هل ينبغي لك الانضمام إلى الشركات العائلية؟

6 دقائق

تخرج رامي (اسم وهمي) من الكلية في يوم الجمعة، وبعد ثلاثة أيام سيبدأ يومه الأول ضمن شركة عائلته. لم يفكر رامي كثيراً في هذا الاختيار؛ فقد ترعرع في شركة عائلته لإنتاج المشروبات التي أسسها جده واستماله والده للانضمام إليها. كان هذا هو إرث العائلة، كما قال والده، ويوماً ما سيصبح رامي هو الرئيس التنفيذي للشركة، أو على الأقل هذا ما سمعه.

وبعد 20 عاماً، سارت الأمور بشكل خاطئ. وعلى الرغم من أنهم يعملون جنباً إلى جنب، كان رامي ووالده بالكاد يتحدثان معاً بعد انفجارهما غاضبين في غرفة اجتماعات مجلس إدارة الشركة. وفي أحلك اللحظات التي يمر بها، كان رامي يفكر في رفع دعوى قضائية ضد والده بداعي خرق الواجب الائتماني. لقد كان إقحام رامي في الشركة بعد تخرجه من الكلية مباشرة خطأً بكل المقاييس. كان رامي ووالده يعقدان آمالاً كبيرة على انتقال الأجيال، ويتقاسم كلاهما اللوم فيما سارت عليه الأمور الآن، ولكن بعد عقدين من تكريس نفسه للعمل في شركة العائلة، يشعر رامي بالقلق من أنه أضاع أفضل سنوات حياته المهنية، وتبدو علاقته مع والده متدهورة إلى الحد الذي لا يمكن إصلاحها.

يحقق بعض الأشخاص النجاح عندما يقرروا بدء حياتهم المهنية في شركات عائلاتهم، لكن الآخرين يفشلون ويشعرون بمرارة الندم على قرارتهم. وقال رامي بحسرة مؤخراً: "سأخسر عملي وسأخسر والدي". يحدث مثل موقفه هذا مراراً وتكراراً، ويُعد هو السيناريو الأسوأ لما يمكن أن يسير على نحو خاطئ عندما تكرس نفسك للعمل في شركة عائلتك في وقت مبكر للغاية من حياتك المهنية.

يمكن أن يكون قرار قبول أي عرض عمل بدوام كامل صعباً، ولكن في حالة الشركات العائلية قد تكون الخيارات أكثر تعقيداً؛ إنه عقد اجتماعي غير معلن بقدر ما هو عقد توظيف، وقد تستمر العواقب لفترة أطول بكثير. ومن واقع تجربتنا، يمر حتى أفضل أفراد العائلة من حيث الإمكانيات بوقت صعب في التغلب على المزيج العاطفي المعقد من التوقعات والالتزامات وعدم اليقين والرغبة في النجاح المهني عند مواجهة القرار.

في كثير من الأحيان، يخشى الأشخاص الذين يفكرون في الانضمام إلى الشركات العائلية أن يبدوا إما جاحدين وإما مخوّلين؛ ولذلك لا يطرحون أسئلة مهمة. إنهم يفترضون فحسب، ويأملون أنّ رغبة آبائهم في انضمامهم إلى الشركة ستعني أنّ لديهم حياة مهنية واعدة أمامهم، ومن المحتمل أن تقودهم إلى الملكية ومقعد الرئيس التنفيذي للشركة. ولكن – كما تعلّم رامي بالطريقة الصعبة- الأمور لا تسير دائماً هكذا.

ينبغي للنشأة في محيط شركة عائلية أن توفر للأجيال الشابة رؤى فريدة عن نقاط قوتهم ونقاط ضعفهم وإمكانياتهم وتصوراً عن كيفية تطوير حياتهم المهنية في الشركة. ولكن في الغالب لا تُمنح هذه الأجيال سوى لمحة بسيطة عن الشركة؛ الجزء الذي يريدهم الجيل الأكبر أن يروه.

هناك بعض علامات التحذير من أنّ انضمامك إلى شركة عائلتك قد لا يكون قراراً صائباً بصرف النظر عن الظروف. على سبيل المثال، إذا لم تكن علاقتك بوالدك أو والدتك (أو أي كان القريب الذي يملك ويدير الشركة) على ما يرام، فإنّ انضمامك إلى الشركة لن يجعل الأمور أفضل على الأرجح، بل قد يزيدها سوءاً في الواقع.

وبدلاً من ذلك، نوصي بالحصول على وظيفة بعيداً عن الشركات العائلية والحصول على ترقية قبل أن تقرر الانضمام إلى شركة عائلتك. من خلال إثبات نفسك أولاً خارج شركة العائلة، ستكون قد أثبتّ لعائلتك ولزملائك المستقبليين، والأهم من ذلك لنفسك، أنّ لديك شيء حقيقي لتقدمه إلى شركة عائلتك. وكما أخبرنا أحد العملاء قائلاً: "نود أن تحقق أجيالنا القادمة نجاحاً خارج شركة العائلة قبل الانضمام إليها؛ وبالتالي، حينما نطلب منهم العمل بجد، هم يدركون أنّ هذا ما سيطلبه أي شخص منهم".

وعندما تنضم إلى الشركة العائلية، ينبغي أن يكون ذلك في وظيفة حقيقية بالشركة، وليست وظيفة صممها والدك من أجلك. على سبيل المثال، نحن على علم بإحدى الشركات العائلية التي رُحب فيها بخمسة أبناء يحصلون على راتب مذهل يبلغ 400 ألف دولار أميركي. كان بعض الأبناء يعملون بجد، في حين كان يقضي الآخرون وقتاً أطول في ملعب الغولف؛ فازدادت حدة التوترات بسبب عدم المساواة بينهم.

ولكن في أية لحظة تفكر في الانضمام إلى الشركة العائلية، أنت بحاجة إلى أن تسأل نفسك مجموعتين من الأسئلة الأساسية لتوجيه قرارك. ينبغي أن تكون أول ثلاثة أسئلة موجهة إلى نفسك، وينبغي أن تُطرح الأسئلة الثلاثة الأخرى على رئيس شركة عائلتك مباشرة (المالك الذي يدير الشركة)

الأسئلة التي يجب أن تطرحها على نفسك

ما الذي يحفزك للانضمام؟ قد تتنوع الإجابات عن هذا السؤال من "أبي يتوقع مني أن" إلى "سأبذل قصارى جهدي للوصول إلى القمة". ليس هناك حافز واحد صحيح (وأحياناً يكون هناك القليل منها)، لكن المهم هو أن توضح أسبابك وتتأكد من أنها جيدة بما يكفي لتوفير الأساس لعملية اتخاذ قرارك. هل مصدر حافزك ينبع من شغفك بالشركة، أم أنك تتعرض لضغوط خارجية؟

هل العلاقات الشخصية بين كبار العائلة صحية بما فيه الكفاية؟ لا يحتاج كبار العائلة إلى أن يحبوا بعضهم البعض دائماً، لكنهم بحاجة إلى اتخاذ قرارات جيدة معاً. هل ترى دليلاً على أنهم يمكنهم اتخاذ قرارات جيدة معاً بشأن مستقبل الشركة؟ هل هناك أي دليل يؤكد أنهم سيكونون صريحين وبناءين معك؟ هل تعتقد أنّ مجموعة الأشخاص المهمين (الآباء والأشقاء والأقارب) ستدعمك خلال الأزمات الحتمية التي تواجه كل شركة ووظيفة؟ وفي المستقبل، هل تعتقد أنّ علاقاتك الخاصة في العائلة يمكن أن تتحمل ضغوط العمل معاً؟

هل من المقبول أن أكون في دائرة الضوء باستمرار؟ يميل الموظفون غير المنتمين للعائلة إلى مراقبة أفراد العائلة عن كثب، وستنعكس كيفية تصرفك على عائلتك بأكملها سواء للأفضل أو للأسوأ. ستكون مميزاً ولن تُعامل أبداً كما لو كنت في شركة أخرى، وهذا ليس أمراً سهلاً دائماً، ولا تختفي دائرة الضوء عنك عندما تغادر الشركة ليلاً. ستكون الحواجز الأساسية بين عملك وحياتك الشخصية غير واضحة، وسيكون التدقيق في مدى جودة الأداء قوياً من كلا الجانبين. هل يمكنك تحمل ذلك؟

الأسئلة التي يجب أن تطرحها على رئيس شركة عائلتك

كيف ترى مسيرتي المهنية؟ يتوجب عليك أن تفهم كيف ستتطور حياتك المهنية في الشركة العائلية. اسأل: ما الفكرة التي لديكم عن كيفية تطوري في شركة العائلة؟ من سيعمل على تطويري وتقييمي؟ وبمجرد أن انضم إلى الشركة، هل سيكون ذلك بمثابة عقوبة السجن مدى الحياة؟ ماذا يحدث إذا لم أؤدّ جيداً في هذه الوظيفة تحديداً؟ وما هي أفكاركم حول كيفية نقل الإدارة في المستقبل؟ وكيف سأعرف أنني أنجح؟

هل هناك مسار يؤدي إلى ملكية الشركة؟ يجب عليك أن تسأل، لا أن تفترض فحسب، عن مكانك في هيكل ملكية الشركة الحالي وفي المستقبل. اسأل: من يملك هذه الشركة الآن؟ ما هي الخطط (إذا كان هناك أي منها) لنقل الملكية إلى الجيل القادم؟ كيف تتخيل أنك ستتسلم ملكية الشركة رسمياً في مرحلة ما؟ هل تفكر في إضافة أي ملّاك غير منتمين للعائلة؟ هل يجب أن أعمل في الشركة لأصبح مالكاً مستقبلياً أو لكي أستفد من الملكية، هل ستُطبق القواعد ذاتها على أي أقارب آخرين يفكرون في القرار ذاته الذي أفكر فيه الآن؟ هل هناك اتفاق بين المساهمين يمكنني قراءته لفهم قواعد الملكية؟

ما هي رؤيتك عن الشركة؟ من الضروري أن تفهم، وتتشارك بشكل مثالي، خطط القيادة الحالية للشركة. اسأل: كيف تتصور الشكل الذي ستبدو عليه الشركة بعد 20 عاماً؟ هل تريد أن تنميها أو استنزافها للحصول على النقود، أو شيئاً بين هذا وذاك؟ ماذا تفعل الشركة الآن لتبتكر نفسها من جديد وتحافظ على وضعها على المدى الطويل؟ ماذا يمكنني أن أفعل للمساعدة في دعم مستقبل الشركة والمساهمة في نجاحها المستمر؟ كيف نضمن أن تبقى علاقتنا الشخصية صحية، بغض النظر عن مدى نجاح ذلك؟

لا توجد إجابات سحرية عن هذه الأسئلة، لكن يمكنها معاً أن توفر الأساس لمناقشة صحية مع القيادة الحالية للشركة. يمكنك وينبغي لك أن تجري محادثة مثمرة عن مسارك المهني المستقبلي في الشركة العائلية. على سبيل المثال، لا ينبغي لك الانضمام للشركة إذا كان سيتم تدليلك بأقصى قدر ممكن.

وإذا كنت لا تشعر بالارتياح من طرح هذه الأسئلة الأساسية على القيادة الحالية؛ فيمكنك أن تجرّب ذلك مع أحد مستشاري والدك الموثوقين أو الوالد الذي لا يعمل في الشركة. اسألهم مباشرة: "هل كنت لتنضم إلى هذه الشركة لو كنت مكاني؟". في أغلب الأحيان، يمكن أن تقدم إجاباتهم أدلة معبرة عن حالة الشركة وآفاق حياتك المهنية في ظل القيادة الحالية. ولكن في النهاية، من الضروري أن تتجه مباشرة بأسئلتك إلى والدك، ومن المهم تفسير سبب صراعك مع القرار. إذا كان لا يمكنك فعل ذلك؛ فكيف ستتعامل مع المشاكل الأكثر صعوبة التي ستكون حتماً مهمة فيما بعد.

يحق لك معرفة الهيكل والقواعد والعمليات التي ستمكنك من النجاح في الشركة العائلية، قبل أن تنضم إليها. أو على الأقل ينبغي لك إجراء محادثة صريحة وصادقة عن كيفية بناء العمليات الصحيحة. إذا أتيت إلى المحادثة، بعد أن كانت لديك خبرة سابقة في شركة أخرى، ستتفاعل مع والدك (رئيس الشركة) على أساس أكثر توافقاً، بدلاً من أن يكون مثل حديث الوالد لولده. على سبيل المثال، كانت إحدى أفراد إحدى العائلات، التي تتمتع بإمكانات عالية، قادرة على الاستفادة من مسيرتها المهنية الناجحة في إحدى شركات وادي السيليكون لضمان أنّ والدها كان يقدّر مواهبها ومساهمتها بالشكل المناسب.

ربما تكون مثل هذه المحادثات صعبة إذا كنت لم تحظ بهذا النوع من التفاعل مع والدك في الماضي. لكن مثلما تعلّم رامي بالطريقة الصعبة؛ فإنّ ترك الإجابة عن بعض الأسئلة الأساسية (والعشرات من الأسئلة التي يحق لك طرحها لأنك بصدد اتخاذ أحد أهم القرارات في حياتك) للقَدَر ربما لن يكون جيداً في النهاية على المدى الطويل. من الأفضل أن تطرح الأسئلة الآن؛ لأنك لن تكون في موقف أفضل مما أنت فيه أبداً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي