سؤال من قارئة: أنا محامية أعمل في وكالة حكومية منذ قرابة 14 عاماً. عملي مستقر جداً، وفي ظل الظروف الاقتصادية الحالية أدرك أن استقراره هذا نعمة كبيرة، لكني مستعدة لتغيير مساري المهني تماماً والانتقال إلى العمل في القطاع الخاص والعمل في وظيفة غير تقليدية في مجال القانون. لا أريد العمل لدى شركة محاماة، بل أرغب في دور يسمح لي باستخدام مهارات تحليل التفكير النقدي والعمليات التي طورتها في عملي كمحامية. مشكلتي هي كالتالي: أواجه صعوبة في الانتقال إلى مجال مهني جديد، وأظن أن السبب هو الانطباع السلبي عن موظفي الحكومة عموماً واعتبار أنهم صارمين للغاية ويفتقرون الأفكار الابتكارية، وقد سمعت ذلك من محامين في القطاع الخاص.
سؤالي هو:
بماذا تنصحون موظفاً حكومياً راغباً في الانتقال إلى العمل في القطاع الخاص؟
يجيب عن هذا السؤال كل من:
دان ماغّين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
بيرني بانكس (Bernie Banks): أستاذ في كلية كيلوغ للأعمال بـ"جامعة نورث ويسترن".
بيرني بانكس: ثمة خلط بين صعوبة هذا الوضع والظن بأنها ناجمة عن العمل في الحكومة. فمهما كان عملك المهني، عندما ترغب بتغييره والعمل في مجال مختلف تماماً، سيواجه أصحاب العمل صعوبة في تقييم مستوى أدائك في العمل الذي ترغب في الانتقال إليه مهما كان. ومهما كان الانطباع عن الموظفين الحكوميين، من الممكن أن يتساءل أصحاب العمل في القطاع الخاص عن مدى كفاءة هذه المحامية التي تود استلام دور قيادي لديهم رغم أن ملف سيرتها الذاتية لا يحتوي على ما يبرز أنها تملك القدرات القيادية المطلوبة.
دان ماغّين: ربما تواجه صاحبة السؤال نوعين من الصور النمطية، بسبب عملها في الحكومة أولاً وعملها كمحامية ثانياً. فالمحامون عموماً مدربون على التفكير بطريقة معينة، وقد يرى كثيرون أن هذا الأمر ليس سمة إيجابية. ربما تواجه صاحبة السؤال رياحاً معاكسة من جهتين مختلفتين، لكنها لا تركز إلا على جهة واحدة فقط، وهي العمل الحكومي، من دون الانتباه إلى الجهة الأخرى المتمثلة في طبيعة خبرتها في عمل المحاماة.
بيرني بانكس: هذا صحيح، ومن الممكن جداً أن يكون هذا حالها. أود تسليط الضوء على نقطة مهمة، وهي ما ذكرته في رسالتها عن العمل في وظيفة غير تقليدية في مجال القانون. لا أستطيع فهم ما تريده تماماً، هل هو العمل في المجال القانوني أم أنها تريد استثمار خبرتها في المجال القانوني في عمل لا يتطلب هذه الخبرة؟
أليسون بيرد: إذاً من الممكن أن تكون المشكلة هي أنها لا تملك الخبرة المباشرة في المجال الذي تود الانتقال إليه. كثيراً ما تردنا أسئلة عن طريقة الانتقال إلى عمل جديد كلياً من دون امتلاك الخبرة المطلوبة فيه. ماذا تنصح في هذه الحالة يا بيرني؟
بيرني بانكس: هذه مشكلة كلاسيكية تواجه كل من يود تغيير مجال عمله المهني. كيف تثبت لأصحاب العمل أنك تملك إمكانات النجاح إذا لم تملك الخبرة الأساسية؟ يمكن التعامل مع هذه المشكلة بطرق مختلفة، فإما أن تستخدم صاحبة السؤال خبراتها السابقة لإثبات قدرتها على توليد النجاح في المجال الذي تحاول الانتقال إليه، وإما أن تحاول اكتساب الخبرة اللازمة في ظروف مختلفة، وإما أن تعيد النظر في الوضع وتدرك أن عليها البدء من مستوى أدنى من مستواها السابق واكتساب الخبرة اللازمة لتحصل على العمل الذي تريده في القطاع الخاص.
أليسون بيرد: ويمكنها أيضاً الاتفاق مع شركة ما على أن تعمل لديها لفترة تجريبية. إذا كانت تود العمل لدى شركة معينة، فمن الممكن أن تتصل بالمسؤولين فيها وتشرح لهم ما تود فعله وتعرض عليهم أن تستلم مشروعاً يحتاجون لمساعدتها فيه ليروا ما يمكنها فعله ومدى قدرتها على القيام بهذا العمل. نشرنا فيما سبق مقالة كتبها الرئيس التنفيذي لشركة "أوتوماتيك" يتحدث فيها عن اتباعه هذه الطريقة في تقييم الموظفين الجدد.
بيرني بانكس: صحيح، يجب أن تراهن على نفسها وتدرك أنها على الرغم من امتلاك 14 عاماً من الخبرة، فإن عليها إثبات نفسها أمام أصحاب العمل في القطاع الخاص لأنهم قد لا يتمكنوا من رؤية الفائدة التي ستعود عليهم من خبرتها هذه ومما ترغب بفعله.
دان ماغّين: إذا كانت صاحبة السؤال قلقة من الصورة النمطية حول الموظفين الحكوميين، فكيف ستجعل أصحاب العمل في القطاع الخاص يرون أنها مختلفة عن هذه الصورة؟ كيف ستقنعهم أن هذه الصورة النمطية لا تنطبق عليها حتى وإن كانت صحيحة؟
بيرني بانكس: أولاً، يجب أن تثبت لهم أن سلوكها يتماشى مع قواعدهم ومعتقداتهم التي تحظى بالقيمة في المؤسسة. ثانياً، يمكنها العثور على أشخاص تثق بهم يعملون في المجال الذي تحاول الانتقال إليه، كي يساهموا بإقناع أصحاب العمل بأنها مناسبة للعمل لديهم. لدينا أبحاث كثيرة تبين أسباب فشل كبار التنفيذيين عند انتقالهم إلى مؤسسات جديدة، وهو عدم قدرتهم على فهم الثقافة، وهذا ينطبق على صاحبة السؤال، فالثقافة في القطاع الخاص تختلف كثيراً عنها في القطاع الحكومي، لذا سيتعين عليها إثبات أنها تفهم الثقافة في المؤسسة التي تحاول الانتقال إليها، وأنها قادرة على النجاح والتميز فيها.
أليسون بيرد: يمكن لصاحبة السؤال أيضاً أن تتحدث إلى مسؤولي التوظيف أو من يجرون معها مقابلة العمل بأسلوب مباشر عن مشكلة الصورة النمطية، فيمكنها أن تقول مثلاً: "أدرك الصورة التي تملكونها عن الموظفين الذين عملوا فترة طويلة في الحكومة، مثلي، لكن هذه الصورة لا تنطبق عليّ للأسباب التالية..." ثم تبين لهم ميزات خبرتها في عملها الحكومي السابق.
بيرني بانكس: أجل، من الجيد أن تذكر مرونتها وقدرتها على التلاؤم مع المؤسسة، وهذا يتماشى كثيراً مع مفهوم تعلم المرونة الذي تحدث عنه الباحثان لومباردو وأيكينجر اللذان يعملان في مركز القيادة الابتكارية. وقد توصلا في بحثهما إلى أن المؤشر الأول للإمكانيات هو الأداء السابق، والمؤشر الثاني هو مدى القدرة على التعلم. لذا أرى أن على أي شخص يحاول تغيير مساره المهني أن يكون قادراً على توضيح كيف تعلّم التعامل مع البيئات الجديدة فيما سبق وكيف سيستفيد من قدرته على التعلم هذه في البيئة الجديدة التي يسعى للدخول إليها.
أليسون بيرد: نود من صاحبة السؤال أن تفكر ملياً وتفهم أن أصحاب العمل في القطاع الخاص لا يتعاملون معها وفقاً للصورة النمطية المتعلقة بالموظفين الحكوميين، وإنما هم غير قادرين على فهم النقلة التي ترغب في القيام بها، ربما لأنهم يرون أنها محامية وتفتقر إلى الخبرة المباشرة في الوظائف التي تحاول الحصول عليها. لذا يجب عليها بذل جهد أكبر لاكتساب الخبرة اللازمة، وتوضيح أهميتها لهم، وإثبات فائدة مؤهلاتها وعملها السابق في المجال الذي تحاول الانتقال إليه. ربما أمكنها اكتساب بعض الخبرة عن طريق العمل في المؤسسات غير الربحية وأنشطة المجتمع. نشجعها على أن تكون مستعدة للبدء بمستوى أدنى إذا استدعت الحاجة ذلك، ويمكنها أيضاً التطوع في مشاريع مؤقتة، أو مشاريع تجريبية كي تتمكن من إثبات قيمتها. عموماً، نشجعها على بذل جهد أكبر كي تتمكن من فهم المؤسسات التي تحاول الحصول على عمل فيها، وأن تثبت توافق سلوكها وقيمها مع قواعد المؤسسة وقيمها. كما يتعين عليها التعامل بأسلوب مباشر مع الصور النمطية التي قد تواجهها، وأن تثبت أنها تملك مهارات قابلة للنقل إلى المجال الجديد وأنها قادرة على التكيف والتعلم في البيئة الجديدة، كما يجب أن تثبت أنها قادرة على النجاح في عدة مجالات حتى لو قررت الانتقال إلى العمل في القطاع الخاص.