ملخص: يمكنك عادةً أن تتنبأ بأن الاجتماع سيكون غير مفيد منذ لحظة تلقيك الدعوة لحضوره، ولكن كيف يمكنك أن تتملص من هذه الاجتماعات؟ إن إحدى الطرائق الممكنة تكمن في اقتراح حل وسطي أقل إزعاجاً، فمن شبه المؤكد أن الاجتماع سيستغرق من وقتك ساعة على الأقل، ولهذا يمكنك سؤال الطرف الآخر عما إذا كان مستعداً لإطلاعك على المستجدات عبر البريد الإلكتروني، أو إن كان يكفي إجراء مكالمة هاتفية قصيرة لتقديم رأيك في الموضوع. ويمكنك أيضاً اتباع طريقة أخرى، وهي إعلام الشخص الذي طلب الاجتماع أنك مشغول جداً ولا مجال عندك لأي مضيعة للوقت؛ فأحياناً يمكن لأكثر الناس لطفاً وتهذيباً نسيان أن وقتك محدود، ولهذا إن تذكيراً مهذباً يمكن أن يذكّرهم بالحقائق، ويساعدهم على استيعاب عواقب دعوات الاجتماع العبثية التي يوجهونها إلى الآخرين.
يمكنك بسهولة أن تتنبأ بأن الاجتماع سيكون غير مفيد منذ لحظة تلقيك الدعوة لحضوره؛ فثمة اجتماعات مختلفة كثيرة، مثل "مستجدات الفريق"، حيث تمضي ساعتين وأنت تستمع إلى الجميع وهم يتحدثون عما مروا به في الأسبوع الماضي، أو "اجتماع التخطيط" الذي يتضمن نقاشاً عن تفاصيل تافهة يجب معالجتها في مكان آخر، أو "جلسة العصف الذهني" حيث يُفصح محبو الظهور عن أفكار عشوائية بصوت مرتفع.
وقد تتمكن من التملص من بعض هذه الاجتماعات، غير أن التملص من البعض الآخر قد يكون أصعب بكثير، لا سيما إذا كانت الدعوة صادرة عن مديرك أو أحد العملاء المهمين أو أحد الزملاء المؤثرين. وفي هذا المقال نقدم لك 5 وسائل تتيح لك التهرب من اجتماع تعلم أنه سيكون غير منتج، أو على الأقل تعينك على الحد من الأضرار التي ستلحق بإنتاجيتك وجدول عملك.
أولاً، يجب أن تحدد الاجتماعات المهمة التي يجب أن تحضرها، ويمكن حصرها بقائمة قصيرة أهمّها الاجتماعات التي ستُتَّخَذ فيها القرارات؛ فإذا كان فريقك سيختار المشروع الذي سيطلقه من بين مجموعة من الخيارات، فهذا قرار ينطوي على مخاطر مرتفعة ولا يمكنك أن تتخذه عن طريق التواصل بالبريد الإلكتروني؛ إذ يجب أن يفصح الجميع عن وجهات نظرهم ومخاوفهم للتوصل إلى حل في نهاية المطاف، وهو أمر يتطلب الحضور الشخصي أو المشاركة في الاجتماع عن بُعد على الأقل.
ومن الاجتماعات التي تستحق الحضور أيضاً تلك التي تتضمن تقديم توجيه استراتيجي شامل لشركتك أو فريقك، وقد لا تتضمن هذه الاجتماعات قرارات محددة، فيمكن أن يكون القرار مثلاً "سنطلق المجموعة الجديدة في بداية شهر أغسطس/ آب"، ولكنها تتيح بلورة رؤية موحدة عن التوجه الحالي. وقد يتضمن هذا النوع من الاجتماعات إطلاق مشروع ما، أو جلسة عصف ذهني (لتكوين تصور عام عن الأفكار المهمة والأفكار المرفوضة) أو اجتماعاً للتحقق من جوانب متعلقة بمرحلة مفصلية معينة.
وهناك سبب ثانوي يدفعك إلى الانضمام إلى اجتماع ما، وهو أن يكون هذا الاجتماع بنّاءً للعلاقات؛ فقد يكون المحتوى نفسه مملاً أو غير ضروري، ولكن الحضور قد يسفر عن نتيجة إيجابية إذا أدى إلى تقوية العلاقة مع شخص مهم عبر التواصل الشخصي وجهاً لوجه ضمن الاجتماع. أما الاجتماعات التي يجب تفاديها مهما كان الثمن فهي اجتماعات "المستجدات" التي يمكن إنجازها عبر البريد الإلكتروني، وبعُشر المدة الزمنية المطلوبة للاجتماع.
ثانياً، اجعل دعوتك إلى الاجتماع أصعب، فقد يكون توجيه الدعوة إليك أسهل من اللازم. على سبيل المثال، كانت إحدى عميلاتي في مجال تدريب المسؤولين التنفيذيين -وهي رئيسة تنفيذية لشركة إعلامية- تتلقى دعوات إلى اجتماعات غير ضرورية باستمرار، والسبب في ذلك أن مشاركة الموظفين جميعهم لجداول مواعيدهم وأعمالهم علناً كانت جزءاً من ثقافة الشركة، ولهذا كان الجميع يعرفون الأوقات التي تكون فيها عميلتي متاحة، فيرسلون لها طلباً مباشراً للحضور. وبعد أن نصحتُها بالتوقف عن نشر جدول مواعيدها وتحويل أوقاتها المتاحة للاجتماعات إلى أيام محددة فحسب، ازدادت أوقات الفراغ في جدول مواعيدها إلى درجة كبيرة.
ويقوم جزء من عملية التضييق هذه على دفع الشخص الذي يطلب الاجتماع إلى بذل جهد للفوز بوقتك واهتمامك، وهذا سيؤدي في أغلب الأحيان إلى ردع الأغلبية عن طلب الاجتماع، باستثناء الأشد التزاماً ببذل الجهد والمحتاجين حقاً إلى الاجتماع بك. وقد وضعتْ رئيسة تنفيذية عملتُ على تدريبها إجراءً قياسياً يقوم على توجيهها الأسئلة التالية (أو الطلب من مساعدتها توجيه هذه الأسئلة) إلى أي شخص يطلب منها حضور اجتماع:
- ما موضوع الاجتماع بالضبط؟
- ما موعد الاجتماع وأين مكانه؟
- كم سيستغرق الاجتماع من الوقت؟
- مَن سيحضر الاجتماع؟
- ما القرارات التي يُحتاج إلى اتخاذها في هذا الاجتماع؟ (يسهّل هذا السؤال تحديد أهمية الاجتماع المطلوب عقده).
- ما السبب الذي يدعو إلى حضوري أنا تحديداً في هذا الاجتماع؟ (يُجبر هذا السؤال الشخص الآخر على صياغة سبب واضح؛ فإذا كانت الإجابة: "لإطلاعك على أحدث التطورات"، فيمكنك مباشرة أن تطلب منه إطلاعك على هذه التطورات بعد الاجتماع عبر ما كُتب في محضر الاجتماع.
رابعاً، إذا أردت التهرب من حضور اجتماع، ولكنك ما زلت تواجه صعوبة في الرفض المباشر، فيمكنك اقتراح حل وسطي أقل إزعاجاً؛ إذ من شبه المؤكد أن الاجتماع سيستغرق من وقتك ساعة على الأقل، ولهذا يمكنك سؤال الطرف الآخر عن استعداده لإطلاعك على المستجدات عبر البريد الإلكتروني، أو إذا كان بالإمكان تقديم المعلومات في مكالمة هاتفية قصيرة. ويمكنك أيضاً محاولة تغيير موعد الاجتماع إن لم يكن الموضوع مستعجلاً كما في المثال الآتي: "لدي عمل يتطلب مني السفر بكثرة في الأسابيع الثلاثة المقبلة، ولكن يمكننا التواصل من جديد بعد ذلك. هل يمكنك التواصل معي بالبريد الإلكتروني في الأسبوع الذي يقع فيه اليوم الثالث والعشرون من الشهر لتحديد موعد آخر؟" في أغلب الأحيان، سينشغل صاحب الدعوة بأمور أخرى وينسى الاجتماع، أو يكتشف أن السبب الذي دفعه إلى محاولة عقد الاجتماع على نحو طارئ لم يعد مهماً. وبهذه الطريقة ستنال الاستحسان لسلوكك الإيجابي والمتعاون ظاهرياً من غير أن تُضطر إلى حضور الاجتماع في نهاية المطاف.
أخيراً، قد تُضطر في بعض الأحيان إلى الاستسلام والحضور، إلا أنه يمكنك على الأقل أن تجعل مديرك أو زملاءك يدركون أنك مشغول جداً، وأن تخصيص وقت لهذا الاجتماع يعني تأجيل عمل مهم آخر، وهذا يُفهمهم ضرورةَ أن يكونوا أكثر حرصاً في توجيه الدعوة إليك لحضور الاجتماعات؛ فيمكنك أن تقول مثلاً: "أرى أنك دعوتني إلى حضور الاجتماع حول المشروع (أ) يوم الخميس، أريد أن أذكّرك أني مشغول جداً بالعمل على المشروع (ب) وملتزم بجدول زمني صارم! فليتك تكون مُطلعاً على الوضع العام. هل ترى أنه من الضروري أن أقتطع جزءاً من الوقت المخصص للمشروع (ب) لحضور هذا الاجتماع؟ إذا كنت ترى أن الأمر على هذا المستوى من الأهمية فسوف أحضر بالتأكيد". واعلم أنه في بعض الأحيان يمكن للمدراء والزملاء ذوي النية الحسنة نسيان أن وقتك محدود، ولهذا إن تذكيراً مهذباً يمكن أن يذكّرهم بالحقائق، ويساعدهم على استيعاب عواقب دعوات الاجتماع العبثية التي يوجهونها إلى الآخرين.
إنّ الاجتماعات تمثل أكبر بلاء في الحياة العملية المعاصرة؛ إذ تستهلك 62 ساعة في الشهر من وقت الموظفين وسطياً، وتقول التقديرات إن نصف هذه الساعات يعد وقتاً مهدوراً! ويحاول الكثيرون من المحترفين التكيف مع الاجتماعات بأسلوب سلبي عدواني؛ إذ يتعمدون الوصول في وقت متأخر، أو يمضون الاجتماع في تصفح أجهزتهم الذكية بدلاً من الإصغاء. ولكن هذا قد يكون الخيار الأسوأ على الإطلاق؛ لأنه يبثّ ثقافة عمل في المؤسسة تسمح بتجاهل الزملاء والتقليل من احترام وقت الآخرين.
إنّ ما سبق ذكره من استراتيجيات يمثل أفضل طريقة لتجنب الاجتماعات الهادرة للوقت، فبدلاً من إمضاء وقتك في الركض من اجتماع إلى آخر، يفضل أن تمضي وقتك في أداء العمل المهم الذي يقيّمك رؤساء العمل بناءً عليه وتنال مكافآتك لقاء إنجازه.