ملخص: نسلط الضوء في هذا المقال على أهمية دمج مناقشات المواهب في صميم خطط الفصل التي تعتمدها الشركات. فمن خلال هذه النقاشات، يمكن إعادة تحديد التوقعات بوضوح بشأن:
- نماذج التشغيل الجديدة.
- تعزيز الثقافة المؤسسية.
- ترسيخ رؤية مبتكرة لخلق القيمة.
لضمان نجاح الأعمال بعد فصلها، يتطلب الأمر من القادة تطوير نماذج تشغيل فعالة ومتكاملة تعزز من كفاءة الأداء، إلى جانب مواءمة الكفاءات مع الأدوار التي تناسب مهاراتهم وخبراتهم بشكل دقيق. وعلاوة على ذلك، فإن توضيح الغاية من هذه الخطوات بشكل شفاف يلعب دوراً جوهرياً في بناء الثقة وتحفيز الفرق للعمل بروح تعاونية نحو تحقيق الأهداف.
أصبحت عمليات الفصل استراتيجية شائعة لتحقيق القيمة في عالم الأعمال، ولكن انتشارها الواسع لا يعني بالضرورة أن هذه العمليات المعقدة تحقق النجاح دائمًا. على سبيل المثال، شهدت عمليات الفصل الجزئي والتي تُعرف بـ (Spin-offs) وهي أحد الأنواع الرئيسية لعمليات الفصل، إلى جانب البيع الجزئي للأصول والاستثناءات - أرقاماً قياسية في السنوات الأخيرة، وفقًا للمقال الذي نشره جو كورنيل في مجلة "فوربس" بتاريخ 3 يونيو/حزيران 2024، فإن الشركات المنفصلة في الولايات المتحدة قد تفوقت على أداء مؤشر ستاندرد آند بورز 500، محققة زيادة بنسبة 34% منذ بداية العام. ومع ذلك، فإن هذه الصفقات لا تضمن بالضرورة خلق قيمة حقيقية لكل من الأعمال القائمة وتلك الجديدة التي تنشأ نتيجة لهذه التحولات.
أفضل ممارسات فصل الأعمال
- اجعل خلق القيمة هو الهدف الأساسي والموجه الرئيسي لقراراتك. صمم استراتيجية متكاملة لإعادة توزيع الموارد بشكل يحقق قيمة حقيقية ومستدامة، بدلاً من الاكتفاء بالتركيز على توليد السيولة النقدية فقط.
- قدم رؤية فريدة ومميزة. شارك رؤيتك مع المستثمرين أو المشترين المحتملين من خلال قصة استثمارية مختصرة ومتميزة تبرز القيمة والفرص المستقبلية بوضوح.
- اجعل قيادتك فعالة بأهداف واضحة. ساعد القادة التنفيذيين على التركيز من خلال تحديد أهداف واضحة للعملية، وتوجيه الفرق لتحديد الأولويات واتخاذ قرارات مدروسة توازن بين الفوائد والتحديات.
- قم بتنفيذ انتقال سريع نحو تحقيق النمو. امنح الأولوية لتنفيذ استراتيجية النمو بفعالية، واعمل على تسريع إنهاء اتفاقيات الخدمات الانتقالية لضمان استقرار الأعمال وتسريع وتيرة النجاح.
- صمم نموذج تشغيل متكامل على مستوى عالمي. تأكد من أن تصميم النموذج يتماشى مع رؤية خلق القيمة، مع التركيز على البساطة والفعالية لدفع عجلة النمو وتحقيق الأهداف المستقبلية.
- ابدأ ببناء الأساس من خلال جذب المواهب. حدد الأدوار الرئيسية في المؤسسة، وسلط الضوء على أهميتها، واملأها بأشخاص يمتلكون مهارات قيادة التغيير لدعم عملية التحول بنجاح.
- أسّس ثقافة تركز على خلق القيمة. حفّز المؤسسة بإعادة تشكيل الثقافة وتبني تغييرات جوهرية في أساليب العمل، بما يتماشى مع رؤية خلق القيمة. ليكن القادة في الصفوف الأولى نموذجًا حيًا يعكس هذه الثقافة الجديدة ويقود التغيير بثقة وإلهام.
- ابتكر قصة تغيير ملهمة ورؤية مؤثرة. تواصل بوضوح واستمرار مع جميع الأطراف المعنية لتوضيح رؤية التغيير وأهداف الفصل، مع التركيز على الفوائد التي ستعود على المستثمرين والموظفين، مما يعزز الثقة ويضمن دعم الجميع لعملية التحول.
- ضع خطط تحول جاهزة للتنفيذ من اليوم الأول. قم بتوضيح مسار عملية الفصل بالكامل، بدءاً من الإعلان وحتى ما بعد اليوم الأول، مع اتخاذ خطوات مدروسة خلال هذه الرحلة لتعزيز عرض القيمة وبناء مصداقية فريق الإدارة.
من خلال سنوات طويلة من البحث والخبرة في دعم الشركات خلال عمليات الفصل بأنواعها المختلفة، توصلت شركة ماكنزي إلى مجموعة من الممارسات الأساسية التي تعزز فرص تحقيق القيمة لكل من الشركات القائمة والشركات المنفصلة (اطلع على الفقرة السابقة بعنوان "أفضل ممارسات فصل الأعمال"). ومن بين هذه الممارسات، تبرز أهمية القيادة المركزة كعامل محوري وأساسي. يتعين على القادة التنفيذيين في الجانبين توحيد رؤيتهم حول أهداف الصفقة لضمان وضوح التوجهات وتمكين فرق العمل من تحديد الأولويات بدقة، مع تحقيق توازن مدروس بين التحديات والمكاسب. علاوة على ذلك، يجب أن يكون لديهم خطة واضحة للتواصل مع الموظفين والعملاء والشركاء والأطراف ذات الصلة، بما يعالج أي قلق أو ارتباك قد يرافق عملية التغيير، ويحول المخاوف إلى دوافع للثقة والالتزام برؤية المستقبل. هناك ثلاث ممارسات أخرى لا تقل أهمية - وهي التركيز على نموذج التشغيل، والعنصر البشري، والثقافة المؤسسية - تلعب دوراً حاسماً في نجاح عملية الفصل. ومع ذلك، غالباً ما يتم التغاضي عنها في ظل الضغوط المرتبطة بإتمام الصفقة بسرعة.
يجب على الشركات في عمليات الفصل الجزئي وغيرها من أشكال الانفصال المؤسسي، اتباع نهج شامل يجمع بين التنفيذ الفني للصفقة ووضع خطة تحول مدروسة تضمن نجاح الأعمال القائمة والجديدة. ومع ذلك، غالباً ما يتم التعامل مع هذين الجانبين بشكل منفصل، ما يؤدي إلى إضاعة فرص حقيقية لتعزيز القيمة وتحقيق الأهداف. عندما تُدار العملية بطريقة متكاملة، تصبح الشركات قادرة على تحقيق فوائد مالية أكبر من خلال استغلال التكامل بين مختلف أجزاء الصفقة. إلى جانب ذلك، يُمكن لهذا النهج أن يساعد القادة على التركيز بوضوح على متطلبات النجاح لكل كيان جديد. ومن الضروري أن يتم تحديد نموذج تشغيل ينسجم مع أهداف الشركة الجديدة ويعزز قيمتها، إلى جانب توفير المهارات اللازمة لدعم النمو والابتكار. كما يلعب التواصل الفعّال دوراً حيوياً في نجاح العملية. يجب على القادة تطوير خطة واضحة للتواصل مع الموظفين والمستثمرين والشركاء، لتوضيح أهداف الصفقة والفوائد المستقبلية المتوقعة.
في هذا المقال، نسلط الضوء على أهمية دمج مناقشات المواهب في صميم خطط الفصل التي تعتمدها الشركات. فمن خلال هذه النقاشات، يمكن إعادة تحديد التوقعات بوضوح بشأن نماذج التشغيل الجديدة، وتعزيز الثقافة المؤسسية، وترسيخ رؤية مبتكرة لخلق القيمة.
تصميم نموذج تشغيل ريادي بمعايير عالمية
كخطوة أساسية لتنفيذ عملية الفصل، يجب على الشركات العمل على تصميم نموذج تشغيل متكامل يلبي احتياجات المرحلة الجديدة، حيث يهدف هذا النموذج إلى تعزيز الأعمال الحالية وضمان انطلاقة قوية ومستدامة للأعمال الجديدة. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، ينبغي على القادة التفكير بعمق في دور العنصر البشري باعتباره محور نموذج التشغيل، مع التركيز على بناء ثقافة مؤسسية تدعم التغيير والنمو. كما يمكن للمدراء التنفيذيين في الإدارة العليا التعاون مع قادة وحدات الأعمال وفرق الموارد البشرية للإجابة على تساؤلات محورية تتعلق بنموذج التشغيل:
- الهيكل التنظيمي. ما هو نوع هيكل التشغيل الذي تحتاجه الشركة الجديدة؟ على سبيل المثال، ما هي التعديلات المطلوبة لتلبية احتياجات هيكل إقليمي أكثر مرونة أو هل يكون التركيز على تقديم الخدمات بدلاً من المنتجات؟ يجب أن يكون التصميم مرنًا ليتماشى مع أهداف الشركة الجديدة ومتطلباتها المستقبلية، مع ضمان تعزيز الكفاءة وتحقيق القيمة.
- العمليات الأساسية. ما هي العمليات التشغيلية اليومية التي تعد هامة لتسريع تطور المؤسسة الجديدة؟ على سبيل المثال، هل تم تحديد أدوار اتخاذ القرار والمسؤوليات بوضوح بحيث يتم تمكين الأشخاص المناسبين لاتخاذ القرارات الحاسمة بسرعة؟ وكيف يمكن تحسين العمليات لضمان تحقيق أهداف المؤسسة بكفاءة وفعالية؟
- حجم القوى العاملة. كم عدد الموظفين المطلوب لتحقيق أهداف الكيانات القائمة والجديدة؟
- المواهب والمهارات. ما هي المهارات والإمكانات المطلوبة في نموذج التشغيل الجديد؟ هل تمتلك الشركة الأشخاص المناسبين لتولي هذه الأدوار، أم أن الحاجة تستدعي التوظيف من خارج المؤسسة؟ على سبيل المثال، هل يتمتع المدير المالي أو المدير التنفيذي بالخبرة الكافية لتولي قيادة شركة مدرجة في البورصة بعد عملية الفصل، وهو ما يُعد متطلباً في معظم المناطق؟ وهل لدينا الكفاءات الرقمية أو خبراء البحث والتطوير المناسبون لدعم رؤية الشركة الجديدة وتحقيق أهدافها؟
- إدارة الأداء. ما هي آلية تحديد أهداف الأداء للفرق والأفراد في الشركة الجديدة؟ ما هي مؤشرات الأداء الرئيسية التي تعكس رؤية الشركة وطموحاتها؟ وما هو الإطار الأمثل لمراجعة الأداء بشكل يضمن الشفافية والإنصاف؟ وكيف يمكننا تعزيز تطوير المواهب من خلال برامج دعم فعالة وحوافز مالية وغير مالية تحفز الابتكار وتدعم تحقيق الأهداف الاستراتيجية؟
إن الشركات التي تتغاضى عن معالجة العوامل الجوهرية المتعلقة بنموذج التشغيل، وتكتفي بتكرار نسخة "مصغرة" من النموذج الحالي، تُعرّض نفسها لخطر فقدان القدرة التنافسية. هذا النهج لا يؤدي فقط إلى إضعاف الأعمال الجديدة، بل قد يؤثر أيضاً سلباً على قوة الكيان القائم بعد عملية الفصل.
في تجربة مميزة، قامت شركة متعددة الأنشطة في قطاع النفط والغاز بفصل وحدة تشغيلية متخصصة في الإنتاج، واتبعت خطوات استراتيجية لتبسيط العمليات وتعزيز كفاءة الكيان الجديد، حيث اعتمدت هيكلًا إقليمياً أكثر مرونة لتلبية احتياجات الشركة بفعالية. ولتحسين الأداء، أنشأت هيكل دعم إداري يخفف عبء التقارير المالية الذي واجهته الوحدة سابقاً. بالإضافة إلى ذلك، استثمرت في القدرات الرقمية ومبادرات الاستدامة لتحقيق رؤية طويلة الأمد وتعزيز التنافسية، مما ساهم في تمهيد الطريق لنجاح الشركة الجديدة وتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
بناء الأساس بالمواهب والثقافة المؤسسية
أظهرت أبحاثنا أن توزيع الكفاءات يمثل ثاني أكبر تحدٍ تواجهه الشركات خلال عمليات الفصل، حيث يأتي في المرتبة الثانية بعد التحديات المتعلقة بإدارة خدمات الانتقال مقال يعنوان: "ما يتطلبه الأمر لجعل عمليات الفصل عنصراً فارقاً في التنافسية"، بقلم كل من آندي ويست، آنا ماتسون، جيمي كونيغ، أنيكا بيكر، نشرتهُ ماكنزي، 19 ديسمبر/كانون الأول 2024 ويكمن الخطر الحقيقي في أن التأخر في اتخاذ قرارات حاسمة بشأن توزيع الكفاءات قد يؤدي إلى تعطيل قرارات استراتيجية أخرى، مثل كيفية تنظيم الأعمال القائمة والجديدة لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة والتأثير.
المواهب
من واقع خبرتنا، يتميز قادة الكيانات الجديدة في عمليات الفصل الناجحة بتنفيذ مجموعة من الخطوات بشكل فعّال، أبرزها: تحديد الأدوار الرئيسية داخل المؤسسة، وتسليط الضوء على أهمية تلك الأدوار، وتعيين أشخاص يتمتعون بقدرات قيادية وداعمين للتغيير في تلك المناصب لدعم عملية التحول. ولضمان وضع استراتيجية فعّالة لإدارة المواهب، يجب على القادة التفكير بعناية في الإجابة عن الأسئلة التالية:
- تحديد قائمة بالمواهب والأدوار الرئيسية.ما هي الأدوار الفريدة أو المهارات المتخصصة التي تُعد ضرورية لتحقيق القيمة للأعمال، وكيف يمكننا التعرف عليها؟ ما هي المهارات الجديدة المطلوبة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للكيان المنفصل؟ وكيف يمكننا ضمان مطابقة الموظفين الأكثر كفاءة مع الأدوار الأكثر أهمية لتعظيم الإنتاجية؟ (تشير أبحاث سابقة لماكنزي إلى أن الأداء المتميز في الأدوار الحرجة يمكن أن يحقق إنتاجية تزيد بنسبة 800% مقارنة بالأداء المتوسط في نفس الوظائف).
- تحديد معايير اختيار المواهب وتطبيقها. هل قمنا بوضع عملية واضحة لاختيار المواهب؟ وهل نتواصل بشكل مستمر وشفاف مع فريق العمل لشرح هذه العملية وتقديم تحديثات دورية لضمان وضوحها للجميع؟
- تصميم استراتيجيات مبتكرة للاحتفاظ بالمواهب. من هم الموظفون الأساسيون في الوظائف الحرجة الذين قد يواجهون احتمالية المغادرة خلال عملية الفصل أو بعدها بفترة قصيرة؟ وكيف يمكننا تخصيص ميزانية فعّالة لتقديم الحوافز المناسبة لهم؟ وما هي الأدوات والحوافز غير المالية التي يمكننا الاستفادة منها لتعزيز ولائهم وخلق بيئة عمل تشجعهم على البقاء ودعم أهداف الشركة؟
- وضع مبادئ لتخصيص المواهب وتعيين الأدوار الرئيسية. كيف تتماشى مبادئ تخصيص المواهب لدينا مع استراتيجية الشركة الجديدة وأهدافها الاستراتيجية؟ ما هي المجالات الحيوية في الأعمال التي تتطلب استثمارات مركزة في المواهب لضمان تحقيق النمو وتعزيز القيمة؟
- الإشراف على توزيع المواهب وعمليات الانتقال. كيف يمكننا ضمان انتقال الموظفين الذين يؤدون مهام مشتركة بين الشركتين بشكل سلس ومنظم دون التأثير على كفاءة الأداء؟ ما هي خططنا لتوفير التدريب والدعم اللازم للموظفين الذين ينتقلون إلى أدوار جديدة لضمان تكيفهم السريع وتعزيز إنتاجيتهم؟
- إعادة تقييم المواهب وسد الفجوات الحرجة. هل نجحنا في مواءمة توزيع المواهب مع متطلبات نموذج التشغيل الجديد بشكل كامل؟ هل هناك حاجة لتسريع عملية التوظيف أو اعتماد حلول مؤقتة لتغطية أي فجوات حرجة في المهارات والكفاءات؟
الثقافة
تستمد المؤسسات عالية الأداء نجاحها من ثقافة مؤسسية متماسكة، وهي تلك المجموعة المشتركة من السلوكيات والعقليات والقيم التي توجه طريقة عمل الأفراد وتفاعلهم داخل المؤسسة. وعلى الرغم من أن عملية الفصل قد تفرض تحديات كبيرة، فإنها توفر فرصة استثنائية لإعادة تشكيل الثقافة المؤسسية للكيان الجديد.
في المؤسسات عالية الأداء، يتبع القادة مجموعة من الممارسات الفعالة التي تعزز من نجاح المؤسسة وتدعم استدامتها. فهم يعملون على توضيح القيم والرسالة المؤسسية بشكل مباشر وشفاف، ويقدمون بأنفسهم نموذجاً إيجابياً يُحتذى به من خلال تبني السلوكيات والعقليات الإيجابية. إضافة إلى ذلك، يحددون الأفراد المؤثرين داخل المؤسسة، ممن يمتلكون القدرة على إلهام زملائهم ومساعدتهم في اكتشاف الأهداف والمعنى الحقيقي في أعمالهم. فمن خلال هذه الخطوات، يتمكن القادة من فتح آفاق جديدة لتحقيق مستويات عالية من الأداء والإنتاجية. أما في سياق عمليات الفصل، فإن القادة يواجهون تحديًا استراتيجياً يتمثل في تحديد العناصر الأكثر تأثيرًا من الثقافة المؤسسية الحالية والتي تستحق نقلها إلى الكيان الجديد.
من العوامل الحاسمة في نجاح عملية الفصل هو وضع إطار عمل واضح ومتسق لإدارة الأداء، ليس فقط خلال مرحلة الانتقال، بل أيضاً لضمان استمرارية النجاح على المدى البعيد. فخلال عملية التخطيط للفصل، يتعين على القادة إعادة تقييم نظام إدارة الأداء الحالي وتعديله بما ينسجم مع الأهداف الجديدة للشركة. يتضمن ذلك تحديد أو إعادة صياغة مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) ووضع حوافز مالية وغير مالية تعكس الأولويات الاستراتيجية للكيان الجديد. إلى جانب ذلك، يصبح بناء القدرات أولوية قصوى، وذلك من خلال توفير برامج تطوير مهني وفرص لتعزيز المهارات، مما يساعد الموظفين على تحقيق النمو الشخصي والمهني. لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يجب أن يحرص القادة على إجراء مراجعات دورية للأداء، عبر محادثات بناءة مع الموظفين لتحديث الأهداف ومؤشرات الأداء بما يتماشى مع الأدوار المتغيرة والأولويات المؤسسية.
في إحدى تجارب الفصل في قطاع الرعاية الصحية، قامت الشركة الجديدة المتخصصة في المنتجات الصحية الاستهلاكية بوضع ثقافة مؤسسية مبتكرة تركز على المرونة واحتياجات المستهلك، ما ميزها عن الشركة الأم الكبرى العاملة في مجال الأدوية. انطلقت القيادة بتوضيح القيم المؤسسية الجديدة وطرق العمل للموظفين، بما في ذلك تقليل فترات الموافقات لتسريع العمليات وتحقيق الكفاءة. ولتعزيز نجاح هذا التوجه، عمل القادة التنفيذيون عن قرب مع فرقهم لتحديد تأثير هذه التغييرات على الوظائف المختلفة وتوضيح كيفية تطبيقها بفعالية في كل قسم. ولم يقتصر الأمر على تحسين العمليات الداخلية، بل استثمر القادة في إبراز معالم الثقافة الجديدة لجذب مواهب نوعية قادرة على شغل الأدوار الحيوية ودعم التحول المؤسسي. هذا التحول الثقافي لم يكن مجرد تعديل داخلي، بل كان خطوة استراتيجية مكّنت الشركة من بناء هوية مستقلة وقوية والانطلاق بثبات نحو تحقيق النجاح ككيان مستقل.
إلهام الموظفين برؤية واضحة للتغيير
خلال عملية الفصل، يصبح التواصل الواضح والمستمر مع جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك المستثمرون والموظفون، أمراً بالغ الأهمية. إذ يجب على القادة أن يشرحوا بوضوح الأسباب الاستراتيجية وراء هذا التغيير الكبير وكيف سيعود بالنفع على كافة الأطراف. وينبغي أن يقدموا رؤية ملهمة تمثل "البوصلة" التي تقود الشركة الجديدة نحو مستقبل أكثر إشراقًا، مع توضيح كيف ستخدم هذه الخطوة أهداف الشركة وتحقق غاياتها الاستراتيجية. ولتحقيق نجاح الفصل، من الضروري أن تكون هذه الرؤية متسقة مع أدوار الموظفين اليومية وطموحاتهم المهنية، بحيث يشعرون بالتغيير. وفي الوقت نفسه، يجب على القادة الحرص على تقديم وعود واقعية ومبنية على أسس صلبة، لضمان الحفاظ على الثقة والمصداقية خلال تنفيذ التغييرات.
في تجربة تحول جذري، قامت إحدى شركات الطاقة ببيع أنشطة غير أساسية لتعزيز تركيزها الاستراتيجي، ولتحفيز فريق القيادة في الكيان الجديد، قدم الرئيس التنفيذي رؤية ملهمة للتغيير ركز فيها على توافق الكيان مع أهداف المالك الجديد. ورغم إقراره بالتحديات المتوقعة، سلط الضوء على الفرص المتاحة لتعلم أساليب جديدة وتوسيع الأعمال، مشبهًا الوضع بريادة الأعمال حيث يمكن الابتكار والنمو بدعم قوي. هذه القصة حفزت فريق القيادة عاطفياً ومهنياً، ما زاد التزامهم بنجاح الكيان واستغلال الفرص المستقبلية تحت الملكية الجديدة.
يُعد خلق القيمة لكل من الأعمال القائمة والجديدة أثناء عملية الفصل تحدياً بالغ الصعوبة. وفي مواجهة هذا التحدي، يميل القادة إلى التركيز بشكل كامل على تنفيذ الصفقة والاهتمام بالانطلاقة الناجحة للكيان الجديد في اليوم الأول. ومع ذلك، من الأهم أن يأخذ القادة الوقت الكافي لوضع خطة تحول شاملة تُعطي الأولوية لنماذج التشغيل، والموارد البشرية، والثقافة المؤسسية، بالإضافة إلى استكشاف جميع الفرص المتاحة لخلق القيمة بشكل فعّال. كما يجب على القادة تطوير استراتيجية مدروسة تضمن توافق الأشخاص مع الأدوار المناسبة، وتحفيز الموظفين على تبني التغيير بشكل إيجابي. فمن خلال هذا النهج المتكامل، يمكن للقادة مواجهة تحديات الفصل بكل قوة، مما يزيد من فرص نجاحهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للكيان الجديد.