تُعتبر الرؤى المستندة إلى البيانات أساسية للشركات التي ترغب في تحسين عملياتها أو في تقديم منتج جديد أو خدمة جديدة، كتجربة العميل المصمَّمة مثلاً. ولكن، تفتقد بعض الشركات للأدوات اللازمة لتحليل بياناتها، رغم توفر عرض كبير للموارد، في حين تملك شركات أخرى الموارد اللازمة للتحليلات، ولكنها تفتقد وفرة البيانات الضرورية لتشكيل رؤى ذات جودة. فكيف يمكن البحث عن شركاء في أعمال البيانات في الشركات؟
وحتى عندما تتوفر البيانات والتحليلات المحوسبة معاً، قد يكون من الذكاء أن تجمع الشركة الموارد، ومن الممكن أن تشتري شركة كبيرة، تسعى لاكتساب رؤى أفضل من بياناتها، شركة تقنية ناشئة، كطريقة لتحقيق أهدافها بسرعة أكبر. يوجد خيار آخر قابل للتطبيق، هو النظر في شراكات الابتكار، فهي قادرة على تأمين الوصول القيّم إلى التقنية والكفاءات مع التزامات قليلة.
كيفية البحث عن شركاء في أعمال البيانات
يمكن أن تكون الشراكات الابتكارية مفيدة للطرفين، لأنّ الشركة الكبيرة الراسخة، التي تعقد شراكة مع شركة تقنية ناشئة جديدة، سوف تستفيد من التعاون مع التقنيات الجديدة. أيضاً، سوف تكتسب الشركة الناشئة القوة والدعم من شريكتها الأكبر، في الوقت الذي تستمر فيه بتنمية علامتها التجارية وتوسيع عملياتها.
حدِّد الشريك والهدف المناسبين عند البحث عن شركاء في أعمال البيانات
يبدو عقد شراكة بين مؤسسة قديمة وشركة ناشئة شكلاً بديهياً، إلا أنّ أنواع الشركات التي يُمكن أن تستفيد من عقد تحالف تكاد تكون لا نهائية. وكما هو الحال في أي علاقة، من الضروري أن يكون لدى المؤسستين ثقافة وقيم متماثلة، إضافة إلى الهدف المشترك.
اقرأ أيضاً: لماذا يحتاج علم البيانات إلى موظفين ذوي خبرة عامة وليس إلى موظفين متخصصين؟
ويجب أن يكون الهدف نفسه شديد التركيز على الحلول التي تصب في مصلحة المستخدم النهائي. مثلاً، عام 2017، عقدت شركة "آي بي إم" (IBM) شراكة مع "اتحاد كرة المضرب في الولايات المتحدة" من أجل إنشاء برنامج "آي بي إم سلام تراكر" IBM SlamTracker الذي يمنح المعجبين طريقة جديدة لتصور الإحصاءات في مباريات "ويمبلدون" (Wimbledon) و المباريات المفتوحة في الولايات المتحدة، مع رفع أرباح تقنية شركة "آي بي إم" في الوقت نفسه. وعام 2014، عقدت شركتا "سبوتيفاي" (Spotify)، و"أوبر" (Uber) شراكة من أجل تطوير برنامج تحكم صوتي لبرنامج "أوبر" المخصص للمستهلكين، وأدت هذه الخطوة إلى تحسين تجربة الراكب في التنقل، مع تقديم الشركتين إلى مجموعة أكبر من الزبائن.
من أجل تكرار نجاح هذا النوع من الشراكات، يجب أن تنظر الشركة من منظور عملائها، لتتعرف على المشكلة التي تحتاج إلى حل. وإذا كان الشريكان متفقان على الحاجة إلى العمل المشترك لحلها، فسوف تنجح العلاقة بينهما على الأغلب. ولكن إذا كانت الشراكة من طرف واحد، أو نشأت من باب الإجراءات الرسمية أو الدعاية فقط، فمن غير المحتمل أن ينتج عنها ما يُفيد أياً من الطرفين.
اقرأ أيضاً: لماذا لا يمكن لدول العالم الاعتماد على تشريعات الاتحاد الأوروبي لحماية البيانات؟
فكر في الأمور الصغيرة لتتمكن من التفكير على نطاق واسع
ليس بالضرورة أن يكون الشريك شركة كبيرة تملك مجموعة هائلة من الموارد. في شركتنا "إكس بي أو" (XPO)، نسعى عادة لبناء التقنية التي سوف تشكل فاعليتها فارقاً بالنسبة لزبائننا وموظفينا. ونعقد عادة شراكات مع شركات تقنية صغيرة جداً، تستطيع إضافة شيء محدد إلى سلسلة التوريد. مثلاً، رغم أن نوعاً جديداً من قابض يد الروبوت قد يبدو أقل أهمية من روبوت كامل، إلا أنّ الشراكة التي تتمتع بدرجة عالية من التخصص لديها إمكانات كبيرة لتحسين الكفاءة.
الوقت المثالي للتشارك مع شركة تقنية صغيرة هو في مرحلتها الجنينية، فغالباً ما تتوق الشركات الناشئة للعمل مع الشركات الراسخة. وقد وجدنا أن نقطة البدء الجيدة هي العمل على بضعة مشاريع تجريبية تتيح لنا تقديم الآراء والتقييمات للشركة الناشئة، وإجراء تقييم سريع لمدى ملاءمة المنصة لأهدافنا وتقنياتنا الحالية.
لا تخف من أن تكون الأول
ستكون بعض فرص الشراكة واضحة، في حين تأتي فرص أخرى من أماكن غير متوقعة. مثلاً، عقدتْ شركة "إكس بي أو" شراكة مع برنامج "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" (إم آي تي) للاتصال الصناعي (ILP). قد لا تبدو الشراكة بين شركة للخدمات اللوجستية وجامعة أمراً بديهياً، وفي الحقيقة، لم يتشارك برنامج "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا للاتصال الصناعي" مع شركة خدمات لوجستية من قبل، رغم برنامجها لإدارة سلسلة التوريد الذي يحظى باحترام كبير.
اقرأ أيضاً: لماذا لا تكون البنوك هي الحامي الأساسي لبيانات العملاء الخاصة؟
تمكنت هذه الشراكة بالفعل من الوصل بين الأدمغة اللامعة وإمكانات البحث في برنامج معهد "ماساتشوستس للتكنولوجيا" للاتصال الصناعي، وفريق التقنية لدينا والبيانات التي جمعناها على مدى أعوام من عمليات سلاسل التوريد. كما أنها أضافت طبقة من المصداقية إلى عملية التوظيف، أو بيع الخدمات للزبائن المحتملين. إضافة إلى أننا نُضفي حالياً الطابع الرسمي على تخفيض رسوم التعليم في "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" لموظفينا، ومنحهم إمكانية الوصول إلى منهاج المعهد على الإنترنت، كما سوف يكتسب الطلاب في برنامج إدارة سلسلة التوريد لمعهد "ماساتشوستس للتكنولوجيا" خبرة حقيقية في العمل على أرض الواقع من خلال العمل مع شركة "إكس بي أو"، والاستعداد لحياة مهنية ناجحة.
أحد الأسباب التي تجعل الشراكات جذابة جداً هو أنها تقدم المرونة اللازمة للانسحاب، فعقلية "افشل بسرعة"، المستمرة منذ عقود، ما تزال صالحة في العصر الرقمي، وتنطبق على العلاقات بين الشركات كما على المشاريع الجديدة. ولذا، أحثُّ قادة الشركات على البحث عن شركاء في أعمال البيانات وعن شراكات مستندة إلى البيانات في المجالات التي تقع خارج حدودهم. كن مستعداً للانسحاب من شراكة لا تحقق النتائج المرجوة، ولكن كن الأول في تجربة التحالفات غير البديهية.
اقرأ أيضاً: لماذا تحتاج المستشفيات إلى التخصص في مجال البيانات؟