الاجتماعات القصيرة التي تُعقد “وقوفاً” لا تتلاءم مع جميع الموظفين

3 دقائق
الاجتماعات القصيرة التي تُعقد "وقوفاً"

أصبحت الاجتماعات القصيرة التي تُعقد "وقوفاً" جزءاً لا يتجزأ من العمل اليومي في العديد من المؤسسات، وانتشرت هذه الظاهرة على نطاق واسع بفعل تبني منهجية أجايل وغيرها من الطرق الإدارية المبتكرة. هذه الاجتماعات - في المعتاد - هي جلسات موجزة لتفقد الإنجاز اليومي المحرز في الأعمال، تتمكن من خلالها فرق العمل الابتكارية من الاطلاع على التحديثات وتنسيق الجهود فيما بينهم. ويقصد من كلمة "وقوفاً" معناها الحرفي، إذ يظل المشاركون في هذه الاجتماعات واقفين طيلة فترة الاجتماع، والغرض من ذلك هو إنهاء الاجتماع بسرعة. فالهدف من هذه الاجتماعات هو أن يتطرق المجتمعون سريعاً إلى المشكلات التي تشوب الأعمال، ثم العمل على تسوية الخلافات. ويصف مقال موقع "ويكيبيديا" هذا النوع من الاجتماعات قائلاً: "يُقصد من الانزعاج الناجم عن الوقوف لفترات طويلة جعل الاجتماعات قصيرة".

تبني سياسة الاجتماعات القصيرة

بينما يصعب التشكيك في نجاح منهجية أجايل الإدارية، فإن الأمر يستحق التوقف للحظة والتساؤل عن حكمة المؤسسات في تبني سياسة الاجتماعات القصيرة التي تُعقد وقوفاً على نطاق واسع. فهذه الاجتماعات لا تصلح لاحتضان جميع أنواع التفاعلات ولا تتلاءم مع كل الأغراض، والتعامل معها كحل شامل يصلح لجميع أغراض العمل قد يؤدي إلى عواقب غير مقصودة.

عندما كنت أتقلد منصب الشريك الإداري في شركة "أكسنتشر" (Accenture)، ساعدنا فريق المؤسسة والتغيير الاستراتيجي في تصميم منشأة مؤتمرات جديدة لأحد مكاتبنا. ولقد عمدنا على وجه التحديد إلى تنويع أشكال الطاولات وأحجامها. فبعض الغرف احتوت على طاولة كبيرة مستديرة واحدة في المركز، بينما احتوت غرف أخرى على الطاولات الكلاسيكية التي تتخذ "شكل قارب"، المستخدمة في قاعات اجتماعات مجالس الإدارة. وكان لدينا طاولات مستطيلة ومربعة مفتوحة النهاية، فضلاً عن طاولات على شكل حرف "U" بالإنجليزية (مع جلوس المدير عادة عند مركز قاعدة الحرف U)، وطاولات على شكل حرف "V" (بحيث يتسنى لميسّر الاجتماع أن يتحرك إلى الأمام ليقف أمام كل فرد من المشاركين). والهدف من هذا التنوع في أشكال الطاولات واضح: وهو أن ديناميكيات الاجتماعات ترتبط بشكل مباشر بموضع جلوس المجتمعين بالنسبة للمدير، والمجتمعين بالنسبة لبعضهم بعضاً، وبالنسبة لمقدم الاجتماع وميسره أو أيهما.

الآن وبالتفكير في الاجتماعات القصيرة التي تُعقد وقوفاً، التي لا تتبع نمطاً أو منطقاً محدداً في كيفية تحديد موضع المجتمعين. وزد فوق ذلك الفروق البدنية بين زملاء الفريق. تخيل أن فرداً قصير القامة بطول 160 سم في الفريق يحاول أن يثبت وجه نظره في حين يقف أمامه زميل طويل القامة بطول 185 سم، أو تخيل أن كليهما يناقشان مزايا وعيوب مسألة شائكة وهما على أقدامهما. ألا تعتقد أن ذلك يمثل مشكلة؟ إذا كنت لا ترى مشكلة في ذلك، فلا شك أنك طويل القامة. تذكر أيضاً أنه من الناحية الإحصائية، متوسط طول الذكر أكبر من متوسط طول الأنثى، أي أن الطول يميز أيضاً بين الجنسين. (المحررة الخاصة بي في هارفارد بزنس ريفيو، التي يبلغ طولها 160 سم، تقول إنها ترتدي الكعب العالي لتبدو أطول، لكنا تعترف أن ذلك يزيد من صعوبة الاجتماعات الطويلة التي تُعقد وقوفاً!).

فكر أيضاً في موقف يجمع بين موظف معافى صحياً يبلغ من العمر 25 عاماً يخوض نقاشاً بخصوص تسوية صعبة، مع زميل يبلغ من العمر 63 عاماً ويعاني مرضاً طفيفاً في القلب، مع العلم أن "وقت نهاية" النقاش والوصول إلى حل مرهون بحقيقة أن كليهما مضطران إلى الوقوف طيلة النقاش. بلا شك، ستمنح قدرة التحمل الأكبر للموظف الأصغر الأفضلية له في الاستمرار في النقاش، وتعطيه تفوقاً لا يستهان به. لا تخدم محاولة التعويض عن هذه الفروق عن طريق توجيه قصار القامة للوقوف في المقدمة، أو منح الموظفين الكبار مقعداً بينما يقف الباقون مثلاً، إلا كوسيلة لدعمهم. فبالرغم من أن المقاعد قد تجعل الاجتماعات أطول، فإن توزيعها حسب تصميم الطاولة يضع الجميع أيضاً على قدم المساواة عند التحدث.

الدور الفاعل للاجتماعات القصيرة

أنا لا أدعو إلى التخلي عن الاجتماعات القصيرة التي تُعقد وقوفاً. فهذه الاجتماعات قد يكون لها الدور الفاعل في ظروف معينة، وقد أثبتت البحوث أنها تُعزز إنتاجية الفريق. لكن يجب على أي مؤسسة تعقد هذا النوع من الاجتماعات بشكل منتظم، أن تنظر في كيفية عقد هذه الاجتماعات، ومتى يتم ذلك، ولأي هدف تُعقد. هل اجتماع واحد من هذه الاجتماعات يومياً أو أسبوعياً مناسب لفريقك بدلاً من عدة اجتماعات؟ هل يجب ألا تزيد مدة الاجتماع عن 5 أو 10 دقائق، أم يسمح له أن يستمر لأكثر من ذلك بين الحين والآخر؟ هل سيتحسن أداء المجتمعين في النشاط المقصود - كالعصف الذهني والنقاش وصناعة القرار وما إلى ذلك - وهم على أقدامهم؟

تخيل أن طولك 160 سم، أو أنك تعاني مرضاً صحياً، أو أنكِ الأنثى الأصغر حجماً في مؤسستكِ ونشب خلاف مستعر بينك وبين موظف يافع ومعافى وطويل القامة. السؤال هنا: هل سترغب أو هل سترغبين حينها في الوقوف أم الجلوس؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي