كيف يمكنك الالتزام بالمواعيد النهائية لتسليم المهام؟

5 دقائق
الالتزام بالمواعيد النهائية لتسليم المهام

خلال عملي كمدربة متخصصة بإدارة الوقت، أتعامل مع أفراد كثيرين ممن يخشون المواعيد النهائية. ومع أن بعض هؤلاء الأشخاص يحققون المطلوب منهم وفق المواعيد المحددة لهم، إلا إنهم في نهاية الأمر يصابون بالإعياء والإرهاق بسبب العمل لأوقات متأخرة، وهو ما يضحون في سبيله براحة بالهم وبالتوازن بين حياتهم الخاصة وحياتهم العملية. وهناك آخرون يفشلون تماماً في الوفاء بالمواعيد النهائية للمهام المسندة إليهم، ما يجعلهم يشعرون بالذنب جراء الأثر السلبي ليس فقط على أنفسهم بل على أعضاء فريقهم وعلى المشروعات التي يعملون فيها. ربما يبدو الوفاء بالمواعيد النهائية صراعاً شاقاً جداً، لكنه ليس كذلك.

يمكن أن تكون تلك المواعيد النهائية محفزة ومجددة للطاقة، كما يمكن أن تساعدك في شحذ تركيزك ووضع أولوياتك وتعاونك مع أفراد فريقك، لتنجح في النهاية في إنجاز عملك، وفي الوقت نفسه تحافظ على مسار المشروعات التي تنخرط فيها وعلى إنجازها وفق المواعيد الزمنية المحددة لها. فكّر بالموضوع بهذه الطريقة. فما المواعيد النهائية سوى أداة وُجدت لتضمن ترتيب الأولويات، وهي بهذا تجعلك تعرف أن هذا المشروع أو ذاك مهم ويجب التركيز عليه وذلك لأن موعده النهائي سابق لغيره من المشاريع. كما أن المواعيد النهائية من الممكن أن تيسر عليك مسألة تقييم عبء العمل المسند إليك بكل أمانة وصدق. فإذا كانت لديك مهمة ويجب عليك إنجازها بحلول يوم الخميس مثلا، وأنت تدرك أن تلك المهمة سوف تستغرق كل وقتك المتاح، فمن الأيسر بالنسبة لك أن تعتذر عن قبول مشاريع أخرى أو الدخول في اجتماعات أخرى. وأخيراً، عندما تعلم أن لديك فرصة لإنجاز مهمتك في الوقت المحدد لها، فإن تلك الأنواع من المواعيد الشاقة ستكون أمراً ممتعاً بكل ما في الكلمة من معنى. يمكن أن تكون مصدر إثارة وتشويق عندما تنجح في إنجاز عمل أسند إليك واستكماله في الموعد المحدد، مع استخدامك للاستراتيجيات الملائمة،

كيفية الالتزام بالمواعيد النهائية لتسليم المهام

يمكنك الحصول على دفعة معززة لإنتاجيتك من هذه المواعيد النهائية دون أن تشعر بأي توتر أو ضغط. إليك بضع ممارسات فُضلى من شأنها أن تساعدك:

حدّد مواعيد نهائية للأعمال ذات الأهمية

إن ما يعيقنا ويثبطنا عندما يتعلق الأمر بالمواعيد النهائية هو الوعود التي نقطعها على أنفسها تجاه الآخرين. إذ نشعر عندها بالضغط الذي يدفعنا لوضع إطار زمني لمشروع أو مهمة ما، حتى وإن لم يكن يتحتم علينا ذلك. فليس من اللازم أن نحدد إطاراً زمنياً وموعداً نهائياً لهذا العمل أو ذاك طالما لم يكن إنجازه يحتل أهمية كبيرة. وعندما يسألك الآخرون عنه، قل لهم بكل بساطة: "لقد أضفته إلى قائمة مهامي". وبهذه الطريقة تكون لديك القدرة على إبقاء المهمة في نطاق تفكيرك وضمن مهامك دون أن تشعر بوقوعك تحت أي ضغط جراء موعد نهائي وهمي تحدده لنفسك. كما يتعيّن عليك تجنب وضع مواعيد نهائية محددة غير ضرورية. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول لأحدهم أنك ستنجز هذه المهمة أو تلك له "حالاً" أو "الأسبوع القادم" أو "في القريب العاجل" بدلاً من قولك "يوم الخميس ظهراً". فهذا من شأنه أن يمنحك المزيد من الوقت لالتقاط الأنفاس دون أن يضعك تحت ضغط لأنك تفشل في الوفاء بوعودك التي تقطعها على نفسك تجاه الآخرين.

وعلى صعيد آخر، إذا كانت لديك مهمة ما تمثل أولوية كبيرة، وتشعر أنها قد تتأثر سلباً بمهام أخرى أقل أهمية منها ما يؤثر على إنجازها ضمن الإطار الزمني المحدد، عندئذ يتعيّن عليك تحديد موعد نهائي لها. فهذا من شأنه أن يجعلك تشعر بقدر كاف من الضغط على اعتبار المهمة ملحة بما يضمن إنجازها ضمن الإطار الزمني المحدد لها. وعليك الإعلان عن ذلك الموعد النهائي من خلال مشاركته مع زميل لك أو مع رئيسك أو عن طريق عقد اجتماع ترفع فيه تقريراً عن سير المهمة المعنية والتقدم الذي تحرزه فيها.

تأتي الآن الخطوة التالية وهي قياس قدراتك وضبط وتيرة عملك

بدلاً من وضعك لموعد نهائي واحد لإكمال المهمة برمتها، مثل الامتحان النهائي الذي تدخله في نهاية الفصل الدراسي في الجامعة، ضع لنفسك عدة مواعيد نهائية صغيرة لأجزاء محددة وصغيرة من المشاريع الكبيرة المسندة إليك. من شأن هذه الاستراتيجية أن تُكلل بالنجاح على وجه الخصوص لو كنت تعمل ضمن فريق به أعضاء سيساعدونك في تنقيح عملك قبل تقديمه وعرضه أمام حشد أكبر من الجمهور. حدد موعداً لمسودة أولية، ثم لمراجعة سريعة، ثم لنسخة منقحة وغير ذلك. وكلما كانت تلك المواعيد صغيرة وقصيرة، قلت معها احتمالية التسويف من جانبك ـ فالتسويف في أحيان كثيرة يؤدي إلى المزيد من الضغط والتوتر.

الممارسة الفضلى الثالثة هنا هي وضع خطة للطوارئ

قبل أن أصبح مدربة في مجال إدارة الوقت، عانيتُ كثيراً من جراء تسليم الأعمال المسندة إلي في وقت متأخر جداً في اليوم الأخير المحدد لإنجاز تلك الأعمال. من شأن تغيير بسيط للغاية أن يحدث الفرق في هذا الصدد: وضع موعد نهائي شخصي بيني وبين نفسي يسبق الموعد النهائي الفعلي بيوم أو يومين. بهذه الطريقة، إذا حدث واستغرقت هذه المهمة أو تلك وقتاً أكثر من المتوقع، عندها أكون ما زلتُ قادراً على تفادي الأمر وإنجاز ما لم يتم إنجازه في صباح اليوم التالي، وتقديم المشروع في الوقت المحدد له، دونما أدنى حاجة للعمل حتى وقت متأخر أو للشعور بضغط أو توتر.

كما أن افتراض تأخر الآخرين في إنجاز ما أسند إليهم من شأنه أن يساعدك هنا. عندما عملتُ في مجال الصحافة، كانت لديّ حيلة تعلمتها للوفاء بمواعيدي النهائية وهي افتراض أن الأشخاص الآخرين سيخفقون في الوفاء بالمواعيد المحددة لمهامهم. فعندما كنت أحتاج إلى معلومات من أشخاص أُجريت معهم مقابلات، كنت أحدد موعداً للحصول على تلك المعلومات يسبق حاجتي الفعلية والمطلقة لها بيوم أو يومين. بهذه الطريقة تكون لدي الفرصة لمتابعة الأمر مع هؤلاء الأشخاص لو أنني لم أحصل على المعلومات التي طلبتها، دون أن أشعر بأنني سأخفق في الوفاء بإنجاز عملي في الإطار الزمني المحدد له. فكلما كان ممكناً بالنسبة لك، أطلب الأعمال التي تحتاج إلى إنجازها قبل 24 - 48 ساعة مقدماً، وبهذا تكون لديك فسحة زمنية لتفادي أي تأخير. بل إنه إذا كنت أنت المنسق لمجموعة أكبر من العاملين مع 4 أشخاص أو أكثر، يمكنك إضافة المزيد من الوقت تحسباً لما قد يُستهلك من وقت في عملية المتابعة والحاجة إلى الحصول على أي موفقات.

الممارسة الفضلى التالية هنا هي إبقاء أصحاب المصلحة على علم بما يجري. أخيراً، في أي وقت تعترض سبيلك في العمل مشكلة من شأنها أن تؤثر تأثيراً كبيراً على قدرتك على إنجاز مرحلة محددة من العمل المسند إليك، أعلن عن ذلك. وأقصد بهذا أن تخبر الآخرين عندما تستغرق هذه المهمة أو تلك وقتاً أكثر من المتوقع، أو عندما يتأخر تسليم شيء ما، أو عندما تكون لديك مشكلة تتعلق بالموظفين أو أعدادهم، أو عندما يخفق أحد العملاء في تزويدك بالمعلومات الضرورية المطلوبة، وغير ذلك. وعليه، فبحسب المشروع الذي تعمل على إنجازه، قد تكون لديك مساحة كبيرة من حرية العمل والاختيار بما يتيح لك تعديل وتغيير مواعيدك النهائية طالما كنت تحيط أصحاب المصلحة الرئيسيين علماً بالأمر. أما بالنسبة للآخرين، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بالعملاء الخارجيين، يمكنك وضع توقعات بأنه في حال إخفاق آخرين في الوفاء بالمواعيد النهائية الخاصة بهم فسوف يؤدي هذا إلى تعديل في الإطار الزمني برمته وتغييره. ليس لزاماً عليك في مواقف كثيرة أن تجبر نفسك أو فريقك على تعويض أي وقت يضيع من جراء ظروف خارج نطاق سيطرتك طالما أنك أبلغت أصحاب المصلحة بالحاجة إلى تغيير الإطار الزمني للمهمة مع ذكر الأسباب وراء ذلك.

وإذا حدث وأدركت في لحظة محددة أنه لن يكون بمقدورك الوفاء بموعد نهائي محدد أو أن هذه المهمة أو تلك لم تعد تمثل أولوية، كن صريحاً مع الشخص الذي تقدم لك بطلب إنجاز المهمة وأبلغه بذلك. ومن شأن هذا أن يكون غاية في البساطة تماماً كإعادة ضبط أو تحديدك للتوقعات، وذلك كأن تقول: "أعرف أننا تناقشنا في الأمر ووعدتك بأن أنجز لك هذه المهمة بحلول يوم الخميس، ولكن نظراً لظروف (كذا وكذا) يبدو أن أقرب موعد يمكنني إنجاز المهمة فيه هو الأسبوع القادم". أو إذا لم يكن باستطاعتك أن تجزم بالوقت الذي يمكنك إنجاز العمل فيه، يمكنك قول ذلك. فهذا من شأنه أن يمنح زملاءك القدرة على البحث عن حلول أخرى إذا لزم الأمر. على الرغم من أن الأمر قد ينطوي على بعض الحرج أن تقر بأن الأمور لا تسير ضمن الأطر الزمنية المحددة لها، إلا أن الشفافية من جانبك أفضل كثيراً لعلاقتك مع عملائك وبالنسبة لمستوى الضغط الذي قد تتعرض له.

عند استخدام المواعيد النهائية وفق الاستراتيجيات الصحية والملائمة فإنها يمكن أن تساعدك على الالتزام بالمواعيد النهائية لتسليم المهام، وفي إنجاز المزيد من أعمالك المناسبة في حينها. ابدأ بوضع المزيد من المواعيد النهائية للعمل الذي يشكل إنجازه أهمية كبرى ـ وضع عدداً أقل من المواعيد للمهام غير الضرورية. بعد ذلك استخدم الاستراتيجيات التي سردناها من قبل لتجعل كل يوم فرصة تستمتع وتحتفي فيها بقدرتك على إنجاز أهدافك المصحوبة بأطر زمنية محددة دون أن تعرض نفسك لأي ضغط أو توتر.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي