بدأت صديقتي بتجهيز سيرتها الذاتية بعد تسريح زملائها ذوي الخبرة خلال عملية تقليص حجم الشركة التي تعمل فيها؛ إذ كانت تدرك إمكانية تعرضها للمصير نفسه، وأرادت الاستعداد لذلك.
اعترفت لي قائلة: "إنه أمر مخيف، مضى وقت طويل منذ خوضي عملية البحث عن وظيفة جديدة وإجراء المقابلات وتسويق مهاراتي ومؤهلاتي، على الرغم من أنني لا أزال موظفة، فإنه يجب عليّ التخلي عن عقلية الموظفة في شركة والتفكير بعقلية الموظف المستقل".
بغض النظر عن وجود عمليات تسريح أو عدمها، يمكن لأي موظف مهتم ببناء مسار مهني الاستفادة من عقلية الموظف المستقل. بالطبع، أنا متحيزة في هذا الصدد، فأنا أعمل لحسابي الخاص منذ نحو 7 سنوات. لا تخيفني فكرة البحث عن عمل، حتى خلال فترة الركود الاقتصادي، لأن عملية البحث عن عمل هي جزء من طبيعة عمل الموظف المستقل. حتى خلال الفترات التي تكون فيها عقود العمل طويلة الأمد وذات أجر جيد، يظل الموظف المستقل يبحث عن الفرص المستقبلية.
إليك بعض الطرق الإضافية التي يفكر بها الموظف المستقل ويعمل بموجبها، والتي يمكن أن تُفيد الموظفين "التقليديين".
الموظفون المستقلون يعرفون كيف يجذبون العمل
يجب على الموظف المستقل البقاء على اطلاع بالمستجدات في مجال عمله وتطوير مهاراته، وإلا ستنعدم فرص العمل المستقبلية. يعمل الموظفون المستقلون باستمرار على التواصل وبناء العلاقات المهنية وتسويق أنفسهم والبقاء على اطلاع بأحدث الأدوات والأخبار في مجال عملهم، لترسيخ مكانتهم بوصفهم أشخاصاً مناسبين يلجأ إليهم العملاء للحصول على نوع معين من الخدمات أو الخبرات. يتميز الموظفون المستقلون الأكفاء بأنهم في حالة تأهب دائم. بالإضافة إلى ذلك، يستطيعون التكيف مع الفرص المتغيرة ويمكنهم تغيير مسار عملهم بسرعة وتقييم الوظائف المختلفة وإحالة العملاء المحتملين إلى أصدقائهم الموظفين المستقلين والدردشة في منتديات التواصل الافتراضية حول احتياجات السوق. يعرف الموظفون المستقلون متى عليهم العمل طوال الليل، ومتى يمكنهم أخذ استراحة بعد الظهر وقضاء وقت ممتع. لا يسمح الموظفون المستقلون لمسيرتهم المهنية بالدخول في مرحلة من الجمود لفترات طويلة، فهم من يحدد مسار عملهم، وليس رئيسهم في العمل أو الشركة التي كانوا سيعملون فيها.
يدرك الموظفون المستقلون تماماً أهمية التكاليف من حيث الوقت والمال
لن تفهم المعنى الحقيقي لجملة "الوقت من ذهب" إلا عندما تجلس أمام مكتبك وتهدر الوقت، وتدرك حينها أنك تهدر أموالك. يضع الموظف المستقل سعر الساعة الذي يحدده مقابل العمل في مقدمة أولوياته دائماً. يقترن أي مشروع يعمل عليه الموظف المستقل بسعر وعدد من الساعات لإنجازه، ما يعزز كفاءة يوم العمل وإنتاجيته. من غير المرجح أن يهدر الموظف المستقل وقته في أمور غير مهمة لأنه لا يستطيع تحمل تبعات ذلك. بصفتك موظفاً، هل تعرف كم معدل أجرك الذي تتقاضاه بالساعة؟ هل فكرت في مقدار الوقت والمال الذي تهدره في إعداد تقارير غير مهمة أو في السماح لاجتماع ما بالاستمرار مدة 30 دقيقة أطول مما يجب؟
يعمل الموظفون المستقلون لأسباب أخرى غير المال
لا يقتصر اهتمام الموظفين المستقلين بالحصول على المال فقط، بل يبحثون أيضاً عن المشاريع والانتماءات التي من شأنها أن تسهم في تكوين شبكة علاقاتهم واكتساب الخبرات وفتح المجال أمام مزيد من فرص العمل أو المهارات أو زيادة دائرة معارفهم. قد يرفض الموظف المستقل وظيفة ذات أجر مقبول لكنها ليست مثيرة للاهتمام بالنسبة له، ويفضل بدلاً من ذلك التحدث في فعالية محلية وكتابة مدونة يومية مجاناً بهدف ترويج اسمه وخدماته التي يقدمها. يبحث الموظف المستقل دائماً عن العمل الجيد والمشاريع المثيرة للاهتمام التي ستُغني سيرته الذاتية بخبرة قابلة للتسويق، والتي بدورها تميزه عن الموظفين المتعاقدين الآخرين. من خلال خبرتي، يوجد نوعان شائعان من العمل المستقل: الوظائف المملة ذات الأجر الجيد، والوظائف المثيرة للاهتمام ذات الأجر المنخفض. النوع الأول يموّل النوع الثاني. أما النوع الثالث، وهو الوظائف المثيرة للاهتمام وذات الأجر الجيد، فهو نادر؛ إذ إن الحصول على عمل كهذا يُعد أشبه بالحلم. يختار الموظفون المستقلون المشاريع التي يعملون عليها بناءً على عدة عوامل، وليس فقط الأجر المادي. لذلك، في المرة القادمة التي يبحث فيها المدير عن موظف للانضمام إلى لجنة، أو إدارة فريق مهمة معينة، أو قيادة مبادرة جديدة، حتى لو كان ذلك يمثل عبء عمل إضافي دون زيادة في الأجر، فكّر بعقلية الموظف المستقل واختر بناءً على الفوائد الأخرى التي قد تحصل عليها.
يبني الموظفون المستقلون سمعتهم ويخاطرون بها مع كل مشروع يتولون تنفيذه
عندما تكون موظفاً مستقلاً، يرتبط اسمك بكل ما تنتجه، وبالتالي، تكون المسؤولية أكبر مما هي عليه عند العمل ضمن فريق كبير أو شركة. يسعى الموظفون المستقلون، ولا سيما أولئك الذين يبحثون عن الكمال، إلى تحقيق مستوى أعلى من التميز لأنهم يتحملون مسؤولية أعمالهم، وكل مشروع بالنسبة لهم هو نقطة انطلاق نحو المشروع التالي. إذا ظهر اسمك على كل شيء تنتجه يومياً في شركتك، فهل ستشعر بشعور مختلف عمّا تشعر به الآن؟
يُعد التسويق الذاتي المستمر جزءاً أساسياً من عمل المتعاقدين المستقلين، وهذا يتطلب مستوى من التركيز على الذات يصعب تحقيقه في بيئة العمل ضمن فريق. عندما تعمل ضمن مجموعة، لا يمكنك التركيز على نفسك فقط، لكن على نطاق أوسع من مسيرتك المهنية، فإن التفكير بعقلية الموظف المستقل يمكّنك لتصبح أكثر كفاءة وقابلية للتسويق ويعزز قدرتك على مواجهة التحديات.