كيف أعادت دومينوز بيتزا ابتكار نفسها

3 دقائق
قصة دومينوز بيتزا

أمضيت الأشهر الثمانية عشر الماضية في البحث وتأليف كتاب حول كيف يمكن للشركات والقادة فعل أشياء استثنائية حتى في أكثر المجالات التقليدية. ليس المبرمجون في وادي السيليكون فقط أو لاحمو الجينات في الصناعات التقنية الحيوية وحدهم من يكشفون عن ابتكارات مثيرة تقدم فائدة ضخمة. ومع ذلك، قد أتوقع ابتكارات من شركة تعمل في صناعة التجزئة أو التوزيع الصناعي أو تنظيف المكاتب، لكن آخر ما يخطر على بالي أن تأتي بعض الابتكارات الأكثر فرادة من شركة بيتزا مثل "قصة دومينوز بيتزا".

الابتكار في شركة "دومينوز بيتزا"

قبل عدة أسابيع، قضيتُ يوماً في ديترويت ضمن مؤتمر للرؤساء التنفيذيين نظمته مؤسسة "قادة الأعمال" في ميشيغان، وهي جمعية تضم أكبر الشركات في الولاية. بدأ المؤتمر بكلمة لباتريك دويل، الرئيس التنفيذي لـ "دومينوز بيتزا"، ومقرها في آن أربور. لم يكن لدي أدنى فكرة عما قد يتحدث عنه باستثناء الحديث عن آخر خلطات البيتزا لدى الشركة، لكنني تفاجأت عندما سمعت منه دروساً مثيرة ومذهلة عن تغيير جذري عميق في صناعة تقليدية تتسم بالتغيير البطيء. كان عنوان كلمة دويل "كيف تحول شركة تقليدية إلى آلة ذكية مدعومة بالتقنية تهز أسس صناعتها". وقد كان خطابه فعلاً على قدر ما يعد به العنوان.

حجم التغيير الذي طرأ على "دومينوز" هائل. تولى دويل منصب الرئيس التنفيذي في عام 2012 بعد سنوات صعبة تباطأ فيها نمو الشركة وتوقف سعر سهم الشركة عند 8.76 دولاراً للسهم. اليوم، "دومينوز" ثاني أكبر سلسلة مطاعم بيتزا في عام العالم، تتواجد في 12,500 مكان في 80 بلداً، ويقترب سعر سهمها من 160دولاراً. تحولت الشركة من مادة للسخرية والتهكم إلى الشركة المفضلة لدى استشاريي البورصة في "سي إن بي سي" (CNBC).

كيف حقق دويل ورفاقه كل هذا التغيير في مدة قصيرة من الوقت؟ أولاً، من خلال تذكير أنفسهم بالنشاط الذي تمارسه الشركة. ليست "دومينوز" سلسة مطاعم بيتزا فقط، يؤكد رئيسها التنفيذي، هي أيضاً شركة توصيل بيتزا، ما يعني أنها يجب أن تكون في مجال التقنية أيضاً. "إن وجودنا في مجال التقنية لا يقل عن وجودنا في مجال البيتزا"، هذا ما أخبره الرئيس التنفيذي للحضور مشيراً إلى أن هناك 400 موظف من بين 800 في المقر الرئيسي للشركة يعملون في مجال البرمجيات والتحليل. وقد غيّرت كل هذه التقنية طريقة طلب الزبائن (باستخدام تطبيق دومينوز، أو مباشرة عبر "تويتر"، أو بإرسال وجه تعبيري برسالة نصية قصيرة)، وكيفية متابعة طلباتهم، وكيفية إدارة "دومينوز" لعملياتها.

ثانياً، كان على "دومينوز" تجديد علامتها التجارية كما يشرح دويل. حتى لو كان التوصيل الجزء الأساسي من نشاطها، إلا أن البيتزا مهمة أيضاً- وقد كانت البيتزا سيئة. لهذا أطلقت الشركة بعد فترة قصيرة من تولي دويل منصبه حملة إعلانية أسطورية في جرأتها، شاركت من خلالها تعليقات حول رأي الناس بالمنتج مأخوذة من مجموعات نقاش مركز: "أسوأ بيتزا على الإطلاق"، مذاق الصلصة مثل الكاتشب"، "طعم العجينة مثل الكرتون" وقد ظهر دويل في الإعلانات، وأبدى تقبله للإعلانات المزدرية ووعد "بالعمل ليلاً نهاراً" للأفضل.

عمل دويل وفريقه أيضاً على إضفاء الإثارة على صورة الشركة ومنتجاتها. حالما أصبحت البيتزا أفضل، أعلن دويل خططاً لفتح متجر "دومينوز" في إيطاليا، في خطوة لم يجرأ عليها غيره من قبل. (حتى "ستاربكس" ليس لديها متاجر قهوة في إيطاليا، ولو أن هناك حديثاً عن افتتاحها في 2017). كما أنه عمل مع مصممي سيارات من مجتمع الإنترنت لتصميم شكل لسيارة "دومينوز" للتوصيل، المعروفة باسم "دي إكس بي" (DXP)، وهي نسخة معدلة ملونة وجذابة من سيارة "شيفروليه" سبارك (وصفتها أحد المقالات بـ "سيارة عشاق الجبن").

لقد أوضح دويل أن "النقل هو جزء حيوي من عملنا"، مما يجعل من المنطقي أن "تمتلك دومينوز سيارة بيتزا مصممة لنقل البيتزا"، (كما أن الشركة تجرب استخدام الآلات وطائرات الدرونز للتوصيل). مع أن كل هذه المبادرات لها ما يبررها، إلا أن من الواضح أنها جميعها مصممة كي تُعصرِنَ صورة الشركة وتضفي لمسة من الذوق والمرح يصاحب الفطر والفلفل على البيتزا.

يمكنني الاسترسال أكثر في الحديث عن الابتكارات التي أحدثتها "دومينوز"، لكن الدروس الأساسية التي نتعلمها من دويل هي عن العقلية التي تحتاجها المنظمة لإحداث أشياء كبيرة في مجالات صعبة. وهو يرى، مستعيراً من علماء الاقتصاد السلوكي، أن هناك مشكلتين في حياة المدراء التنفيذيين: "التحيز الإدراكي" و"كراهية الخسارة". التحيز الإدراكي هو القلق حول فعل شيء أكثر من القلق من عدم القيام به، يرى الأغلبية النتائج المترتبة على خطوة فاشلة لكن قلة يرون تكلفة عدم القيام بها. بدورها تصف كراهية الخسارة الرغبة باللعب بهدف الربح فقط. "الألم من الخسارة ضعف السعادة من الفوز"، كما يرى دويل، لهذا فإننا نميل بطبيعتنا إلى الحذر حتى في المواقف التي تتطلب ابتكاراً.

على القادة الراغبين في إحداث تغيير التصالح مع فكرة أن "الفشل خيار مطروح"، بهذا ينهي دويل حديثه. اللعب بحذر أخطر ما يمكن فعله في عالم من المنافسة المتشعبة والاضطراب المستمر. هذه هي وصفة إعادة الابتكار التي تصنع بيتزا لذيذة وتغييراً كبيراً، ولهذا على القادة استلهام العبر من قصة "دومينوز بيتزا".

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي