هل تشعر أنك أفرطت في تفويض مهامك؟ إليك استراتيجيات الحل

3 دقائق

يعرف الجميع أن القائد لا بد أن يفوّض مهامه، كي يتسنى له متابعة سير العمل في مؤسسته، والتأكد من أنها تسير على الطريق الصحيح سواء في مرحلة العمل على المشروعات ذاتها، أو التأكد من تسليم النتائج بالشكل المطلوب، ولكن، إذا اكتشفت كقائد أنك تسيء التواصل بشكل متكرر مع فريق عملك بخصوص المنجزات المستهدفة، وتلم بالمشكلات في اللحظات الأخيرة، وتسيء فهم كيفية قيام فريق عملك بتحديد أولوياته، فربما تكون هذه إشارات واضحة تخبرك بأنك أفرطت في تفويض مهامك، ما أدى إلى شعور موظفيك بالنبذ وفقدان الحافز.

في هذه المرحلة، من المهم أن تعيد النظر في إدارتك لتفويض المهام، وتتولى المسؤولية مجدداً عن مهامٍ بعينها، لضمان إمداد فريق العمل لديك بالتوجيهات اللازمة، وإعادة بناء القوام الذي يحتاجون إليه. وإليك ثلاث خطوات يمكنك اتخاذها في هذا الشأن لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح:

تولّ زمام مشروع رمزي، فمن الواضح أنك لا توّد الانغماس في التقويم المبالغ فيه، والشروع في أداء العديد من المهام الصغيرة أو متدنية المستوى كي تعيد الصلة بينك وبين فريق عملك. وإنما بدلاً من ذلك، يمكنك الاضطلاع بمشروع أو مهمة رمزية، وبهذه الطريقة البسيطة، ستقدم دليلاً واضحاً على عودة التواصل بفعالية بينك وموظفيك لمساعدة الشركة من ناحية، وتعزيز أهدافك بشأن تعلم المزيد من ناحية أخرى. ويمكنني أن أدلل لكم بمثال حي على فعالية تلك الخطوة، فسبق أن دربت مسؤولة دعاية وإعلان رفيعة المستوى كانت قد أدركت أنها أفرطت في تفويض مهامها، وقررت العودة إلى الانغماس في التفاصيل عن طريق تعلم برنامج حاسوبي جديد. حيث أكسبها ذلك مهارةً جديدة يمكنها مشاركتها مع غيرها من القادة في الشركة ومع فريق عملها. بل وساعدها الوقت الذي قضته في تعلم برنامجها على المدى البعيد أيضاً، لأنه عندما آن أوان التفويض، كانت قد استوعبت كافة تفاصيل إنجاز العمل.

الخطوة الثانية تتمثل في إعادة ضبط بوصلة فريقك، أو إعادة صياغة رؤيتهم مرة أخرى. وعلى سبيل المثال، فقد أدرك أحد رؤساء أقسام التكنولوجيا الذين درّبتهم أنه ظل يفرط في تفويض مهامه لأنه لم يعد على دراية بعد بتفاصيل عمل فرقه، وأصابه ذلك بخيبة أمل لأن مشروعات الأقسام التي فوضها، كلوحة المعلومات والتدريب الداخلي -والتي شعر أنها ستميز قسمه في سوق العمل- ضاعت هباء وطواها النسيان في خضم مواعيد التسليم النهائية الوشيكة. ولمواجهة هذه المشكلة، حدد موعداً للاجتماع معهم خارج الشركة لإعادة التأكيد على رؤية القسم، وتوحيد رؤى الموظفين مجدداً فيما يختص بالأهداف والتوقعات.

وأدرك من خلال اللقاء الذي جرى خارج موقع العمل أن فريقه لم يستوعب الأساس المنطقي أو الضرورة الملحة وراء المشروعات الداخلية. ولكن بعد هذا الاجتماع، استطاع أن يتابع العمل بشكل أكثر فعالية، ويتخذ قرارات أذكى بشأن الجوانب التي بوسعه تفويضها دون مغالاة، وأمسى فريقه على أتم الاستعداد للتركيز على المشروعات الداخلية أيضاً.

وأخيراً أعِد التواصل مع طريقة تعاطيك مع الرؤية، فلا بد أن تدرك أن أكبر مكامن خطر الإفراط في التفويض بالنسبة للقادة هو ترك رؤية الشركة أو ثقافتها في يد الآخرين. وبالطبع لا يدرك أغلب القادة أن هذا ما فعلوه حقاً، بل يعتقدون أنهم نقلوا الرؤية وأوصلوها عدداً لا حصر له من المرات. ومع ذلك، يجدون أن فرق عملهم تصيبها الحيرة، ويلاحظون وجود عثرات فيما يتعلق بتسليم العمل على نحو منتظم ومستمر. فإذا لاحظت أن نتائج المشروعات تعطلت، أو أن هناك  خلافاً جسيماً حول المهام والعملية، أو أن هناك سلوكاً غير متوقع ومتضارب بين أعضاء الفريق، فربما هذه دلالة على أنك أفرطت في تفويض الرؤية لدرجة أن أعضاء الفريق ساورهم شعوراً بأنهم بصدد تفسيرها أو صياغتها بأنفسهم. وهنا ستلاحظ مؤشراً واضحاً يتمثل تحديداً في تلقي أسئلة متكررة من مختلف أعضاء الفريق يطالبون فيها بإيضاح الرؤية.

على سبيل المثال، سرد لي رئيس لقسم التسويق في إحدى الشركات كيف أنه عكف على العمل على مبادرة شراكة مهمة لشركته. فقد اعتقد بأن هذه الشراكة تتسق مع الرؤية الكلية للشركة التي وضعها الرئيس التنفيذي. ومن سوء الطالع أن الأخير أفرط في تفويض رؤيته لغيره من أعضاء اللجنة التنفيذية، ولم ينقل لهم التحول الطارئ في استراتيجية الإيرادات على النحو اللائق. وعندما آن أوان عرض الشراكة على مجلس الإدارة، رفض الرئيس التنفيذي المقترح، لأنه لم يتسق مع رؤيته الجديدة، وتوقفت الشراكة، مما أدى إلى إهدار وقت رئيس قسم التسويق، ونشوب نزاعات، وشعور بخيبة أمل بلا أي داع.

لمقاومة هذا الشكل من الإفراط في التفويض بصفتك قائداً، عليك أن تحرص على اغتنام كل فرص التواصل العام للتشديد على رسالتك وتأكيدها. فمثلاً يمكنك تذكير الموظفين بالرؤية الشاملة في بداية مشروع ما، أو خلال اللقاءات المفتوحة أو في اجتماعات القيادة العليا، أو حتى بشكل دوري عبر رسائل البريد الإلكتروني. وبدون اتباع هذا النهج، من الممكن أن يكون هناك أثر تعاقبي، وسيتجلى هذا الأثر واضحاً في مشكلات تتعلق بالروح المعنوية، وفقدان القدرات الإبداعية، وانعدام العمل الجماعي، والأهم من ذلك كله هو فقدان القائد لمصداقيته.

على الرغم من أن هناك فترات يتعين على القائد فيها أن يتراجع ويفوض مهامه ليسمح لفِرَق العمل التابعة له بالنمو والتطور، لكن من الممكن أن يأتي الإفراط في التفويض بنتائج عكسية. وباستخدام الخطوات الواردة أعلاه، يمكنك التأكد من أن قسمك وفريق عملك وشركتك يتحركون جميعاً في الاتجاه الصحيح.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي