إليك الحل لإمكانية المخاطرة في المسار الوظيفي تحديداً.
سؤال من قارئ: أعمل حالياً كإداري في شركة تقنية عالمية. وتسير الأمور على نحو جيد. من الأرجح أنني لست موظفاً متميز الأداء في المسار السريع للنجاح، ولكنني دائماً ما أفوق التوقعات بالنسبة لمستواي. أتوقع أن تتم ترقيتي إلى منصب أحد كبار الإداريين في العام القادم. وأنا الآن عند مفترق طرق. إذا بقيت في هذا المسار، فمن الأرجح أنني سأقضي عامين إلى ثلاثة أعوام في استكشاف مهامي. فكرت بالسعي وراء مناصب جديدة في شركتي الحالية، ولكنني بالفعل في المجموعة الأكثر إثارة للاهتمام بالنسبة لي. ومن جانب آخر، فأحياناً أصادف فرصاً مثيرة للاهتمام للعمل كأحد كبار المسؤولين التنفيذيين أو نائب الرئيس في شركات آخذة في النمو. أحب جهة التوظيف الحالية، ولديّ مدير رائع، وأستمتع بالعمل الذي أقوم به. وفي نفس الوقت، ثمة إغراء يتمثل في تولي مسؤوليات أوسع في مؤسسة تنمو بوتيرة أسرع، إضافة إلى جاذبية فرصة ما قبل الاكتتاب العام الأولي. ويوجد اعتبار أخير يكمن في أنني في منتصف الأربعينات، وقد رأيت بعض نظرائي يواجهون صعوبات في إيجاد فرص متقدمة بما يكفي على المدى البعيد، خصوصاً إذا كان منصبهم الحالي لا يسفر عن نجاح. مناصب الإداري ونائب الرئيس الجديدة في الشركات الممتازة لا تظهر كل يوم. حققت نتائج جيدة على الصعيد المالي، ولكنني لا أتمتع بمكانة اقتصادية ربما تسمح لي بالتقاعد لعشر سنوات أخرى أو أكثر، ولهذا فسؤالي هو:
هل يمكنني المخاطرة في المسار الوظيفي وهل يجب أن أغير مساري من شركة مستقرة كان لي فيها سجل إنجازات طويل والتوجه إلى شيء أخطر؟
يجيب عن السؤال حول إمكانية المخاطرة في المسار الوظيفي تحديداً:
دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
كلاوديو فيرنانديز أراوز: كبير المستشارين في شركة إيجون زيندر (Egon Zehnder) للبحث عن المسؤولين التنفيذيين، وزميل تنفيذي في كلية هارفارد للأعمال، ومؤلف كتاب "ليس المهم كيف وماذا، بل المهم من" (It’s Not the How or the What but the Who).
كلاوديو فيرنانديز أراوز: يقلقني أنّ شخصاً في منتصف الأربعينات من عمره يتحدث عن احتمال التقاعد إذا حصل على الفرصة بعد 10 سنوات من الآن. أعني بسبب الصحة العقلية والنفسية والعاطفية، سيرغب في العمل بطريقة هادفة.
أليسون بيرد: أنت تعتقد أنّ هذه إشارة كبيرة على أنه منفصل عن وظيفته الحالية أكثر بكثير مما يعتقد.
كلاوديو فيرنانديز أراوز: أرى أنّ مشكلته ليست فريدة. الكثير من الناس الذين يرون الحياة ومسارهم المهني كخط حقاً، عملية تتابعية حيث تبدئين أولاً بالتعلم، ثم الكسب، ثم تعودين. أعتقد أنّ سؤاله الحقيقي يتعين أن يكون: حسناً، ما الذي أحبه حقاً، وما هو شغفي.
دان ماغين: إنه يفكر في الانتقال إلى شركة ناشئة ذات مخاطرة عالية، ويبدو أنّ من المعقول التفكير بشأن الصورة المالية الإجمالية لديه إذا كان يفكر بالقيام بشيء ما أكثر مخاطرة مما يفعله الآن.
كلاوديو فيرنانديز أراوز: لكنك ترى أن هذا يمثل امتلاكك ردة فعل إزاء شيء يحدث معك، بدلاً من اعتبارك استباقياً تجاه الحياة التي تريد في الوضع المثالي أن تحيا من أجلها، من أجل أحبابك، ومن أجل المجتمع. وبهذا يتعين أن يكون السؤال ماذا عليّ أن أفعل في الوضع المثالي على المدى الطويل، وبناء على أي هذين البديلين أو البدائل الأخرى التي أستطيع إيجادها، فسأقترب من ذلك.
أليسون بيرد: واللافت للنظر أنه يريد أن يستكشف فرصة هذه الشركة الناشئة لأنه يعتقد أنها ستكون مثيرة أكثر، ولكنه قلق لأنه في منصب مستقر جداً في الوقت الحالي، وهو يتسلق درجات السلم، وهذه شركة ممتازة، ويبدو أنّ البقاء في مكانه أقل خطراً من الخيارات الأخرى.
أليسون بيرد: ولكنه يريد حقاً تجربة هذا الشيء الأخطر، لذا كيف يمكننا تحييد الخطر بالنسبة له؟
كلاوديو فيرنانديز أراوز: يمكنه بذل الفحص النافي للجهالة، فإنّ أفضل متوقع مالي لنجاح ما قبل الاكتتاب العام الأولي هو ربحية المشروع في هذه المرحلة ما قبل الاكتتاب العام الأولي. لذا سأدرس هذا الأمر حتى أفهم هل هذه مخاطرة بنسبة 10% أم بنسبة 90%، ومن الجيد أن أعرف ذلك، أليس هذا صحيحاً؟ الآن، أنت تعلمين أنني كنت على مدار أكثر من ثلاثين عاماً أجري أبحاثاً عن كيفية دعم إمكانات الموظفين. والخبر السار هو أنّ ذلك لا يعني أنه إذا لم ينجح الأمر بالنسبة له بعد خمس سنوات من الآن فسيذهب ما فعله عبثاً. لا، بل سيكون كما يريد، على افتراض أنه مستعد لمواصلة التعلم. إذا كان يحب هذا حقاً، والمخاطرة ليست غبية، فسأمضي قدماً في هذا الاتجاه. ولكن على الرغم من ذلك فإنني أعتقد أنه يتعين عليه إعادة النظر في فكرة التقاعد بعد عشر سنوات، واسمحي لي أن أقول لك إنّ ذلك لن يحدث. وإذا حدث ذلك فسيكون في وضع بائس.
أليسون بيرد: ثمة شيء واحد أريد منه التركيز عليه وهو الفكرة التي تقول الكسل قد يكون أخطر في واقع الأمر أخطر من العمل، وقد أشير إلى ذلك في مقالة كتبتها آن كريمر لنا. بالتأكيد هو يعمل في شركة ممتازة، وعلى الأرجح أنها لن تفلس، ولكن قد تُحدث ركوداً حقيقياً في مساره المهني أو تصل به إلى مستوى لا يحدث عنده ذلك التقدم بسبب وجود الكثير من الموظفين المتنافسين. وأعتقد أنك محق في أنّ نوع الشركة التي يختارها لاحقاً مهم جداً. يتحدث جيفري باسجانغ، وهو صاحب رأس مال مغامر (أو رأس مال جريء)، عن شركاتهم الناشئة التي في مرحلة الطريق الموحلة والتي في مرحلة الغابة، حيث يشق الناس طريقهم من خلالها، أو يصعدون من فوق المطبات والحفر. ولكن يمكنك إيجاد شركات في مرحلة الطريق السريع، ومرحلة ما قبل الاكتتاب العام الأولي، التي تبدو مريحة أكثر بالنسبة له كشخص قادم من بيئته، وقد تكون الخطوة الصحيحة، كما تعلم. لأنها تقدم فقط ذلك المستوى الإضافي من النشاط والطاقة التي يريدها.
كلاوديو فيرنانديز أراوز: أعتقد أنّ تعقيبك فيه نقطتان. النقطة الأولى هي أنك قد تصبحين "كالبطة العرجاء" الآن، لذا فالجمود هو بالتأكيد أخطر من اتخاذ إجراء ما. وبالحديث عن هذا الأمر، ما هو الإجراء الأفضل؟ يتعين عليه توسيع عالمه من البدائل، فقد يكون الإجراء الآخر شركة أخرى قائمة حيث يستطيع التقدم ويمكنه التعلم في منصبه وفي عملية تطوره على حد سواء، وحتى على الصعيد الاقتصادي. إذاً، لا تفكري فقط بهذين الخيارين. ولكنني أعتقد أنه في الولايات المتحدة إذا كان شخصاً مؤهلاً، فما هو الخطر؟
دان ماغين: أتقبل نقطتك حول عدم وجود علاقة ترابطية بين عمر الشخص وإمكاناته. ومن ناحية أخرى، خصوصاً في الولايات المتحدة، وتحديداً في بعض قطاعات الاقتصاد، ومن بينها قطاع التكنولوجيا المتقدمة، يوجد مفهوم سائد يتمثل في أنك عندما تتجاوز عمراً معيناً، إما ألا يتم تعيينك في شركة ناشئة، أو حتى إذا عُيّنت هناك فلن تنسجم بشكل جيد. وفي ذلك القطاع، خصوصاً في وادي السيليكون، يوجد مفهوم سائد يقول إنّ ثمة انحيازاً كبيراً هناك.
كلاوديو فيرنانديز أراوز: الانحياز القائم على أساس السّن يحدث على الرغم من أنه غير قانوني في الولايات المتحدة وفي الكثير من الدول.
دان ماغين: ولكن هل تعتبر تلك حجة للقيام بهذا التغيير الآن؟
كلاوديو فيرنانديز أراوز: يتعين عليه القيام بهذا التغيير الآن إذا كان تغييراً جيداً حقاً.
أليسون بيرد: يبدو أنّ جزءاً مما يقوده إلى الرغبة بالانتقال ليس المال فحسب، إنما الإحساس كما لو أنه يعمل في بيئة كبيرة، وهو يستمتع بذلك بالفعل، حيث يوجد لديه مدير رائع، ولا يعتقد أنّ ثمة فرصة ليصبح نائب الرئيس أو في منصب كأحد كبار المسؤولين التنفيذيين هناك. هل هو على صواب في التفكير بذلك؟
كلاوديو فيرنانديز أراوز: نحن لا نعرف تفاصيل الأمور. ولكن إذا كان عليّ أن أخمن، فأعتقد أنه على الأرجح مخطئ. لأنه، سأعيد ما قلت آنفاً، شخصية معروفة في تلك المؤسسة، وعادة ما تسير الترقيات داخل المؤسسة على نحو أفضل من تبديل المؤسسات.
دان ماغين: ثمة دائماً فرصة أنه على الرغم من عدم تميزه على صعيد الأداء، ربما تنظر إليه الشركة باحترام كبير أكبر مما يعتقد. ربما يرونه كشخص ذي إمكانات كبيرة حتى لو لم يخبروه بذلك على نحو جيد. يستكشف بحث أعدّه جاي كونجر تلك المسألة بالضبط، وهي الفكرة بأنّ الموظفين يوصفون أحياناً كأصحاب إمكانات عالية، ولكنهم لا يدركون ذلك، وهم يتركون الشركة دون علم بما كانت ستؤول إليه الأمور.
أليسون بيرد: أتذكر سؤالا كان فيه الكاتب سعيداً تماماً إزاء مؤسسته، وأحب مديره، وكان يجني أجراً جيداً، ونصحناه بترك عمله؟
دان ماغين: الجملة الأساسية في سؤاله كانت: أحب مهنتي وأصحاب العمل، ولديّ مدير رائع، وأستمتع في العمل الذي أقوم به. إذاً، ليس لديك مشكلة هنا.
أليسون بيرد: أعتقد أننا بدأنا مع هذه الفكرة في أنه يقول كل هذه الأشياء ولكن لا بدّ أنه غير مشارك بطريقة ما.
دان ماغين: هو يقول أيضاً على الأرجح أنني لست موظفاً متميز الأداء في المسار السريع للنجاح. أعتقد أنّ السؤال الجوهري هو ما مدى الإشكال في كونه موظفاً غير متميز الأداء في المسار السريع للنجاح بالنسبة له، وإذا كان ذلك حقاً ما يحتاجه فهو التوتر بين هذين. ليس موظفاً متميز الأداء، وليس في المسار السريع للنجاح، بل أحب الشركة ومدير رائع وأحب العمل الذي أقوم به. إنه نوعاً في التوتر بين هذين.
أليسون بيرد: إذا لم يكن موظفاً متميز الأداء في المسار السريع للنجاح في هذه المؤسسة، فهل يتعين عليه أن يتحلى بالثقة بأنه سيكون كذلك في الشركة التالية التي يذهب إليها؟
كلاوديو فيرنانديز أراوز: أتذكر ذات مرة أنني كنت أجري محادثة مع جاك ويلش، وأخبرني أنّ شخصاً غادر جنرال إلكتريك ويشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة ما في إيطاليا اتصل به وقال يا جاك ألا تمانع لو قمت بتوظيف هذا الشخص ليأتي ويعمل معي في إيطاليا؟ وقال جاك: لا مانع لديّ، ولكنني مندهش لأننا لطالما اعتبرناه موظفاً متدني الأداء. وردّ عليه الشخص الآخر قائلاً: ليس في المكان الذي أجلس فيه. إذاً، كما تعلمين، يوجد بعض الأشخاص الذين قد يكونون مناسبين أكثر في أماكن أخرى. أعني أنّ بإمكانه أن يكون موظفاً متميز الأداء في مكان آخر.
أليسون بيرد: لقد تحدثنا عن استكشافه للفرص التي قد يحصل عليها في مؤسسته في بعض شركات ما قبل الاكتتاب العام الأولي والشركات الأشبه بالشركات الناشئة، وأعتقد أنه قد يرغب أولاً باختبار الوضع المالي قليلاً لرؤية فيما إذا كانت هذه خطوة بوسعه القيام بها.
أليسون بيرد: لأنّ ذلك يبدو كشيء يشعر بالقلق إزاءه. نشر راسل كلايتون مقالة يتحدث فيها عن محاولة العيش مع مستوى الدخل الجديد الذي تتوقعه، ورؤية فيما إذا كنت تمتلك القدرة على وضع صندوق مال لحالات الطوارئ، ولا يتحدث كاتب السؤال عن الأسرة، ولكنني أتصور أنه إذا كانت لديه زوجة، ربما يكون من المهم اختبار قدرتها على تحمل هذا الخطر.
دان ماغين: خصوصاً بالنسبة لشخص ضمن هذه الفئة العمرية، فإننا لا نعرف أي شيء عن الوضع الأسري، ولكن متى سيغادر الأطفال منزل الأهل، ومتى سيحين موعد مصاريف الجامعة؟ توجد شتى أنواع الالتزامات المالية في الحياة، وعندما تدخل إلى هذا النوع من الحسابات التي تخص حياتك الأسرية، تصبح مهمة حقاً.
كلاوديو فيرنانديز أراوز: وآخر شيء سأفعله هو تطبيق شجرة قرار، والتساؤل عما سيحدث لو فشل الأمر، وما سيحدث لو نجح، وما سيحدث بعد ذلك. وبهذا، يجب عليك على الأقل أن تخطط لخطوتين لاحقتين الآن كلما أخذت بعين الاعتبار قراراً يتعلق بمسارك المهني عندما تكون عند مفترق طرق. يتعين عليك أن تجري ذلك التحليل، أليس كذلك؟
أليسون بيرد: يجب عليه أن يعثر على شركة جيدة ستصبح شركة ممتازة، ثم سيصبح الرئيس التنفيذي.
دان ماغين: نعتقد أنّ فكرته بأنه سيتقاعد خلال 10 سنوات أو نحو ذلك ليست الطريقة السليمة للتفكير بهذا الأمر. إنه في سن الشباب ولربما ما زال ينتظره مسار مهني طويل في المستقبل، ويتعين عليه التفكير بشكل أقل عن كيفية قضاء السنوات العشر المقبلة والتفكير أكثر بما سيفعله على المدى الطويل، وما هو شغفه الحقيقي. ونحن قلقون من أنه حسّاس إلى حد ما في رؤية خيارين فقط أمامه. وإما أنه يركز على الوظيفة التي بين يديه أو الدعاية لمنصب كأحد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة ناشئة رآها. نعتقد أنه إذا أراد حقاً المضي في استكشاف الفرص، فعليه أن يستكشف جميع الخيارات، والتي قد تتضمن الانتقال إلى شركة ممتازة أخرى. إذا أراد حقاً الانتقال إلى شركة ناشئة، فيمكنك إيلاء الفحص النافي للجهالة لمحاولة الوصول إلى فهم أفضل لاحتمال نجاح الشركة الناشئة. وبعد كل شيء، نعتقد أنه بحاجة إلى تحديد فيما إذا كان سيكون سعيداً في وظيفته الحالية، التي يحبها، ولكنه ليس موظفاً متميز الأداء فيها، وإذا كانت الإجابة بـ "لا"، وأنه يحتاج أن يكون كذلك، عندها سيتعين عليه إيجاد فريق مختلف حيث يمكنه أن يشغل المنصب الذي يريده. وأخيراً، نعتقد أنه بحاجة إلى التفكير ليس فقط بحياته المهنية، بل بحياته الشخصية أيضاً. هذا قرار معقد للغاية، التفكير بخيارات أكثر، وقد يساعد إيلاء اهتمام أكثر وبعض الاعتبارات الأشمل في تحقيق ذلك.
اقرأ أيضاً: