متى تبيع باستخدام الحقائق والأرقام ومتى تناشد المشاعر؟

3 دقائق

متى ينبغي على مسؤولي المبيعات البيع باستخدام الحقائق والأرقام، ومتى ينبغي عليهم مناشدة اللاوعي الشعوري لدى المشتري؟ متى تتحدث إلى "العاطفي"، ومتى تتحدث إلى "العقلاني"؟

يؤدي التحدث إلى الشخص العقلاني في أحيان كثيرة إلى الشلل التحليلي، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالمنتجات أو الخدمات المعقدة. وعلى الرغم من ذلك، يواصل كثيرون منا التسويق بشكل يكاد يقتصر على الأشخاص العقلانيين. وتتمثل النتيجة في أننا نقضي وقتاً طويلاً جداً في مطاردة فرص بيع تنهار عند النهاية. إننا بحاجة إلى تحسين قدرتنا في بيع الأشخاص الذين يعتمدون على حدسهم.

نحن نتوجه تلقائياً في البيع إلى "العقلاني" لأننا عندما ننظر لأنفسنا نتحدث مع عقلنا العقلاني الواعي. فلا نتخيل أنّ المدراء الجادين سيتخذون القرارات على أساس المشاعر، وذلك لأننا ننظر إلى قراراتنا العاطفية على أنها غير عقلانية وغير مسؤولة.

لكن ماذا لو كان للسيد "عاطفي" منطق خاص به؟ أوضح علماء النفس وعلماء الاقتصاد السلوكي في السنوات الأخيرة أنّ قراراتنا العاطفية لا هي غير منطقية ولا غير مسؤولة. في الواقع، أصبحنا الآن ندرك أنّ قرارتنا التي تتم على مستوى اللاوعي تتبع منطقاً خاصاً بها، حيث تقوم على نظام معالجة عقلي تجريبي عميق يرشح بيسر ملايين من أجزاء البيانات دون أن يغلبه الإرهاق من ذلك. ومن ناحية أُخري، فإن عقلنا الواعي لديه حدود ضيقة، إذ أنه لا يستطيع معالجة سوى ثلاثة أو أربعة أجزاء من المعلومات الجديدة في آن واحد، وذلك نتيجة لقصور ذاكرتنا العاملة.

على سبيل المثال، تُظهر دراسة تسمى "مهمة رهان آيوا" (Iowa Gambling Task) مدى فاعلية العقل العاطفي في الكشف وبسهولة فرص النجاح من أجل تحقيق أكبر مكسب ممكن. مُنح الخاضعون للدراسة ميزانية تخيلية وأربع مجموعات من أوراق اللعب. كان الهدف من اللعبة كسب أكبر مبلغ ممكن من المال، لتحقيق ذلك طُلب من الخاضعين للدراسة سحب الأوراق من أي مجموعات أوراق اللعب الأربعة.

لم يكن الخاضعون للدراسة يعلمون أنه تم ترتيب الأوراق بعناية مسبقاً. كان السحب من مجموعتي الأوراق الأولى يؤدي إلى فوز متواصل، في حين أنّ السحب من المجوعتين الأُخريين يؤدي إلى أرباح كبيرة وإلى غرامات كبيرة في آن واحد. لذا فقد كان تجنب مجموعتي الورق الخطيرتين هو الخيار المنطقي. وبالفعل، بعد سحب حوالي 50 ورقة، توقف الخاضعون للدراسة عن السحب منهما. لكنهم لم يتمكنوا من تفسير الأمر إلا بعد سحب 80 ورقة. وعليه، نجد أنّ المنطق يتسم بالبطء.

تتبع الباحثون قلق الخاضعين للتجربة ووجدوا أنهم يشعرون بالتوتر عندما يمدون أيديهم إلى مجموعتي الورق الخطيرتين بعد سحب 10 أوراق. وعليه، نجد أنّ الحدس يتسم بالسرعة.

قراراتنا العاطفية ليست غير عقلانية  

يقول البروفيسور جيرالد زالتمان (Gerald Zaltman)، الأستاذ بكلية هارفارد لإدارة لأعمال: "أنّ 95% من قراراتنا الخاصة بالشراء تتم بشكل لاشعوري، ولكن لماذا لا نستطيع أن نسترجع تاريخ قراراتنا ونعثر على أمثلة لا حصر لها لقراراتنا العاطفية؟، يعود السبب في ذلك إلى أنّ عقلنا الواعي سوف يختلق دائماً أسباباً لتبرير قراراتنا اللاشعورية".

في دراسة أُجريت على أشخاص فُصل الفصان الأيسر والأيمن لأدمغتهم عن بعضهما البعض لمنع نوبات الصرع في المستقبل، تمكن العلماء من توصيل رسالة إلى الفص الأيمن من المخ تقول: "اذهب إلى براد المياه الموجود في آخر الردهة لتشرب". بعد رؤية الرسالة يقوم الخاضع للتجربة بالنهوض ويهم بمغادرة الغرفة. في هذه اللحظة يقوم العلماء بتوصيل رسالة إلى الفص الأيسر من المخ تسأله "إلى أين أنت ذاهب؟" لا تنس أن الفص الأيسر من المخ لم ير مطلقاً الرسالة الخاصة ببراد المياه. ولكن هل اعترف الفص الأيسر بأنه لا يعرف الإجابة؟ كلا. وبدلاً من ذلك قام بتأليف سبب منطقي من قبيل "الجو بارد هنا. سوف أذهب لإحضار معطفي".

وبالتالي، إذا كنت لا تستطيع أن تستخدم محفوظات صنع القرارات في ذاكرتك كمرشد بصورة يعوّل عليها، فمتى إذن يمكنك أن تعرف إذا كان ينبغي عليك البيع على أساس العقل أم العاطفة؟ إليك قاعدة موجزة ومجربة: خاطب العقلانية عند بيع الأمور البسيطة، والحدس عند بيع الأمور المعقدة.

تلك النتيجة تدعمها دراسة أُجريت عام 2011 على أفراد يقومون باختيار أفضل سيارة مستعملة من بين أربع سيارات. تم تقييم كل سيارة طبقاً لأربعة تصنيفات (كمعدل استهلاك الوقود لكل كيلومتر مثلاً). ولكن كانت هناك سيارة تتفوق بخصائصها على البقية بشكل واضح. في هذا الموقف "السهل"، وفي ظل وجود أربعة متغيرات فقط، كان الذين اختاروا بوعي أفضل بنسبة 15% في اختيار السيارة الأفضل مقارنة بالذين اختاروا بصورة لاشعورية. وعندما زاد الباحثون من صعوبة القرار (عن طريق زيادة عدد المتغيرات إلى 12 متغيراً) كان من اختاروا بشكل لاشعوري أفضل بنسبة 42% ممن اختاروا أفضل سيارة اعتماداً على الوعي. وأظهرت العديد من الدراسات الأخرى كيف تصبح عقولنا الواعية متخمة نتيجة لاستقبال للمعلومات المفرطة.

إذا أردت التأثير على كيفية شعور العميل بمنتجك، فقدم له تجربة تخلق لديه الشعور المرغوب فيه. إذ يُعد سرد قصة بليغة عن أحد العملاء من أفضل الطرق التي يمكن للعميل من خلالها تجربة منتجك المعقد. فقد أظهر البحث أن القصص يمكنها تنشيط جزء المخ المسؤول عن الرؤية والسمع والشم والحركة. تخيل على النقيض من ذلك، أسلوب مسؤول المبيعات الذي ينقل كماً كبيراً من البيانات على شكل عرض تقديمي مؤلف من 85 شريحة.

بدلاً من النظر للعقل العاطفي على أنه غير منطقي، إليك هذه الفكرة: العاطفة هي ببساطة الطريقة التي ينقل بواسطتها العقل اللاوعي قراراته إلى العقل الواعي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي