كيف تبيع منتجاً غير مألوف باستخدام السرد القصصي؟

6 دقيقة
بيع المنتجات
فريق عمل هارفارد بزنس ريفيو/بيكسلز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: عادة ما يكون بيع المنتجات الأصلية أو الغريبة تحدياً صعباً، لكن تشير إلى نتائج دراسة أُجريت على منتجات غريبة باعها 7,000 صانع حِرف رائد على منصة إيتسي (Etsy) إلى أن استخدام نهج رواية القصص بفعالية يساعد في نجاح بيع هذه المنتجات. وتعرض هذه المقالة 3 تقنيات ناجحة لرواية القصص.

تخيّل أنك رائد أعمال تحبّ تحدّي المألوف، فابتكرت منتجاً فريداً وأصبحت متحمساً للإعلان عنه، لكن يساورك الشك بمدى تقبّل الناس له، فماذا تفعل إذاً؟

أجرينا تحليلاً على أداء 7,000 صانع حرف رائد يبيعون منتجات غير مألوفة على منصة إيتسي، وهي منصة مبيعات شهيرة عبر الإنترنت تتيح للناس “صنع منتجات فريدة وبيعها وشرائها وجمعها”.

وكان البائعون الذين أجرينا تحليلاً على أدائهم أصحاب أكثر المنتجات غرابة، ونسبتهم 9% من إجمالي البائعين البالغ عددهم 78,000 بائع والذين كانوا يروّجون لمنتجاتهم أو لمجموعة من المنتجات غير التقليدية، مثل الأحذية النسائية من نوع الكاوبوي (cowboy) باللون الأرجواني والمطرزة يدوياً أو الأقراط المصممة على شكل علبة سجائر مارلبورو.

واجهت هذه العروض غير التقليدية تحدياً صعباً في جذب الزبائن، لكنها حملت في الوقت نفسه إمكانية ملحوظة لكسب إعجابهم. وكشفت استنتاجاتنا أن سر نجاح بيعها يكمن في فن رواية قصص عنها، تلك القصص التي تحتوي أفكاراً مجردة والقادرة على خلق تصورات ذهنية متناغمة والممزوجة بتفاصيل مألوفة تجعل الناس يتقبلون أي منتج غريب. وتمثّل تقنيات رواية القصص الثلاث هذه حلولاً سرية يستخدمها الأشخاص الذين يبتكرون منتجات فريدة وغير تقليدية بذكاء لإزالة العوائق التي تقف في وجه اتخاذ قرار شرائها وجعل المشترين يتقبلونها. وسنكشف في هذا المقال الأسباب التي تجعل استخدام هذه الاستراتيجيات مفيدة ونزوّدك بالأدوات اللازمة لتطبيقها بأسلوب يجذب الجمهور.

مخاطر ابتكار منتجات فريدة

لا تُباع المنتجات الغريبة بكميات كبيرة، حتى على موقع إيتسي الذي يتميز بتنوع منتجاته: على مدى خمس سنوات، باع مبتكرو المنتجات غير التقليدية نسبة 80% من منتجاتهم مقارنة بالمنتجات التي يبيعها البائعون التقليديون، وعلى نحو أدق، باعوا 5,343 منتجاً مقارنة بـ 6,545 منتجاً باعه رواد الأعمال الذين لا يختارون المجازفة.

ويبدو هذا التوجه نحو المنتجات التقليدية منطقياً، إذ نميل بصفتنا بشراً إلى اتباع عادات معينة، ونتردد في تقبّل أي شيء مختلف وغير تقليدي. وبحسب الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو، تؤثر الأعراف والتقاليد على نظرتنا للواقع لدرجة أنها تعوقنا عن تصوّر مفاهيم جديدة أو قبولها.

وقد يكون الخروج عن المألوف مخاطرة بالطبع، لكنها مخاطرة تستحق التجربة. فعلى الرغم من المخاوف بشأن عدم تقبّل المستهلكين المنتجات غير التقليدية وشرائها، تحقق هذه المنتجات إيرادات أعلى عند بيعها بالفعل. وينطبق هذا النمط على مجموعة متنوعة من الفئات أو المجالات، على سبيل المثال، تشير البحوث إلى أن الأفلام والأغاني التي تجمع بين أنواع مختلفة بطرق غير تقليدية، تحقق نجاحاً أكبر من تلك التي لا تتبع نهجاً مشابهاً. وبالمثل، أظهرت عدة دراسات حول نشر البحوث الأكاديمية أن الأفكار التي تربط بين تيارات بحثية غير مرتبطة سابقاً تجد صعوبة في النشر في البداية، لكنها تجذب اهتماماً أكبر عندما تُنشر بالفعل.

وينطبق ذلك على مجال الفن والعمارة أيضاً. لنتأمّل نجاح المهندس المعماري الدانماركي بيارك إنجيلس وأسلوبه المعماري الفريد المتمثّل في دمج مفاهيم تبدو متناقضة لإنشاء تصميمات معمارية جديدة تماماً، مثل المجمع السكني “8 هاوس” (8 House) في كوبنهاغن، وهو عبارة عن مجمّع مكوّن من عدة طوابق على شكل قوس يضم منازل ومكاتب ومحال تجارية وحدائق بمساحة تبلغ 61,000 متر مربع (600.00 قدم مربعة).

حكاية منتج

كيف يُقنع روّاد الأعمال الناس بتقبّل فكرة أصلية إذاً؟ من أقوى الأدوات التي يمتلكها رواد الأعمال هي رواية القصص، فالقصة المحبوكة جيداً تشد انتباه الجمهور وتقنعهم برؤية المنتج أو الحدث من منظور مختلف. كما أنها تبسّط الأفكار المعقّدة من خلال توفير سياق لها يجعلها أوضح ويقدمها بطريقة منطقية. على سبيل المثال، حاول إنجيلس جعل المجمع السكني “8 هاوس” مالوفاً من خلال وصفه بأنه “حيّ ثلاثي الأبعاد بدلاً من مجرد تصميم معماري”.

لكن لا تُفلح جميع القصص في جعل الأفكار غير المألوفة تبدو منطقية، وعلى الرغم من امتلاك مؤلفي الإعلانات خبرة وقواعد عامة معتمدة على الممارسة، هناك نقص في البراهين التجريبية. وتمكّنا من خلال استخدام تقنيات معالجة اللغة الطبيعية لتحليل القصص المستخدمة في النصوص التسويقية التي يرويها روّاد الأعمال الذين يبيعون منتجات غير تقليدية من التعرف على 3 استراتيجيات لرواية القصص تعزز جاذبية هذه المنتجات في السوق.

1. استخدم مفاهيم تجريدية

تشير تحليلاتنا الاقتصادية إلى أن صنّاع الحرف غير التقليدية الذين يعتمدون على قصص مجردة لوصف إبداعاتهم يبيعون 2,666 منتجاً إضافياً على مدى خمس سنوات مقارنة بالبائع العادي الذي يستخدم لغة مباشرة تركز على الجوانب الوظيفية للمنتج.

تُستخدم اللغة المباشرة للحديث عن تفاصيل المنتج وخصائصه، إلا أنها تُعقّد الفكرة أحياناً، في المقابل، تتيح اللغة المجردة للقرّاء فرصة ربط المنتج بتجاربهم الشخصية. على سبيل المثال، قد تبدو عبارة “وعاء فواكه” جذابة أكثر من عبارة “طبق عنب”، وكذلك هي الحال عند استخدام كلمة “فنان” مقارنة بـ “نحّات الخشب”.

وثمة العديد من الأسباب التي تؤكد صحة ذلك: أولًا، تساعد اللغة المجردة في تقليل التعقيد الإدراكي عن طريق التركيز على الجوانب المشتركة بين عناصر مختلفة وتجاهل الاختلافات بينها، وهو ما يجعل الأشخاص يولون اهتماماً أكبر بأمور غير معتادة كانوا ليغفلوا عنها.

والسبب الثاني، تساعد اللغة التجريدية في تعزيز الفهم المشترك بين الناس من خلفيات وثقافات مختلفة. فعندما نركز على المواضيع الأساسية للقصة بدلاً من التفاصيل الدقيقة لها، نزيد من احتمالية تعاطف الناس معها، ما يجعل تلك العروض غير التقليدية مستساغة لدى المتسوّقين عبر الإنترنت.

على سبيل المثال، بدلاً من أن تقول “صنعت صندوقاً من الخشب الماهوجني المدعم بمفصلات نحاسية”، قد يجذب صانع الحرف غير التقليدية انتباه الناس بكتابة: “صنعت صندوقاً خشبياً جميلاً يحفظ مجوهراتك”.

من المفيد أيضاً اختيار كلمات تُثير استجابة عاطفية لدى الجمهور، فبدلاً من أن تقولي: “كتبت كتاباً عن خبرتي في الحياة، ابتداءً من تجربة الأمومة بصفتي أماً عزباء وشخصاً مبتدئاً في نحت الأخشاب إلى مشاركتي الناجحة في مسابقة النحت التي نُظمت في ولاية تينيسي عام 1996″، يمكنك أن تقولي: “شاركت قصتي الفريدة عن الشغف والقوة والقدرة على التحمّل التي نقلتني من عالم الفقر إلى عالم الثروة”.

2. فكّر بمنطقية

حسّنت رواية قصة منطقية حول المنتج أداء مبيعات صانع الحرف غير التقليدية بنسبة تصل إلى 40%، أي 1,701 منتج إضافي على مدى 5 سنوات مقارنة بالبائع الذي يقدم قصة غير منطقية.

وعموماً، من المهم أن تربط القصة بين الشخصيات والأحداث والأفكار وتمكّن الأشخاص من تكوين صور ذهنية متجانسة لما يجري فيها، ما يقلل من الجهد العقلي الذي يحتاجون إليه لاستيعاب أمور غير مألوفة.

ويستخدم المؤلفون العديد من الاستراتيجيات بالفعل لجعل القصة أكثر ترابطاً.

أول هذه الاستراتيجيات هي التماسك السببي؛ بمعنى آخر، تصبح المنتجات غير العادية جذابة عندما تُقدّم في سياق قصصي منطقي. على سبيل المثال، تبدو جملة “أصنع كعكات جميلة لأنني أحب صنع المخبوزات، وأرغب في مشاركة شغفي مع الآخرين” متماسكة أكثر من جملة “أصنع كعكات جميلة. وصنع المخبوزات شغفي، وأنا إيطالية وأحب الطهي”.

والنهج الآخر هو التماسك اللغوي. تخيّل مثلاً أننا نرغب في رواية قصة عن امرأة تحب صنع المخبوزات. قد نكرر في هذه الحالة الكلمة نفسها، مثل “خبز” أو مرادف لها مثل “رغيف”، أو كلمة تصف المفهوم عموماً مثل “مُنتج مخبوز”، عدة مرات في النص لنوفر الاتساق في القصة ونخلق ترابطاً بين الجمل والفقرات.

أخيراً، يمكنك استخدام التماسك الدلالي الذي يعني استخدام مرادفات أو كلمات ذات علاقة دلالية لتعزيز العلاقات بين المفاهيم دون تكرار كلمات معينة مثل “فرن” أو “خميرة” أو “طحين” في قصتك عن الخباز، وهو ما يخلق شعوراً أكبر بالتماسك والتناغم في قصتك.

3. ابنِ جسوراً للتواصل

من الصعب في الواقع بيع المنتجات غير التقليدية لأن الناس يعتبرونها منتجات غريبة. لكن عندما يعرض البائعون منتجاتهم غير التقليدية عبر قصص يربطها سياق مألوف، ستبدو هذه المنتجات أقل غرابة وأكثر قبولاً لدى المشترين المحتملين.

على سبيل المثال، يمكن لمصممة الأزياء التي تبيع فساتين مصنوعة يدوياً تجمع بين عناصر مستوحاة من أنماط مختلفة أن تروي قصة حول كيفية تعلمها فن الخياطة من جدتيها المحبوبتين اللتين كانتا من بلدين مختلفين. ستوفر هذه القصة بيئة وشخصيات مألوفة للجمهور، ما يشجع على فهم أكثر تفاعلاًَ وعاطفياً للمنتج ويسهّل على المشترين إدراك طبيعة العمل الذي تؤديه المصممة. وبالمثل، يمكن لخبير التسويق الذي يحاول بيع منتج فريد من نوعه أن يسلّط الضوء على فرادة المنتج ويؤكد في الوقت نفسه كيفية تشابه منتجه مع منتجات أخرى يستخدمها الجمهور بالفعل أو كيفية تناسبه مع قيم المشتري.

عموماً، إن ابتكارك منتجاً رائعاً، لا يعني بالضرورة أن يتهافت العالم لشرائه. ومع ذلك، إذا كنت تحاول بيع أحذية من نوع كاوبوي بلون أرجواني، فمن المجدي تقديم قصة شخصية يمكن للناس التعاطف معها، إذ وجدنا بحسب بحوثنا أن صناع الحرف غير التقليدية الذين ينجحون في دمج عناصر مألوفة في قصصهم التسويقية يبيعون 11,464 منتجاً إضافياً مقارنة بغيرهم.

صحيح أنه أرجواني، لكنه مخصص للمشي

تُعتبر الأفكار والحلول غير التقليدية في اقتصاد اليوم السريع والموجّه بالابتكار مصادر مهمة للنمو وتحقيق التفوق التنافسي والتقدم الاجتماعي حتى. ومع ذلك، غالباً ما تواجه الأفكار الجديدة عقبات كبيرة فيما يتعلق بتبنّيها، إذ قد يجد الجمهور صعوبة في تقبّلها أو حتى فهمها.

والحل يكمن في رواية القصص، إذ تُظهر بحوثنا أنه يمكن للمبتكرين الذين يرغبون في دعم المنتجات غير التقليدية استخدام هذا النهج. وحددنا في هذا المقال 3 استراتيجيات قائمة على القصص يستخدمها بائعو المنتجات غير التقليدية بنجاح: استخدام الأفكار التجريدية بدلاً من سرد التفاصيل، وتأليف قصص متماسكة، وربط القصص بسياقات مألوفة للمشترين. ويمكن للمبتكرين غير التقلديين جعل منتجاتهم الفريدة أكثر توافراً وجاذبية للجمهور الأوسع من خلال اعتماد هذه الاستراتيجيات الثلاث.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .