كيف تتأقلم مع قرار إداري لا يُعجبك؟

6 دقيقة
تنفيذ القرارات
shutterstock.com/William Potter
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: قد نتولى أحياناً أدواراً قيادية في العمل، ولكن يجب علينا في أوقات أخرى اتباع قيادة الآخرين، وقد لا نتفق دائماً مع مسار العمل الذي يُطلب منا اتباعه، وربما نشعر بالغضب والقلق والارتباك، وبأننا غير قادرين على تجاوز هذه المشاعر. لكننا نرغب في إظهار قدرتنا على التحمل لفريقنا كما نريد الحفاظ على علاقة جيدة مع الإدارة. إذاً، كيف نمضي قدماً ونلتزم بالقرارات التي نختلف معها بكياسة؟ تعرض هذه المقالة أداة تساعدك على تنفيذ القرارات التي تعارضها بكياسة وعقلانية. من خلال التريث والتفكير ملياً في 8 أسئلة، يمكنك تعلم كيفية معالجة المشاعر الصعبة وتحديد المشكلة بوضوح والتعرف على الفوائد المحتملة وتوسيع منظورك وتنمية التعاطف وتصور النتائج والآثار المترتبة على تنفيذ قرار لا يحظى بقبول واسع في الواقع.

ألحق إعصار إداليا الذي ضرب الساحل الشمالي لفلوريدا العام الماضي أضراراً جسيمة بشركة بناء المنازل التي تعمل فيها إليزيا مديرة مشاريع، إذ دمّر العديد من المشاريع التي كانت قيد الإنجاز وأتلف المواد المخزّنة في مستودع الشركة وساحة الأخشاب. على الرغم من الأضرار التي لحقت بالشركة، فقد كانت الإدارة مصممة على الحفاظ على استمرار عمل الشركة، لذلك اُضطرت إلى تسريح 10% من الموظفين وأبلغت المتبقين أنه سيتعين عليهم قبول تخفيض 20% من رواتبهم في المستقبل المنظور.

كانت إليزيا مستاءة؛ إذ لم تكن راضية عن قرار الإدارة، مع ذلك، كان عليها أن تدافع عن هذا القرار أمام أعضاء فريقها، وقد وجدت هذه المهمة صعبة. لم تستطع تجاوز غضبها في البداية، فخططت لعقد اجتماع علاجي خارج الموقع لفريقها لمنحهم مساحة تساعدهم على التأقلم مع الخسارة والتغييرات والتنفيس عن مشاعرهم، لكن سرعان ما أدركت أن خطتها لن تكون مفيدة وستؤدي إلى نتائج عكسية. شعرت بأنها محاصرة وغير متأكدة من أفضل مسار للعمل في هذا الموقف.

من الشائع أن يواجه الأشخاص في مكان العمل مواقف يضطرون فيها إلى دعم قرارات لا يوافقون عليها شخصياً وتبريرها أو حتى تنفيذها. تؤدي هذه المواقف إلى الشعور بالغضب والقلق والارتباك في الواقع، وتثير أسئلة في ذهن المرء مثل “لماذا لم يستشرني أحد؟” و”كيف سأشرح هذا القرار لفريقي؟” و”هل لدي المعلومات اللازمة كلها؟”.

نطمح جميعاً إلى الاستقلالية والسيطرة على مصيرنا، لكن الحقيقة هي أننا نعيش في عالم نتأثر فيه غالباً بقرارات الآخرين. ثمة مواقف في العمل نقود فيها الآخرين، ولكن هناك مواقف يتعين علينا فيها الانصياع إلى قيادة الآخرين، وقد لا نتفق دائماً مع مسار العمل الذي يُطلب منا اتباعه. وفي الوقت نفسه، ندرك أهمية الحفاظ على موقف إيجابي لفريقنا وعلاقة إيجابية مع الإدارة بدلاً من خلق المشاكل. إذاً، كيف نمضي قدماً ونلتزم بالقرارات التي نختلف معها بكياسة؟

كثيراً ما أرى العملاء يلتزمون باتخاذ موقف إيجابي تجاه المواقف غير المريحة، لكنهم يقوّضون ما يجب أن يكون تجربة تعاونية وإيجابية. ففي حين يُظهرون موافقتهم مع القرار، لا يزالون يضمرون مشاعر سلبية داخلهم، وهذا هو الموقف نفسه الذي وجدت إليزيا نفسها فيه: تعلم أنها ستضطر علناً إلى دعم قرار الإدارة الذي ترفضه الأغلبية وتنفيذه، لكنها كانت تشعر بغضب فريقها ولم تتخل تماماً عن غضبها.

كنت أتعاون مع إليزيا خلال هذه الفترة الصعبة، لذلك اقترحت عليها أن تأخذ بعض الوقت قبل أن تجتمع بفريقها وتعمل على حل مشكلة عدم التوافق بين مشاعرها والإجراءات التي أدركت أن عليها اتخاذها للمضي قدماً في الشركة. أعطيتها قائمة من ثمانية أسئلة، وهي أداة أدعوها “ورقة الفهد الصياد”، وأنا أوصي عملائي باستخدام هذه الأداة لأنها أثبتت باستمرار فعاليتها وحققت نتائج إيجابية. تعمل هذه الأسئلة، التي يمكننا استخدامها جميعاً عندما نواجه عدم التوافق، مثل مطبات سريعة تُبطئ استجابتنا العاطفية غير المحسوبة عند مواجهة اتخاذ قرارات غير مريحة. يقول عملائي إن هذه الأسئلة تعمل أيضاً بمثابة صمّام تنفيس عندما يشعرون بأن مشاعرهم تطغى عليهم، ما يمنحهم ثقة أكبر في قرارهم دعم خطة قد تبدو مثيرة للجدل.

كما لاحظت أيضاً أننا عندما نواجه موقفاً يجب أن نتخذ فيه قراراً صعباً، غالباً ما نتسرع في اتخاذه لتجنب التعامل مع المشاعر غير المريحة، ونتيجة لذلك قد ينتهي بنا الأمر إلى اتخاذ قرار دون المستوى المطلوب قد لا يحل المشكلة التي نواجهها. لا تكمن المشكلة هنا في عواطفنا، بل في كيفية استجابتنا لها.

مثل الفهد الصيّاد، الذي تأتي براعته في الصيد من قدرته على التباطؤ بسرعة، تشجّعك “ورقة الفهد الصياد” على التريث وإعادة النظر في قراراتك وتحليل المعلومات ومعالجة عواطفك بعناية. لقد قدمت شرحاً مفصلاً لكل سؤال لتوضيح كيف يساعدنا على معالجة أفكارنا، كما أعرض إجابات إليزيا مثالاً يتيح لكم رؤية كيفية التعامل مع التمرين.

1. ما الموقف المحدد الذي لا أوافق عليه؟

نعتقد في كثير من الأحيان أننا نفهم المشكلة التي نحاول حلها دون أن نحددها بالكامل، ولكن من خلال أخذ الوقت الكافي لتحديد المشكلة التي نواجهها بوضوح، يمكننا فهم نطاقها الحقيقي كله ونضمن معالجة المشكلة الصحيحة.

إليزيا: لا أتفق مع الطريقة التي قررت بها الشركة بصورة مفاجئة وغير متوقعة تخفيض رواتب الجميع بنسبة كبيرة لتقليل عدد الموظفين المسرّحين.

2. كيف سأستفيد من تنحية معارضتي جانباً؟

يحفزك هذا السؤال على التفكير في الجانب المشرق وأي إيجابيات للمضي في خطة لا تحظى بموافقة الأغلبية.

إليزيا: سأحتفظ بالوظيفة التي أحبها على الرغم من التغييرات.

3. كيف سيستفيد فريقي من تنحية معارضتي جانباً؟

بمجرد تحديد الجانب المشرق الشخصي، يصبح من الأسهل غالباً التعرف على الفوائد المحتملة للآخرين.

إليزيا: أريد أن يحتفظ زملائي في العمل والأشخاص الذين يعملون تحت إشرافي بوظائفهم والمزايا التي يتمتعون بها. قد يواجه أي شخص يترك الشركة غاضباً في هذا الوقت صعوبة كبيرة في العثور على وظيفة جديدة.

4. ما المعلومات التي قد تكون لدى صانع القرار وليست لدي؟

هذا السؤال مهم جداً لأنه عادة ما يُظهر التعاطف. غالباً ما نكون مقيدين بمنظورنا الخاص، ولكن من خلال سؤال أنفسنا عن المعلومات التي قد تكون لدى شخص آخر وقد لا تكون لدينا، يمكننا غالباً فهم الأساس المنطقي للقرارات التي لا تحظى بموافقة الأغلبية.

إليزيا: لديّ إمكانية الوصول إلى البيانات المالية الخاصة بإدارتي فقط، ولكن ليس لدي رؤية شاملة عن وضع الشركة بعد خسائرنا.

5. ما مجالات المواءمة بين أهداف عملي الأولية وأهداف الشركة في اتخاذ هذا القرار؟

بعد أن بدأت التفكير بعيداً عن منظورك الخاص، قد يصبح من الأسهل ملاحظة القواسم المشتركة الأخرى بين أهداف عملك وهدف الشركة من اتخاذ القرار.

إليزيا: أرغب في الإسهام بنجاح الشركة لأنني أقدّر رسالتها ومنتجها، كما يوفر العمل في شركة ناجحة لي فوائد شخصية. أثق بأنني أتشارك مع الإدارة الأهداف نفسها لنجاح الشركة: الاستمرار في تقديم منتج جيد وموثوق به ومعاملة الموظفين بإنصاف.

6. ما الإجراءات المحددة التي ألتزم بها بقبول هذا القرار؟

أصبحت الآن مستعداً لرسم مسار عمل جديد. فمن خلال التعامل مع عواطفك أولاً وتحويلها نحو الإيجابية والتفكير أبعد من وجهة نظرك، يمكنك التصرف بطريقة مدروسة وهادفة.

إليزيا: سألتزم بتنحية غضبي بشأن الطريقة التي اتخذت بها الإدارة القرار جانباً دون مناقشته مع كبار القادة، وسألتزم بدعم القرار صراحة لأنه يتماشى مع رؤية جديدة لنجاح الشركة ويهدف إلى الاحتفاظ بأكبر عدد ممكن من الموظفين على الرغم مما ينطوي عليه ذلك من تضحيات.

7. تحقق من حدسك: من يمكنه مساعدتي على التحقق من صحة مسار العمل الذي أنوي اتخاذه؟

يمكن أن يساعدك تحديد الآخرين في شبكة علاقاتك الذين يمكنهم تقديم وجهات نظر مختلفة وتحدي افتراضاتك على اتخاذ قرارات أكثر استنارة وقوة. فكّر في الأشخاص خارج بيئة عملك الحالية الذين تقدّر آراءهم وناقش معهم الموقف والإجراءات التي تعتزم اتخاذها.

إليزيا: لدي علاقات وثيقة مع العديد من الأشخاص في فريقي، لكني لا أعتقد أنه من المناسب مشاركة تذمري معهم إذ قد لا يكون لديهم فهم شامل للموقف. سأتواصل مع صديقي غابرييل الذي تأثرت شركة السفر التي يملكها بشدة بالعاصفة أيضاً، وسأناقش أيضاً هذا الأمر مع زوجي.

8. راجع إجاباتك عن الأسئلة السبعة السابقة. كيف ساعدتني هذه العملية على التوفيق بين مشاعري السلبية وأفعالي؟

راجع الخطوات التي اتخذتها وقدّر المسافة التي أوجدتها بين مشاعرك والموقف الذي تواجهه. لقد حددت فوائد القرار الذي لم توافق عليه في البداية، وفكرت أبعد من وجهة نظرك، والتمست آراء الآخرين غير المعنيين مباشرة بالموقف.

إليزيا: أدركت أن أهدافي الأساسية تتماشى مع أهداف الإدارة. أردت التعبير عن رغبتي في أن أننا تجاوزنا تداعيات الإعصار، لكننا لم نتجاوزها، وقد تأثر الجميع في الشركة بذلك. إنها خسارة لنا جميعاً، لكن يمكننا التكاتف لإصلاح الضرر وإعادة البناء معاً. لقد أدركت من خلال التفكير في مشاعري أن الإدارة تواجه ظروفاً صعبة أيضاً. يجب أن أتواصل مع رئيسة الموظفين وأطمئن عليها.

من خلال التريث والإجابة عن هذه الأسئلة الثمانية بعناية، تمكّنت إليزيا من خلق مسافة عاطفية مهمة كانت بحاجة إليها وواءمت نفسها بصورة أفضل مع قرار الإدارة. ومن خلال التفكير أبعد من وجهة نظرها، أدركت أن أضرار الإعصار كانت أوسع نطاقاً مما كانت تعتقد في البداية، وأن بقاء الشركة أصبح في خطر. كانت لا تزال غير راضية عن الطريقة التي طرحت بها الإدارة خطتها، لكنها شعرت بتعاطف أكبر مع سبب اتخاذ الإدارة للقرار وبأنها أكثر استعداداً للإجابة عن أسئلة فريقها ودعم القرار علناً.

إذا كنت تعارض بشدة قراراً اتخذته شركتك ولكنك تريد البقاء فيها في نهاية المطاف، فعليك أن تتريث وتفكر ملياً في الموقف. يمكنك استخدام هذه الأداة لتساعدك على إدارة مشاعرك الصعبة وتحديد المشكلة بوضوح والتعرف على الفوائد المحتملة وتنمية التعاطف وتصور النتائج والآثار المترتبة على تنفيذ قرار بقبول واسع في الواقع. من خلال الالتزام بذلك، يمكنك إظهار سلوك جيد لفريقك والحفاظ على علاقة إيجابية مع الإدارة وإظهار القدرة على التحمل من خلال إعادة التمحور والعمل نحو رؤية جديدة للنجاح.

 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .