الرؤساء التنفيذيون بحاجة إلى مهارات رقمية عملية اليوم

5 دقائق
الإلمام بالتكنولوجيا الرقمية
شى يانغ/غيتي إميدجيز

ملخص: نظراً لأن التحولات الرقمية تغيّر كل وظيفة وكل عملية، بدءاً من الاستراتيجية إلى التنفيذ، غالباً ما يكون تنفيذها صعباً. وبالتالي، يجب أن يكون الرؤساء التنفيذيون ملمّين بالتكنولوجيا الرقمية وأن يشاركوا في تطويرها شخصياً إذا أرادوا تحقيق النجاح. ومع ذلك، يبدو أن شركات عديدة تفتقر إلى مثل أولئك الرؤساء التنفيذيين وفرق الإدارة العليا وأعضاء مجالس الإدارة التي يحتاجون إليها للتعامل مع التحولات الرقمية. ولا يتعين على الرؤساء التنفيذيين الإلمام بالتكنولوجيا الرقمية فحسب، بل يجب عليهم أيضاً الاضطلاع بدور أساسي بصفتهم وكلاء التغيير. وبشكل عام، يرتبط التحول الرقمي بأكثر من مجرد تبني تقنيات وعمليات جديدة، ويهدف في جوهره إلى التغلب على القصور الذاتي والمقاومة لتغيير طريقة تفكير الأفراد وأساليب عملهم. وتتمثّل مهمة الرؤساء التنفيذيين في القيادة من الخطوط الأمامية، وفي بثّ الثقة عبر رؤاهم، وحث جميع من في الشركة على الإيمان بما قد تبدو أنها وجهة بعيدة.

 

نظراً لتزايد رقمنة الأعمال التجارية واعتمادها على البيانات، انحرفت العديد من الشركات التي اعتُقد فيما مضى أنها تسير على طريق النجاح إلى طريق الفشل. ويتوضح ذلك من خلال النتائج غير المبهرة التي حققتها التحولات الرقمية الأخيرة؛ إذ وفقاً لدراسة حديثة أجرتها "بوسطن كونسلتينغ جروب"، سرّعت أكثر من 80% من الشركات مشاريع التحول في العام 2020، في حين أخفقت 70% منها في تحقيق أهدافها.

التحولات الرقمية تغيّر كل وظيفة وكل عملية

ونظراً لأن التحولات الرقمية تغيّر كل وظيفة وكل عملية، بدءاً من الاستراتيجية إلى التنفيذ، غالباً ما يكون تنفيذها صعباً. وبالتالي، يجب أن يكون الرؤساء التنفيذيون على إلمام بالتكنولوجيا الرقمية وأن يشاركوا في تطويرها شخصياً إذا أرادوا تحقيق النجاح. وذلك يعني فهم الفروق الدقيقة في العالم الرقمي والمساعدة في عملية تصميم المنتجات وتطوير تجارب المستخدمين وتوجهات التكنولوجيا.

وكما كتب توم سيبل، مؤسس شركة "سيبل سيستمز" (Siebel Systems) مؤخراً في مجلة "ماكنزي" الربع سنوية: "ما لاحظته هذه الأيام هو أن الرؤساء التنفيذيين هم من يبدؤون عمليات التحول العالمي ويدفعون عجلة نموها دائماً تقريباً. يُعتبر الرؤساء التنفيذيون الملهمون أهم عوامل التغيير الهائل الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ تكنولوجيا المعلومات، وربما في تاريخ التجارة".

ومع ذلك، يبدو أن شركات عديدة تفتقر إلى مثل أولئك الرؤساء التنفيذيين وفرق الإدارة العليا وأعضاء مجالس الإدارة التي يحتاجون إليها للتعامل مع التحولات الرقمية. ووفقاً لدراسة أجريت على حوالي 2,000 شركة نُشرت في "مجلة سلون مانجمنت ريفيو" (Sloan Management Review) في شهر مارس/آذار من العام 2020، فإن 7% فقط من الشركات كانت بقيادة فرق مؤهلة رقمياً؛ أي فرق يتمتع أكثر من نصف أعضائها بالذكاء الرقمي، وبفهم قوي لأثر التكنولوجيا الناشئة في نجاح شركاتهم. ومن غير المفاجئ تفوق تلك الشركات على مثيلاتها بنسبة 48% من حيث نمو الإيرادات وتقييم السوق.

كان أقل من 25% من الرؤساء التنفيذيين وحوالي 12.5% من الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية في العينة خبراء في المجال الرقمي، ولم تكن تلك النسب مفاجئة بالنسبة لي. حتى من بين أولئك الذين يشغلون مناصب تكنولوجية، نجحت نسبة 47% فقط من الرؤساء التنفيذيين للتكنولوجيا و45% من الرؤساء التنفيذيين للمعلومات في تحقيق عملية التحول الرقمي؛ في حين ركز الباقون على تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات وعمليات المكاتب الخلفية أكثر من استخلاص قيمة من التكنولوجيا الرقمية. ومن الواضح أنه يجب على الشركات في كل مكان إعادة التفكير في عملية تكوين فرق الإدارة العليا.

ولا يختلف الوضع بالنسبة لمجالس إدارة الشركات أيضاً؛ إذ أظهرت دراسة أخرى لـ "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" (إم آي تي) (MIT) أجريت على حوالي 3,000 شركة بإيرادات سنوية تزيد على مليار دولار أن 76% من مجالس الإدارة لم تمتلك خبرة في المجال الرقمي، سواء فيما يتعلق بخلفيات مدراء الإدارة، أو عدد الموظفين الذين يمتلكون خبرة رقمية، أو الطريقة التي تتفاعل من خلالها مجالس الإدارة مع المسؤولين التنفيذيين بشأن القضايا المتعلقة بالتكنولوجيا. ومن المثير للاهتمام أن الشركات التي لديها 3 أو أكثر من مدراء الإدارة المتمرسين في المجال الرقمي في مجالس إداراتها سجلت هوامش ربح أعلى بنسبة 17% ونمو إيرادات أعلى بنسبة 38% من الشركات التي لديها مديرين اثنين من مدراء الإدارة أو أقل.

ولا تنسوا أن مجالس الإدارة تمارس سيطرة أكبر على الشركات القديمة مما تمارسه على الشركات الرقمية. يتكون مجلس إدارة شركة "وادي السيليكون"عادة من مؤسسي شركات التكنولوجيا وأصحاب رؤوس الأموال المغامرة (الجريئة) والمسؤولين التنفيذيين المتمرسين من الشركات الرقمية الذين يمتلكون خبرة في مجال التكنولوجيا إضافة إلى قدرتهم على تحديد احتمالات النجاح. وذلك هو السبب الذي دفع جيف بيزوس مؤسس شركة "أمازون" عام 1997 إلى القول إن شركة "أمازون" ستتخذ قرارات استثمارية جريئة بدلاً من استثمارات متواضعة؛ قد تؤتي بعض تلك الاستثمارات ثمارها بالفعل، في حين قد تفشل أخرى؛ و"سنكون بذلك تعلمنا درساً آخر قيماً في كلتا الحالتين". لسوء الحظ، لا يجرؤ الرؤساء التنفيذيون للشركات القديمة على الإفصاح بمثل ذلك البيان أمام مجالس إداراتهم أو مساهميهم.

التمتع بالخبرة الرقمية

ولا يولد كل رئيس تنفيذي متمتعاً بخبرة رقمية بالطبع؛ بل اكتسب الناجون منهم خبراتهم في التكنولوجيا خلال العمل. وفي الواقع، يُعتبر كل من براين تشيسكي، مؤسس شركة "إير بي إن بي"، وتيم ويسترغرين، المؤسس المشارك لشركة "باندورا"، وشون راد، أحد مؤسسي تطبيق "تيندر"، وإيفان شارب، المؤسس المشارك لمنصة "بنترست"، رواد أعمال غير تكنولوجيين أسسوا شركات رقمية عملاقة. لقد ركزوا على التعلم عن قطاعاتهم من خلال تعزيز استراتيجياتهم التكنولوجية، كما أن بعضهم تعلّموا البرمجة خلال مسيراتهم المهنية.

تنجح شركات التكنولوجيا عندما يقودها ثالوث رقمي، ألا وهم رئيس منتجات عالي المستوى، ورئيس تصميم تجارب المستخدمين، ورئيس تنفيذي للتكنولوجيا. وعلى الرغم من أن القائمين على إدارة تلك المجالات خبراء فيها، يؤدي الرئيس التنفيذي في شركة رقمية دوراً نشطاً في تحديد متطلبات المنتجات وتصميم تجارب المستخدمين واتخاذ الخيارات التكنولوجية. من جهة أخرى، غالباً ما تكون تلك المناصب أدنى التسلسل الهرمي في الشركات القديمة. بمعنى آخر، عندما تكون تلك المناصب في المستويات الدنيا من الإدارة (كما هي غالباً)، تغيب عن الرئيس التنفيذي مسؤولية مراجعة تلك القرارات والمشاركة في صناعتها، فتسود البيروقراطية الإدارية، وتتطلب القرارات المتعلقة بالمنتجات والتكنولوجيا وتجارب المستخدمين مراجعات مطولة من الأقران وتصاريح من مختلف الإدارات. والنتيجة هي الإجماع الذي يُعتبر عدو السرعة والتميّز.

ولا يتعين على الرؤساء التنفيذيين الإلمام بالتكنولوجيا الرقمية فحسب، بل يجب عليهم أيضاً الاضطلاع بدور أساسي بصفتهم وكلاء التغيير. وبشكل عام، يرتبط التحول الرقمي بأكثر من مجرد تبني تقنيات وعمليات جديدة، ويهدف في جوهره إلى التغلب على القصور الذاتي والمقاومة لتغيير طريقة تفكير الأفراد وأساليب عملهم. وتتمثّل مهمة الرؤساء التنفيذيين في القيادة من الخطوط الأمامية، وفي بثّ الثقة عبر رؤاهم، وحث جميع من في الشركة على الإيمان بما قد تبدو أنها وجهة بعيدة.

القادة الرقميون

يمكنني أن أتخيل الرؤساء التنفيذيين للشركات القديمة يجادلون بأنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف التدريب العملي، وأنهم يوظفون أشخاصاً رائعين (غالباً من شركات التكنولوجيا)، وأن دورهم يتمثّل في تسهيل العمل. لكننا دخلنا عصراً جديداً اليوم، إذ يركز أنجح القادة الرقميين على المنتجات وتجارب المستخدمين والتكنولوجيا. وما يميز جيف بيزوس، مؤسس شركة "أمازون"، وستيف جوبز، مؤسس شركة "آبل"، وسيرجي برين ولاري بيج، مؤسسا شركة "جوجل" وإيلون ماسك، مؤسس شركة "تيسلا" هو هوسهم بالتفاصيل. والأمر نفسه ينطبق على الشركات غير التكنولوجية التي يقودها القادة الرقميون أمثال جون دوناهو، الرئيس التنفيذي لشركة "نايكي"، وكيفن جونسون، الرئيس التنفيذي لشركة "ستاربكس". إنهم يدركون جميعاً أن التركيز على إدارة التغيير والمنتجات الرائعة وتجارب المستخدمين لا يعني التخلف عن الركب؛ بل هي بذور ستزهر نجاحات في المستقبل.

وبصفتي الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في شركة تكنولوجية مقرها وادي السيليكون، التقيت الرؤساء التنفيذيين لبعض أكبر الشركات القائمة في العالم لمساعدتهم على تحديث بنية شركاتهم التحتية الرقمية وبياناتهم. وأسألهم في معظم اجتماعاتي عن مدى أهمية التكنولوجيا الرقمية في أعمالهم، ويؤكدون لي أنها أهم أولوياتهم. لكن عندما أسأل الرؤساء التنفيذيين للمعلومات أو الرؤساء التنفيذيين للتحول الرقمي عن مقدار الوقت الذي يقضيه رؤساؤهم التنفيذيون في التركيز على التكنولوجيا والابتكار الرقمي، يهمسون: "أقل مما ينبغي".

باختصار، إذا كان الرؤساء التنفيذيون للشركات الأكثر قيمة في العالم قادرين على قضاء وقت في التركيز على متطلبات المنتجات وتجارب المستخدمين والتكنولوجيا، فيجب على الرؤساء التنفيذيين للشركات القديمة التي تحاول اللحاق بركب العالم الرقمي فعل الشيء نفسه.

ومع تحول كل شركة إلى شركة رقمية وشركة بيانات، يجب على كل مسؤول تنفيذي الإلمام بالتكنولوجيا الرقمية وأن يقود شخصياً التحول الرقمي في شركته، إذ لا شيء يضر بأي شركة في المستقبل أكثر من الفكرة الخاطئة بأن التحول إلى شركة رقمية هو مسؤولية الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا أو الرئيس التنفيذي للمعلومات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي