كيف يتفاعل المستثمرون عندما تُعلن الشركات انتقالها إلى نموذج عمل البرمجيات؟

5 دقائق

أطلقت شركة "أدوبي" (Adobe) في 23 أبريل/نيسان 2012، نسخة الاشتراك من "ساس" أو البرمجيات باعتبارها خدمة (SaaS) من خط إنتاجها الرئيسي "كرياتيف سويت" (Creative Suite)، مما أدى إلى انخفاض صافي دخلها بنسبة 35% تقريباً في العام التالي. ولكن بحلول أبريل/نيسان 2016، تضاعفت قيمة سعر سهم "أدوبي" ثلاث مرات عما كانت عليه قبل أربع سنوات. أدى التحول الجذري للشركة من نموذج أعمال قائم على المنتجات إلى نموذج يعتمد على الخدمة إلى زيادة الدهشة في القطاع، ويتساءل العديد من موردي البرمجيات الآن عن الطريقة الجذرية التي ينبغي عليهم اتباعها في نموذج "ساس".

ونظراً للنمو السريع لسوق نموذج "ساس" والتقييمات العالية لشركاته الناشئة، يبدو أن التحرك نحوه أمر مقنع جداً لموردي البرامج التقليدية. على سبيل المثال، قدّرت شركة "إنترناشونال داتا كوربوريشين" (IDC)، عام 2014، إمكانية عرض أكثر من ربع تطبيقات المشاريع وفق نموذج "ساس" بحلول عام 2018، مقارنةً بالسدس عام 2013. إلا أن الانتقال إلى نموذج "ساس" ينطوي على تحديات هائلة: سوف تحتاج الشركات إلى تغيير بنيتها وثقافة المبيعات والحوافز وإقناع العملاء الحاليين والجدد على حد سواء بقيمة العرض الجديد.

ولفهم كيفية انتقال موردي البرمجيات التقليدية إلى نموذج "ساس" في حين إدارة تحديات التحويل، درسنا كيفية تفاعل سوق الأسهم مع الشركات المُدرجة علانية، والتي أفصحت عن رغبتها بتقديم عرض جديد من نموذج "ساس" من عام 2001 حتى نهاية عام 2015. وبالتالي ميّزنا (أولاً) ما إذا كانت الشركات تقدّم منتجاً جديداً تماماً أو منتجاً موجوداً بالفعل. (ثانياً) إذا كان المنتج الجديد يعتمد على نموذج "ساس" فقط أم سيكون هناك "بديل" معياري للمنتج. (إفصاح: يعمل أحدنا في "أمازون ويب سيرفيسيز" (Amazon Web Services)، وهي مزود للعديد من أعمال "ساس").

في حين أن إعلان نموذج "ساس" لا يقلل ولا يرفع من قيمة الشركة في المتوسط، إلا أننا نلحظ اختلافات كبيرة اعتماداً على تفاصيل ما أُعلن عنه. فضّل المستثمرون منتجات نموذج "ساس" على تحويلات المنتجات، وقدّروا أهمية وجود خيار بديل للمنتج. قد تغيّر هذه الخيارات تقييم الأسهم خلال اليوم بنسبة تصل إلى 3.5% و2.2%. إضافة إلى ذلك، وجدنا أن الشراكة مع مزود خدمة سحابية خارجي لعرض نموذج "ساس" يؤدي إلى زيادة 2.9% أخرى في سعر السهم يوم الإعلان، بدلاً من بناء البنية التحتية السحابية وإدارتها بنفسك.

ونقترح على صانعي القرار بناءً على هذه النتائج، اتباع ثلاث خطوات لإدارة تحديات التحول نحو نموذج ساس:

  • لا تتخلَ عن خيار برنامج "أون بريمس" (on-premise) الداخلي.
  • تأكد من أن المنتجات والعمليات والثقافة الحالية لا تعيق ازدهار نموذج "ساس".
  • التعاون والشراكة مع مزودي منصة السحابة.

فيما يتعلق بالنقطة الأولى، فإن تشغيل نموذجين للعمل في الوقت نفسه يعني ازدواجية الموارد، والذي بدوره قد يعيق نمو نموذج "ساس". يجب توفير تطوير البرمجيات والعمليات والدعم للعرضين، ولأنهما يختلفان عن بعضهما جداً، لا يمكن الوصول إلى وفورات الحجم بأي طريقة ممكنة مع نموذج عمل واحد فقط. على سبيل المثال، قدّر فريق الشؤون المالية في شركة "أدوبي" أن تكلفة تشغيل النموذجين جنباً إلى جنب ستكلفهم ضعفي ما يقدّمه واحد من النماذج. في الوقت نفسه، من غير المحتمل أن يؤدي موظفو المبيعات المكلّفين بإجراء صفقات الترخيص، إضافة إلى الصيانة الكبيرة، أعمالهم جيداً، أو أن يكون لديهم دافع لبيع حزم اشتراك شهرية أو سنوية أصغر.

حول البحث

يعتمد هذا البحث على منهجية دراسة الحدث التي تُستخدم غالباً لدراسة تأثير الأحداث التي تشهدها الشركات على أسعار أسهم الشركات المتداولة، مثل طرح منتجات جديدة أو وجود تغييرات في الفريق التنفيذي. وحددنا ما مجموعه 359 حدثاً من أحداث تقديم منتجات البرمجيات لخدمة (SaaS) باستخدام أداة البحث "داو جونز فاكتيفا" (Dow Jones Factiva)، وحسبنا قيمة الإيرادات المتوقعة لأسهم الشركات بناءً على أدائها السابق، وذلك بالمقارنة مع مؤشر "ستاندردز آند بورز 500" (S&P 500) ومؤشر بورصة "ناسداك" (NASDAQ Composite)، وقارنا قيمة هذه الإيرادات بالتغييرات الفعلية في سعر الأسهم يوم الحدث، بالإضافة إلى إجراء المقارنة نفسها في اليوم الذي سبق يوم الحدث واليوم الذي تلاه لنأخذ في الحسبان التوقعات وردود الفعل، وتمثّل الهدف من إجراء هذه المقارنة في استنباط قيمة الإيرادات التراكمية غير الطبيعية. ثم اعتبرنا قيمة هذه الإيرادات التراكمية غير الطبيعية متغيراً يعتمد على نموذج الانحدار المتعدد الذي يتحكم في التأثيرات الخاصة بالشركات، مثل القدرة الاستيعابية وحجم الشركات، بالإضافة إلى التأثيرات الخارجية مثل آثار تعلّم المستثمر (التي تقاس وفق متغير السلاسل الزمنية). وأخذنا في الاعتبار أيضاً ما يسمى الأحداث المزعزعة، وهو ما يعني الأحداث الأخرى التي قد تحدث حول دائرة الأحداث في الشركات والتي من شأنها التأثير على رد فعل سوق الأسهم على إعلانات البرمجيات لخدمة (SaaS). وتعاملنا مع هذه المشكلة بطريقة عملية من خلال الاعتماد على نموذج "هيكمان" المكون من مرحلتين لمحاولة تحديد ما الذي يجعل الحدث أكثر زعزعة، والنظر إلى أمثلة حول خصائص الشركات مثل نسبة المبيعات، ونسبة المبيعات لكل موظف، ونمو المبيعات، وأمثلة حول "الممتلكات والمصانع والمعدات" مقارنة بنسبة المبيعات.

على الرغم من هذه التحديات، وجدت دراستنا أن المستثمرين يزيدون من تقييمهم لسهم مورد البرمجيات بمعدل 2.2% إذا أوضح المورد في إعلانه أن عرض نموذج "ساس" يُقدّم بالتوازي مع نموذج ترخيص دائم. لا يبدو أن هذا ينطبق فقط على المنتجات الحالية مع وجود قاعدة مثبتة من العملاء، الأمر الذي يثير الدهشة. كما يُنظر إلى إطلاق منتج برمجي جديد مع كل من نموذج "ساس" ونماذج الترخيص الدائمة بنظرة أكثر إيجابية من قبل المستثمرين من إطلاق المنتج الجديد مع نموذج ساس فقط. يبدو أن هناك تنوعاً في متطلبات العملاء، مما يعني أن موردي البرمجيات لن يتمكنوا من الدخول إلى السوق بالكامل دون عرض ترخيص دائم.

وبالتالي، يجب على موردي البرمجيات ألا ينظروا إلى مثال "أدوبي" وخلق استنتاج مفاده أن نموذج بيع التراخيص الدائمة للبرمجيات غير مُجدٍ. بدلاً من ذلك، يجب عليهم التفكير في إيجاد طريقة لتسهيل نموذجي الأعمال لفترة انتقالية على الأقل. هناك مثالان رئيسيان لموردي البرمجيات الذين شغّلا بصبر نموذجي العمل بالتوازي في أثناء التحول إلى نموذج "ساس"، وهما "أوتوديسك" (Autodesk)، و"سبلانك" (Splunk). تُعتبر "أوتوديسك" شركة رائدة في السوق منذ فترة طويلة في مجال برامج التصميم والهندسة بمساعدة الكمبيوتر، وقد أضافت خيار الترخيص الدائم لجميع عروض الاشتراك خلال فترة انتقالية مدتها 15 عاماً قبل البدء في استخدام نموذج "ساس" عام 2016. أما شركة "سبلانك" الرائدة في مجال التحليل الذكي للأعمال، والتي تأسست عام 2003، فلا تزال متمسكة بنموذج الترخيص الدائم، حتى بالنسبة لخطوط الإنتاج الجديدة التي أطلقتها. حقيقة أن "أدوبي" و"أوتوديسك" و"سبلانك" قد نجحت جميعها مع النهج المزدوج، سواء من ناحية أداء سعر السهم ونمو مبيعات ساس، يدل على أن كل مورد بحاجة إلى فهم احتياجات عملائه ومساعدتهم تدريجياً على الانتقال إلى نموذج "ساس".

فيما يتعلق بالنقطة الثانية، يجب على موردي البرمجيات التأكد من أنهم يتبنون نموذج "ساس" ويولونه الاهتمام الذي يحتاجه للازدهار. من السهل على الهياكل التنظيمية القائمة والثقافات أن تعيق نمو نموذج الأعمال الجديد، والذي يمكن القول إنه كان سبب عدم تمكّن العديد من موردي البرمجيات الرئيسيين من إنشاء عروض "ساس" البارزة مباشرة. وبناءً على ذلك، بيّنت دراستنا أن وجود إصدار سابق من المنتج قبل إدخال عرض "ساس" يقلل من قيمة الشركة بمتوسط 3.5% مقارنة بإطلاق منتجات جديدة مع نموذج "ساس". وبالتالي يجب على موردي البرمجيات التعامل مع نموذج "ساس" عن طريق إنشاء خطوط إنتاج جديدة بدلاً من تحويل مجموعات منتجاتهم الحالية متى أمكن ذلك. وقد أظهرت شركة "ديناتريس" (Dynatrace)، الرائدة في برمجيات إدارة أداء التطبيقات أهمية تطوير منتجات "ساس" من الصفر، وبمعزل عن خطوط الإنتاج الحالية. وأنشأت كيان "روكسيت" المستقل في عام 2014 لتطوير خط منتجات "ساس" مع الفصل الكامل عن خطوط إنتاج "ديناتريس" الراسخة وعن المؤسسة. مُنحت الأعمال الجديدة الوقت والمساحة للنمو في عزلة قبل دمجها في محفظة "ديناتريس" بعد عامين، في يوليو/تموز 2016.

وأخيراً، يعود السبب الرئيس لظهور نموذج "ساس" إلى وفورات الحجم والمرونة المتاحة عن طريق تقسيم الحوسبة إلى مكوّنات مستقلة. يجب على موردي البرمجيات اعتبار ذلك فرصة كبيرة بدلاً من المخاطرة، ويجب عليهم أيضاً عدم محاولة بناء المكونات كلها بأنفسهم. على سبيل المثال، تمعّن في قرار شركة "زينغا" (Zynga)، الذي أُعلن عام 2011 حول بناء مراكز البيانات الخاصة بها. تراجعت "زينغا" عن القرار بعد أربع سنوات فقط، عام 2015. وبدأت استضافة ألعابها على "أمازون ويب سيرفر" مرة أخرى. ووجدت دراستنا أن الإعلانات التي انطوت على أن عرض "ساس" سيقدم بالتنسيق مع البنية التحتية السحابية ومقدمي المنصات أدت إلى زيادة تقييمات الشركة بمعدل 2.9% مقارنةً بالإعلانات الأخرى، مما يؤكد أهمية هذا الاستنتاج.

في الختام، يمكن لصناع القرار في شركات البرمجيات أن يكونوا على ثقة من أن عروض "ساس" الجديدة لن ينظر إليها بسلبية من قبل المستثمرين، بل العكس شريطة أن يتّبعوا الخطوات الثلاث التي ذكرناها أعلاه.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي