ما المشكلة في أن نقول “حصل خير”؟

4 دقائق
التحدث بصراحة

ملخص: من الطبيعي عندما يزعجك شخص ما أو يسيء إليك أن تقول: حصل خير، وأن تفترض أن الشخص الآخر لديه نية طيبة. لكن هذه العبارة تُستخدم عادة لتجنب النزاع، والأفضل أن تكون إشارة إلى أن عليك اتخاذ إجراء تصحيحي. وعلى الرغم من أن التحدث بصراحة قد يكون صعباً، إلا أنه الطريقة الوحيدة لحل المشكلة حقاً. ويتمثّل الحل الأفضل في تحديد موعد للتحدث مع الطرف المسيء أو طلب التحدث معه على انفراد. دَع بعض الوقت يمر حتى لا تكون محكوماً بعواطفك، وحتى تجمع المعلومات التي تحتاجها. ويُعتبر الاستفسار الصادق طريقة مهذبة لتحديد ما إذا كانت المشكلة جدية بالفعل وتتوافق هذه الطريقة تماماً مع فكرة افتراض النية الطيبة.

ماذا تفعل عندما يخيّب زميلك ظنك بتفويته موعد التسليم، أو عندما يدلي مديرك بتعليق غير لائق حول مظهرك، أو عندما يقدم عميل ما طلباً غير معقول لفريقك؟ صحيح أنك تشعر بالاستياء أو الغضب مما حدث في كل حالة، وهي استجابة طبيعية لانتهاك ما اتفقتم عليه، لكن بدلاً من أن تُفصح عما أزعجك أو تتخذ إجراءً ما، تقول لنفسك: “حصل خير”. ثم يكرر الشخص فعلته مرة ثانية و​​ثالثة و​​رابعة ويتركك تشعر بالحيرة والغضب.

إن هذه الحلقات المفرغة متوقعة للغاية للأسف، خاصة إذا كنت شخصاً تنفر من النزاع بطبيعتك. من الجيد أن تفترض عادة أن الشخص الآخر لديه نية طيبة، لكن أن تقول لنفسك: “حصل خير” (لاعتقادك أن “نواياه حسنة”) هو تشويه معرفي يخدم الغرض قصير المدى المتمثل في تجنب محادثة أو إجراء صعب، لكنه يقودك لمشكلات أكبر في النهاية.

لنتأمل حالة لمى؛ على الرغم من أنها شعرت بعدم الاحترام من قبل مديرها الذي بدا وكأنه يتجاهل أفكارها ومساهماتها، بقيت تقول لنفسها أنه لا يقصد أي إساءة وأنه كان مشغولاً جداً لدرجة جعلته لا ينتبه لها. لكن سلوك المدير تكرر واستمر، وبدأت لمى تشعر أن تصرف مديرها يعيق فرصتها في ترقيتها وزيادة راتبها. وعلى الرغم من أنها لم تقل أي شيء، كان من الواضح أن سلوك مديرها مثّل مشكلة كبيرة صارت تتسبب في غضبها وتزايد شكواها لزملائها. إلى أن لاحظها مديرها في النهاية، لكن للأسف لم يلاحظ اجتهادها بل لاحظ تعاملها السلبي وتدهور أدائها.

والمشكلة باختصار: عندما لا تعالج مشكلة ما في وقت مبكر، ستزداد فرصة أن تتولد لديك طاقة عاطفية سلبية وأن تصبح منزعجاً لدرجة أنك تواجه صعوبة في النهاية في أن تعمل في نفس الغرفة مع شخص “أساء إليك”، أو حتى أن تثق به أو أن تشعر بالرضا عنه. والأسوأ من ذلك، هو أنك قد تنفجر في لحظة ما، وتزيد ردودك السلبية من حدة الموقف.

تأمّل مثال مجد وماهر اللذين عملا معاً على إعداد تقارير بحثية داخلية مختلفة لدعم عملية اتخاذ القرارات العليا في شركتهم. يحبّ مجد إنجاز مهامه قبل المواعيد النهائية لأنه شعر أن إعطاء زملائه متسعاً من الوقت لمراجعة عمله وتحسينه هو نوع من الاحترام. في المقابل، اعتاد ماهر دائماً تقديم عمله في اللحظة الأخيرة، وهو ما جعل من المستحيل على الآخرين الاستفادة من مساهماته. أعطى مجد إشارات خفية إلى ماهر بأنه يرغب في إنجاز المهام بسرعة على أمل أن يفهم ماهر تلك النقطة، لكن دون جدوى. وبعد أن وبّخ المدير أعضاء الفريق على الأخطاء التي كان مجد يعلم أنه قادر على اكتشافها بسهولة لو كان لديه الوقت الكافي للمراجعة، باغت مجد ماهر في القاعة بعد الاجتماع وصبّ جامّ غضبه عليه، واصفاً إياه بالأناني وغير المهني وصفات أخرى. وتمثّل رد فعل ماهر في أن وصف مجد بأنه شخص صارم وطلب منه أن يعتاد على أسلوبه لأنه لن يغيره مطلقاً؛ ثم خرج متذمراً.

هذا ما عليك فعله لتجنب ذلك:

1- اعتبر عبارة “حصل خير” تنبيهاً لك إلى ضرورة اتخاذ إجراء تصحيحي:

تحقق من صحة هذه الفرضية: أنت تقول لنفسك “حصل خير” في كل مرة يُثير فيها شيء ما استجابة عاطفية سلبية فيك. إذا كنت تؤيد تلك الفرضية، فذلك يعني أنك تستخدم عبارة “حصل خير” لتجنب ما قاد إلى تلك المشاعر بدلاً من معالجتها. وهذا هو السبب الذي يجعل تلك المشاعر تظهر مجدداً وبقوة أكبر في كل مرة متتالية.

لذلك، عندما تجد نفسك تلجأ إلى قول “حصل خير”، اعتبر ذلك إشارة لقول شيء ما. وكما بيّنت في كتابي “اختيار الشجاعة” (Choosing Courage)، على الرغم من أن التحدث بصراحة قد يكون صعباً، يُعتبر الطريقة الوحيدة لحل المشكلة حقاً.

قد لا تكون المشكلة جدية تماماً؛ لكن في حال كانت المشكلة جدية بالفعل، فيمكن لمحادثة هادئة حلها. وبالمثل، إذا لم يكن الشخص سيئاً، فقد يُفيد وصف السلوك الذي يزعجك بعبارات مهذبة في جعله يعالج ذلك السلوك دون انزعاج. بشكل عام، يمتلك الأشخاص ذوو النوايا الحسنة الذين ارتكبوا أخطاءً صغيرة القدرة على الإصغاء دون إبداء أي رد فعل سلبي.

2- اتخذ إجراءً ما، لكن دون مباغتة:

من المرجح أن تُبدي رد فعل غير منضبط يوماً ما عندما تسمح للمشكلات بالتراكم. لذلك، عندما يقول زميلك شيئاً مزعجاً في اجتماع ما، فخصص بعض الوقت للتحدث بصراحة عما أزعجك أو افتح معه الموضوع بحذر بعد مرور بعض الوقت. ويمكنك بتلك الطريقة أن تمنح نفسك فرصة للانفصال عن ردود فعلك العاطفية الأولية والتفكير ملياً فيما تود قوله وكيفية قوله.

3- الجأ إلى فتح حوار وليس إلى المواجهة:

عندما تتعامل مع موقف ما في وقت مبكر، قبل أن تصل مشاعرك إلى درجة الغليان، ستتمكن من استخدام استراتيجيات أقل حدة لمعالجة ما يدور في ذهنك.

على سبيل المثال، من المرجح عندما تكون هادئاً ومتماسكاً أن تصف السلوك السيئ للشخص (“لقد قلت كذا وكذا”) دون اتهامه (“يقول أشخاص مثلك دائماً كذا وكذا”). من المرجح أيضاً أن تشعر بالراحة بقولك (“أتساءل عما إذا كان بإمكاننا التحدث عن هذا الموضوع”) بدلاً من تأكيد استنتاجك (“لقد سئمت وتعبت من تصرفك هذا”). ومن المرجح أن تطرح أسئلة تسمح لك بفهم الأمور من منظوره حتى يشعر بأن صوته مسموع بدلاً من أن يكون عرضة للانتقاد.

ويُعتبر الاستفسار الصادق طريقة مهذبة لتحديد ما إذا كانت المشكلة جدية بالفعل وتتوافق تماماً مع فكرة افتراض النية الإيجابية. على سبيل المثال، حاول قول: “هل يمكنك مساعدتي في فهم سبب تصرفك ذلك؟” أو “هل يمكنك مشاركة البيانات أو الأسباب التي دفعتك إلى ممارسة ذلك التصرف معي؟”

بشكل عام، إن كنت تفترض وجود نوايا إيجابية، فيجب أن تؤكد إجابات الشخص عن أسئلتك الصادقة على نواياه الإيجابية تماماً. لكن إن لم تؤكد إجاباته على نواياه، فأنت تعلم أن الاستمرار في افتراض النية الإيجابية هو أمر خاطئ وعذر لعدم اتخاذك أي إجراء.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .