كيف تُحسّن استجابتك الافتراضية على التوتر؟

4 دقائق
الاستجابة الافتراضية على التوتر

ذات صباح في أثناء بث برنامج "ذا إيرلي شو" في نيويورك، أخطأ أحد زملائي بعد أن اختلطت عليه الأمور وحوّل البرنامج إليّ قبل 5 دقائق من موعد بدء فقرتي، والتي كان من من المفترض أن تغطي خبراً عاجلاً عن الفساد السياسي في واشنطن. وعرضت شاشة التلقين أيضاً قصة أخرى كانت كما أذكر عن قطط في أحد الملاجئ المحلية. وجدت نفسي فجأة في بث مباشر على التلفاز الوطني أمام ملايين المشاهدين – مع إعداد خاطئ، ومع فيديو لقطط في ملجأ بدل قطط واشنطن السمينة. ولم أستطع إدارة الاستجابة الافتراضية على التوتر.

اقرأ أيضاً: تعلم كيف تتجنب التوتر الذي يفضي إلى القرارات السيئة

هذا النوع من اللحظات هي ما يختبر الإنسان. استجابتنا للمشكلة، وليس المشكلة نفسها، هي ما يهم في حياتنا وعملنا. في عملي الآن باحثة في علم النفس الإيجابي أدرس عقلية الأشخاص الذين يتجاوزون التحديات العالية التوتر، الكبيرة منها والصغيرة على حد سواء، والذين يبلون بلاءً حسناً وسط الشدائد. كانت نتيجة أحدث دراساتنا: 91% منا بإمكانهم أن يصبحوا أفضل في التعامل مع التوتر.

أبعاد الاستجابة الافتراضية للتوتر

في دراسة أجريناها بالشراكة مع "بلاستيسيتي لابز" (Plasticity Labs)، وجدت أنا وزملائي شون آكور (زوجي) وبرنت فورل، أن سبب قلقنا ليس هو المهم؛ المهم هو كيفية استجابتنا للمحرض في البيئة ذات الصلة. يمكن عادة تصنيف استجابتنا على التحديات ضمن ثلاثة أبعاد محددة ومجربة:

• الهادئ تحت الضغط

هل أنت هادئ ومستجمع لنفسك، تعطي عقلك فرصة لإيجاد الطريق أمامك، أم أن عقلك مليء بالأفكار المضطربة والقلقة والمتوترة التي تنهكك؟

• المتواصل المنفتح

هل تشارك خلافاتك مع أناس في حياتك بطريقة تخلق روابط معهم، أم أنك تبقيها لنفسك وتكافح في صمت؟

• حلّال المشاكل النشط

هل تواجه التحديات وجهاً لوجه وتضع الخطط، أم تنكر حقيقة ما يحدث في حياتك وتلهي نفسك؟

هذه الأبعاد الثلاثة أساسية للاستجابة المثلى للتوتر وهي منبئ قوي بمدى نجاحنا وهنائنا على المدى الطويل في عملنا. باختصار، لما تفكر به وتقوله وتفعله الأثر الأكبر على سعادتك في الحياة. وعلى هذا الأساس، يمكننا من خلال فهم مكامن ضعفنا عند الاستجابة للمشاكل تحويل تفكيرنا وسلوكنا بحيث تصبح استجابتنا أفضل وتقل التكلفة العاطفية التي ندفعها بعد انتهاء الحدث الباعث على التوتر.

الخطوة الأولى لصياغة نموذج فكري أكثر تأقلماً هي فهم استجابتك الافتراضية الحالية. بعد اختبار أكثر من 5,000 شخص باستخدام تقييمنا المعتمد (يعرف باسم "مقياس الاستجابة للتوتر") وجدنا لدى غالبية المشاركين استجابتين دون المستوى الأمثل في ظروف التوتر في العمل: 27% من الأشخاص هم ما ندعوهم "المروِّحين" و26% ندعوهم "المنبَّهين بالخمسة".

نعرف جميعنا كيف يبدو المروِّحون في العمل. إنهم معبّرون للغاية عن مكامن أنفسهم لهذا تراهم منفتحين جداً على الأحداث المتوترة في حياتهم، وهي في الواقع ميزة إيجابية. أظهر بحث سابق أن التحدث إلى الآخرين عن التحديات (دون مبالغة) يقوي علاقتنا مع الأصدقاء والزملاء المقرّبين ويسهم في سعادة أكثر. على أي حال، يعاني هؤلاء في بعدين آخرين: القدرة على المحافظة على هدوء أعصابهم تحت الضغط، والنشاط في حل المشكلات. بعبارة أخرى، في حين أن المروّحين قادرون على الاعتراف بالضغوطات والتصريح عنها، فإنهم يتوقفون عند هذا الحد. ينفسّون عما في أنفسهم استجابة للتوتر دون اتخاذ أي إجراء إيجابي. وترى دراستنا أن هناك علاقة متبادلة بين الترويح وتراجع مستوى المعيشة والأداء والنجاح المهني في العمل، بالإضافة إلى ارتباطه بسعادة أقل في الحياة.

أما بالنسبة إلى "المنبّهين بالخمسة" فهم جيدون جداً كذلك في الإخبار عن توترهم (الكل يعرف بالأمر)، لكن في حين يتوقف المروِّحون عند هذا الحد يتخذ المنبَّهون بالخمسة أفعالاً لحل المشكلة. قد يبدو هذا رائعاً، لكن مشكلتهم تكمن في عدم تمييزهم بين التوتر المنخفض والتوتر العالي تراهم يستجيبون إلى كل توتر كما لو كان استجابة لإنذار حريق من الدرجة الخامسة، فيعانون نتيجة لذلك تكلفة عاطفية ضخمة مع كل ما يقولونه ويفعلونه. من المرهق أن تكون منبهاً بالخمسة. أضف إلى هذا أن مواجهة تجيشات عاطفية باستمرار يُنبئ أيضاً بالمزيد من الإنهاك والتعب والشعور بالذنب بعد اتخاذ القرار.

في حين أن أكثر من نصف الأفراد في العمل يندرجون في هاتين الفئتين، هناك استجابة أخرى أكثر مرونة للتوتر والمصاعب. "المستجيبون الهادئون"، هم أشخاص يستجيبون بهدوء ومنطقية على التحديات، يسجلون علامات عالية على المقاييس الثلاثة ويتمتعون عادة بأعلى درجات السعادة والنجاح. لدى المستجيبن الهادئين عادة حفنة من الناصحين الموثوقين. يتحركون إلى العمل سريعاً بعد إجراء اتصالاتهم مع واحد أو اثنين منهم. أظهرت الدراسات أن الأشخاص الأكثر تعبيراً –دون مبالغة في التعبير بحيث يعلقون في مرحلة الترويح- لديهم عادة أصدقاء أكثر وهم بالمجمل أكثر سعادة.

اقرأ أيضاً: أربع طرق للتحكم بمشاعرك في لحظات التوتر

الجزء الأهم من هذا البحث هو أن الأبعاد الثلاثة جميعها مرنة، لذا، من الممكن أن تتغير بمرور الوقت إذا ركزنا عليها. إذا أردت تدريب عقلك على أن يكون أكثر هدوءاً في المرة القادمة التي يُطلّ فيها موقف عصبي، فضع لنفسك من الآن قائمة بخمسة مواقف عصيبة من الماضي كنت ناجحاً في التعامل معها (مثلاً، نجاحك في تخطي انفصال، أو نجاحك في الوفاء بموعد تسليم مشروع كبير). انظر إلى القائمة في المرة التالية التي تشعر فيها بتسارع دقات قلبك ، لتذكّر نفسك بتلك الإنجازات. إن كنت ممن يكبتون التوتر أو يُنكرون المواقف العصيبة، اتصل بصديق في المرة القادمة التي يظهر فيها مُنغِّص. إن كنت ممن يشغلون أنفسهم عن التفكير بدل وضع خطة عمل، فأجبر نفسك على اختيار أسلوب "خطوة الآن"، وهو فعل صغير هادف يمكنك اتخاذه فوراً، لا يحل كل المشكلة لكنه سيدفع بتفكيرك إلى الأمام.

قد تستغرق إعادة برمجة استجابتك للتوتر وقتاً، لكنه أمر ممكن، ولهذا الجهد الذي نبذله في الاستجابة الافتراضية على التوتر تأثير دائم على نجاحنا وسعادتنا لبقية حياتنا. بالنسبة لي، ساعدني تعلم مهارة الهدوء تحت الضغط لأجد طريقي عبر المواقف غير المتوقعة على الهواء وتحت الهواء، وهو الأمر الذي عاد بأكبر الأثر على حياتي ومهنتي.

اقرأ أيضاً: عزّز مقاومتك الداخلية كي تتغلب على التوتر الزائد

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي