تثقيفك في القضايا الاجتماعية ليس من وظيفة زملائك في العمل

4 دقائق

تخيل معي هذا السيناريو: أنت تشارك في حديث عفوي في المكتب، وتتحدث إحدى الموظفات عن مقالة إخبارية جديدة قرأتها صباحاً عن قانون جديد في الولاية المجاورة، وتعبر عن استيائها من الخبر، وأنها تتمنى لو لم يبدأ يومها به. فتقول أنت: مهلاً، لماذا يعتبر هذا القانون أمراً سيئاً؟" فتتبادل الموظفة مع صديقتها نظرة حادة وتقول لك: "ابحث عنه في جوجل!". وتغير الموضوع، وتعود إلى مكتبها بعد عدة دقائق.

أصبح مزاج الموظفة الآن سيئاً، وأنت تشعر بحيرة وألم من الموقف الذي تعرضت له. كل ما أردته هو أن تعرف، ما الذي حدث؟

مثل هذه المواقف قد تفاجئ أيّ إنسان، حتى القادة والمدراء ذوي النيات الحسنة، وقد رأيت من خلال عملي كمستشارة مع الشركات، سواء كانت ناشئة أو من شركات المدرجة على قائمة "فورتشن 100"، كثيراً من القادة الذين يدعمون مبادرات التنوع والاندماج في شركاتهم، ولكنهم يرتبكون عندما يتعلق الأمر بإجراء حوارات بناءة مع الزملاء بشأن وحشية الشرطة أو التحرش أو القضايا الاجتماعية. فهم يريدون الحصول على المعرفة التي يملكها الطرف الآخر بشأن القضايا الاجتماعية والهويات والأعراق والقدرات والعلاقات الاجتماعية بين الجنسين، وهم لا يمتلكونها. فيشعرون بشيء من الحيرة والارتباك عندما يبدو لهم أن الموظفين الآخرين لا يرغبون في مشاركة هذه المعارف معهم.

يخرج القادة الذين أعمل معهم من المحادثات التي تشبه الموقف السابق بافتراض أن موظفيهم لا يحبونهم، أو أنهم لا يرغبون في مشاركة المعلومات معهم، أو أنهم غير قادرين على إجراء نقاش حضاري. ولكن جميع هذه الافتراضات خاطئة.

وعندما يقول موظف لمديره: "ابحث عن الأمر في جوجل" أو "ابحث عن الأمر" أو "ثقف نفسك بنفسك"، يتضمن قوله هذا شيئين في الواقع. أولهما، أنّ المناقشة الشاملة والعميقة للموضوع تتطلب أن يكون لدى المدير خلفية من المعارف تتعدى ما يفترض أنهم يملكونه. والثاني هو أنه في هذه اللحظة تحديداً لا يرغب الموظف القيام بعمل إضافي لتثقيف أحد. ليس على الأقليات والنساء تحمل مسؤولية تثقيف أحد بشأن العدالة الاجتماعية عند الطلب ودون مقابل، فهذا عملنا الذي نقوم به في وظيفتنا كمستشارين بدوام كامل.

ولكن، أين يجد القادة والمدراء ذوو النيّات الحسنة المعارف التي يحتاجون إليها في هذه الأمور؟

أولاً، قم بواجبك وأجرِ البحث اللازم

لا يعتبر البحث في الإنترنت عن معلومات بشأن القضايا الاجتماعية المعقدة عملية جمع للمعلومات بقدر ما هي عملية تصنيف وفرز لها. إذ يشكل فرز كمية المعلومات الهائلة التي تتعلق بقضية العنصرية - مثلاً- تحدياً صعباً، حتى بالنسبة لخبراء التنوع والاندماج، فما بالك بشخص مبتدئ؟ سيكون الأمر مربكاً له تماماً. ومن باب المساعدة، سأقدم طريقتين أتبعهما في عملية التثقيف الذاتي التي أقوم بها بنفسي، وهما كالتالي:

حدد ما تبحث عنه. سل نفسك عما تسعى إلى معرفته، وكيف تحاول معرفته. خذ قضايا بعض القضايا الاجتماعية على سبيل المثال، ابحث عن محادثات تيد (TED Talks) والوسائط المشابهة من أجل الحصول على قصص شخصية وأفكار كبيرة قابلة للفهم. ابحث عن مبادرات سرد القصص التي تقيمها المنظمات الرائدة غير الربحية، ومراجعات القضايا والمواد التثقيفية الأساسية التي تتحدث عن ألف باء القضية. ابحث عن مقالات في المجلات الأكاديمية والدراسات الاستقصائية القائمة على الاستبانات المسحية ومخازن المعلومات الحيادية مثل مركز بيو للأبحاث (Pew Research Center) من أجل العثور على بيانات كمية ونوعية عن الموضوع. استعن دائماً بالمصادر النابعة من المجتمع الذي تجري البحث عنه، والمصادر الأكاديمية التي تتمتع بالشفافية بشأن أساليبها ومنهجيتها في البحث، وتجنب المصادر التي تتضمن أشخاصاً يتحدثون عن مجتمعات لا ينتمون إليها والمصادر التي تعتمد على منهجيات ناقصة أو متحيزة.

ابحث عن محتوى دقيق تم تجميعه على أيدي خبراء في المجال. وإذا كنت بحاجة إلى إرشاد أكبر فيما يخص المحتوى الذي تسعى إلى جمعه، أجرِ بحثاً عن "لوائح الكتب" و"التوجيهات الإرشادية" التي وضعها خبراء في الموضوع الذي تفكر به. ابحث - مثلاً- عن "قوائم القراءة" التي جمعتها الرابطة الأميركية لعلوم الإنسان (American Anthropological Association) فيما يخص موضوع الأعراق، أو ما قدّمه مركز الدراسات الأفريقية في جامعة بوسطن فيما يخص موضوع الاستعمار، أو مجموعة سسترز أوف فريدا (Sisters of Frida) فيما يخص الإعاقات متعددة الجوانب. وكذلك الأمر، يمكنك البحث في شبكة الإنترنت عن حلقات دراسية ودروس وورشات عمل تعليمية حول الموضوع الذي تهتم به. وعلى الرغم من أنّ المصادر المصممة خصّيصاً لأنصار القضية قد لا تكون متاحة بيسر، يمكنك البدء من موارد بسيطة مما توفره هذه المصادر. وخير مثال على ذلك ما نشره موقع فراكتشرد أتلاس (Fractured Atlas) حول "المصادر المخصصة للتعلم عن الأعراق والقوميات والتحدث عنهما".

تعلم باحترام

لا يعني قيامك بالبحث أن تعود إلى زملائك لدعم ما تعلمته، إلا أنك قد تحتاج إلى المساعدة في تعميق فهمك أكثر. وفيما يلي بعض الطرق التي تمكّنك من طلب المساعدة بأسلوب محترم:

اطلب المساعدة ممن يعمل في التعليم. ليس بالضرورة أن يكون كل فرد من إحدى فئات الأقليات ذات التمثيل الضعيف معلماً خبيراً. وجه سؤالك إلى شخص ليس - فقط - يمتلك الخبرة في الموضوع، بل يمكن أن يكون قد أجاب عن هذا السؤال من قبل ويمكنه أن يجيب عنه ثانية، ويشمل ذلك المربين، وميسري ورشات العمل، ومنسقي التواصل لدى المؤسسات المدافعة عن قضايا معينة، إضافة إلى المستشارين.

تعلم وفقاً لجدول مواعيد الآخرين. قد يكون هناك بعض النساء أو الأفراد من الأقليات ضمن شركتك ممن يرغبون في مساعدتك على التعلم، إذ يعرف كثير منهم قدراً لا بأس به عن القضايا الاجتماعية، وسيسعدون بمشاركة ما يعرفونه معك بطريقتهم الخاصة. فإذا شاركتك امرأة بصورة غير رسمية بعض المعلومات عن الأمومة، أو تحدث إليك شخص لاتيني عن قصة عيد يوم الموتى التاريخية، أو أخبرك شخص ذو دخل منخفض عن تجربته مع البطاقات التموينية، فأصغ جيّداً. لأن من يقوم بذلك يكون واثقاً أنك ستعي ما يقوله، ويمكن لأسئلة بأسلوب محترم مثل: "كيف كان الأمر؟" أو "لماذا تجري الأمور هكذا؟" أن تعمق المحادثة وتجعلها لحظات تعلم قيمة ومؤثرة بالنسبة لك ولكل من يشارك فيها. تذكر أن هذه اللحظات يقدمها أفراد الأقليات والنساء، ويجب ألا تحاول الضغط للحصول عليها.

ويمكن أن تمتد هذه الأساليب إلى اللحظات التعليمية ذات الصبغة الأكثر رسمية. فقد يكون لدى مؤسستك مجموعات موارد الموظفين التي تقدم فرص تعلم، من خلال استضافة متحدثين ومبادرات سرد القصص والتعليم الداخلي، وغيرها من الفعاليات التي تفتح النوافذ على خبرات الآخرين وتجاربهم. لا تتجاهل هذه الموارد، فعلى الأرجح أنّ مؤسستك تقيم فعلاً فعاليات قادرة على تثقيفك فيما ترغب بمعرفته، وكلّ ما يجب عليك فعله هو تخصيص وقت لها في جدول أعمالك.

عليك بناء الفرص لمزيد من التعليم

قد ترغب في مزيد من المعلومات بعد تنفيذ كل ما تحدثنا عنه، فإذا كان يهمك تلقي مزيد من الإرشاد والآراء والتثقيف بصورة فورية حول قضايا العدالة الاجتماعية، اغتنم نفوذك وسلطتك في المؤسسة من أجل دعم المبادرات التي يمكن أن تتيح مزيداً من فرص التعلم. يمكنك، على سبيل المثال، أن تفعل ما بوسعك لزيادة تمويل مجموعات موارد الموظفين من أجل تطوير مزيد من المحتوى تحديداً. واحرص على حصول المشاريع الجانبية، كالعمل على التثقيف بشأن التنوع والاندماج، على التقدير علناً وفي مراجعات الأداء. ومارس الضغط من أجل تعيين رئيس تنفيذي للتنوع، وتعيين موظفين في مناصب التنوع والاندماج الأخرى. استعن بمستشارين خارجيين من أجل بناء منهاج تثقيفي أو برنامج تدريب. اجعل من التعلم بشأن قضايا العدالة الاجتماعية مسؤولية مؤسساتية تحملها المؤسسة بأكملها، لا مجرد مسؤولية فردية. فهذه الثقافة هي نقطة البداية لأهم المبادرات الناجحة فيما يخص التنوع والاندماج في المؤسسات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي