كيف تحقّق أقصى استفادة ممكنة من اجتماعاتك الثنائية؟

11 دقيقة
الاجتماعات الثنائية

كانت معدلات دوران الموظفين مرتفعة للغاية في فريق زياد، بل كانت في واقع الأمر أعلى من معظم الفرق الأخرى في شركته. وعلى الرغم من أن زياد كان يعتبر نفسه مديراً متمرساً، فإن مقابلات ترك الخدمة مع أعضاء فريقه الذين قرروا مغادرة الشركة أشارت إلى أنهم لم يشعروا بالاندماج الحقيقي أو بأنهم لا يتلقون الدعم المناسب في أدوارهم الوظيفية وكانوا يميلون إلى الاعتماد على الآخرين لأداء مهماتهم.

فما الخطأ الذي ارتكبه زياد بالضبط؟ اتضح لي أحد جوانب المشكلة عندما تحدثتُ معه ومع فريقه: فقد كان يعقد اجتماعات ثنائية (1:1) مع مرؤوسيه المباشرين بمعدلات أقل من نظرائه في الشركة. وعندما كان يعقد هذه الاجتماعات مع أعضاء فريقه ويلتقي كلاً منهم على حدة، كان موضوع الاجتماع يتمحور عادةً حول مشكلة عاجلة يحتاج إلى مساعدتهم فيها، دون التطرُّق إلى عملهم أو تطوير أدائهم.

من الواضح أن زياد، الذي يُعتبر مثالاً نموذجياً لكثير من المدراء الذين عملت معهم ودرستُ حالتهم، يعاني نقطة مبهمة عندما يتعلق الأمر بالاجتماعات الثنائية. وهذه النقاط المبهمة شائعة الوجود. فقد أجريتُ مؤخراً استقصاءً شمل 250 مرؤوساً مباشراً، اعتبر نصفهم تقريباً أن تجاربهم في الاجتماعات الثنائية كانت دون المستوى. وهذا ليس أمراً مفاجئاً، نظراً لقلة عدد المؤسسات التي تقدم إرشادات أو تدريبات مكثّفة للمدراء حول المواعيد المناسبة لعقد اجتماعات ثنائية مع موظفيهم وكيفية إدارة هذه الاجتماعات. لكن أبحاثي أثبتت أن المدراء الذين لا يستثمرون في مثل هذه المحادثات ويعتبرونها عبئاً ثقيلاً على كاهلهم، أو لا يعقدونها إلا على فترات متباعدة جداً أو يسيئون إدارتها، يخاطرون بانفصال أعضاء فريقهم عنهم على المستويين الوظيفي والعاطفي.

ويدرك المدراء المتميزون أن الاجتماعات الثنائية ليست رفاهية في أدوارهم الوظيفية، بل تقع في صُلبها. ويمكن لأولئك الذين يؤمنون بأهمية هذه الاجتماعات ويعتبرونها حدثاً يمارسون من خلاله مهاراتهم القيادية أن يحسّنوا النتائج اليومية لفرقهم ويرفعوا مستوى كفاءة أعضائها يوماً بعد آخر، إلى جانب تعزيز الثقة المتبادلة معهم وتحسين شعورهم بالأمان النفسي وتحسين تجارب الموظفين في العمل وزيادة الحافز لديهم وشعورهم بالاندماج. ويعود كل ذلك بالنفع على المدراء أيضاً، لأن نجاحهم مرتبط بأداء أولئك الذين يعملون تحت رئاستهم.

لقد عكفتُ لعقود من الزمان على دراسة الفرق والقدرات القيادية واندماج الموظفين وعلاقتها بالاجتماعات التي يتم عقدها في العمل، وقررتُ خلال السنوات الثلاث الماضية التعرُّف على عوامل نجاح الاجتماعات الثنائية من خلال إجراء 3 دراسات: دراسة استقصائية عالمية ضمّت 1,000 موظف في مجال المعرفة، ودراسة استقصائية أميركية شملت 250 شخصاً يقودون الاجتماعات الثنائية أو يشاركون فيها، ومقابلات شخصية مع ما يقرب من 50 مسؤولاً من كبار القادة في عدد من الشركات المُدرجة على قائمة "فورتشن 100". وقد اكتشفتُ أنه على الرغم من عدم وجود حل موحد يصلح لجميع الحالات، فهناك بعض المبادئ التوجيهية المفيدة للمدراء على وجه العموم. والأهم من ذلك أن المدير يجب أن يعتبر الاجتماع مساحة مخصّصة لمرؤوسيه المباشرين وأن يوضح لهم ذلك. ويجب أن يرتكز الاجتماع على الموضوعات المتعلقة باحتياجات الموظف ومخاوفه وآماله، كما يجب على الموظف أن يتخذ موقفاً إيجابياً ويبادر هو أيضاً بعرضها خلال انعقاد الاجتماع. وتتمثّل مسؤولياتك كمدير في ضمان انعقاد الاجتماعات وتيسيرها بفاعلية وتشجيع الموظف على فتح قلبه وإجراء محادثة صادقة وطرح أسئلة وجيهة وتقديم الدعم لكل عضو في الفريق ومساعدته على الحصول على كافة المكوّنات المطلوبة للوصول بالأداء إلى المستوى الأمثل على المدى المنظور وتحقيق النمو على المدى البعيد.

اعتبر كلٌ من المرؤوسين المباشرين والمدراء أن الاجتماعات كانت ذات قيمة عالية جداً عندما أسهم المرؤوسون المباشرون في وضع جدول الأعمال أو وضعوه بأنفسهم.

وسأوضح في هذه المقالة كيفية التحضير المسبق للاجتماعات الثنائية الفعّالة وتيسيرها.

قبل الاجتماع

يتطلب الاستعداد لعقد اجتماعات ثنائية اتخاذ إجراءات تتجاوز إرسال الدعوات لأعضاء فريقك وإبلاغهم بمواعيد انعقادها. إذ يجب أن تُرسي الأساس للمحادثات التي ستدور خلال هذه الاجتماعات وأن تخطط لتقديم الخدمات اللوجستية الملائمة لاحتياجات كلٍّ من مرؤوسيك المباشرين على أفضل وجه.

أبلغ أعضاء فريقك بالمبادرة الجديدة أو بتفعيلها مجدداً. سواءً كانت الاجتماعات الثنائية إجراء جديداً أو معتاداً في فريقك، فعليك أن تعلن عنها في الاجتماع العام للفريق حتى يتلقى الجميع الرسالة في الوقت ذاته ولا يشعر أيٌ منهم بأنه الوحيد المعني بهذه الاجتماعات دون غيره. واربط الاجتماعات بقيم المؤسسة (مثل أهمية سماع آراء الموظفين) وقيمك الشخصية (مثل السعي لأن تكون قائداً داعماً لمرؤوسيه). وشدّد أيضاً على أن هذه المحادثات لا تهدف إلى التعبير عن عدم الرضا عن عمل فريقك ولا تتعلق بالإدارة التفصيلية والتدخل في طريقة أدائهم للعمل، ولكنها تتيح الفرصة لك ولكل عضو في الفريق للتعرف على بعضكما بشكل أفضل والتعرُّف على التحديات التي تواجه الموظف ومناقشة أحوال مسيرته المهنية وتقديم يد العون إذا اقتضى الأمر ذلك. وتعتبر هذه أيضاً فرصة سانحة لإخبار أعضاء فريقك بما تحتاجه منهم لإنجاح الاجتماعات: إذ يجب أن يحددوا أولوياتهم الرئيسية في جدول الأعمال وأن يُظهِروا اهتمامهم بمعرفة المستجدات وأن يشاركوا في الاجتماعات بإيجابية ويعبّروا عن آرائهم وأفكارهم بكل صراحة ويفكّروا بعمق في المشاكل والحلول المطروحة وألا يتورعوا عن طلب المساعدة وأن يكونوا على استعداد للتصرف بناءً على الملاحظات.

حدّد الإيقاع المناسب. أثبتت أبحاثي أنه يتعيّن عليك اعتماد واحدة من الخطط الثلاث التالية لتحديد وتيرة انعقاد الاجتماعات الثنائية: (1) التقاء كل واحد من أعضاء فريقك مرة واحدة في الأسبوع لمدة 30 دقيقة أو نحو ذلك. كنتُ قد أجريت استقصاءً للرأي اعتبر فيه الموظفون، بغض النظر عن مستوياتهم الوظيفية، أن هذا النهج هو الأفضل على الإطلاق، كما ثبت أنه يرتبط بأعلى مستويات اندماج الموظفين. (2) التقاء كل واحد من أعضاء الفريق مرة واحدة كل أسبوعين لمدة 45 إلى 60 دقيقة، وقد جاءت هذه الخطة في المرتبة الثانية في استقصاء آراء الموظفين. (3) وضع خطة هجينة تجمع بين النهجين السابقين، بحيث تلتقي ببعض أعضاء الفريق أسبوعياً والبعض الآخر كل أسبوعين. وأياً كانت الخطة التي تختارها، فاحرص على قضاء فترات زمنية متكافئة مع الموظفين على مدار شهر حتى يحصل جميع أعضاء الفريق على المقدار نفسه من دعمك الشخصي. ولتحديد الإيقاع الصحيح، احرص على مراعاة ما يلي:

خبرة أعضاء الفريق. تعتبر الاجتماعات الأسبوعية مثالية للموظفين المبتدئين والموظفين الجدد في الفريق، لأنها تسمح لك بتوفير التدريب وغيره من أشكال الدعم للإسهام في نمو الموظفين وتطوير أدائهم وتوطيد علاقتك بهم.

مدة شغل المدير للمنصب. إذا كنتَ أنت أيضاً مديراً جديداً في الفريق، فإن اللقاءات الأسبوعية تُعتبر وسيلة مثالية لتوطيد علاقاتك مع أعضاء فريقك والتعرُّف عليهم عن قُرب.

حجم الفريق. إذا كان فريقك كبيراً (أي يتكوّن من 10 أفراد أو أكثر)، فمن الأفضل أن تعقد اجتماعات ثنائية معهم كل أسبوعين حتى تتمكن من توزيعها

على فترة زمنية أطول. ويُستحسَن أن تقلّل الوقت المخصَّص لكل اجتماع. ولتخفيف عبء الجهد المبذول نتيجة قيادة فريق كبير، يلجأ بعض المدراء إلى فكرة توجيه الأقران، حيث يقدّم أعضاء الفريق التوجيه والملاحظات لبعضهم بعضاً بدلاً من الاعتماد على المدير فقط.

عقد الاجتماعات عن بُعد أم حضورياً. إذا كان أعضاء فريقك يعملون عن بُعد، فيمكن استغلال فكرة الاجتماعات الأسبوعية لتعويض غياب التواصل المباشر وجهاً لوجه.

التفضيلات الشخصية لأعضاء الفريق. أخيراً، امنح موظفيك فرصة المشاركة في اتخاذ القرار. فقد لاحظتُ أن بعض المدراء، ومعظمهم من كبار القادة، يفضّلون عقد الاجتماعات الثنائية كل 3 أو 4 أسابيع، لكن استثمار 60 دقيقة فقط أو نحو ذلك مع كل عضو في الفريق كل شهر سيجعل بناء علاقة تقوم على الثقة المتبادلة أمراً صعباً. ونظراً لسهولة تذكر الأحداث الأخيرة، فإن طول الفاصل الزمني يعني أيضاً تعذُّر مناقشة أي مشكلات قد تطرأ قبل حلول موعد انعقاد الاجتماع بعدة أسابيع. وتزداد فاعلية هذه الاجتماعات عندما تتمكّن من بناء حالة من الزخم حول جوانب محدَّدة من أنشطة مرؤوسيك المباشرين ونموهم. وسيكون من الصعب تحقيق هذه الفاعلية عند التقاء الموظف مرة واحدة شهرياً. ولكن إذا كان أعضاء فريقك متمرسين وعملوا معك لفترة طويلة من الزمن، وكان من السهل عليهم أن يتواصلوا معك بصورة غير رسمية، فقد يفي هذا الإيقاع بالغرض، وسيكون أفضل من عدم عقد أي اجتماعات على الإطلاق. وعلى الرغم من ذلك، فقد اعتبر الموظفون هذا الخيار أسوأ الخيارات المطروحة، وكان يرتبط بضعف فرص اندماج الموظفين.

وأخيراً، تجنَّب إلغاء الاجتماعات الثنائية، لأن ذلك قد يعيق مسيرة أعضاء فريقك ويجعلهم يشعرون بأنهم يحتلون مرتبة متدنية على قائمة أولوياتك. وكانت هذه إحدى مشكلات زياد: فقد كان يلجأ إلى إلغاء هذه الاجتماعات بكل سهولة إذا وجد نفسه مشغولاً. وكان هذا يؤدي في بعض الأحيان إلى تدمير معنويات أعضاء فريقه، كما أنهم وجدوا أنفسهم يكررون الجهود أو يعملون على تحقيق أهداف متضاربة لأن الفرصة لم تتح لهم لتنسيق أعمالهم من خلال زياد. وإذا كان لا بد من إلغاء اجتماع ثنائي، فاحرص على تحديد موعد للاجتماع الجديد على الفور، ويُفضَّل أن يكون في الأسبوع نفسه، حتى إذا كان ذلك يعني عقد الاجتماع قبل موعده بدلاً من إلغائه كلياً. وهناك خيار آخر يتمثّل في تقليل مدة الاجتماع، لأن قضاء بعض الوقت معاً أفضل بكل تأكيد من عدم قضاء أي وقت معاً على الإطلاق.

حدِّد المكان المناسب. أثبتت أبحاثي أن الموظفين يرون أن الاجتماعات الثنائية الحضورية أفضل قليلاً من الاجتماعات الافتراضية، لكنهم صنّفوا القيمة النهائية للاجتماعات بالتساوي بغض النظر عن صيغتها. وإذا كان بإمكانك الالتقاء بالموظف وجهاً لوجه، فاختر مكاناً تشعران فيه بالراحة والحضور الذهني ويخلو من المشتتات الذهنية. وقد تبيّن لي من خلال استقصاءاتي أن الموقع الذي حاز أعلى التقييمات هو مكتب المدير أو غرفة المؤتمرات، بينما كان الموقع الذي حاز أدنى مستويات التقييم هو مكتب الموظف نفسه. وكان استحسان عقد الاجتماعات الثنائية في مواقع خارجية، مثل المقاهي أو التنزه بالقرب من المكتب، متفاوتاً، لذا لا تفترض أن الجميع سيرحب بهذه الفكرة. تحدَّث مع أعضاء فريقك مقدماً لمعرفة المكان الذي يشعرون فيه بالارتياح.

ضع جدول أعمال. يفترض الكثير من المدراء أن الاجتماعات الثنائية هي مجرد دردشة غير رسمية إلى حدٍّ بعيد، وبالتالي لا تستلزم وضع جدول أعمال، لكن أبحاثي أثبتت أن وجود جدول أعمال يشكّل عاملاً أساسياً مهماً لإثبات فاعلية الاجتماع، سواءً تم وضعه مسبقاً (وهو النهج المثالي) أو خلال الاجتماع نفسه (إذا لزم الأمر).

لكن الأهم من ذلك أن يشارك الموظف في وضع جدول الأعمال: فقد اعتبر كلٌ من المرؤوسين المباشرين والمدراء أن الاجتماعات كانت ذات قيمة عالية جداً عندما أسهم المرؤوسون المباشرون في وضع جدول الأعمال أو وضعوه بأنفسهم. وكان زياد قد اعتاد تنظيم الاجتماعات الثنائية وفق أولوياته واحتياجاته، وهو ما يعني بالتبعية أن مخاوف أعضاء فريقه عادة ما كان يتم ترحيلها إلى نهاية الاجتماع، وغالباً ما يتم تجاهلها إذا نفد الوقت.

وقد يكون التعاون في وضع جدول الأعمال أمراً في غاية البساطة، كأن يتولى كل طرف إعداد قائمة بالموضوعات المطلوب مناقشتها. ويجب أن يعمل الاثنان خلال الاجتماع على مناقشة الموضوعات المُدرجة على قائمة الموظف أولاً، ثم يناقشان الموضوعات المُدرجة على قائمة المدير، إذا سمح الوقت. (ويجب أن يراجع الطرفان ملاحظاتهما المستخلصة من الاجتماعات الثنائية السابقة في أثناء إعداد قوائم موضوعاتهما إذا كان بعض الموضوعات يتطلب المتابعة).

ويحرص بعض المدراء بدلاً من ذلك على إعداد جدول أعمال يتكوّن من أسئلة عامة، مثل: ما الذي تريد التحدُّث عنه اليوم؟ كيف تسير الأمور معك ومع فريقك؟ ما أولوياتك الحالية، وهل هناك أي مشاكل أو مخاوف تود التحدُّث عنها؟ هل هناك أي شيء يمكنني مساعدتك فيه، أو أي جانب يمكنني تقديم الدعم لك فيه بشكل أفضل؟ ما الذي أحتاج إلى معرفته أو فهمه من وجهة نظرك؟

تحذير: يميل هذان المنهجان إلى إعطاء الأولوية للمسائل التكتيكية العاجلة وعلاج المشاكل الآنية. وأياً كانت الطريقة التي تستخدمها لوضع جداول أعمالك، فاحرص على تضمين الموضوعات ذات المدى الأطول، مثل التخطيط المهني وفرص التطوير، إمّا عن طريق تخصيص 5 أو 10 دقائق في كل اجتماع لمناقشة هذه الجوانب أو تخصيص واحد من كل 3 أو 4 اجتماعات لمناقشتها. (راجع الشكل "عينة للأسئلة الواجب طرحها في الاجتماعات الثنائية" للتعرُّف على المشكلات التي ينبغي مناقشتها خلال هذه الاجتماعات).

لكي تحدِّد مسار اجتماع، أوقف تنبيهات الرسائل الواردة إلى بريدك الإلكتروني واكتم صوت إشعارات الرسائل النصية. وانتبه للغة جسدك وردود فعلك لكي تخلق بيئة مُرحِّبة وآمنة.

خلال الاجتماع

بمجرد التحضير للاجتماع، ستعتمد المناقشات المثمرة على قدرتك على خلق بيئة يشعر فيها الموظف بالارتياح. وتلبي الاجتماعات الثنائية القيّمة كلاً من الاحتياجات العملية والاحتياجات الشخصية للموظف، كشعوره بأنه موضع تقدير واحترام وبأن رأيه مسموع وبأنك تثق فيه وتعتز بعضويته في فريقك. ولكي تضمن تحقيق الاجتماع لهذه الأهداف، احرص على ما يلي:

حدِّد المسار. أولاً: كن حاضر الذهن. أوقف تنبيهات الرسائل الواردة إلى بريدك الإلكتروني، وضع هاتفك جانباً، واكتم صوت إشعارات الرسائل النصية. وذكّر نفسك عندما يبدأ الاجتماع بأنه يتمحور بشكل أساسي حول احتياجات الموظف وأدائه واندماجه في الفريق.

وحينما تذهب إلى الاجتماع، تفقّد حالتك العاطفية والمزاجية. فقد أثبتت الأبحاث أن الحالة المزاجية التي تعتريك في أثناء حضور الاجتماع لها تأثير مُعدٍ، لذا حاول أن تبدأ اجتماعاتك مُتحلياً بالحيوية والتفاؤل. وكرّر التأكيد على أهدافك وآمالك المرجوّة من الاجتماع، ثم انتقل إلى بعض الموضوعات غير المتعلقة بالعمل أو تناول الموضوعات التي تسهم في بناء العلاقات أو تطرَّق للمكاسب المتحققة خلال الفترة الأخيرة أو أظهر التقدير للموظف من أجل خلق حالة من الزخم وتعزيز الشعور بالأمان النفسي. وقد كانت إحدى مشكلات زياد أنه اعتبر أن الاجتماعات الثنائية مجرد مهمة أخرى تُضَاف إلى قائمته الطويلة فعلياً، أو شيء مفروض عليه ولا يحب فعله. وقد أثّر ذلك على كيفية إدارته لهذه الاجتماعات (أو بمعنى أدق إخفاقه في إدارتها) وكيفية استماعه وكيفية تعاونه وكيفية مشاركته. استمع أكثر ممّا تتكلم. أثبتت أبحاثي أن مشاركة الموظف بإيجابية هي أكبر مؤشر على نجاح الاجتماعات الثنائية، وهو العامل الذي يمكن قياسه من خلال مقدار الوقت الذي يستغرقه هذا الشخص في الحديث خلال الاجتماع. ويتراوح المقدار المثالي لهذا الوقت ما بين 50% إلى 90% من إجمالي وقت الحديث خلال الاجتماع. وسيؤثّر جدول الأعمال بطريقة أو أخرى على أمر كهذا، ولكن يجب عليك من واقع منصبك كمدير أن تتجنّب الحديث أكثر ممّا يتحدث الموظف.

بالإضافة إلى ذلك، احرص على الاستماع بفاعلية لفهم مرؤوسك المباشر فهماً تاماً قبل أن تأخذ دورك في الحديث. أظهر اهتماماً حقيقياً دون إصدار أحكام مسبقة وأظهر احترامك لوجهة نظر الموظف حتى إذا كنتَ لا تتفق معها. واطرح أسئلة لاستيضاح وجهة نظره تلك وحاول تحديها بشكل بنَّاء. وشجّع أعضاء فريقك على تقديم أفكارهم حول الأمور المطروحة للنقاش والحلول المحتملة للمشكلات. وانتبه للغة جسدك وردود فعلك لكي تضمن قدرتك على خلق بيئة مُرحِّبة وآمنة.

عبّر عن أفكارك وتصوراتك. بمجرد أن تستمع من كثب، ستمر عليك لحظات في الاجتماع تحتاج فيها إلى التعبير عن وجهة نظرك. وتتيح لك الاجتماعات الثنائية فرصة ممتازة لتقديم ملاحظات صادقة ومحدَّدة حول أفكار وتصورات مرؤوسيك المباشرين أو سلوكياتهم. كما أنها تُعتبَر فرصة جيدة أيضاً تتيح لك المشاركة في حل المشكلات بشكل تعاوني من خلال الفهم الحقيقي لأي مشكلة موجودة، وجمع كافة المعلومات المرتبطة بها وتحديد أسبابها الجذرية والتوصُّل إلى حل يُرضي الطرفين. وإذا كان الحل الذي يقدمه عضو الفريق قابلاً للتطبيق، فمن المهم أن تناقش فحواه، حتى إذا لم يكن أفضل من حلك، لأن هذا سيرسل رسالة قوية ويخلق المزيد من الالتزام بالمسار المُقترَح من قِبَل عضو الفريق.

كُن مرناً. في أثناء مناقشة بنود جدول الأعمال، اسمح بتغيير مجرى الحديث حسب مقتضيات النقاش لتحقيق أكبر قيمة ممكنة. وركّز على أكثر العناصر أهمية. وإذا لم تتمكنا من معالجة بعض العناصر، فيمكنكما ترحيلها إلى الاجتماع التالي. ودع الموظف يعرف منذ البداية أنه يستطيع إجراء تغييرات آنية على جدول الأعمال إذا ظهر أمامكما عنصر مهم يستحق المناقشة.

وللتواصل بشكل أفضل مع كل مرؤوس مباشر، احرص على مراعاة تفضيلات هذا الشخص فيما يتعلق بالتواصل والتعاون وما إلى ذلك، وغيّر نهجك القيادي بما يتناسب معه. وسيؤدي ذلك إلى زيادة فرص الاندماج والشمول وتعميق روابط العلاقات المشتركة وخلق حالة من الثقة المتبادلة.

احرص على إنهاء الاجتماع نهاية جيدة. وضِّح الدروس المستفادة والإجراءات المطلوب اتخاذها من قِبَل كلا الطرفين، بما في ذلك كيفية تقديم الدعم والمساندة في تنفيذ الخطوات التالية. وعندما يوثّق كلٌ من المدير والموظف هذه النقاط، ستزداد فرص تنفيذ الإجراءات المُتفَق عليها. كما أن هذا المسلك يدعم الاستمرارية بين الاجتماعات ويسمح بالمتابعة المطلوبة. وبعد أن نفَّذ زياد هذا التغيير، تم تذكيره بأن إجراءات اجتماعاته الثنائية لم تكن مجرد عمليات يجب إنجازها كيفما اتفق، ولكنها تمثّل بداية كتابة قصص الموظفين، وهو شيء يجب رعايته وتطويره بمرور الوقت. وأخيراً، أظهر الامتنان والتقدير لوقت مرؤوسك المباشر، وابدأ وتوقف في الموعد المحدد لإظهار هذه المشاعر.

تحسّن بمرور الوقت

حبّذا لو ترك الطرفان المحادثة وهما يشعران بالتقدير والاحترام والاطلاع على كافة المعلومات ذات الصلة، مع توضيح الخطوات التالية في المشاريع الجاري تنفيذها وحلول المشكلات والالتزامات التي قطعها كل منهما. وعلى الرغم من ذلك، فإن أهم مقياس للنجاح هو ما إذا كان الموظف قد وجد الاجتماع ذا قيمة تكتيكية ومُرضية على المستوى الشخصي.

ولمعرفة موقفك ولتحسين هذه الاجتماعات بمرور الوقت، ابدأ بطلب الملاحظات والأفكار من كل عضو في الفريق لتحسين الاجتماعات الثنائية المرتقب عقدها في المستقبل. أو يمكنك إجراء استقصاء للرأي في فريقك دون الكشف عن هوية المشاركين فيه من خلال طرح 3 أسئلة أساسية: ما الذي يسير على ما يرام في الاجتماعات الثنائية؟ وما الذي لا يسير على ما يرام؟ وهل لديك أفكار لتحسينها؟

واعلم أن ما ينجح في بعض الأحيان خلال الاجتماعات الثنائية قد لا ينجح في أحيان أخرى، وما يستريح له أحد مرؤوسيك المباشرين قد لا يكون مريحاً لمرؤوس آخر. لذا، حتى إذا كنت تعتقد أن نمطك الحالي ناجح، فاستمر في تجربة أشياء جديدة.

وبعد أن أجرى زياد أول استقصاء لموظفيه حول الاجتماعات الثنائية، ظهرت أمامه حقيقة مفزعة. فقد أبدى أعضاء الفريق شكهم فيما إذا كان يهتم حقاً بأدائهم أو نموهم بصورة تفوق ما أظهره الموظفون السابقون في أثناء مقابلات ترك الخدمة، مستشهدين بإلغائه المتكرر للاجتماعات وقالوا إنهم لا يستطيعون في كثير من الأحيان أن ينالوا فرصة للتحدُّث معه. ولكن بمجرد أن استوعب زياد ملاحظاتهم تلك، تغيّرت الأجواء العامة في فريقه. ومن ثم أعلن التزامه بعقد اجتماعات منتظمة مع موظفيه لمناقشة الموضوعات التي تهمهم، ووجد أنهم بدوا في المقابل أكثر التزاماً وكفاءة في عملهم.

قد تبدو الاجتماعات الثنائية المنتظمة مع كل عضو من أعضاء فريقك عبئاً ثقيلاً، لكن عقد اجتماع لمدة 30 دقيقة كل أسبوع مع شخص واحد لن يضيف إلى ساعات العمل أكثر من 25 ساعة على مدار العام. وبالتأكيد لا يُعد هذا ثمناً باهظاً يمكن دفعه لتعزيز أداء فريقك وشركتك وتعظيم فرص استبقاء الموظفين والحيلولة دون إهدار الوقت (أو بمعنى أصح إهدار الكثير من الوقت) في تعيين موظفين آخرين يحلون محلهم وإعدادهم، إلى جانب إسهامه في مساعدة كل فرد في فريقك على النمو والإنجاز.

من النادر أن تقدّم المؤسسات إرشادات ملموسة أو تدريبات مكثفة للمدراء حول كيفية إدارة الاجتماعات الثنائية مع موظفيهم، لكن أبحاث كاتب المقالة أثبتت أن المدراء الذين لا يعقدون هذه الاجتماعات بصورة منتظمة أو يسيئون إدارتها، يخاطرون بانفصال أعضاء فريقهم عنهم على المستويين الوظيفي والعاطفي. وعندما تُدار هذه الاجتماعات بالشكل المطلوب، فإنها تسهم في رفع كفاءة الأنشطة اليومية للفريق وتحسينها، إلى جانب تعزيز الثقة المتبادلة والشعور بالأمان النفسي وتحسين خبرة الموظفين وتحفيزهم واندماجهم في العمل. وقد وجد كاتب هذه السطور أنه على الرغم من عدم وجود حل موحد يصلح لجميع الحالات، فإن فرص نجاحها تزداد عندما تهيمن على الاجتماع موضوعات تهم المرؤوسين المباشرين بدلاً من هيمنة القضايا التي تحتل المرتبة الأولى في قائمة أولويات المدير. ويجب على المدراء التركيز على ضمان عقد الاجتماعات بصورة منتظمة وخلق مساحة لإجراء محادثة حقيقية وطرح أسئلة وجيهة وتقديم الدعم ومساعدة أعضاء الفريق على تلبية احتياجاتهم اللازمة لتحقيق النجاح في كلٍّ من أدائهم على المدى المنظور ونموهم على المدى البعيد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .