أسئلة القراء: هل عليّ الاستقالة إذا كانت ضغوطات العمل تؤثر على عائلتي في أثناء الجائحة؟

6 دقائق
الاستقالة من العمل خلال الجائحة
shutterstock.com/FamVeld

سؤال من قارئة: بدأت العمل في وظيفة جديدة منذ شهر يناير/كانون الثاني من عام 2020، وقبلت بها لأن الشركة أكبر وتقدم امتيازات أفضل. لكن انتشرت الجائحة وكل شيء يحدث بسرعة كبيرة، والآن أفكر بالاستقالة من العمل بسبب ضغوطات جائحة فيروس كورونا. أنا نادمة على قراري، فمديري لا يوضح الأمور جيداً، وأبقى غالب الأوقات محتارة ومرتبكة. يعمل معظم أفراد الفريق ما بين 12 و16 ساعة في اليوم، ولا يستطيع أي منهم مساعدتي، لأني الوحيدة القادرة على أداء عملي كما قيل لي. لكني الوحيدة في الفريق التي تربي أطفالاً في سن المدرسة. صدرت مذكرة في حقي مؤخراً بسبب عدم فهمي للوظيفة بصورة تامة، وقيل لي إن الخطوة التالية ستكون إخضاعي لخطة تحسين الأداء. أنا أعاني من ضغط كبير جداً، وأفكر في الاستقالة كي أحافظ على اتزاني العقلي والنفسي، وأتفرغ للاعتناء بأطفالي وبيتي إلى أن تنتهي هذه الجائحة. كما أنني سأستفيد من الوقت في اكتساب مهارات ومؤهلات جديدة كي أتمكن من التسويق لنفسي بصورة أكبر في المستقبل مهما كان شكله. أفضل أن تقوم الشركة بإقالتي كي أحصل على تعويض البطالة، لكن يبدو أن هذا لن يكون ممكناً. زوجي لا يمانع استقالتي، لكني لا أريد أن أندم مجدداً.

سؤالي هو:

بم تنصحون كي أتعامل مع وضعي؟ هل يجب أن أحافظ على عملي أم أن أتقدم بطلب الاستقالة؟

يجيب عن هذا السؤال كل من:

دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

أليسا ويسترنغ (Alyssa Westring): أستاذة في "كلية دريهاوس للأعمال" بجامعة "ديبول"، ومؤلفة مشاركة لكتاب "الآباء القادة: نهج القيادة الذي تحتاج إليه لتربي أبناءك تربية هادفة، وتغذي مسيرتك المهنية وتنشئ حياة أغنى" (Parents Who Lead: The Leadership Approach You Need to Parent with Purpose, Fuel Your Career, and Create a Richer Life).

أليسا ويسترنغ: هل ترغب صاحبة السؤال بالاستقالة من وظيفتها لأنها لم تنجح فيها منذ البداية، أم لأنها محبطة، أم لأنها فقدت اهتمامها بمجال العمل وهذا النوع من العمل عموماً؟ ما هو دافع رغبتها بالاستقالة؟ لا يبدو لي أنها ترغب بحق في أن تكون ربة منزل متفرغة لتربية الأطفال، بل أرى أنها ترغب في الانسحاب من وضع لا يبدو جيداً في العمل. لذا، من الأفضل أن تبدأ بالتفكير في هذه الأمور وتحليلها.

أليسون بيرد: العديد منا يشعرون بالفشل حالياً، وحتى الذين يعملون في وظائفهم منذ فترة طويلة جداً يواجهون صعوبات في الاستمرار والنجاح، فما بال من دخل للتو إلى عمل ووضع جديدين. ويبدو لي أنها محبطة من الوضع الحالي في العمل ومن المتطلبات الجديدة في المنزل التي نشأت بسبب الجائحة. وأسهل طريقة لمواجهة كل ذلك هي الاستقالة من العمل. تجد أمهات كثيرات أنفسهن في هذا الموقف، وأقول الأمهات تحديداً بناء على البحث الذي أجرته الأستاذة في جامعة واشنطن، كيتلين كولينز، الذي يوضح أن عدد ساعات عمل الأمهات أصبح أقل بأربع أو خمس مرات من عدد ساعات عمل الآباء في أثناء هذه الجائحة. لذا، أشجع صاحبة السؤال على التوقف قليلاً والتفكير ملياً برؤيتها لحياتها عند انتهاء الجائحة، وأن تبدأ العمل باتجاه هذه الرؤية، وربما استدعى ذلك ألا تبقى في وظيفتها هذه. يبدو هذا العمل غير ملائم لها، لكن استكشاف فرص العمل الأخرى على الرغم من صعوبته قد يكون حلاً أفضل من مجرد الاستقالة.

أليسا ويسترنغ: ذكرت صاحبة السؤال عن استثمار الوقت الذي ستقضيه في المنزل لتطوير مهارات ومؤهلات قد تمكنها من الحصول على وظيفة تفضلها أكثر. لا يتمثل حل مشكلتها في الاستقالة من وظيفة لا تحبها، بل في ترك مجال لا يشعرها بالرضا، والعثور على مسار مهني آخر، وهذا الوضع الذي ينقلب فيه عالمنا رأساً على عقب هو أنسب وقت لإعادة تقييم أولوياتنا.

دان ماغين: ما هو الرأي في المفاضلة التي تواجهها صاحبة السؤال بين الإقالة والاستقالة؟ فمن المعروف أن ثمة عنصر عاطفي يدخل في هذه النقطة، والإقالة ستترك ندبة عاطفية حتماً، كما تترتب عليها تبعات مالية محتملة، مثل تأمين البطالة. كيف بالإمكان التعامل مع هذه الأمور؟

أليسا ويسترنغ: يدخل غرور كثير منا في العمل بدرجة كبيرة، وأعلم مدى الإرهاق العاطفي والإحباط الذي يعانيه من يشعر أنه لا يقوم بعمل جيد، ولا أعتقد أن أحداً منا يرغب في الذهاب إلى عمل يولد لديه هذا الشعور. وإذا تمكنت صاحبة السؤال من تقبل فكرة أن عدم قدرتها على تقديم أداء جيد في العمل ليس بسبب فشلها أو خطأ منها، فقد تجد فائدة في البقاء في هذه الوظيفة، إلا إذا كانت تسبب ضيقاً كبيراً لها ولعائلتها وتؤثر على صحتها النفسية بالفعل.

أليسون بيرد: أنصح صاحبة السؤال بإجراء محادثة مباشرة مع مديرها وتوضيح وضعها في المنزل الذي يؤثر في مشكلتها بدرجة كبيرة. كما أنها ذكرت أن زملاءها في الفريق يعملون ما بين 12 و16 ساعة يومياً، ومن المستحيل على أي موظف لديه أطفال في المنزل العمل هذا العدد من الساعات في هذه الظروف. وإذا أجبرت صاحبة السؤال على العمل وفق هذه المعايير فلن تتمكن من رؤية أطفالها، وهذا لن يحصل بكل تأكيد. وإذا لم توافق الشركة على تغيير هذه المعايير ومراعاة وضعها فلربما كان هذا العمل غير ملائم لها، عندئذ يمكنها التحدث مع المدير عن الخطوة التالية ومن الممكن الاتفاق على أن تقوم الشركة بإقالتها كي تحصل على تعويضات البطالة وبناء المهارات الجديدة والبحث عن عمل جديد. ربما كانت تتراخى قليلاً في التحدث مع مديرها بسبب معرفتها أنها ما أن ينتهي هذا الوضع ستتمكن من تقديم أداء قوي وبذل الجهد المطلوب. يجب أن تجري هذه المحادثة الصريحة، لكن لا يبدو لي أنها بنت علاقة جيدة مع مديرها لأنها بدأت العمل عن بعد. إذن، كيف يمكنها بدء هذه المحادثة؟

أليسا ويسترنغ: في أفضل الظروف، يصعب إجراء محادثة عن التوقعات المشتركة وما يريده كل منا ويحتاج إليه من الآخر. لكن ثمة فكرة أخرى، ربما كان هناك موظفة أخرى في دور مواز في قسم آخر تقوم بعمل مماثل ويمكن لصاحبة السؤال اللجوء إليها من أجل تعلم ما يلزم للنجاح في عملها. ولربما تمكنت من صياغة هذا النجاح بعيداً عن العمل المرهق لساعات طويلة جداً.

دان ماغين: السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يرى مدراؤها أداءها المحتمل في ظروف مختلفة عن ظروف الجائحة الحالية؟ وما مدى تأثير العمل من المنزل ومواجهة المشكلات المتعلقة برعاية الأطفال في أدائها الحالي؟ هل ثقافة العمل غير ملائمة حقاً وترى إدارة الشركة أن صاحبة السؤال ستقدم أداء رديئاً حتى وإن كانت ظروف العمل طبيعية؟ أعتقد أن هذه المعلومات مهمة وستوضح مدى إمكانية تغيير وضعها أو تحسينه بدرجة كبيرة إذا انتهت الجائحة قريباً.

أليسا ويسترنغ: بما أن إدارة الشركة تتحدث مع موظفة جديدة من الآن عن سبل تصحيح أدائها الضعيف في زمن الجائحة، علماً أنها أم ولديها أطفال في المنزل، فما هي الرسائل التي ترسلها هذه الإدارة عن التعاطف والتفهم والتسهيلات المقدمة للموظفين في ظل هذه الظروف؟ يبدو أن ثقافة المؤسسة ليست داعمة.

أليسون بيرد: من الممكن أن تكون هذه المؤسسة غير ملائمة لها على المدى الطويل، وفي هذه الحالة، أنصحها بالعثور على وظيفة جديدة قبل مغادرة وظيفتها الحالية. ربما كان من المفيد لصاحبة السؤال الحصول على تعويضات البطالة وامتلاك الفرصة للاهتمام بأطفالها وبيتها في أثناء بناء مهارات ومؤهلات جديدة، لكن قبل أن تستقيل من وظيفتها، لم لا تستكشف السوق والفرص الأخرى خارج مؤسستها؟ نعيش جميعنا اليوم في عالم افتراضي، وعلى الرغم من أن الوضع الاقتصادي سيئ جداً الآن، فبعض القطاعات تزدهر ويمكنها البحث عن دور في مؤسسات ملائمة لها أكثر. صحيح أن هذا سيزيد أعباءها، فهي ستبحث عن وظيفة جديدة إلى جانب العمل في وظيفتها الحالية والاعتناء بأطفالها وبيتها، ومن الممكن ألا يثمر بحثها، لكن لا ضير في المحاولة.

أليسا ويسترنغ: يمكن لصاحبة السؤال البحث عن وضع وسط بين العمل لساعات طويلة وعدم العمل على الإطلاق، ربما أمكنها العمل بدوام جزئي، أو العمل على أساس التعاقد المستقل (فريلانس)، من الممكن أن تحصل على خيارات عمل مبتكرة تضمن لها دخلاً شهرياً وشيئاً من الرضا من دون الخروج من القوة العاملة بصورة نهائية. تتصل بي نساء كثيرات من أجل حل مشكلة فجوات النقص في ملفات سيرهن الذاتية، والتحديات التي يواجهنها كأمهات عاملات، وكلي أمل بنشوء فهم أوسع لحقيقة أن زمن الجائحة يتسبب بنشوء فجوات وتحولات غريبة وتقصير فترة العمل في وظائف معينة، وأننا جميعاً سنضطر للتغاضي عن بعض الأمور التي تعتبر عادةً إشارات تنبيه في ملفات السيرة الذاتية. لن تتضح لنا الأمور جيداً إلا عندما ينتهي كل هذا، وأرجو أن يفهم ذلك كل من يقوم بعملية توظيف في هذه الفترة.

دان ماغين: تحدثت صاحبة السؤال عن ندمها. كيف يجب عليها التعامل مع حقيقة أنها قد تندم على أي قرار تتخذه والتوتر الذي يترافق مع هذا النوع من المشاعر؟

أليسا ويسترنغ: توقع الشعور بالندم أو الخوف من الندم في المستقبل يمنع الكثير منا من اتخاذ قرارات جديدة ويشجعنا على التمسك بالوضع الراهن لأننا لا نريد أن نندم، وعندما نفكر بهذه الطريقة فسيصعب علينا التحرك. لذا أود أن أعرف من صاحبة السؤال ما يلي: ما الذي ستندم عليه إذا لم تترك الوظيفة أو لم تغير شيئاً في وضعها الحالي؟ ستساعدها الإجابة عن هذا السؤال على رؤية سلبيات ترك الوظيفة وسلبيات البقاء فيها، والإيجابيات المحتملة لكل من الخيارين والموازنة بين كل ذلك. يجب أن تدرك صاحبة السؤال أن الندم هو مجرد عاطفة، وأن البشر يميلون للتمسك بالوضع الراهن والمبالغة في التركيز على السلبيات المستقبلية المحتملة بدلاً من الإيجابيات المحتملة، كي تتمكن من التفكير في كل ذلك بطريقة جديدة.

أليسون بيرد: ننصح صاحبة السؤال بالتفكير في رؤيتها وقيمها على المدى الطويل، والتفكير في جواب السؤال: هل هذه الوظيفة غير ملائمة لها بسبب الجائحة أم بسبب المؤسسة ودورها فيها؟ نشجعها على إجراء محادثة مباشرة مع مديرها حول الوظيفة ومتطلباتها ووضعها الحالي لاسيما فيما يخص الاعتناء بعائلتها وموازنة ذلك مع العمل، وحول الحلول الأنسب ليتمكن الجميع من التقدم. نفكر في احتمال ألا تكون هذه الوظيفة والمؤسسة ملائمتين لها، لذا نشجعها على استكشاف الخيارات الأخرى، كوظيفة أخرى بدوام كامل أو جزئي أو بتعاقد مستقل. نثني على رغبتها بتطوير مهاراتها في حال تركت العمل. وأخيراً، يجب ألا تقلق بشأن القرارات التي ستتخذها في المستقبل، وأن تفكر فيما تريده فعلاً، على المدى المنظور والطويل على حدّ سواء، وتتخذ القرار الذي تراه مناسباً لها الآن حتى لو كان الاستقالة من العمل بسبب ضغوطات جائحة فيروس كورونا.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي