إليك هذه المقابلة عن الابتكار في موقع "بوكينغ دوت كوم" تحديداً. أجرت هارفارد بزنس ريفيو مقابلة في أحد برامجها الصوتية (بودكاست) مع الاستاذ الجامعي في كلية هارفارد للأعمال ستيفان ثومك.
وإليكم مقتطافات من هذه المقابلة الصوتية:
يناقش الأستاذ الجامعي في كلية هارفارد للأعمال، ستيفان ثومك، احتمالية أن يكون الحدس والخبرات الماضية مضللان عند محاولة إطلاق منتج أو خدمة أو نموذج عمل أو عملية جديدة ومبتكرة في دراسة الحالة التي ألّفها بعنوان "بوكينغ دوت كوم"، والتي شاركته دانيلا بييرسدورفر في تأليفها. ويحمل كتابه الجديد عنوان "مسائل التجريب" (Experimentation Works). بدلاً من ذلك، تتبنى شركة "بوكينغ دوت كوم" وغيرها من الشركات المبتكرة ثقافة قائمة على الاختبار والتجريب، وعادة ما يكون الفشل في صميم هذه الثقافة.
إتش بي آر برزنتس (HBR Presents) هي شبكة من البرامج الصوتية (بودكاست) ينظمها محررو هارفارد بزنس ريفيو، ويقدمون لك من خلالها أفضل أفكار العباقرة في مجال الإدارة. تعود الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال إلى الكاتب، ولا تعبر بالضرورة عن السياسة الرسمية لهارفارد بزنس ريفيو أو شركائها أو موقفهم تجاه أي من الأفكار المطروحة.
يمكنكم الاستماع إلى هذه المدونة والاشتراك فيها عبر أبل بودكاست | وجوجل بودكاست | و آر إس إس RSS
بريان كيني: يعود تاريخ ظهور المنهج العلمي إلى عصر النهضة، إذ ينسب المؤرخون الفضل إلى فرانسيس بيكون لقيامه عام 1621 بإعداد منهجيات علمية لا تزال تُستخدم حتى يومنا هذا. وقد تعلمنا تلك المنهجيات في المدرسة الابتدائية بالفعل، لكن من المحتمل أن ينسى الأفراد معنى هذا المفهوم لحظة تخرجهم من المدرسة الثانوية ما لم يكونوا قد أجروا بعض التجارب في المختبر. وإليكم هذه المعلومة لتنشيط ذواكركم: ينطوي المنهج العلمي على ست خطوات، بدءاً بالسؤال الذي يتبعه بحث يقود إلى الفرضية، ويجري اختبار هذه الفرضية بالتجربة، ويتبعها تحليل النتائج الذي يقود إلى الاستنتاج. وعلى الرغم من بساطة هذا المنهج، إلا أنه أسفر عن تطور مذهل في العلوم لعدة قرون. بيد أن اتباع هذا النهج في عالم الأعمال كان بطيئاً إلى حد ما، إذ غالباً ما تُتخذ القرارات الكبيرة والمهمة في عالم الأعمال عبر اتباع الحدس. لكن المنهج العلمي يشهد اليوم نهضة جديدة في عالم الأعمال في ظل عصر البيانات الكبيرة. وسنستمع اليوم إلى الأستاذ الجامعي ستيفان ثومك حول دراسة الحالة التي ألّفها بعنوان "بوكينغ دوت كوم" (Booking.com). أنا مضيفكم، بريان كيني، وأنتم تستمعون إلى برنامج "كولد كول" الذي سُجل على الهواء مباشرة في كلارمان هول ستوديو في كلية هارفارد للأعمال. ستيفان ثومك هو أستاذ جامعي خبير في إدارة الابتكار. ويركّز بحثه على العمليات والاقتصادات وإدارة تجارب الأعمال في مجال الابتكار. أعتقد أن حلقة اليوم ستكون شائقة للغاية. شكراً لانضمامك إلينا اليوم يا ستيفان.
ستيفان ثومك: شكراً لاستضافتكم لي.
بريان كيني: أود منك بداية وصف هذه الحالة لنا، من هو بطل هذه الحالة، وما الذي دار في خلده؟
ستيفان ثومك: شركة "بوكينغ دوت كوم" هي شركة رائدة في مجال السفر. وأعتقد أن العديد من المستمعين هنا قد استخدموا "موقع بوكينغ دوت كوم" لتخطيط رحلاتهم، إذ يُحجز حوالي 1.5 مليون غرفة في اليوم عبر الموقع. وتشير التقديرات إلى أن ما يتراوح بين 400 و500 مليون شخص يزورون الموقع كل شهر. وتبدأ الحالة على النحو التالي: يدخل البطل، وهو مدير الاختبارات، إلى مكتب الرئيسة التنفيذية، جيليان تانس، ويُعلمها عن رغبته في إجراء تجربة جذرية تنطوي على تغيير صفحة الهبوط الرئيسة لموقع "بوكينغ دوت كوم"، هذه الصفحة التي جرى تحسينها على مدار سنوات من خلال عشرات الآلاف من التجارب. يعرف جميع الأشخاص الذين يستخدمون موقع "بوكينغ" بشكل متكرر كيف تبدو الصفحة الرئيسية، ويعرفون كيفية التنقل بين صفحات الموقع. إلا أن مدير الاختبار اتخذ قراراً بتغيير صفحة الهبوط الرئيسية هذه، وجعل الموقع يبدو كصفحة محرك البحث "جوجل". والسؤال المطروح على الصف هو: "ما الذي يجب على الرئيسة التنفيذية فعله؟" هل يجب عليها أن تشجّعه على المضي قدماً؟ هل يجب أن تشاركه التجربة وأن تحاول تشجيعه على تعديلها؟ وأود أن أضيف أيضاً أنه يريد إطلاق الصفحة الجديدة خلال موسم الأعياد، وهو موسم سفر نشط للغاية. ويرغب في طرح التجربة على نسبة مئوية كبيرة إلى حد ما من مستخدمي موقع "بوكينغ" الدائمين. تخيّل أنك أحد مستخدمي موقع "بوكينغ" وتستيقظ صباح أحد الأيام لإجراء حجوزات الفنادق لموسم العيد، وأنك تنظر إلى صفحة الويب هذه التي لا تبدو مثل الصفحة القديمة التي اعتدت رؤيتها على الإطلاق، بل تبدو مثل صفحة محرك بحث "جوجل". وبالتالي، تريد الشركة اختبار ردود فعل زبائنها.
بريان كيني: ما الذي قد يحدث عند الابتكار في موقع "بوكينغ دوت كوم" تحديداً؟!
ستيفان ثومك: أجل.
بريان كيني: أعتقد أن ردود الفعل قد تتباين إلى حد كبير، فهذا قرار كبير جداً.
ستيفان ثومك: بالضبط، قد تنطوي ردود الفعل على تباينات كثيرة بالنسبة إلى الابتكار في موقع "بوكينغ دوت كوم" بالفعل. أولاً، من المحتمل أن يلقي الزبائن نظرة على الموقع فقط ومن ثم يغلقوا الصفحة.
بريان كيني: قد يظنون أنهم قد فتحوا صفحة خاطئة.
ستيفان ثومك: ومن المحتمل أن يتجهوا إلى أي موقع آخر مثل "إكسبيديا" (Expedia)، ومن المحتمل أن يحاولوا التنقل بين صفحات الموقع قليلاً، ثم ينتابهم شعور الحيرة أثناء ذلك إلى أن يستسلموا، ومن المحتمل أن يشعروا بالإحباط الشديد. قد تتباين ردود الفعل. وقد يعجبهم هذا التغيير بالفعل. وتكمن المشكلة في استحالة توقع النتائج في المنهج التجريبي. وتشير البيانات إلى أن شركة "بوكينغ" قد تعلمت على مر السنين أنها تُخطئ في تسع فرضيات من أصل كل عشر تجارب تُجريها. فقد تبدو إحدى فرضياتها معقولة للغاية، لكن ما إن تبدأ في اختبارها يحدث شيء ما يقلب كل الموازين. واعتادت الشركة في الواقع على أن الفرضيات قد تكون خاطئة أكثر من أن تُصيب. واقترح مدير الاختبارات هذه الفرضية رغبة منه في التماس ردود فعل الزبائن عند تغيير هذه الصفحة بشكل جذري. ويوجد بالطبع سبب وراء اتخاذه هذا القرار، ألا وهو أن "جوجل" تدخل باب المنافسة في مجال السفر. وبالتالي، دخلت بعض القوى التنافسية المحتملة على الساحة هنا. فالأمر إذاً ينطوي على أكثر من مجرد معرفة ردود فعل المستخدمين أو كيفية تفاعلهم مع الصفحة، بل قد ينطوي أيضاً على معرفة ردود فعلهم على تجربة شبيهة بموقع "جوجل". وقد يكون هدف الشركة تقديم أنواع مختلفة من الخدمات بدلاً من مجرد توفير أماكن الإقامة المعتادة الموجودة على موقعهم على الإنترنت.
بريان كيني: ما الذي دفعك إلى الكتابة عن شركة "بوكينغ دوت كوم"؟ لديك مقال في مجلة هارفارد بزنس ريفيو حول هذا الموضوع يرتبط بالحالة أيضاً. لماذا تولي شركة "بوكينغ دوت كوم" هذه الأهمية؟
ستيفان ثومك: يوجد ظاهرة عامة تحدث الآن، لا سيما في المجال الرقمي، إذ تبيّن أن الطريقة التي نتفاعل بها مع الزبائن تتغير بشكل جذري، خاصة مع زيادة وعي العديد من الشركات، ومع توسع الاقتصاد الرقمي. ويوجد اليوم العديد من قنوات التواصل المختلفة التي تتيح لنا التواصل مع الزبائن، ولا بدّ من تحسين كل نقطة من نقاط التواصل هذه. كما يوجد عدد كبير من القرارات التي يجب اتخاذها، ولكن كيف يمكننا اتخاذ القرارات التي تنطوي على الحداثة؟ لقد اعتدنا في الواقع أن نتخذ القرارات عبر اتباعنا الحدس، أو السير على نهج قرار نجح في الماضي، أو عبر مراقبة المنافسين وتقليدهم. لكن البيانات تشير إلى أننا على خطأ معظم الأوقات. ويوجد مثال رائع حول شركة مايكروسوفت كتبتُ عنه بالتشارك مع روني كوهافي في هذه المقالة. كان لدى أحد الموظفين في شركة "بينغ" اقتراح مثير للاهتمام حقاً قبل بضع سنوات حول إعلانات موقع "بينغ" ينطوي على إضافة جزء من نصوص الإعلانات إلى العنوان الرئيس. ويحصل موقع "بينغ" على الكثير من الاقتراحات والأفكار المماثلة من الموظفين في الواقع. وتُجري الشركة أكثر من 15,000 تجربة سنوياً. نظر الموظفون إلى هذا الاقتراح وتجاهلوه، ولم يبدوا الكثير من الاهتمام بالفكرة. وبقيت الفكرة معلّقة لأكثر من ستة أشهر، وفي النهاية، أخذ الموظف على عاتقه طرح الفكرة للتجربة، وقرّر إجراء بعض التغييرات في الشفرات البرمجية. واستغرق تغيير ذلك يومين فقط، ومن ثم أطلق التجربة على الصفحة الرئيسة.
بريان كيني: أعتقد أنها خطوة محفوفة بالمخاطر إلى حد كبير.
ستيفان ثومك: إليك ما حدث، بمجرد أن أطلق التجربة، حصلت شركة "مايكروسوفت" على إنذار. يوجد لدى الشركة مؤشرات أداء رئيسية وأنظمة مختلفة تنطوي مهمتها على مراقبة سير العمل، وينطلق هذا الإنذار لإشعار الشركة بحدوث شيء ما. وعادة ما ينطلق هذا الإنذار نتيجة وجود خلل في أحد الأنظمة. وبدأ الموظفون بالتساؤل والتحري حيال ما يجري، وعملوا على إعادة تشغيل النظام مرة أخرى، واستمر الإنذار. والمدهش أن التغيير كان هائلاً بشكل مذهل. وقد أسفر هذا التغيير وحده عن أكثر من 100 مليون دولار من الإيرادات الإضافية في الولايات المتحدة وحدها. ووُصفت هذه التجربة أنها أنجح وأكبر تجربة أجرتها شركة "بينغ". لقد كانت بمثابة صدمة.
بريان كيني: آمل أن يكون الموظف قد حصل على ترقية.
ستيفان ثومك: آمل ذلك آمل ذلك وبالتالي، لا يمكننا تحديد الأفكار الناجحة والفاشلة إلا من خلال بناء ثقافات الاختبار التي تُجري التجارب على نطاق واسع جداً. لنفترض أن معدل نجاح تجاربك هو 10% فقط، ولكن إذا كنت تجري 10,000 تجربة، فهذا يعني أنك تحصل على 1,000 تجربة ناجحة، وقد تنطوي هذه التجارب الناجحة على تأثير كبير على عملك. وهذا ما يحصل وراء الستار. وقد سمعت من شبكتي المهنية عن ثقافة شركة "بوكينغ" الفريدة القائمة على التجربة، وتوجهت إليهم وسألتهم عما إذا كانوا يسمحون لي بالنظر خلف الستار.
بريان كيني: لقد ذكرتُ في المقدمة أنك تدرس كيفية قيام المؤسسات والشركات بإدارة الابتكار. وأعتقد أننا نسمع هذا المصطلح كثيراً مؤخراً، وهو يُذكر في الصحافة الاقتصادية طوال الوقت. هل يُعتبر المنهج العلمي أحد وجوه إدارة الابتكار؟
ستيفان ثومك: بالتأكيد، يمثل ذلك في الواقع جزءاً كبيراً من إدارة الابتكار. تنطوي المشكلة في الابتكار على الحداثة، ولا بدّ لنا أن نُدرك أن محاولة التنبؤ بالحداثة هي مهمة صعبة للغاية، إذ إننا نخطئ في تحديدها معظم الأوقات. وقد تتمثّل الحداثة في أشكال مختلفة، مثل منتجات جديدة وخدمات جديدة ونماذج أعمال جديدة وعمليات جديدة. وعندما ندرس كيفية اتخاذ هذه القرارات وهذه الابتكارات، نرى أن الأفراد يعتمدون على تجاربهم، أو يتّبعون خطى فكرة ناجحة في الماضي. وقد ينظرون إلى البيانات الكبيرة وإلى العلاقات الترابطية ويحاولون تحليل البيانات ويجدون بسرعة أن العلاقات الترابطية ليست سببية. ويوجد الكثير من الأمثلة عن ارتباط بعض المفاهيم بدرجة كبيرة دون وجود علاقة سببية بينها. وأعتقد أن المستمعين سيشعرون بالدهشة الآن عند استماعهم إلى بعض الأمثلة المضحكة. على سبيل المثال، يوجد علاقة ترابطية بين حجم اليد ومتوسط العمر المتوقع. ولكن من المهم أن تُدركوا قبل النظر إلى أياديكم والشعور بالإحباط أنه لا توجد في الواقع علاقة سببية لهذه الفرضية، وأن المتغير السببي الأساسي هو النوع الاجتماعي. فعادة ما تكون أيادي النساء صغيرة أحياناً، وفي المقابل تعيش النساء فترات أطول أيضاً. وبالتالي، تعطينا البيانات الكبيرة علاقات ترابطية، لكنها لا تمنحنا السببية. فيلجأ الأفراد إلى النظر في السياق، وفيما نجح في سياقات أخرى. بيد أن السياق قد يكون مضللاً أيضاً. ولعلّ أحد الأمثلة البارزة يدور حول رون جونسون عندما ترك العمل في شركة آبل. كان من الواضح أن جونسون هو رائد في قطاع البيع بالتجزئة، وبعد أن شارك في إنشاء متجر آبل، توجّه إلى شركة "جيه سي بيني" (J.C.Penney)، وطُلب منه أن يقدّم لشركة "جيه سي بيني" ما قدّمه لصالح شركة "آبل". لكن الأمور لم تسر على نحو جيد هناك، وكان عليه أن يترك العمل في النهاية. واضطرت شركة "جيه سي بيني" أن تواجه مصيرها بعد فشلها في إجراء التجارب.
بريان كيني: لدينا في الواقع مدونة صوتية على برنامج كولد كول حول رون جونسون وتجربته، ويمكن للمستمعين البحث عنها والاستماع إليها. لنتحدث الآن عن شركة "بوكينغ دوت كوم" بمزيد من التفصيل. ما الذي يميز الطريقة التي تعاملت بها الشركة مع هذه العملية التجريبية؟
ستيفان ثومك: يجب أن نلقي نظرة بداية على تاريخ الشركة، فقد تأسست شركة "بوكينغ" في عام 1996، بعد حوالي عام من انضمامي إلى الكلية هنا.
بريان كيني: لقد مضى على تأسيسها فترة طويلة من الوقت إذاً.
ستيفان ثومك: هذا صحيح. بدأت الشركة بتأسيس مقر صغير فقط في أمستردام في هولندا، وكانت ثقافة الشركة منذ تأسيسها قائمة على متابعة البيانات وسلوك الزبائن. وذكرت في الواقع مثالاً مثيراً للاهتمام في هذه الحالة حول أحد القرارات الأولية التي اضطرت الشركة إلى اتخاذه بشأن تحديد مكان تأسيس أول مكتب خارج هولندا. أجرت الشركة دراسة على السوق الألماني، وهو سوق سفر كبير للغاية بالطبع. ومن المرجح أن أول قرار منطقي تتخذه عندما تذهب إلى ألمانيا هو أن تتجه إلى برلين أو أحد المدن الكبيرة الأخرى. لكن عندما أجرت الشركة دراسة على البيانات، تبين لهم أن المكان الذي يقصده الكثير من المسافرين الهولنديين هو قرية التزلج الصغيرة. وافتُتح أول مكتب في قرية التزلج الصغيرة لأن هذا هو المكان الذي يقصده المسافرون، بمجرد النظر إلى البيانات فقط. لطالما كان الاختبار أو التجريب في صميم أعمالهم، وقد طوّروا قدرات التجريب هذه بمرور الوقت، وأدركوا أن الثقة بحدسهم يمكن أن تكون مضللة للغاية. ويوجد الكثير من الأمثلة الأخرى في دراسة الحالة. على سبيل المثال، أجرت الشركة دراسة على كتالوجات السفر التي تنطوي على الكثير من عروض السفر. وحاولوا تقديم عروض سفر عبر الإنترنت، لكن تبين لهم أن الزبائن لم يعجبهم الحصول على العروض عبر الإنترنت. وعلى الرغم من أن العروض كانت ناجحة في الكتيبات، إلا أنها لم تنجح على الإنترنت. وقد أجروا الكثير من هذه التجارب بالفعل. وما أثار الدهشة هو أنهم عندما نظروا إلى سلوك الزبائن الفعلي، تبين لهم أن الكثير من الافتراضات التي أدلوا بها حول كيفية سفر الأفراد لم تكن صحيحة.
بريان كيني: ما نوع الثقافة التي يجب غرسها في الشركة لدعم هذه الافتراضات؟ أعتقد أنها ثقافة تتسم بالفوضى.
ستيفان ثومك: أجل.
بريان كيني: هل هي ثقافة قائمة على الفوضى، أم أنها تخضع للتجارب المُحكمة؟ كيف تبدو هذه الثقافة؟
ستيفان ثومك: إنها ليست ثقافة قائمة على الفوضى، وإنما ثقافة ديمقراطية، بمعنى أنه يمكن لأي شخص بدء تجربة دون إذن من الإدارة. في المقابل، يمكن لأي شخص في الشركة أيضاً دحض تجربة قام بها شخص آخر باستخدام مبدأ القوة. إنها بيئة قائمة على ثقة المؤسسة بقيام موظفيها بالشيء الصحيح، وعلى اختبار الكثير من الفرضيات. في الوقت نفسه، تنطوي هذه البيئة على الكثير من الضوابط والتوازنات التي تتيح للأشخاص الآخرين التدخل. وتُعتبر الشفافية في هذه البيئة بمثابة المفتاح الرئيس للنجاح. وهذا يعني أنه عندما تحاول إطلاق تجربة ما، يجب عليك نشرها داخل الشركة أولاً حتى يتمكن الآخرون من الاطلاع على تجربتك وطرح الأسئلة وانتقادها. وأعتقد أن هذا ضروري، إذ لا يوجد لدى الشركة لجنة تشرف على كل التجارب. وبالتالي، إذا رغبت شركة ما في العمل وفق النطاق الذي تعمل به شركة "بوكينغ"، فيجب عليها غرس ثقافة تضم هذه الأنواع من الضوابط والتوازنات ومبادئ التشغيل الموحدة، وهو أمر صعب، فقد استغرقهم غرس هذه الثقافة وقتاً طويلاً.
بريان كيني: تستخدم شركة "بوكينغ" المنهج العلمي، هل هذا صحيح؟
ستيفان ثومك: نعم، تُجري الشركة حوالي ألف تجربة بالتزامن، وهو ما ينتج عنه الملايين من الاختلافات في صفحة هبوط موقع "بوكينغ دوت كوم" وحدها. تخيّل أن كلانا زار صفحة هبوط الموقع بهدف حجز رحلة، فمن المحتمل أن نحصل على نسخ مختلفة من الصفحة نفسها، إذ لا يوجد إصدار واحد من صفحة هبوط موقع "بوكينغ دوت كوم".
بريان كيني: هذا مذهل. دائماً ما أفكر في الفريق المشرف على صفحة الويب الخاصة بكلية هارفارد للأعمال، وفي الوقت الذي يبذلونه لخلق تلك التجربة الواحدة، ولا يسعني أن أتخيل مقدار الجهد المبذول، لا بد من أنه عمل صعب.
ستيفان ثومك: ولا تُعتبر شركة "بوكينغ" الشركة الوحيدة التي تتبع هذا النهج، فكّر في "نتفليكس" و"جوجل" و"أمازون" و"مايكروسوفت" وكل المواقع التي نستخدمها كل يوم، وستدرك أن جميع هذه الشركات تمارس هذا النهج. وغالباً ما يكون الزبائن غير مدركين لذلك، بيد أنهم يخضعون لهذه التجارب عدة مرات يومياً. إنها مجرد طريقة لتحديد الأفكار الناجحة والأفكار الفاشلة التي تتيح لهم اتخاذ قرارات أفضل.
بريان كيني: هل حقيقة أنها شركة رقمية يجعل إجراء هذه التجارب أكثر جدوى بالنسبة إليهم؟ هل يمكن تطبيق هذا النهج في متاجر التجزئة التقليدية مثل ما أنه يُطبّق على مواقع الإنترنت؟
ستيفان ثومك: أجل. هو: أجل. قد يكون من الأسهل بالطبع تطبيق ذلك في بيئة رقمية تنطوي على الكثير من الزبائن بفضل بعض المبادئ الإحصائية التي يمكنك اتباعها. وكلّما حصلت على المزيد من الزبائن، يمكنك إجراء المزيد من الاختبارات. كما تتيح لك البيئة الرقمية إجراء اختبارات على عينات أصغر وإجراء تغييرات صغيرة، لأن امتلاكك حجم عينة كافي، سيجعل الشركة تمتاز بالمرونة في إجراء التجارب وهو ما يُدعى قوة التجربة، وهو مصطلح تقني، يعني أن بإمكانك إجراء التجارب مع أعداد أصغر أيضاً. وقد كتبت مقالاً آخر بالفعل مع المؤلف المشارك جيم مانزي، الذي اتبعت شركته، "كولز" (Kohl’s) نهج إجراء التجارب في متاجر البيع بالتجزئة الخاصة بها. لا يمكن لشركة "كولز" إجراء تجربة على عينة بحجم مليون فرد بالطبع، بل تُجري التجربة في متاجرها وعلى عينات صغيرة، وتستخدم تقنيات إحصائية مختلفة تسمح لها بإجراء التجارب في بيئات عينات صغيرة. وتبيّن في الواقع أن التقنيات التي تُستخدم في بيئات العينات الصغيرة تكون أكثر تطوراً بكثير من الأساليب الإحصائية التي تُستخدم في بيئات العينات الكبيرة، لأن الأمور قد تصبح معقدة بعض الشيء. لكن لا يتعلق اتباع هذا النهج بالشركات ذات المسارات الرقمية فحسب، بل حتى بالشركات التي لا تمتلك مسارات رقمية، أي الشركات التي تجري تجارب في متاجر التجزئة التقليدية. وتبين أن الكثير من تجار التجزئة يجرون هذه التجارب التي قد لا يكون الزبون على دراية بها عند التسوق. على سبيل المثال، قد يختبرون خطوط إنتاج مختلفة، وقد يحاولون إعادة تشكيل أجزاء من المتجر. ويجرون هذه التجارب في متاجر الضبط حتى يتسنى لهم مقارنة سلوك الزبائن في المتاجر الأخرى. ويكمن جمال هذا النهج في أنه يتيح لك إجراء التجارب على نطاق واسع جداً. لكن بالنسبة إلى شركات "جوجل" و"بوكينغ دوت كوم" و"لينكد إن" و"فيسبوك"، فهي تجري تجاربها على نطاق هائل حتى.
بريان كيني: ما هي الآثار السلبية لاتباع النهج العلمي؟ ألا يوجد جوانب سلبية؟ كيف يمكنك إدارة المخاطر؟
ستيفان ثومك: ينطوي إجراء هذه التجارب على بعض المخاطر بالطبع.
بريان كيني: نعم، أعتقد ذلك.
ستيفان ثومك: لكن إذا فكرت في تكلفة الفرصة الضائعة، فأعتقد أنك ستعيد النظر في آرائك، إذ لا بدّ لك من طرح الفكرة في النهاية. وإذا طرحت فكرة ما دون اختبارها، فمن المحتمل أن تواجه مشكلة كبيرة، كما حصل مع شركة "جيه سي بيني". ويمكنك في الواقع طرح بعض هذه التجارب، شرط أن يكون لديك ما يكفي من الإجراءات الوقائية حتى تتمكن من التراجع عن هذه التجارب في حال حدوث مشكلة ما. وبالتالي، يوجد خطر بالطبع، وكلما كانت التغييرات والتجارب التي تجريها جذرية، زاد الخطر. وهو ما يعيدنا إلى المشكلة الرئيسة في هذه الحالة، والتي تتمثّل في رغبة المدير في القيام بهذه التجربة الجذرية. إن طبيعة الثقافة في "بوكينغ دوت كوم" قائمة على إجراء تجارب صغيرة على نحو متزايد، حيث تكون هذه التجارب أقل خطورة، في حين يرغب المدير في إجراء تجربة كبيرة وتنطوي على مخاطر كبيرة. ما الذي يجب على الرئيسة التنفيذية فعله؟ هل ينبغي أن تشارك في إجراء هذه التجربة؟ هل ينبغي أن تشجعه على تطبيقها في وقت مختلف من العام، أو ربما طرحها على نطاق أصغر؟ هل يجب أن يجري أي تعديلات على الاختبار؟ أو هل يجب عليها أن تسمح له أن يفعل ما يريد؟ يوجد لدى المؤسسة ثقافة الاختبار هذه بالفعل، ويتبعون هذا المنهج العملي منذ زمن، لكن هل يجب على الرئيسة التنفيذية أن تثق في قرارات موظفيها؟
بريان كيني: ما هي طبيعة الابتكار في موقع "بوكينغ دوت كوم" وثقافته؟ لنفترض أنك سمحت بطرح إحدى هذه التجارب، لكنها فشلت فشلاً ذريعاً. ما مدى تسامح الشركة مع الفشل؟
ستيفان ثومك: يُعتبر الفشل من طبيعة الثقافة في المؤسسة، إذ من الأرجح أن تواجه الشركة الفشل أكثر من النجاح عندما تكون 9 تجارب من أصل 10 تجارب فاشلة. لذلك كل ما عليك فعله هو خلق بيئة تناقش هذه الإخفاقات وتشاركها. وأنا أقول دائماً أن عدم الفوز لا يعني الخسارة، بل عدم الفوز يعني الفشل في بعض الأمور فقط، وهو ينطوي على هدف تعليمي. بمعنى أنه يمكنك أن تتعلم من هذه الإخفاقات، وأن تشارك ما تعلمته. وغالباً ما تساهم هذه الإخفاقات في تشكيل الفرضية التالية، ذلك أنها عملية تكرارية تدفعك إلى المحاولة مرات عديدة وتعديل الفرضيات والتجربة من جديد. وقد تسفر هذه الإخفاقات في بعض الأحيان عن بعض الرؤى الثاقبة المهمة التي تقود بعد ذلك إلى تجارب رائعة وتحسينات كبيرة في الأداء. عندما نفكر في الابتكار، يفترض المديرون دائماً أن التغييرات الصغيرة والابتكارات الصغيرة تقود إلى تحسينات طفيفة في الأداء، وأن التغييرات الكبيرة والابتكارات المبدعة تقود إلى تحسينات هائلة في الأداء. لكن الوضع مختلف هنا، إذ قد يكون للتغيرات الصغيرة آثار هائلة على الأداء والإيرادات، كما شهدنا ما حصل مع "مايكروسوفت". وبالتالي، الوضع مختلف هنا قليلاً، وهو ما أسميه التدرّج السريع، بمعنى أن بإمكانك إجراء الكثير من التغييرات الصغيرة، ولكن يجب عليك القيام بها بسرعة كبيرة وعلى نطاق واسع جداً. وفي الواقع قد يقود التأثير التراكمي لكل هذه التغييرات الصغيرة عن تحسينات هائلة في الأداء. ويمكنك بالطبع إجراء تغييرات كبيرة بين الحين والآخر، ولكن ستكون معظم التغييرات تدريجية.
بريان كيني: كيف يبدو النجاح في مثل هذا الموقف؟ هل ينظرون إلى ما حققوه العام الماضي ويقولون: "لقد أجرينا العديد من التجارب العديدة، وعلى الرغم من أن معدل نجاحها كان منخفضاً، إلا أننا سعداء بهذا العدد من التجارب"؟ أم أنهم ينظرون فقط إلى ما حققوه من نجاحات؟
ستيفان ثومك: تمتلك جميع هذه الشركات مؤشرات أداء رئيسة متطورة للغاية. ولدى شركة "بوكينغ" بالفعل العديد من مؤشرات الأداء الرئيسة، بيد أن أهم مؤشرات الأداء الرئيسة التي يولون انتباههم لها هي "معدل التحويل". تكمن الصعوبة في مؤشرات الأداء الرئيسة في العثور على مؤشر أداء رئيس ذو معنى، إذ غالباً ما تفشل مؤشرات الأداء الرئيسة قصيرة الأجل في تلبية الأهداف طويلة الأجل. وبالتالي، تنطوي أفضل مؤشرات الأداء على تلك المؤشرات التي ترتبط ارتباطاً جيداً بالأهداف طويلة الأجل. ويجب على شركة بوكينغ بالفعل حل ثلاث مشاكل كبيرة. تتمثّل المشكلة الأولى في ضرورة زيادة عدد الزبائن. فعندما تدخل موقع "جوجل" أو "بينغ" باحثاً عن فندق ما، ترغب شركة "بوكينغ" في التأكد من ظهور موقعها في نتائج البحث ومن وصول الزبائن إلى موقعها. ويمكن حل هذه المشكلة بالمال، فكل ما على الشركة فعله هو دفع الكثير من الأموال إلى شركة "جوجل" و"بينغ" بهدف الحصول على الزبائن. وفي الواقع، عندما تنظر إلى بيان دخل الشركة، ستجد أن هذه المصاريف هائلة جداً. وتتمثّل المشكلة الثانية في أهمية تحويل الزبائن الذين يزورون الموقع، ذلك أن تصفح الموقع دون إجراء عملية حجز تُعتبر بمثابة فرصة ضائعة. وبالتالي، من المهم تحويل الزبائن حتى تتمكن الشركة من أن توفر لهم أفضل تجربة ممكنة. وتتمثّل أفضل طريقة للقيام بذلك في إجراء الاختبارات بهدف معرفة النهج الناجحة والأخرى الفاشلة. وتُجري الشركة بالفعل عدداً كبيراً من الاختبارات بهدف التأكد من نجاحهم في عملية تحويل الزبائن. وتنطوي المشكلة الثالثة في عملية السفر بحد ذاتها، إذ يجب عليهم التأكد من أن يخوض الزبائن تجربة سفر رائعة. لنفترض أنك تمتلك حجزاً فندقياً في منطقة ما، وواجهت مشكلة في الحجز، يمكنك حينئذ الاتصال بخدمة دعم الزبائن. وتمتلك الشركة بالفعل الكثير من الأشخاص العاملين في خدمة دعم الزبائن الذين تنطوي مهماتهم على التأكد من سير الأمور دون احتكاك، وأن تحصل على غرفة بديلة إما في ذلك الفندق أو في فندق آخر على الفور، وأن تكون التجربة برمتها مذهلة. وعندما يعود الزبون في السنة المقبلة، لن يتعين عليهم دفع أموال إلى "جوجل" للحصول عليه، ذلك أنه أصبح من زبائن الموقع بالفعل. هذا هو كل ما في الأمر، وأعتقد أن عملية التحويل هي العملية الأساسية هنا، ذلك أن معظم التجارب تُجرى في هذه المرحلة.
بريان كيني: لقد تطرّقت إلى مصطلح البيانات الكبيرة عدة مرات أثناء حديثنا، إلا أنني شعرت أن هذا النهج هو نقيض البيانات الكبيرة، أظن أنه ينطوي على مجموعات من البيانات الصغيرة التي تقودك إلى اتخاذ القرارات بشكل تدريجي.
ستيفان ثومك: أعتقد أن النهجين متكاملان. إذ تكمن أهمية البيانات الكبيرة في إيجاد علاقات ترابطية بين المتغيرات. وتكمن المشكلة في الابتكار، إذ عادة ما تكون البيانات في مجال الابتكار قليلة، ذلك أن الفكرة لن تكون مبتكرة في حال امتلاكك الكثير من البيانات. فوجود الكثير من البيانات يعني أن شخصاً ما قد ابتكر هذه الفكرة من قبل. وعادة ما نستخدم البيانات الكبيرة في هذا النهج بهدف توليد الفرضيات، حيث يمكنك البحث عن أنماط مثيرة للاهتمام تقودك بدورها إلى فرضيات قابلة للاختبار وقابلة للقياس. ويأتي بعد ذلك دور التجربة التي تنطوي على اختبار السبب والنتيجة التي تُبيّن لنا ما إذا كانت الفرضية واقعية أم لا. إن البيانات الكبيرة والتجريب مترابطان، وأعتقد أن الشركات التي تعتمد على البيانات الكبيرة فقط دون التجريب تفوت مرحلة مهمة، وأعتقد أنها ستدرك قريباً أن اتباع كلا هذين النهجين ضروري لتحقيق النجاح. ويمكن أن تنشأ الفرضية من العديد من المصادر المختلفة، فقد نحصل عليها من البيانات الكبيرة أو من البحوث النوعية. وتُجري شركة "بوكينغ" بالفعل الكثير من البحوث، وتمتلك العديد من المجموعات المركزة، مثل الشركات الأخرى. كما أنهم يبحثون عن أنماط تسترعي الاهتمام في مراكز الخدمة وشكاوى الزبائن. بيد أن طريقة استخدامهم هذه البيانات مختلفة تماماً. إذ إنهم يحوّلون الفكرة إلى فرضية، ثم يضعون هذه الفرضية موضع الاختبار، وهذه مرحلة مهمة، لاسيما في حال كانت الشركة تجري العديد من التجارب. لم يخبرونني بعدد التجارب التي تُجريها الشركة سنوياً، إلا أن تقديري يتراوح ما بين 20,000 إلى 30,000 تجربة، أو حوالي ذلك. ويمكنك تخمين هذا الرقم بالقيام ببعض الحسابات فقط، وهو عدد كبير من الاختبارات. ويحصلون على الفرضيات من جميع أنواع المصادر بالفعل.
بريان كيني: لقد ناقشت هذه الحالة في محاضرة مع الطلاب، هل هذا صحيح؟
ستيفان ثومك: نعم، لقد درّستها عدة مرات في برنامج تعليم المهارات التنفيذية، وكانت ردود أفعالهم مثيرة للاهتمام حقاً.
بريان كيني: ما الذي أدهشك في ردود أفعالهم؟
ستيفان ثومك: أولاً، أعتقد أن المنهج العلمي غير قائم على المناقشة، وبالتالي لا نتطرق إلى الكثير من المناقشات في الصف. وأظن أن ما يثير إعجابهم حقاً هو المؤسسة نفسها ونطاق التجارب التي تجريها. ولدي بالفعل بعض الأفراد العاملين في شركات اتبعت هذا النهج، بيد أنهم لم يجروا تجاربهم وفق ذلك النطاق. وما أثار دهشتهم هو قيام الشركة ببناء عملية تنظيمية كاملة، وثقافة قائمة على ذلك النهج. وأعتقد أن هذه الشركة تمثّل دعوة للاستيقاظ بالنسبة إلى الشركات الأخرى، إذ إن اتباع هذا النهج هو ما يمنح الشركات ميزة تنافسية في مثل هذا العصر الرقمي. ذلك أنه بحلول الوقت الذي تكتشف فيه بعض الشركات ما يجب عليها القيام به، تكون الشركات الأخرى قد أجرت المئات من الاختبارات بالفعل. وبالتالي، كلما تأخرت في إدراك ذلك، ستتخلف عن ركب منافسيك. وأتذكر بالفعل وجود عدد من الطلاب المنافسين لشركة "بوكينغ" في إحدى الجلسات.
بريان كيني: حقاً؟!
ستيفان ثومك: لن أذكر أسماءهم، إلا أنني توجهت إليهم نهاية الجلسة وسألتهم: "ينتابني الفضول حول كيفية تنافسكم مع نموذج من هذا القبيل؟" إلا أنهم رفعوا شارة الاستسلام وقالوا: "لا نعرف"، وأضافوا: "في الوقت الذي نلجأ فيه إلى اللجان، ونتفق على ما يجب القيام به، تكون شركة "بوكينغ" قد أجرت العديد من الاختبارات بالفعل، وهي متقدمة علينا حقاً. ولا تزال فرضياتنا خاطئة حتى مع كل اللجان الموجودة لدينا، والكم الهائل من التفكير الذي نجريه".
بريان كيني: لقد كانت حلقة مثيرة للاهتمام بالفعل حول الابتكار في موقع "بوكينغ دوت كوم" تحديداً، وهذه الحالة رائعة جداً. شكراً جزيلاً على انضمامك إلينا يا ستيفان.
ستيفان ثومك: شكراً، شكراً لكم على استضافتي.
بريان كيني: إذا استمتعتم بهذه الحلقة من برنامج كولد كول (Cold Call) حول الابتكار في موقع "بوكينغ دوت كوم" تحديداً، فيمكنكم الاستماع إلى البرامج الصوتية الاخرى المقدمة من كلية هارفارد للأعمال، بما في ذلك آفتر آورز (After Hours) وسكاي ديك (Sky deck) وماناجينغ ذا فيوتشر أوف وورك (Managing the Future of Work). يمكنكم العثور على هذه البرامج في تطبيق "أبل بودكاستس" أو غيره من البرامج التي تستمعون إليها. أشكركم مرة ثانية على الانضمام إلينا. أنا مقدّم البرنامج، بريان كيني، وكنتم تستمعون إلى برنامج "كولد كول"، وهو برنامج صوتي رسمي صادر عن كلية هارفارد للأعمال، وهو جزء من شبكة إتش بي آر برزنتس (HBR Presents).