كيف تستفيدون من الغاية لإحداث التحوّل المطلوب في شركتكم

10 دقائق
يونيليفر

مقاربة يونيليفر المستندة إلى القيم في التعامل مع القرارات الصعبة المتعلقة بأصحاب المواهب.

تضم يونيليفر أكثر من 149 ألف موظف، ولهذا فإنها تواجه أي قضية تتعلق بتغيّر طبيعة العمل. فهي تستثمر في الذكاء الاصطناعي وعلوم الروبوتات لتستعملهما في مصانعها، وتتفاوض مع النقابات العمالية، وتعيّن موظفين وعاملين ينتمون إلى اقتصاد الأعمال المستقلة، كما تعمل على إعادة تهيئة قواها العاملة لتكون جاهزة للتعامل مع متطلبات التجارة الرقمية. وتفترض مؤسسات عديدة تواجه تحديات مشابهة لتلك التي تواجهها يونيليفر أن عملية إدخال التحولات على القوى العاملة تتطلب تقليصاً مؤلماً في أعداد الموظفين – ربما من خلال نقل البعض منهم إلى أدوار ومناصب تخص تقديم المشورة – أو اتخاذ خطوات أخرى على حساب العاملين، مثل خفض عدد ساعات العمل أو الأجور.

تؤمن يونيليفر أن هذه المقاربات التي تركز على الجانب الشكلي للموضوع تنطوي على إغفال للفرص، ولا تعطي النتائج المرجوة في نهاية المطاف. هذا لا يعني أن الشركة مستعدة للتخلي عن تحقيق الأرباح في مقابل ضمان الأمن الوظيفي للقوى العاملة. فهي تتبنى رؤية تقوم على تحقيق عوائد مالية للمستثمرين بما يجعلها تندرج ضمن الثلث الأعلى للشركات العاملة في قطاعها في هذا المضمار، وهي تنافس في سلسلة القيمة الخاصة بالتجارة، التي تتصف بقدر شديد من الأتمتة والتحول الرقمي. لكن ثمة درساً هاماً تعلّمته الشركة ولا تزال تحتفظ به منذ عهد باول بولمان الذي شغل منصب الرئيس التنفيذي ليونيليفر وقادها بين العامين 2009 و2019، ألا وهو أن وجود غاية للشركة يمكن أن يساعد في التقليل من التوترات ضمن صفوف القوى العاملة، وفي إيجاد الظروف المثالية للنمو. كما تؤمن الشركة أن التركيز على الغاية سيسمح لها بالتكيف بسرعة أكبر وبطريقة مربحة أكثر في المستقبل بالمقارنة مع السيناريو الآخر القائم على تبنّي نموذج قديم هو نموذج إدارة التغيير.

تصف هذه المقالة "برنامج مستقبل العمل" المطبّق في يونيليفر، ومحاولاتها الرامية إلى المحافظة على قدرتها على المنافسة، مع إخلاصها في الوقت ذاته لرسالتها المتمثلة في "إشاعة العيش المستدام" – بما في ذلك بالنسبة لموظفيها. وستكون معظم التكتيكات التي تستعملها مفيدة حتى بالنسبة للشركات التي لا تتبنى وجهة نظر يونيليفر، رغم أن الأمل يحدونا بإقناع بعض المشككين بأن تبنّي النهج القائم على "إشراك الجميع" هو الاستراتيجية الأفضل.

مضاعفة الرهان على الغاية

وسّعت يونيليفر نطاق غايتها من علامات تجارية مستدامة إلى علاقات مستدامة بين القوى العاملة، وكانت هذه الخطوة مستوحاة من عدّة معتقدات مرتبطة بالطبيعة الآخذة بالتغير للعمل.

تتطلب سرعة التغير في المهارات الضرورية في مكان العمل من الشركات التعامل مع الموظفين بطريقة أكثر أخلاقية. ففي المكاتب والمصانع، على حد سواء، أصبح من الضروري تحديث المهارات الرقمية أو تجديدها بوتيرة أسرع بكثير مما كان عليه الحال بالنسبة للتكنولوجيات السابقة. وبما أن الضرورة تقتضي ضمان استمرار مواكبة مهارات الموظفين لمتطلبات العمل، وبما أن هذه العملية مستمرة، فإن يونيليفر تسعى إلى توظيف أشخاص يتمتعون بالقدرة على التعلم الدائم وعلى صلة بقيم الشركة. وثمة من يقول إن الغاية هي أسمى هدف يمكن أن يجمع القوى العاملة، في حين تراهن يونيليفر على أن التزامها بالغاية سيسهم في الوصول إلى علاقات مستقرة ومثمرة بين الموظفين، وإلى قوى عاملة قادرة على مواكبة التغير باستمرار.

ستساعد الغاية في اجتذاب أصحاب المواهب من الشباب الأحدث سناً. تشير استطلاعات الرأي على الدوام إلى أن الأجيال الشابة تُولي اهتماماً كبيراً لفكرة وجود غاية في العمل. ففي أحد استطلاعات الرأي التي أجراها موقع لينكد إن، تبيّن أن 86% من الموظفين الشباب أعربوا عن استعدادهم لتقديم تنازلات بخصوص اللقب الوظيفي والتعويضات في مقابل العمل لدى شركة متوافقة مع قيمهم أو رسالتهم، مقارنة مع 9% فقط في حالة مواليد جيل الطفرة (أي الأشخاص المولودون في العقدين اللذين تليا الحرب العالمية الثانية). وعلاوة على ما سبق، فإن العاملين ومن جميع الأعمار مهتمون جداً بالقدرة على تحقيق أهدافهم الشخصية وبلوغ توقعاتهم المتعلقة بمسيراتهم المهنية.

يمكن أن تساعد الغاية في تحديد الاتجاه عند الاضطرار إلى اتخاذ قرارات صعبة. لقد باتت الأجيال الشابة الآن تطلب أيضاً قدراً أكبر من الاتساق في عموم الشركة، وهي ستُعلي صوتها احتجاجاً عندما ترى أن الشركة تتصرف بطريقة غير ملائمة برأيها.

تُعتبر الاستقالات الجماعية التي حصلت في كبريات الشركات التكنولوجية مؤخراً احتجاجاً على توقيعها لعقود عسكرية مثالاً جيداً على هذه الحالة. وتؤمن يونيليفر أن إدماج الغاية ضمن آليات إدارة القوى العاملة يعزز المقاربات المُبتكرة التي تهيئ العاملين ليكونوا مستعدين لمواجهة أصعب اللحظات التي قد يمرّون بها. فإذا ما واجه التنفيذيون مشاكل صعبة في مجالي التوظيف والموارد البشرية، سيكون بمقدورهم العودة إلى قيم الشركة لكي توجههم نحو القرار الصائب، ولترسم لهم مساراً يساعدهم على التقليل من احتمال مواجهة ردود أفعال سلبية أو انفصال بين القيم والسلوك العملي.

الربط بين الغاية والعمل

إن الجهد الذي تبذله يونيليفر للالتزام بتوسيع فكرة الاستدامة بحيث تصبح جزءاً من استراتيجيتها الخاصة بالتعامل مع القوى العاملة هو جهد مستمر، وقد ارتكبت الشركة بعض الأخطاء في معرض تطبيقها للفكرة. لكنها حدّدت أيضاً عدداً من الدروس والعِبر المفيدة.

الغاية تبدأ من الفرد. قد يبدو الكلام التالي وكأنه ينطوي على مفارقة، لكن صياغة غاية مشتركة تتطلب فهم الأفراد لسبب وجودهم أصلاً وما الذي يريدون تحقيقه. وهذا يجعل من إدارة القوى العاملة أمراً مختلفاً تماماً عن المبادرات الأخرى المتمحورة حول الغاية مثل بناء مجموعة من المنتجات، لأن هذه المبادرات هي بمعظمها مقاربات هرمية تنازلية. فالموظفون وعلى جميع المستويات يتخذون إجراءات هامة لتنفيذ ما هو مطلوب للوفاء بالوعود المقدمة إلى المستهلكين بخصوص المنتج، لكن كبار قادة الشركة هم من يقرر ما هي العلامات التجارية التي يجب أن توزّع في الميدان. وفي المقابل، تؤمن يونيليفر أن إدراج المعنى ضمن عملية تجديد القوى العاملة يستدعي أن يقرر كل موظف من الموظفين ما الذي يريده مستقبلاً.

فعلى سبيل المثال، سيكون من غير المجدي تشجيع موظفة ما على تجديد مهاراتها إذا كانت طموحاتها المهنية تكمن خارج الشركة تماماً لأنها لن تستثمر في مواكبة التغيير الحاصل. وعلاوة على ما سبق، يمكن أن يقود فرض التغيير من الإدارة العليا إلى شيء من المقاومة. ورغبة من يونيليفر في ضمان عدم شعور الموظفين بأنهم أدوات يتم التلاعب بها، فإنها تقلل إلى الحد الأدنى من استعمال تعابير شائعة مثل "صقل المهارات" و"تحسين المهارات". وعادة ما ينطلق الحوار من أرضية صحيحة بالحديث عن الغاية التي يريدها الموظف لنفسه – أي بالمعنى الشامل والكامل بعيداً عن اللقب الوظيفي والتعويضات فقط – وهذا الشيء يشجّع الموظفين على تحمّل مسؤولية تطوير أنفسهم.

الغاية تتطلب التفاعل مع الأفراد على نطاق واسع. في بادئ الأمر، سعت يونيليفر إلى تحقيق التوافق بين المعنى الذي يبحث عنه الفرد والمعنى الذي تبحث عنه الشركة، وكان ذلك في عام 2009، عندما أطلقت الشركة برنامج يونيليفر لتطوير القيادات الذي ساعد أكثر من 400 من كبار التنفيذيين على استكشاف الغاية التي يريدها كل واحد منهم والاستفادة من تلك التجربة لتكون مرشداً لهم في عملهم. (باتت هذه العادة منتشرة على نطاق واسع في أوساط كبار القادة في العديد من الشركات). وقد حقق البرنامج نجاحاً كبيراً ما دفع يونيليفر إلى توسعته ليطبّق على جميع المستويات في المؤسسة.

لم يكن من المجدي تطبيق ورشة العمل التي امتدت على مدار أربعة أيام في حالة كبار المدراء بتلك الصيغة على نطاق واسع. لذلك لجأت الشركة إلى تنفيذ نسخة مختصرة من ورشة العمل تستمر ليوم واحد فقط بحيث تكون قادرة على الوصول إلى جميع موظفيها في دولهم وبلغاتهم المحلية. وبحلول صيف عام 2021، كان ما يقرب من 60 ألفاً منهم (أي 40% من القوى العاملة) قد "اكتشفوا غايتهم" من خلال ورش العمل هذه. ويونيليفر ملتزمة بالوصول إلى الجميع، بما في ذلك الموظفون الذين يعملون بالساعة. اليوم، بات العديد من الموظفين الجدد يجدون أن أعضاء فريقهم يعرّفون عن أنفسهم من خلال التعريف بغايتهم.

يعمل الموظفون ضمن ورش العمل هذه على وضع خطط فردية تناسب مستقبلهم وترسم لهم مسارهم المرغوب خلال الأشهر الثماني عشر التالية – حتى لو كان ذلك المسار يقودهم إلى مكان آخر خارج يونيليفر – والخطوات الضرورية التي يتطلبها ذلك المسار لتطوير المهارات. وتساعد ورش العمل هذه والمراجعات المتكررة مع الموظفين يونيليفر على تحسين عملية الإصغاء إلى الموظفين، وهي تؤمن أنها ستقود إلى تحسين تفاعل العاملين، وعافيتهم، والتزامهم بقيادة استراتيجية الشركة.

بيد أن ورش العمل هذه لا تحاول تجميل المستقبل بطريقة غير واقعية. فعلى سبيل المثال، إذا كان شخص ما لا يريد أن يصبح موظفاً في مصنع يعتمد اعتماداً شديداً على الأتمتة، فإنه يستطيع أن يعمل علناً، وبمساعدة الشركة، على رسم مسار أنسب له – سواء في جزء مختلف من المؤسسة أو في مسيرة مهنية تقوده بعيداً عن يونيليفر.

تصبح الخطط المناسبة لمستقبل الموظف هذه أساساً لتفاعله مع منصة المهارات في يونيليفر. ويسهم الانفتاح على المسارات المهنية المستقبلية للموظفين في زيادة قيمة أدوات مثل الأسواق الخاصة بأصحاب المهارات، وعمليات تبادل الموظفين بين أرجاء الشركة، وشهادات المهارات القابلة للنقل. وها هو البرنامج يعطي النتيجة المرجوة منه. ففي عام 2020، قال 92% من الأشخاص الذين حضروا ورشة عمل مخصصة لاستكشاف الغاية الذاتية أنهم يعملون في وظائف مُلهِمة لهم تجعلهم مستعدين لبذل قصارى جهدهم مقارنة مع 33% فقط في حالة الأشخاص الذين لم يحضروا ورشة عمل من هذا القبيل.

الغاية تشكّل مرجعاً لجميع الترتيبات المُبرمة مع العمال بما في ذلك العقود. مع ابتعاد الشركات عن ترتيبات أسبوع العمل المؤلف من 40 ساعة، وتقسيم العمل إلى مهام دقيقة ومحددة، فإن نماذج اقتصاد الأعمال المستقلة والعمل عن بعد توفّر عناصر هامة يمكن الاستفادة منها. لم تكن محاولات يونيليفر الأولى لولوج اقتصاد الأعمال المستقلة معقدة جداً. فقد كانت هناك حاجة إلى ممارسة الضغط على العديد من المدراء لإقناعهم حتى بقبول فكرة إنجاز موظفين يعملون بدوام غير كامل للمهام، بينما لم يكن لدى بضعة مدراء أي خبرة في التعامل مع منصات الأعمال المستقلة مثل كاتالانت (Catalant) وموملانسرز (Momlancers). كما اضطرت يونيليفر إلى تعديل إجراءاتها الداخلية. فشروط الدفع المعتادة في شركات السلع الاستهلاكية المعبأة والقائمة على مبدأ السداد بعد أكثر من 60 يوماً تُعتبر فترة طويلة نسبياً للعاملين المستقلين. لكن الشركة مواظبة على عملها فقد حددت أكثر من 80 ألف مهمة قد تحتاج إلى من ينجزها خلال السنوات الخمس المقبلة، وهي ستُنجز على يد مزيج من الموظفين المتفرغين الذين يعملون بدوام كامل، والعاملين المستقلين، والمتعاقدين، والأشخاص الذين يعملون بشروط وترتيبات مرنة.

سرعان ما تعلّمت يونيليفر من تجاربها المبكرة أن كبار أصحاب المواهب الذين يعملون لحسابهم الخاص يمكن أن يكونوا انتقائيين فيما يخص التعامل مع أصحاب العمل، لذلك يجب على الشركات أن تتعامل معهم بطريقة مميزة. وفي هذا الصدد تبيّنت أهمية التزام يونيليفر بالاستدامة. فالعاملة المستقلة التي ترى أن قيم يونيليفر متوافقة مع قيمها أكثر ميلاً إلى التقدم بطلب للعمل على أحد مشاريعها ومن ثم العودة للعمل على مشروع آخر لاحقاً. ورغم أن هذه العاملة لن تحضر إحدى ورشات العمل المخصصة لاكتشاف الغاية الذاتية، إلا أن الشركة تؤمن أن وجود ارتباط مع هذه العاملة مهم أيضاً. وفي الحقيقة، تعكف يونيليفر حالياً على إحراز تقدّم في تطوير آلية غربلة مشتركة في التوظيف لجميع العاملين، لكي تُستعمل مع العاملين المستقلين أو المتفرغين على حد سواء.

لكن الغاية تطبّق في الاتجاهين. فيونيليفر تؤمن أن استغلال العاملين المستقلين يشكّل انتهاكاً لرسالتها الاجتماعية وقيمها. كما أنه سيء لأعمالها وأنشطتها، لأن العاملين الذين يحصلون على أجور متدنية لن يكونوا مستهلكين جيّدين لمنتجات يونيليفر. وهذا الشيء يمكن أن يقود إلى نتيجة سلبية عكسية، كما حصل عندما انضم موظفو جوجل إلى موجة الاحتجاجات والاستقالات الجماعية بسبب تصوراتهم عن وجود عدم مساواة في تعامل الشركة مع العاملين المؤقتين والبائعين والمتعاقدين. رغم أن العمل بدوام جزئي له صبغة تعاقدية أكبر بالمقارنة مع التوظيف التقليدي، إلا أن يونيليفر تريد للغاية أن تكون في صميم العقد ضمن نموذج جديد للتوظيف يجمع بين المرونة والأمان الوظيفي. وتُعتبر أجرأ مبادرة أقدمت عليها الشركة حتى الآن هي مبادرة يو- ورك (U-Work)، التي طُوّرت بالشراكة مع النقابات العمالية وصنّاع السياسات في المملكة المتحدة. فالموظفون الذين يختارون الانضمام إلى هذه المبادرة يحصلون على راتب شهري عندما يلتزمون بالعمل لعدد محدد من الأسابيع في السنة على مهام قصيرة الأجل لصالح يونيليفر. وهم يحصلون على تعويض إضافي أثناء عملهم على المهام، ويحصلون على بعض المنافع والمزايا وعلى مساهمات تقاعدية، وعطلات مدفوعة أثناء نوبات العمل، ومنح مالية يستطيعون إنفاقها على أنشطة تعليمية.

في عام 2020، قال 92% من موظفي يونيليفر الذين حضروا ورشة عمل مخصصة لاستكشاف الغاية الذاتية أنهم يعملون في وظائف مُلهِمة لهم تجعلهم مستعدين لبذل قصارى جهدهم.

تأمل يونيليفر أن تساعدها مبادرة يو- ورك هذه وغيرها من البرامج على الاحتفاظ بأصحاب الموهبة – وتحديداً الآباء والأمهات والأشخاص الآخرين المعنيين بتقديم الرعاية لأقاربهم – ما يسهم بالتالي في زيادة مستوى التنوع في صفوف فِرقِها. ونظراً لنجاح مبادرة يو- ورك في المملكة المتحدة، فإن يونيليفر تعمل على تطبيق نماذج مشابهة في دول أخرى.

الغاية تشكّل مرجعاً عند تخفيض أعداد القوى العاملة. ستواجه يونيليفر أصعب قراراتها عندما يوصلها التغيير الحاصل بوتيرة سريعة إلى اللحظة الحتمية التي ستضطر عندها إلى تسريح جزء من قواها العاملة لكي تتمكن من المحافظة على قدرتها على المنافسة وتحقيق أفضل العوائد المالية. ويمكن للتكنولوجيات الجديدة أن توفّر أشكالاً جديدة من العمل بالنسبة لبعض الموظفين، ولكن ليس بالنسبة لجميع الموظفين. ويونيليفر تؤمن أن الغاية ستكون أهم منارة تقودها إلى الطريق الصحيح في هذه الأوقات العصيبة.

على مدار تاريخ الشركة الممتد لأكثر من 100 عام، واجهت الشركة عدداً من اللحظات الصعبة التي اضطرت فيها إلى إغلاق بعض مصانعها. وانطلاقاً من الهدف المشترك المتمثل في "عدم إنجاز هذه المهمة بالأسلوب القديم"، وبما أن 21% من موظفي يونيليفر موجودون في أوروبا (التي تعتبر النقابات العمالية فيها عموماً أقوى من النقابات العمالية في مناطق أخرى من العالم)، فقد عملت يونيليفر مع مجلس الأعمال الأوروبي (التابع لها والذي يمثّل موظفيها الأوروبيين) من أجل التعاون على إنشاء إطار لمستقبل العمل في مارس/ آذار 2019. وقد صاغ الطرفان مقاربة مشتركة تخص بناء المهارات التي تناسب متطلبات المستقبل، ونماذج التوظيف الجديدة، وبرامج تعزيز المهارات لزيادة إمكانية التوظيف، وكان هناك تخصيص للأموال المطلوبة لدعم المبادرة. ومنذ ذلك الوقت، طُبّقت مبادئ الاتفاق في جميع أنحاء العالم من خلال "برنامج يونيليفر للتحول المسؤول".

من المؤكد أن نجاح هذا التعاون تطلّب شجاعة من القادة العماليين. فهم مسؤولون عن البرنامج بقدر مسؤولية المدراء التنفيذيين في يونيليفر عنه. لكن الرئيس التنفيذي ليونيليفر آلان جوبيه كان قد دأب علناً على تعزيز التزام فريقه القيادي بإنجاح هذا التعاون.

يتمثل هدف يونيليفر في ضمان حصول 80% إلى 100% من العاملين الذين سيُستبعدون من وظائفهم بسبب الأتمتة على وظيفة داخلية جديدة أو على وظيفة خارجية مشابهة، أو أن يكون لديهم خيار التقاعد المبكر. وقد تمكنت الشركة حتى الآن من الإيفاء بجزء كبير من وعدها هذا. ولنأخذ على سبيل المثال ما حصل مؤخراً مع أحد المصانع في إيطاليا. فتماشياً مع مبادئ مبادرة "مستقبل العمل"، بدأ المدير المحلي بالعمل مع الحكومة، والنقابات العمالية، والجامعات البارزة للتعاون على وضع خطة تهدف إلى الحيلولة دون الإغلاق الكامل للمصنع. وقد تمكنت هذه الأطراف من العمل معاً على وضع خطة مبتكرة لتحويل المصنع إلى مركز لإعادة التدوير، مع ضمان حصول جميع الموظفين على وظائف.

في أعقاب عمليات تسريح العاملين وإغلاق المصانع، تعمل يونيليفر على تتبّع الموظفين المغادرين (شريطة موافقتهم على الخضوع للتتبّع) لتحدّد ما إذا كان أجرهم الجديد متوافقاً مع أجرهم القديم أم لا. كما تسعى الشركة أيضاً في الوقت الحاضر إلى إبرام شراكات مبتكرة لمساعدة هؤلاء العاملين على الحصول على وظائف أخرى برواتب مشابهة. فعلى سبيل المثال، تنخرط الشركة حالياً في برنامج استكشافي مع سلسلة متاجر وول مارت يهدف إلى تحديد مسارات مهنية مثيرة للاهتمام في عموم المؤسستين.

يكمن السبب وراء اتّخاذ يونيليفر لكل هذه الخطوات في أن "الطريقة القديمة" – القائمة على المواجهة والصراع بين الشركات والعمال الذين يتصرفون كطرفين منفصلين – غير متناسبة مع فكرة الغاية، وهي بالتالي وصفة مناسبة لتدمير القيمة على المدى البعيد. وتؤكد الشركة للمدراء المحليين أن استثمار الأموال في وقت مبكر من عملية إدخال التحولات على القوى العاملة سوف يسهم لاحقاً في تخفيض التكاليف بمقدار كبير، وسيساعد على تسريع العملية وعدم تأخيرها، نتيجة إبلاغ الموظفين وممثلي العمّال بالمعلومات الصعبة في وقت مبكر، عوضاً عن إخبارهم بالأمر دفعة واحدة وعلى شكل قنبلة بعد أن يكون القرار قد اتّخذ أصلاً. قد تكون هذه المقاربة مخيفة، لكن تجربة يونيليفر حتى الآن تؤكد على أن أفضل النتائج التي حصلت عليها من عمليات إغلاق المصانع وتسريح العمال كانت النتائج الأكثر توافقاً مع غاية الشركة.

في إحدى المرّات، وصف الرئيس جون كينيدي التزام الولايات المتحدة الأميركية باستكشاف الفضاء مستخدماً قصة استوحاها من الكاتب الإيرلندي فرانك أوكونور. فقد كان أوكونور وأصدقاء طفولته يلتزمون بتجاوز جدار معيّن يبدو شديد العلو من خلال رمي قبعاتهم من فوقه إلى الجهة المقابلة أولاً.

تواجه يونيليفر في السنوات المقبلة تحدياً وجودياً يتمثّل في السؤال التالي: كيف بوسعها أن تكون شركة مدفوعة بغاية معيّنة مع نقل عمّالها إلى وقت سيكون بعض مهاراتهم فيه غير مطلوبة لأن الزمن قد عفا عليها. لكن قادتها يتمتعون بما يكفي من التواضع لكي يعرفوا أن بعض رهاناتهم الخاصة بمستقبل الشركة سيثبت خطؤها وأن بعض الإجراءات المتخذة لوضع الاستدامة في صميم القرارات المتعلقة بالقوى العاملة قد تكون غير فعّالة، لا بل قد ترتد عليها بنتائج عكسية. لكن قبعة يونيليفر باتت على الجانب الآخر من الجدار، والشركة تؤمن أن مضاعفة رهانها على غايتها سوف يساعد في بناء قوى عاملة قادرة على التغلب على أي تحديات قد يحملها المستقبل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي