جدل جديد حول التأمين الصحي في أميركا

3 دقائق

ينمو اقتصاد العمل الحر يوماً بعد يوم، وأصبح شائعاً بشكل عام. ومع ذلك، فإن مستقبل سياسة العمل الرئيسية التي تدعمه غير مؤكد، وهو قانون الرعاية الصحية بأسعار معقولة (ACA)، والمعروف باسم "أوباما كير" (Obamacare)، والمطبق في الولايات المتحدة الأميركية.

يُعتبر قانون الرعاية بأسعار معقولة "أوباما كير" أمراً بالغ الأهمية لاستمرار نمو اقتصاد العمل الحر، لأنه يفصل بين القدرة على الحصول على التأمين الصحي والحاجة إلى شغل وظيفة تقليدية بدوام كامل، فهو يمنح العمال المستقلين كلهم وسيلة للحصول على تغطية التأمين الصحي دون الاعتماد على صاحب العمل، بمن فيهم الخبراء الاستشاريون، والمقاولون، والموظفون المستقلون، والعاملون بدوام جزئي، والعاملون عند الطلب. تعمل اليوم نسبة 20 إلى 40% من القوى العاملة بشكل مستقل، ومن المتوقع أن تزداد.

إن إلغاء قانون "أوباما كير" دون بديل مشابه سيعيد أميركا إلى الأيام التي كان فيها الحصول على تأمين صحي يعني في الأساس العمل في وظيفة تقليدية لدى صاحب عمل واحد، وتردّد الموظفين في الإضراب بمفردهم خوفاً من فقدان تأمينهم. كما سيُترك للعمال المستقلين خيارات التأمين الصحي المحدودة التي واجهتهم قبل سنوات، والمتمثّلة في شراء خطة صحية خاصة باهظة الثمن لا تغطي الحالات المرضية المسجلة، مع تحديد سقف أعلى لدفعات الفوائد القصوى، فضلاً عن إمكانية إلغاء التأمين حتى بعد إصابة المُنتسب، أو البحث عن وظائف نادرة بشكل متزايد في الشركات التي تُحجم أكثر فأكثر عن توظيف موظفين بدوام كامل.

إن مطالبة العمال بالحصول على وظيفة بدوام كامل من أجل الحصول على تأمين صحي لا معنى لها في الاقتصاد الحيوي اليوم. لأن الشركات قد تفشل عند تأسيسها أو تندمج أو تُسرح العمال وتقلّص عددهم بانتظام وبشكل متكرر، وبالتالي، لا يمكن الاعتماد عليها من أجل توفير مستمر وثابت لمزايا الموظفين المهمة. يتراوح متوسط فترة العمل في الوظيفة الآن بين 3 إلى 5 سنوات، بالنسبة لموظف في منتصف حياته المهنية، والمدة أقل من ذلك حتى بالنسبة لأولئك الذين بدؤوا حياتهم العملية للتو. لم تكن الحاجة إلى تأمين صحي سهل المنال ويمكن الاستفادة منه في أي مكان أعلى من أي وقت مضى.

أتاح إقرار قانون "أوباما كير" المرونة والاختيار للقوى العاملة المستقلة، لأنه يمنح الجميع فرصة الحصول على تأمين صحي بغض النظر عن كيفية عملهم أو ومقداره أو حتى مكانه. وتتغلب خطط التأمين الصحي المقدمة من خلال قانون "أوباما كير" على قيود خطط السوق الخاصة، فهي تغطي الحالات المرضية المسجلة، كما أنها مسألة مضمونة مع عدم وجود حد أقصى للعمر، فضلاً عن تقديم إعانات خاصة بالأقساط والخصومات والسداد التشاركي للعمال ذوي الدخل الأقل من العتبات المحددة.

لا يزال قانون "أوباما كير" بطبيعة الحال، بعيداً عن الكمال تماماً مثل نظام التأمين الصحي القائم على صاحب العمل. في نظامنا القائم على صاحب العمل، يختلف سعر الخطط الصحية واختيارها بشكل كبير حسب صاحب العمل. فيميل موظفو الشركات الكبرى إلى اختيار الخيارات الأكبر والأقل تكلفة، في حين أن العكس هو ما يحدث بشكل عام بالنسبة لموظفي الشركات الصغيرة. أما بموجب قانون "أوباما كير"، فتختلف الأسعار واختيار الخطط حسب الموقع الجغرافي. وتقدم بعض الأسواق، مثل بوسطن، مجموعة متنوعة من الخطط والتغطية ونقاط الأسعار، بينما تقدم أسواق أخرى، مثل أسبن وكولورادو خيارات أقل وأسعار أعلى.

لا يزال استقرار التغطية واستمرارها بعيد المنال في ظل النظامين، لأنه كثيراً ما يغير أصحاب العمل الخطط التي يقدمونها من سنة إلى أخرى، ويزيدون من نسبة الأقساط المفروضة على الموظفين لخفض التكاليف. أما بموجب قانون "أوباما كير"، يمكن لشركات التأمين زيادة الأسعار أو الانسحاب من المشاركة.

يواجه العمال في اقتصاد العمل الحر بالفعل تحدي العمل في سوق يُعاقب بشكل أساسي أي شخص ليس موظفاً بدوام كامل. فيدفع العمال المستقلون ضرائب أعلى بوصفهم أصحاب عمل وموظفين، ويحصلون على حقوق وحماية أقل من الموظفين، كما يجب عليهم شراء مزاياهم كلها بأسعار أعلى في السوق الخاص.

إذا كنا بصدد تصميم سوق العمل من الصفر اليوم، فلن نخلق بالتأكيد سوقاً يدعم شريحة واحدة فقط من القوى العاملة ويعاقب الجميع. بل سوف نقرّ سياسات العمل التي تدعم الجميع. إن قانون "أوباما كير" في حد ذاته أبعد ما يكون عن تحقيق هذا المثل الأعلى، ولكن أي سياسة تدعم جميع العمال، وتدعم المزيد من خيارات العمال، هي سياسة تستحق المثابرة والتحسين، لأن نمو اقتصاد العمل الحر يعتمد على ذلك.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي