ملخص: في عام 2024، فازت التأمينات الاجتماعية بالمركز الأول بين 235 جهة حكومية يشملها مؤشر قياس التحول الرقمي. يسلط هذا المقال الضوء على استراتيجية التأمينات الاجتماعية للتحول الرقمي التي قامت على تقديم 4 خدمات مميّزة:
1. الزيارة الافتراضية: أطلقت التأمينات الاجتماعية هذه الخدمة في أغسطس/آب 2022، ووفرتها باللغتين العربية والإنجليزية ولغة الإشارة.
2. منصة البيانات المفتوحة: اعتمدت التأمينات الاجتماعية هذه التكنولوجيا في منصتها للبيانات المفتوحة التي أطلقتها في أكتوبر/تشرين الأول 2024، بهدف توفير تجربة سلسة للاقتصاديين والباحثين وأصحاب الأعمال والمواطنين
3. خدمة الإنسان الرقمي "أمين": أطلقت التأمينات الاجتماعية خدمة الإنسان الرقمي "أمين" للرد على العملاء على مدار الساعة وفق أحدث تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي
4. تطبيق التأمينات (GOSI): حرصت التأمينات الاجتماعية على إطلاق تطبيق "غوسي" (GOSI) الشامل في أكتوبر/تشرين الأول 2024، لتقديم تجربة سلسة للمستخدمين.
يشهد العالم تطوراً تكنولوجياً سريعاً، وكانت المملكة العربية السعودية سبّاقة في تسريع تبني التحول الرقمي في مؤسساتها الحكومية، وحرصت على تمكين هذه المؤسسات من إعادة تحديد جوهر واجباتها عبر رقمنة جميع الخدمات الحكومية بما يحسّن من كفاءة أعمالها ويتيح الوصول إليها بسهولة لتوفير الوقت، وأصبح التحول الرقمي للحكومة السعودية استراتيجية متكاملة وحاسمة لتحقيق تطلعاتها لرؤية 2030 المتعلقة بوجود المملكة بين أفضل 10 حكومات رقمية عالمياً.
وتعمل هيئة الحكومة الرقمية على تشجيع تبنّي التحول الرقمي ومواكبة أحدث التطورات التكنولوجية، لذلك تطلق مؤشر قياس التحول الرقمي سنوياً، بهدف رفع مستويات التزام الجهات الحكومية بالتحول الرقمي وتحسين أدائها والارتقاء بجودة خدماتها بما يعزز مكانة المملكة دولياً. وفي عام 2024، فازت التأمينات الاجتماعية بالمركز الأول بين 235 جهة حكومية يشملها هذا المؤشر، بفضل تطور بنيتها التحتية الرقمية، وتبنيها الابتكار و الذكاء الاصطناعي التوليدي لتطوير خدماتها ومنتجاتها الإلكترونية، ما أسهم في إنجاز 99% من المعاملات الفورية دون تدخل بشري، كما بلغ إجمالي عدد المعاملات الرقمية المنجزة خلال عام 2024 أكثر من 152 مليون معاملة.
يستند هذا المؤشر إلى منهجية محددة لمعرفة الوضع الحالي للجهات الحكومية ومتابعة تطور رحلتها في التحول الرقمي وفق أفضل الممارسات والمعايير التي تسهم في تحقيق مستهدفات رؤية 2030. واعتمدت هذه المنهجية على دراسة معايير مؤشر قياس عام 2023 وتحليلها، ونتيجة لذلك أصبح مؤشر عام 2024 يشمل 23 محوراً، و96 معياراً، و10 مناظير تخضع لها المؤسسات المشاركة في المؤشر.
وبعد تحليل هذه المحاور والمعايير والمناظير، توصل المؤشر إلى أن نسبة التزام التأمينات الاجتماعية بالتحول الرقمي بلغت 95% في 2024، وهي أعلى نسبة التزام في تاريخه، بعد أن كانت في المركز السادس عام 2023 بنسبة 92.38%. ووصلت التأمينات الاجتماعية إلى مرحلة الإبداع التي تتصدر 5 مراحل رئيسية ضمن المؤشر هي البناء والإتاحة والتحسين والتكامل والإبداع. ويؤكد هذا المؤشر الأسس المحورية التي تضعها السعودية نصب عينيها لتسريع التحول الرقمي داخل مؤسساتها الحكومية، ومتابعتها باستمرار لتقييم الوضع الحالي ومقارنته بما مضى واللحاق بأهم التطورات لدعم الأهداف التي تنشدها مستقبلاً.
أسس جوهرية للتحول الرقمي في السعودية
كانت الرقمنة أول وسيلة للمضي قدماً نحو رحلة التحول الرقمي ودعم الابتكار والاستثمار في التكنولوجيات الحديثة ضمن المؤسسات الحكومية السعودية، واستطاعت هذه المؤسسات ترجمة التزامها بتبني أحدث الحلول الرقمية إلى نجاح انعكس على جودة خدماتها المقدمة للمستفيدين، ما عزز نضج تجربة السعودية في هذا المجال وسرّع وصولها إلى مستهدفاتها في وقت قياسي، وأصبحت مرجعاً تحتذي به الدول في ممارسات الحكومة الإلكترونية، حيث حلّت في المركز السادس عالمياً في مؤشر الأمم المتحدة لتطور الحكومة الإلكترونية لعام 2024.
ووفقاً لاستراتيجية الحكومة الرقمية 2023-2030، فإن السعودية تسعى إلى تقديم خدمات حكومية عالمية المستوى من خلال دمج التكنولوجيا الرقمية في العمليات وصنع القرار، ووضعت 6 ركائز لضمان التحول الرقمي بنجاح من خلال مراعاة رضا المواطن وإضافة الطابع الشخصي على الخدمات الرقمية، وتمكين الأعمال، وتوجيه الاستثمارات الحكومية لزيادة مشاركة القطاع الخاص وتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر، بالإضافة إلى إنشاء منظومة للهوية الرقمية وإطار تنظيمي رقمي قابل للتكيف.
وسرّعت المملكة من عملية التحول الرقمي عبر العمل من كثب مع الجهات الحكومية، فعلى سبيل المثال حرصت التأمينات الاجتماعية على إدراج أحدث التكنولوجيات في خدماتها لتحسين تجربة العملاء وتعزيز الكفاءة والشفافية، وقد مكّن ذلك التأمينات من بناء شراكات ناجحة مع الجهات الحكومية عبر قنوات التكامل والربط الإلكتروني، إذ بلغ عدد الجهات التي تكاملت معها التأمينات أكثر من 170 جهة، وسجّل عدد الخدمات التكاملية 244 خدمة، ووصل عدد عمليات الاستعلام عبر قنوات التكامل إلى أكثر من 1.7 مليار عملية في 2024.
وازداد وعي المؤسسات السعودية بأهمية التحول الرقمي لتحسين جودة الحياة وتعزيز أداء الأعمال وتطوير البنية التحتية الرقمية وإضافة ميزات تنافسية مستدامة تعتمد على التكنولوجيا، فقد أظهر استطلاع أجرته شركة يوغوف (YouGov) لأبحاث السوق، بتكليف من شركة إس أيه بي (SAP) المتخصصة في برمجيات تطبيقات المؤسسات، أن 87% من المؤسسات السعودية تدرك قيمة التحول الرقمي في تحقيق أهدافها.
استراتيجية التأمينات الاجتماعية للتحول الرقمي
يظل نموذج التأمينات الاجتماعية ملهماً فيما يتعلق بالتحول الرقمي، إذ شهد العديد من التحولات الاستراتيجية حتى أصبح بيئة حيوية تشجع على النمو والتطور المستدام، إذ تسعى التأمينات الاجتماعية إلى تعزيز دورها في مجال الحماية التأمينية والضمان الاجتماعي، وتقديم خدماتها إلى جميع موظفي الدولة المدنيين والعسكريين والعاملين في القطاعين العام والخاص.
ومع تطويع التكنولوجيا لصالح المستفيدين من التأمينات الاجتماعية وفقاً لاستراتيجيتها 2023-2025 الهادفة إلى تحقيق الاستدامة المالية وتحقيق الريادة في الخدمات الرقمية، يسير التحول الرقمي في التأمينات الاجتماعية بخطوات متسارعة، إذ تقدم التأمينات خدماتها لأكثر من 14 مليون عميل ما بين مواطن ومقيم، وهي أول جهة حكومية بالمملكة تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي الداخلي في تطوير منتجاتها الرقمية، ومن أبرز خدماتها:
1. الزيارة الافتراضية
تتيح الزيارات الافتراضية سهولة التواصل وتعزز كفاءة الخدمات، لذلك أطلقت التأمينات الاجتماعية هذه الخدمة في أغسطس/آب 2022، ووفرتها باللغتين العربية والإنجليزية ولغة الإشارة، ومكّنت العملاء من مشاركة الشاشة ورفع المستندات المطلوبة مباشرة في أثناء المحادثة مع الموظف المختص، ووصل إجمالي الزيارات الافتراضية خلال 2024 إلى أكثر من 691 ألف زيارة، كما بلغت نسبة رضا العملاء المستفيدين من الخدمة 93%.
2. منصة البيانات المفتوحة
يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات بدقة عالية، ما يقلل الأخطاء ويضمن رؤى أكثر موثوقية. لذلك اعتمدت التأمينات الاجتماعية هذه التكنولوجيا في منصتها للبيانات المفتوحة التي أطلقتها في أكتوبر/تشرين الأول 2024، بهدف توفير تجربة سلسة للاقتصاديين والباحثين وأصحاب الأعمال والمواطنين لاستعراض البيانات المفتوحة للتأمينات الاجتماعية والإحصاءات بطريقة تصويرية تفاعلية مدعومة بالرسوم البيانية. وتتيح أيضاً خدمة "المساعد الافتراضي" التفاعلي المدعوم بالذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات والإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالبيانات المفتوحة، مع دعم الإجابات بالرسوم البيانية وإمكانية تنزيلها أو مشاركتها بصيغ مختلفة.
3. خدمة الإنسان الرقمي "أمين"
يقدم الإنسان الرقمي خدمات تفاعلية عبر العديد من مجالات العمل بتكلفة ضئيلة، وهو تمثيل حاسوبي لإنسان يمكنه التفاعل مع البشر في بيئات افتراضية. ونظراً لهذه الميزة التفاعلية، فقد أطلقت التأمينات الاجتماعية خدمة الإنسان الرقمي "أمين" للرد على العملاء على مدار الساعة وفق أحدث تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي التي تتنبأ باحتياجاتهم. وخلال عام 2024 بلغ زيارات خدمة "أمين" أكثر من 512ألف زيارة.
4. تطبيق التأمينات (GOSI)
تسهم التطبيقات في تسهيل التفاعل مع العملاء، لذلك حرصت التأمينات الاجتماعية على إطلاق تطبيق "غوسي" (GOSI) الشامل في أكتوبر/تشرين الأول 2024، لتقديم تجربة سلسة للمستخدمين، ومساعدتهم على الوصول إلى جميع الخدمات وإنجازها بصورة فورية. وتجاوز عدد تنزيلات هذا التطبيق حتى الآن أكثر من 3 مليون.
تأتي هذه الخدمات إضافة إلى خدمات أخرى مبتكرة تقدمها التأمينات الاجتماعية لمساعدة أصحاب العمل على الالتزام التأميني ورفع مستوى التزام المنشآت بمعايير السلامة والتأمين الصحي وخدمات التوظيف والخدمات الاستباقية التي تسهل عملية التكامل بين الأجهزة الحكومية، والتي أسفرت عن التكامل مع أكثر من 170 جهة حكومية وتنفيذ أكثر من 8.7 مليون عملية استباقياً وقبل طلب العميل.
وبذلك أصبحت خدمات التأمينات رقمية بنسبة 100%، وأثمر مسار التحول الرقمي المتكامل ضمن أعمال التأمينات الاجتماعية عن التزامها بتطوير خدماتها حتى حصلت على المركز الثاني في مؤشر نضج التجربة الرقمية الصادر عن هيئة الحكومة الرقمية، ونالت جائزة التميز والدرع الذهبي في الابتكار في التحول الرقمي خلال المؤتمر الدولي لصناع التأمين في الشرق الأوسط، وحصدت أيضاً 3 جوائز ذهبية ضمن منتدى عالم تجربة العميل لالتزامها بأعلى معايير الجودة.
تأثير التحول الرقمي على تحسين جودة الحياة
يساعد التحول الرقمي الحكومي على تحسين جودة الحياة وإدارة الموارد بكفاءة، لذلك وضع الاتحاد الدولي للاتصالات وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي خريطة طريق التحول الرقمي للحكومات، فالتكنولوجيات الرقمية تسهم في تحقيق نحو 70% من أهداف التنمية المستدامة.
وعليه، لم تكن الجوائز التي حصلت عليها التأمينات الاجتماعية والخدمات التي طورتها مجرد ترقيات إلكترونية، بل عكست تحولاً جوهرياً في طريقة تقديم الخدمات الرقمية، وتعزيز الشفافية والكفاءة والنمو المستدام والتفاعل مع المواطنين عبر مبادرات تحسين تجربة العملاء. وقد أدركت التأمينات أن تبنّي الابتكار وتسخير التكنولوجيا ووضع المستفيدين في المقدمة ضرورة للمؤسسات الحكومية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، والالتزام بمهمتها في حماية المجتمعات وتمكينها، وتسريع الوصول إلى أهداف التنمية المستدامة على حد سواء.
دعمت التأمينات الاجتماعية الاستدامة البيئية منذ اتخاذها خطوات استباقية للتحول الرقمي، والاستغناء عن المعاملات الورقية التقليدية، ما أدى إلى توفير الوقت والجهد والتكاليف، وتحقيق الأهداف المتعلقة بالتنمية المستدامة التي تتمثّل في توفير العمل اللائق ونمو الاقتصاد عبر تعزيز الوصول إلى خدمات التأمينات الاجتماعية، وزيادة كفاءة الخدمات، إذ مكّنت الأنظمة الرقمية أصحاب الأعمال والعمال من إنجاز معاملاتهم بسرعة، ما عزز إنتاجيتهم وانعكس على نمو الاقتصاد.
ومع الاستعانة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، تمكّنت التأمينات الاجتماعية من تقليل التكاليف، وتطوير حلول مبتكرة لتسريع الإجراءات وتحسين تجربة المستفيدين، وتوسيع نطاق تغطيتها، إذ أصبحت خدمات التأمينات الاجتماعية أكثر شمولية وسهولة في الوصول إليها من قبل الأفراد في مختلف المناطق، بما في ذلك المناطق النائية، ما يسهم في دعم المجتمعات المحلية، ويعزز بناء مدن ومجتمعات محلية ومستدامة.
وبالنظر إلى ثورة التحول الرقمي السريعة في كل أنحاء العالم، فإن "الالتزام" هو كلمة السر لنجاح رحلة التأمينات الاجتماعية في تقديم خدمات إبداعية وحلول مبتكرة وتحقيق إنجازات عالمية، كما يعكس إصرار المملكة العربية السعودية على التمسك بتحقيق التميز في تقديم الخدمات الحكومية وتعزيز تفاعل المواطنين لضمان الوصول إلى مستهدفاتها ودعم التنمية المستدامة.