حتى لو بذلت الكثير من الجهد والوقت في عملك، سيأتي وقت تخيب فيه آمال زميلك بطريقة أو بأخرى في مرحلة ما. ليس من الممكن دائماً الوفاء بجميع المواعيد النهائية والالتزامات التي تعهدت بها. ولكن ما الذي يجب عليك فعله إذا كنت غير قادر على إكمال مهمة ذات أهمية خاصة لأحد زملائك. كيف ستخبر زميلك بأنك ستخذله؟ كيف ستقدم له الاعتذار بطريقة شجاعة؟
ماذا يقول الخبراء؟
تقول المؤسِّسة المشاركة لشركة ثري كو زي إنك (3COze Inc)، ومؤلفة كتاب "ابدأ بنفسك: ألهِم فريقك للتطور والانسجام وإنجاز المهام" (You First: Inspire Your Team to Grow Up, Get Along, and Get Stuff Done)، ليان ديفي: "من المستحيل تلبية توقعات الجميع طوال الوقت". وتضيف: "في مؤسسات اليوم، هناك العديد من الأولويات المتنافسة والموارد محدودة جداً، وبالإضافة إلى ذلك، فإن التوقعات عالية جداً". وتقول أستاذة الإدارة في كلية وارتون، سيغال بارسادي: "في الوقت نفسه، لا نحب أن نخيب آمال الآخرين فينا؛ نعتقد أنهم قد يشعرون بالضيق منا أو أن ذلك ربما يضر بمصداقيتنا". ولكن من الممكن تقليل المخاطر المرتبطة بإحباط الآخرين من خلال التعامل مع الموقف بفعالية. وفقاً لديفي، يجب أن يكون هدفك عند التواصل مع زميلك بشأن خيبة أمله الخروج من المحادثة وأنتما تشعران أنكما عملتا معاً لاتخاذ قرار صعب، بدلاً من أن تبدوا مثل خصمين. إليك كيفية تحقيق ذلك:
تصرَّف بسرعة
تقول بارسادي: "يحاول الأشخاص غالباً تفادي المواجهات أو المحادثات الصعبة عن طريق تجنب أي شكل من أشكال التواصل. سيتوقفون عن إرسال بريد إلكتروني إليك إذا كانوا مدينين لك بشيء ما، الأمر الذي قد يثير الغضب". وتقول ديفي: "بدلاً من تجنب المشكلة، من الأفضل معالجتها فوراً، ويستحسن أن يتم ذلك بينما لا يزال لدى الطرف الآخر خيارات للتعامل مع الموقف". على سبيل المثال، إذا اقترب موعد تقديم تقرير وتدرك أنك لن تتمكن من إنجازه، تقترح ديفي أن تكون صادقاً وتقول لزميلك شيئاً مثل: "أعتقد أني أواجه صعوبات ولن أتمكن من تسليم التقرير في الموعد المناسب. هل تريدني أن أستمر في متابعة العمل على الرغم من الصعوبات التي أواجهها؟ هل هناك أشخاص آخرون يمكنهم المساعدة؟ هل يمكنك منحي بعض المرونة بشأن الموعد النهائي؟" إذا انتظرت معالجة المشكلة إلى حين نفاد الخيارات أمام زميلك، فإنك تضعه في موقف صعب جداً.
استعد عاطفياً للمحادثة
قد يكون من الصعب التواصل بفعالية عندما تكون قلقاً بشأن إزعاج زميلك أو مواجهة عواقب سلبية. تقول ديفي: "عندما نشعر بالتوتر، نميل إلى إطالة الحديث والتكلم بطريقة أقل مباشرة. نعتقد أن استخدام المزيد من الكلمات لإبلاغ الأخبار المخيبة للآمال سيسهل على الطرف الآخر سماعها وتقبّلها". وفقاً لبارسادي، عندما يكون الناس متوترين للغاية، فقد يرتكبون أخطاء قد تأتي بنتائج عكسية: "قد نشعر بالتوتر الشديد في بعض الأحيان، ونتيجة لذلك، نبلغ المعلومات السيئة بطريقة قاسية لا تأخذ في الاعتبار مشاعر الطرف الآخر". لذلك حاول الدخول في المحادثة مع الحفاظ على هدوئك وتركيزك قدر الإمكان. توصي بارسادي بأخذ 3 أنفاس عميقة قبل البدء.
تدرّب على ما ستقوله قبل المحادثة
ستشعر بثقة أكبر وتوتر أقل إذا استعددت للمحادثة من خلال كتابة ما تريد قوله والتدرب على كيفية قوله. تجد ديفي أنه من المفيد تحديد أفكارها مسبّقاً لضمان أن تكون حججها مرتبة ومنطقية. من المفيد أيضاً الاستعداد لسيناريوهات مختلفة: ماذا لو انزعج زميلك؟ أو بدأ بالصراخ؟ كيف سيكون رد فعلك في هذه الحالة؟ فكّر في كتابة بعض الردود المحتملة لسيناريوهات مختلفة وتدرب على قولها بصوت عالٍ. سيساعدك هذا التدريب على البقاء هادئاً في أثناء المحادثة حتى لو توتر زميلك.
تحدّث مع زميلك وجهاً لوجه
إذا كنت ستخبر شخصاً بأنك خذلته، فمن الأفضل أن تفعل ذلك شخصياً وليس عبر البريد الإلكتروني. وفقاً لديفي، فإن استخدام عدة رموز تعبيرية في المحادثات الكتابية لن يحسّن الموقف. بالإضافة إلى ذلك، يتيح التواصل الشخصي لك قياس رد فعل زميلك بدقة أكبر والتعبير بصدق عن أسفك. إذا كنت بحاجة إلى مناقشة كيفية إنجاز المشروع أو مَن سيكون مسؤولاً عن إكمال العمل المتبقي، فسيكون من الأسهل التواصل شخصياً في هذا الشأن. بالطبع، قد لا يكون من الممكن دائماً التواصل شخصياً بسبب عوامل مثل المواعيد النهائية للمشروع وبُعد مكتبيكما أحدهما عن الآخر، ولكن من المهم استخدام طرق الاتصال التي تتيح أكبر قدر من التفاعل.
تحدَّث بصراحة دون محاولة تجميل الموقف
ابدأ بعبارة واضحة وموجزة: "لقد ارتكبت خطأ" أو "لم أنجز المشروع". تقول بارسادي في هذا الصدد: "من المهم إظهار تحملك مسؤولية الخطأ أو الفشل". ثم قدِّم بعض التوضيحات ولكن لا تسهب بها، ويجب ألا تحاول إخفاء شعورك بالذنب أو المبالغة به مثلما تقول بارسادي. وتوافق ديفي على ما سبق وتضيف: "إذا فاتك اجتماع، فقد تميل إلى القول، 'حسناً، لم تكن هناك حاجة فعلية لوجودي'، لكن زميلك قد لا يتفق مع تقييمك للموقف وقد تكون لديه وجهة نظر مختلفة حول أهمية خطئك. ولكن إذا تحملت مسؤولية خطئك بدلاً من ذلك، فقد يستجيب زميلك بالتفهم والدعم وقد يقول لك 'لا حاجة إلى أن تقسو على نفسك'".
اعتذر
يمكن أن يكون للاعتذار الصادق تأثير كبير في الشخص الذي تعتذر منه، ولكن يجب ألا تعتذر إلا إذا كنت نادماً حقاً على ما فعلته. تقول ديفي إن الاعتذار المزيف لن يفيد بأي شي. لكي تثبت صدق اعتذارك، يجب عليك الاعتراف أيضاً بتأثير خطئك على زميلك وإيضاح كيف ستحول دون حدوث ذلك مرة أخرى في المستقبل. قل شيئاً مثل: "أدرك أنني وعدت بتقديم التقرير بحلول يوم الأربعاء، لذا سيكون لديك متسع من الوقت لإنجازه بحلول يوم الاثنين، وأنا آسف لأنني لم أتمكن من الوفاء بوعدي. كان هذا خطئي. في المرة المقبلة سأكون أكثر واقعية بشأن جدول مواعيدي وسأبلغك مبكراً إذا كان هناك احتمال لعدم قدرتي على الالتزام بالموعد النهائي". قد تتطلب استعادة ثقة زميلك بك بذل بعض الجهد. يمكنك أن تقول له في مشروعكما التالي على سبيل المثال: "لنضع موعداً للتحقق من التقدم قبل أيام قليلة من الموعد النهائي حتى تشعر بثقة أكبر في قدرتي على إنجازه في الوقت المحدد".
اقترح مساراً للتقدم
بعد الاعتذار، يجب عليك وضع خطة لتصحيح الموقف، ويجب أن تتم هذه العملية بالتعاون بينكما. تقول ديفي موضحة: "إذا اقترحت حلاً غير مناسب أو لا يعالج مخاوف زميلك، فإنك تخاطر بإثارة غضبه. بدلاً من ذلك، اطرح بعض الأفكار واسأل زميلك عن رأيه بها. يمكنك القول على سبيل المثال: "أعلم أن موعد التسليم يوم الثلاثاء. أعتقد أنه يمكنني إنجاز 80% من المشروع ومن ثم تسليمه إلى سعاد". ثم اسأله: "هل يناسبك هذا الحل؟" "هل سيلبي احتياجاتك؟".
توقف عن تقديم وعود لا يمكنك الوفاء بها
في المرة المقبلة التي يتصل فيها هذا الزميل أو أي زميل آخر بك لطلب المساعدة، كن شفافاً بشأن ما أنت قادر على فعله وما لا تستطيع فعله. تقول ديفي: "من المفيد زيادة وعي زميلك بالتزاماتك ومسؤولياتك الأخرى. قل له على سبيل المثال: 'دعني أخبرك بأولوياتي وكيف يمكنني تلبية طلبك ضمن هذه الظروف'".
ضع في اعتبارك أيضاً أنك غير ملزم بالموافقة على كل جوانب الطلب الذي يقدمه زميلك. تقول ديفي: "يمكنك إخبار زميلك بأنك ستقدم المساعدة له في وقت آخر عندما تكون أقل انشغالاً أو يمكنك المساعدة بطريقة محدودة". على سبيل المثال، إذا طلب منك أحد الزملاء مستند تعريفي بالمنتج مكون من 10 صفحات بحلول يوم الجمعة المقبل، فلا تقبل الطلب في الحال دون مراجعته. من المهم أن تفهم ما الذي يريده زميلك منك بالفعل من أجل تحديد أفضل السبل لمساعدته. إذا قال لك إن لديك أفضل الأفكار دائماً، فربما يمكنك اقتراح إجراء عصف ذهني لمدة ساعة وإنشاء مخطط تفصيلي للتقرير ومن ثم تسليمه إلى زميل آخر لكتابته. تقول ديفي: "اطرح الأسئلة لفهم ما يتوقعه منك زميلك بالضبط وما المهام التي يمكن أن ينفذها شخص آخر، فربما كان لدى زميلك خيارات أخرى لإنجاز بعض المهام المرتبطة بالطلب".
مبادئ عليك تذكّرها
ما يجب أن تفعله
- اكتب ما ستقوله وتمرّن عليه قبل أن تبدأ المحادثة مع زميلك.
- اعتذر عن تأثير خطئك في زميلك وعمله.
- اقترح حلولاً يمكنك من خلالها المساعدة على تصحيح الموقف.
ما يجب ألا تفعله
- تأجيل المحادثة. من الأفضل معالجة المشكلة في أسرع وقت ممكن حتى يكون لدى زميلك خيارات أكثر للتعامل مع الموقف.
- اتخاذ موقف دفاعي أو المبالغة في شرح ما حدث، وبدلاً من ذلك، تحمل مسؤولية خطئك.
- الموافقة فوراً على الطلب في المرة المقبلة، إذ يجب عليك أولاً التحقق إن كان بإمكانك الإسهام بطريقة يمكنك إدارتها بسهولة أكبر.
دراسة حالة رقم 1: من الأفضل تحمّل مسؤولية خطئك في أسرع وقت ممكن
بدأ محمد مؤخراً العمل في مكتب محاماة أكبر وأكثر شهرة مقارنة بمكان عمله السابق. شعر محمد بالحاجة إلى إثبات نفسه في دوره الجديد، لذلك عندما طلب منه أحد زملائه، الذي كان يعمل أيضاً موجهاً له، في وقت متأخر من مساء الثلاثاء كتابة تقرير يحتاج إليه بحلول نهاية يوم الأربعاء، وافق محمد على المساعدة في الحال. يقول محمد: "كنت سعيداً بقبول المهمة لأنه لم يكن لدي أي مهام أخرى مجدولة لليوم التالي".
عمل محمد على التقرير لبضع ساعات ليلة الثلاثاء ثم لعدة ساعات أخرى يوم الأربعاء. كان محمد يحرز تقدماً كبيراً في مهمته إلى أن تلقى طلباً عاجلاً من أحد عملائه في فترة ما بعد الظهر، فاضطر إلى تحويل تركيزه لإعداد اقتراح طارئ استجابة لطلب عميله كما يوضح.
كان لا يزال واثقاً من قدرته على إنجاز مهمة زميله إذا عمل عليها طوال الليل. يقول محمد موضحاً ما حدث بعد ذلك: "ولكن بحلول الصباح، كنت مرهقاً جداً إلى درجة لم أعد قادراً على العمل حتى لـ 10 دقائق أخرى، مع علمي أني أحتاج إلى ساعتين أو 3 ساعات لإنتاج عمل لائق وبالمستوى المطلوب". في النهاية، قدَّم ما أنتجه على مضض على الرغم من أنه كان يعلم أنه رديء الجودة.
أدرك محمد أنه ارتكب خطأين: لم يقدم عملاً لائقاً ولم يتواصل مع زميله. يقول محمد: "قررت تحمل مسؤولية خطئي والتحدث إليه شخصياً. أردت منه أن يفهم ما حدث وأنني أعترف أن جودة العمل الذي قدمته رديئة جداً".
اعترف محمد بأنه أخطأ، واعترف بتأثير خطئه -كان على موجهه أن يؤجل عمله لإعادة كتابة التقرير- وأوضح ما سيفعله للحيلولة دون حدوث ذلك مرة أخرى في المستقبل، وقد عبّر عن مدى شعوره بالحرج والأسف لما حدث. أعرب زميل محمد عن تقديره لاعتذاره وأخبره بأنه كان يتمنى فقط لو أنه أبلغه بالمشكلة في وقت مبكر.
يقول محمد: "في النهاية، اتفقنا على العمل معاً لإصلاح الموقف. أعلم أن استعادة ثقة زميلي بي وإثبات نفسي بحاجة بذل المزيد من الجهد، لكنني مصمم على تحقيق ذلك".
دراسة حالة رقم 2: كن صريحاً
كان المؤسس المشارك لشركة ماركيتينغ رنرز (Marketing Runners)، ديرين كاغ، يعمل مع شريكه التجاري، تيم كامبل، لمدة 4 أشهر عندما فازا بمشروع جديد لتطوير موقع ويب يُدعى ذي بلاك فارمر دوت كوم (TheBlackFarmer.com).
اتفقا في البداية على أن تطوير الموقع سيستغرق شهراً فقط. ولكن بعد العمل على المشروع لمدة أسبوعين، أدرك ديرين أن الأمر سيكون أكثر صعوبة مما كان يتوقعه في البداية، إذ لم يقدّر بدقة حجم العمل المطلوب لإنجاز المشروع. كان يعتقد في البداية أنه لن يكون هناك سوى 20 صفحة ويب للتصميم وفقاً لإرشادات محددة، ولكن اتضح أنه سيكون هناك أكثر من 50 صفحة. تبين أن إنجاز المشروع سيستغرق ضعف المدة المتوقعة في الأصل على الأقل.
بمجرد أن أدرك ديرين ذلك، اتصل مع تيم وكان واضحاً في كلامه ولم يحاول تجميل الموقف. يقول ديرين: "كنا نتواصل حتى وقت متأخر من الليل، وهذا أمر معتاد بالنسبة لنا بصفتنا رائدي أعمال نعمل في كثير من الأحيان إلى ساعة متأخرة من الليل. قلت له، 'سيستغرق المشروع وقتاً أطول مما كنت أتوقعه في الأصل بسبب زيادة عدد الصفحات المطلوب تصميمها'. قررت أن أدخل في صلب الموضوع مباشرة. لم أختلق أعذاراً لأن شراكتنا التجارية هي شريان حيوي لشركتنا، والصدق والنزاهة قيمتان أساسيتان في شراكتنا". اعتذر ديرين عن التأخير واقترح الاتصال بالعميل وإبلاغه أنهما بحاجة إلى المزيد من الوقت لإنجاز المشروع.
أصيب تيم بخيبة أمل في البداية، لكنه سرعان ما غير وجهة نظره وتعامل مع الموقف بعقلية إيجابية، بل وخصص ساعات إضافية للعمل مع ديرين لضمان الانتهاء من الموقع وتسليمه بحلول الموعد النهائي الجديد.
يقول ديرين: "لقد تواصلنا بصراحة مع فريق موقع بلاك فارمر بشأن التأخير، وقد كان الجميع راضين في النهاية على الرغم من إطلاق الموقع في وقت متأخر عن الموعد المقرر أصلاً".