفسك مسؤولية تغيير مشاعر الآخرين. تصرف بلطف مع الجميع وتفهَّم مشاعرهم بغض النظر عن الطريقة التي يعاملونك بها.
- تذكر أن سمعتك لا تُبنى على قرار واحد، إذ يختار الأشخاص ترك وظائفهم طوال الوقت لأسباب عديدة. إذا كنت قد فكرت في القرار ملياً وتؤمن أن هذا هو المناسب لك، فتمسّك به.
عرض الفيلم الشهير "جيري ماغواير" (Jerry Maguire) الذي ينتمي إلى فئة الثقافة الشعبية في عام 1996 مشهداً تقف فيه دوروثي بويد، التي تؤدي دورها رينيه زيلويغر، أمام مكتبها وتعلن أنها سئمت سياسات الطعن في الظهر التي تتبعها شركتها، وتحزم أغراضها وتقول: "أحتاج فقط إلى مصدر إلهام!".
وغادرت الشركة بعد ذلك.
نمر جميعاً بلحظات توصلنا إلى أقصى حدودنا، ونادراً ما نتمتع برفاهية الاستقالة في لحظة غضب كما يفعل الأشخاص في الأفلام، بغض النظر عن مدى الرضا الذي نعتقد أننا سنشعر به بعدها.
ربما أظهر لك العام الماضي جانباً مظلماً من مؤسستك أو مديرك، أو جعلك متعطشاً إلى شعور أعمق بالغاية في عملك. وربما أعدت التفكير في أهدافك المهنية بالكامل، وأصبحت لا تتضمن الذهاب إلى مقر الشركة 5 أيام في الأسبوع.
إذا كنت تفكر في ترك وظيفتك، ولكنك تخشى أن يؤدي ذلك إلى الإضرار بعلاقاتك أو السمعة الحسنة التي بنيتها أو عدم حصولك على رسائل توصية، فاعلم أنك لست وحدك. كشف استطلاع أجرته مايكروسوفت مؤخراً أن 54% من أبناء الجيل زد و41% من جميع الموظفين على مستوى العالم يفكرون في الاستقالة. ومع زيادة حدة التوترات تزامناً مع عودة الموظفين إلى بيئات العمل وجهاً لوجه، من الطبيعي الخوف من رد الفعل السلبي الذي قد يَنتج عن استقالتك.
على افتراض أنك فكرت في خياراتك ملياً وترى أنه لا سبيل للاستمرار في وظيفتك الحالية، فما يتبقى هو أن تتخذ هذه الخطوة. سيبدو اتخاذها أسهل بكثير إذا كانت هناك وظيفة أخرى في انتظارك، ولكن حتى إن لم تكن هناك وظيفة أخرى، فستكون بذلك قد حافظت على صحتك النفسية وسلامتك إذا اخترت المغادرة. وفي حين أنه لا يمكنك التحكم في رد فعل مديرك أو زملائك على قرارك، فإنه يمكنك التحكم في طريقة مغادرتك العمل للحد من العواقب غير المرغوب فيها.
لا تتأخر في إخبار مديرك بقرارك لأنك تشعر بالذنب
قد تميل إلى تأجيل الإعلان عن قرارك لأنك لا ترغب في زيادة التوتر في البيئة المُجهِدة بالفعل التي يعمل فيها فريقك. لكن هذا لن يكون في صالح أي شخص. وإذا وجدت أنه سيكون من الأفضل لك مواصلة العمل، فلن يؤدي تأخير الإعلان إلا إلى الإضرار بصحتك العقلية والنفسية.
يكمن الخطر هنا في أنك قد تبدأ الشعور بالذنب والبحث عن أسباب لبقائك في وظيفتك ووضع سيناريوهات تؤدي فيها "المثابرة لفترة أطول قليلاً" إلى تحسين وضعك. ولكن ما يرجح حدوثه هو تراكم الاستياء تجاه شركتك ومديرك وزملائك في العمل، لدرجة أن الآخرين سيشعرون به في النهاية. إذا تضاءلت دوافعك وتحول عقلك من التفكير في وظيفتك الحالية إلى التفكير في الوظيفة التي تتمنى الحصول عليها، فقد يتساءل مديرك وفريقك عن السبب وراء تشتتك وانخفاض طاقتك.
لذا، من الأفضل أن تكون صريحاً، إذ يفضّل معظم المدراء الحصول على إشعار بالاستقالة قبل مغادرتك بوقت كافٍ.
كن لطيفاً وحازماً، ولا تغضب أو تتردد
كشفت الأشهر الثمانية عشر الماضية بالتأكيد عن أفضل القادة والمؤسسات وأسوأهم، وربما كنت من هؤلاء الذين عانوا من الأسوأ، وأصبحت تشعر بالإنهاك والاستغلال وعدم التقدير. على افتراض أنك بذلت قصارى جهدك للتعبير عن احتياجاتك دون حدوث أي تغيير، في هذه الحالة يجب أن تحافظ على هدوئك وتتمالك نفسك بينما تبلغ مديرك بقرارك.
من المحبَّذ إجراء هذه المناقشة وجهاً لوجه، ولكن إذا لم يحدث ذلك، فحاول على الأقل إجراءها عبر الفيديو ليرى كل منكما وجه الآخر. ادخل في صلب الموضوع بقول شيء من قبيل: "وجدت بعد كثير من التفكير أن الوقت قد حان للانتقال إلى المرحلة التالية من حياتي المهنية. وهدفي من هذه المحادثة هو مناقشة كيفية جعل عملية الانتقال سلسة قدر الإمكان لكلينا".
قاوم رغبتك في التعبير عما تشعر به من غضب أو إحباط، لأن هذا سيشير إلى أنك قد تكون على استعداد لتغيير رأيك. عندما يرى المدراء أن مرؤوسيهم يعبرون عن مشاعر قوية، فإنهم يفترضون أنه لا يزال هناك ما يمكنهم "إصلاحه". ولكن السلوك الهادئ يشير إلى تصميمك على قرارك. في الوقت نفسه، تذكر أن تصرفك "بطريقة لطيفة" لا يعني أنك تحاول أن تجعل مديرك يشعر بشعور أفضل. إذا قلت شيئاً مثل "هذا قرار صعب حقاً" أو "سأفتقدكم يا رفاق"، فمن المحتمل أن يُفهَم أنك غير متيقن من قرارك. بدلاً من ذلك، كن هادئاً وحاسماً في تواصلك، ولا تدع أي مجال لإساءة تفسير كلامك.
استعد للتعامل مع المدير الذي يرى أنك خائن!
ينظر بعض المدراء إلى الاستقالة على أنها فعل يدل على الخيانة أو الغدر. إذا شعرت أن مديرك ينظر إلى مغادرتك على أنها خيانة، أو يرى أنك غير ممتن "للفرصة التي منحك إياها"، فهذا سبب إضافي للإصرار على موقفك. أوضِح أن السبب وراء مغادرتك يتعلق باحتياجاتك المتغيرة وأهدافك المهنية. وتجنب التلميح إلى أي شيء يشير إلى أن مديرك هو السبب في مغادرتك (حتى إن كان هو السبب فعلاً)، لأنك عندما تلقي اللوم على الشخص الذي تحاول التفاوض معه للمغادرة بطريقة جيدة، فأنت بذلك تعرض نفسك وعلاقتك معه للخطر. فآخر ما تريده هو خسارة رسالة توصية إيجابية، أو الأسوأ من ذلك أن تدفع مديرك إلى اتخاذ موقف هجومي أو قول أشياء غير لائقة عنك للتستر على أفعاله.
أفضل شيء يمكنك فعله هو التعبير عن تقديرك للفرصة التي مُنحت لك وما تعلمته خلال فترة عملك.
هذا مثال على كيفية الإعلان عن استقالتك بأسلوب لبق: بعد الجملة الافتتاحية المذكورة أعلاه، يمكنك قول: "أود أن أعبر عن امتناني لما أتاحته لي هذه الوظيفة من فرص وللزملاء الذين عملت معهم، لكني أرغب في ترك العمل بحلول [اذكر التاريخ]. فكيف يمكنني مساعدة الفريق في أثناء فترة الانتقال؟".
قد يتصرف مديرك ببرود أو يبدو مجروحاً أو منزعجاً، فحاول ألا تأخذ الأمر على محمل شخصي، لأن هذا أمر يتعلق به وليس بك. قد يطلب منك أيضاً البقاء لفترة أطول. في هذه الحالة، كن سخياً بقدر ما تستطيع لضمان الانتقال بطريقة منظمة، ولكن في الوقت نفسه حدد تاريخاً واضحاً لمغادرتك. إذا كنت ستنتقل إلى وظيفة أخرى، فقد تتمكن من التفاوض بشأن موعد بداية العمل مع مدير التوظيف. إذ غالباً ما يكون الأشخاص مرنين إذا وجدوا أنك تحاول مساعدة مَن ستغادرهم. وإذا لم تكن هناك وظيفة أخرى في انتظارك، فلا ضير في الاستفادة من دخلك بينما تبحث عن وظيفة جديدة، إذا كانت صحتك النفسية ستتحمل الاستمرار في وظيفتك لفترة.
لا تضع زملاءك في مأزق
قد لا تستطيع إنهاء بعض المهمات قبل مغادرتك. لذا، اعرض أن تفعل كل ما في وسعك للمساعدة في نقل الصلاحيات. إذا كنت قد قبلت وظيفة أخرى بالفعل، فذلك سبب وجيه آخر لأن تتفاوض مع شركتك الجديدة بشأن الحصول على فترة أطول من فترة الإشعار المعتادة التي تكون أسبوعين، إذ ستمنحك الفترة الأطول مزيداً من الوقت لنقل الصلاحيات تدريجياً وإنهاء أي مشاريع معلقة في شركتك الحالية.
خطِّط للطريقة التي ستتعامل بها مع الأمور المعلقة قبل إبلاغ مديرك بمغادرتك، إذا كان ذلك ممكناً. إذ يجب أن تجعل الانتقال سهلاً قدر الإمكان لهؤلاء الذين سيضطرون إلى إكمال العمل على مشاريعك بعد مغادرتك.
لا تحمّل نفسك مسؤولية تغيير مشاعر الآخرين
تجنب محاولة التعامل مع جميع ردود الأفعال تجاه مغادرتك. قد يكون مديرك غاضباً أو مجروحاً، وقد يشعر زملاؤك أنك تخليت عنهم، وقد يقولون تعليقات جارحة تُشعرك بالذنب. ولكن يمكنك التمسك بقرارك والتصرف بطريقة لطيفة في الوقت ذاته. إذا كان رد فعل شخص ما تجاه الأخبار التي شاركتها سلبياً، فقل شيئاً من قبيل: "أتفهم سبب استيائك، ويؤسفني أنك تشعر بذلك، لكني آمل أن تتفهم أنني بحاجة إلى القيام بما هو مناسب لي".
قد يغير بعض زملائك رأيهم في النهاية، وقد يتمسك بعضهم بموقفه. ودائماً سيكون هناك أشخاص غاضبون لأنهم يحسدونك ويتمنون أن يغادروا بعدك مباشرة.
تصرف بلطف مع الجميع وتفهَّم مشاعرهم بغض النظر عن الطريقة التي يعاملونك بها، لأنك إذا عاملتهم بالمثل واستهنت بمشاعرهم، فإن هذا لن يؤدي إلا إلى زيادة خطر المغادرة في وجود خلافات.
تذكر أن سمعتك لا تُبنى على قرار واحد
قد يؤدي نفور الآخرين منك إلى خوفك من إلحاق ضرر دائم بسمعتك، خاصة إذا كان هذا النفور مصحوباً بتهديدات ضمنية بعدم إعطائك رسالة توصية أو تلميحات إلى أن مغادرتك ستشوه سمعتك. لكن أي مدير مستقبلي جدير بالعمل معه لن يبني قراره بتوظيفك على القيل والقال.
تُبنى سمعتك كموظف من مجموع الإسهامات والقرارات التي اتخذتها على مدار حياتك المهنية. يختار الأشخاص ترك وظائفهم طوال الوقت لأسباب عديدة، وقد أصبح هذا شائعاً هذه الأيام. إذا كنت قد فكرت في القرار ملياً وتؤمن أن هذا هو المناسب لك، فتمسّك به.
من المهارات التي تدوم مدى الحياة والتي ستحتاج إلى تعلمها خلال حياتك المهنية هي الاعتناء بنفسك أولاً والانتباه عندما تجد نفسك في بيئات لا تسمح لك بأن تكون في أفضل حالاتك. لم تمتلك أجيال عديدة قبلك الشجاعة للاستقالة والمغادرة، فاستسلموا وظلوا في وظائف جعلت حياتهم مزرية لسنوات. فلا تدع النفور المؤقت الذي ستلاقيه عند مغادرتك يثنيك عن إيجاد البيئة التي تريد العمل فيها.