كيف ننظر إلى الابتكار في شركة “سيسكو”؟

3 دقائق
الابتكار في شركة سيسكو

لا أحد يشك في أن المستقبل هو لإنترنت الأشياء، فمن الطائرات دون طيار (الدرون) إلى الثلاجات، ومن الروبوتات الصناعية الضخمة إلى الأجهزة الطبية الدقيقة المزروعة في الجسم، تتواصل الآلات بالفعل مع آلات أخرى وتتشارك البيانات دون توجيه بشري، منجزة أعقد المهام على الإطلاق. تتوقع شركة "غارتنر" (Gartner) أن يكون أكثر من 6.4 مليارات "شيء" متصل قيد الاستخدام هذا العام، وأن يشمل إنترنت الأشياء 21 مليار شيء بحلول عام 2020، ما يعني ثلاثة أجهزة تقريباً لكل إنسان على الكوكب. في قطاع الصناعة وحده، تتوقع شركة "آي دي سي" (IDC) المتخصصة في مجال المعلومات المتعلقة بالسوق أن يصل نمو سوق إنترنت الأشياء إلى 100 مليار دولار تقريباً بحلول عام 2018، وهو معدل نمو سنوي مركب (CAGR) لخمسة أعوام يبلغ 18%، فماذا عن موضوع الابتكار في شركة "سيسكو" بالتحديد؟

سيتطلب كل هذا التغيير تكنولوجيات جديدة تتيح للآلات مشاركة البيانات ومعالجتها بطرق أسرع وأكثر أماناً. ولمواكبة هذا التغيير، ستظهر الحاجة إلى تطوير معايير وهيكليات وبنى تحتية جديدة بالوتيرة ذاتها. والسؤال الذي يواجه "سيسكو" وشركات أخرى، هو عن كيفية القيام بذلك، أي كيفية تسريع عملية الابتكار، وخاصة أن التغير التكنولوجي يهدد بتدمير نماذج عملنا الحالية.

نهج شركة "سيسكو" في الابتكار

في "سيسكو"، نتعلم الإجابة عن هذه الأسئلة من خلال 3 مبادرات صُممت لتوسيع قاعدتنا المعرفية بجذب وجهات نظر متعددة: احتضان التنوع في شركتنا والتواصل بين القطاعات وبناء شراكات مع شركات منافسة سابقة (وحالية).

التنوع الداخلي

وجدت دراسة أجريت عام 2013 أن الشركات التي لديها قوة عمل متنوعة من الناحية الثقافية والخبرة المهنية "تتفوق على باقي الشركات من ناحية الابتكار والأداء. ومن المرجح بنسبة 45% أن يبلّغ الموظفون في هذه الشركات عن ازدياد الحصة السوقية لشركاتهم مقارنة بالعام الماضي، وبنسبة 70% عن استحواذ الشركة على سوق جديدة". إنه أمر بديهي (يأتي الأفراد الجدد بالأفكار الجديدة)، ولذلك حاولنا في "سيسكو" جذب أشخاص من خلفيات، وإنجازات أكاديمية، وأصول جغرافية مختلفة لاستكشاف الفرص الجديدة.

نرى أن الابتكار ينبع من دينامية جمع الناس ذوي الخلفيات المختلفة، إذ إنه ينشأ طبيعياً من التجاذبات القائمة بين المتطلبات المتعارضة. على سبيل المثال، إذا كان بعض أعضاء الفريق يميلون إلى تجنب المخاطر (لنقل مدراء المخاطر في الشركة)، في حين لا يميل آخرون إلى ذلك (الفريق المتخصص بالابتكار)، فإن تضمين معطيات مدراء المخاطر سيثمر عن أفكار ابتكارية ومجدية أكثر مما لو لم يكن على المجموعة توليف وجهات نظر متعارضة.

خبراء من قطاعات أخرى

يمكن أن يقدم دمج خبراء من قطاعات أخرى، وخاصة تلك المختلفة تماماً، مزايا مشابهة لحل المشاكل. على سبيل المثال، عيّنا مؤخراً خبيراً من قطاع الساعات الراقية لمساعدتنا في تطوير برنامج للعملاء في الأسواق الناشئة. كان لدينا بضائع من الجيل الأخير الذي علمنا أنه سيكون بمثابة ترقية بالنسبة لبعض الأسواق التي ترغب منذ فترة طويلة بمنتجاتنا ولكنها كانت تعتبر الأخيرة منها باهظة الثمن. لقد أصبح تطوير أسواق جديدة للبضائع غير المباعة مجال خبرة في الكثير من شركات المنتجات الفاخرة، ولذلك كان من الطبيعي أن نتطلع إلى ذلك القطاع للاستفادة من خبرته في هذه المسألة.

في تلك الحالة، كان تقديم الحلول المخصصة للعملاء في مناطق جغرافية معينة أمراً جديداً بالنسبة لشركة "سيسكو". وقد تتطلب فعل ذلك، وحتى تصور القيام به، التفكير بما هو خارج حدود مجالنا.

الشراكة مع مؤسسات خارجية

نعتقد أن الشراكة من أفضل طرق توسيع القاعدة المعرفية لأي شركة كبيرة. أقامت "سيسكو" شراكة مع "مايكروسوفت" و"إريكسون" وشركات ريادية أخرى للنهوض بتطوير تكنولوجيا الحوسبة الضبابية وبنيتها، لتثمر عن تأسيس شركة "أوبن فوغ كونسورتيوم" -Open Fog Consortium.

كما تضافرت جهود شركات "آي بي إم" و"إنتل" و"سيسكو" وغيرها لتطوير مشروع "أوبن ليدجر بروجكت" (Open Ledger Project) واستكشاف فرص أعمال في مجال البلوك تشين، وهي سجل ديناميكي للمعاملات المُنفذة وقد تم تطويره في البداية لتسجيل تحويلات البيتكوين والتحقق منها حتى تتيح لأي شخص تبادل أي شيء ذي قيمة (أسهم وسندات ورهونات عقارية وسندات ملكية السيارات) بصورة آمنة وموثوقة وشفافة وأوتوماتيكية. قد تقضي هذه التكنولوجيا على خدمات الوسطاء باهظة الثمن وتغلق الثغرات القانونية التي تسمح للتجار بالتلاعب بالقانون.

بالإضافة إلى توظيف أشخاص بعقليات مختلفة، تفتح الشراكات الباب أمام مصادر استثمار جديدة. لا تحتاج أي شركة إلى ضخ الموارد لابتكار فكرة جديدة (مع إبعاد رأس مال الشركة والموظفين عن المصادر الأساسية المدرة للإيرادات)، إذ يمكن توفير هذا الاستثمار لعمليات طرح النماذج الأولية والتجارب والتطوير، مع مشاركة الاستثمار الأولي في الفكرة أو التكنولوجيا في الواقع، تكون بعض الموارد أقل تكلفة بكثير بالنسبة لبعض الشركاء مقارنة بغيرهم. فيمكن لشركة تصنيع أجهزة الكمبيوتر توفير إمكانات حوسبة بسهولة أكثر من شركات أخرى، كما يمكن لبنك أن يسهم ببيانات معاملات حقيقية (مجهولة الهوية) واستخدامها في بيئة اختبار من أجل أهداف تطويرية. قد يتزعزع كذلك البلوك تشين في الشركات لدرجة أن شركات الوساطة والمؤسسات التي تقدم خدمات مالية قد ترغب في إقامة شراكات لضمان استمرار أهميتها.

وفي نهاية الحديث عن الابتكار في شركة "سيسكو"، مع استمرار زعزعة القطاعات التي تسببها رقمنة الأعمال على عدة جبهات، يصبح المنهج المعزول الداخلي تجاه الابتكار غير مثالي وغير عملي أكثر وأكثر. وفي الوقت ذاته، تعد الفرص التي تقدمها التكنولوجيات الجديدة، مثل إنترنت الأشياء، فرصاً هائلة إذا تعاملنا معها باستراتيجية موسعة تحتضن التنوع وتستفيد من خبرات القطاعات الخارجية وتجاربها وتستعين بشركاء جدد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي