قبل بضعة أشهر، تواصلت معي رئيسة تنفيذية صمّاء، سأسميها لينا، من أجل تدريبها على زيادة كفاءة الاجتماعات. بينما أخذنا بالتحدث عن مهاراتها القيادية وعن المشهد السياسي المؤسساتي، أدركت سريعاً أنها مصغ رائع. باعتبارها صماء، كانت لديها طريقة معينة في الإصغاء. في اجتماعاتي مع لينا، كنا نتحدث بوتيرة بطيئة. لم تكن لينا تقاطعني، وكنت أتوقف كلما رأيتها تدون ملاحظات لأمنحها الفرصة لقراءة شفاهي. كان سوء الفهم بيننا أقل حدوثاً لأن لينا كانت سريعة في طلب توضيح عندما لا تفهم كلمة ما.
وعلى الرغم من الوتيرة البطيئة، كانت حواراتنا تتناول نواحي أوسع مما كانت تغطيه جلساتي التدريبية العادية لأننا أنا وهي نستذكر حواراتنا بوضوح أكثر، ونتجنب الخلاصات الطويلة. كنا ندخل في صلب أي مشكلة أسرع. إذ لم يسمح لنا التقدم بروية من أجل استماع أفضل بأن ننهي اجتماعاتنا أسرع فقط، بل جعل اجتماعنا التالي أكثر فعالية.
كيفية زيادة كفاءة الاجتماعات
بينما عملنا سوياً العام الماضي، أدركت أنّ قوى لينا في الاستماع والتواصل ضمن الاجتماعات الفردية مهارات يحتاجها معظم القادة، ومع أنّ الكثير من القادة يعتقدون أنهم يمتلكونها، إلا أنّ أياً منهم لم يتدرب من ذلك. كما تفعل لينا، حيث تصغي بروية وعناية، لذلك، خذ في الاعتبار هذه العملية المكونة من 4 خطوات والتي بإمكان أي شخص (أصم أو غير أصم) استخدامها:
1- افهم ما يُقال
امنح محاورك كامل انتباهك، واستوعب جيداً ما يقوله لك. "لفعل هذا، أنا بحاجة لأن أكون حاضرة كلياً"، تقول لينا، "لا يمكنني القيام بمهام متعددة أثناء النقاش". هذا لا يعني أنه ليس لديها القدرة على القيام بمهام متعددة في آن. كل ما في الأمر أنها تختار ألا تفعل ذلك خلال النقاش كي تحافظ على تركيزها على شفاه المتحدث أو على لغة الإشارة لدى المفسر. كم سيزيد فهمك لما يقال في الاجتماع إذا أنت وضعت كل تركيزك على المحادثة؟ سيسّهل عليك فعل ذلك ترك أجهزتك الإلكترونية بعيداً عن الطاولة وتدوين ملاحظات على الهامش في الاجتماعات. يسمح لك هذا النوع من كتابة الملاحظات الانتباه إلى المتحدث وركن أفكارك جانباً بشكل مؤقت كي لا تشوش على إصغائك.
2- أوّل ما يُقال
حالما تسمع أحدهم يتحدث، ضع كلامه في سياق. وبناء على الغرض من الحوار، حدد ما يعنيه، وأكثر ما يهتم به المتحدث، وما الذي سبق قوله؟ مثلاً، إذا كان مديرك المباشر يطلب المزيد من الموارد، يمكنك تفسير ذلك إما بأنه يعني أنّ المشروع يجري على أفضل صورة والعملاء يطالبون بالمزيد من الميزات، أو أنّ المشروع يسير بشكل سيء والأفراد في الفريق لا يخططون جيداً. الأمر كله يعتمد على السياق. استخدم ما تعرفه لتفسير ما يحاولون قوله لك، ووجه أسئلة إن احتجت للمزيد من التفاصيل.
3- تأكد مما يقال
لا تفترض أنك تفهم، وتأكد مما قيل. ربما يتضمن هذا ببساطة توضيح ما تعتقد أنك سمعته. مثلاً "دعني أتأكد من أنني فهمت الأفكار الأساسية في قولك، سمعت أنّ هناك نمواً في حماس العملاء منذ حملتنا التسويقية الأخيرة، وأنك تود توفير ثلاث ميزات أساسية جديدة مع إصدارنا الجديد وهو ما يجعلك بحاجة لموظفين أكثر. هل فهمتك جيداً؟". يساعدك هذا على الوصول لفهم كامل لما قيل، ويوضح لك أي النقاط التي قد تكون أسأت تأويلها.
4- خذ بالاعتبار كيفية ارتباط وجهة نظرك بما يقال
هذه هي الخطوة الأولى التي يتجاهلها الكثير من الأفراد. في كثير من الأحيان، يكون الشيء الذي يعيق استماعنا هو تأهبنا للتدخل من أجل طرح وجهة نظرنا الخاصة. بدل ذلك، اسمح لبعض الآراء الأخرى بأن تشكل وجهة نظرك. تقول لينا: "علي التفكير في كيفية تقاطع أفكاري مع ما سمعته للتو". يصبح بعدها رأيها مستنيراً بما قاله الآخرون، وهذا يسمح لها بالبناء على أفكارهم. لذا، بدل التعجل بالتفوه بحجة مضادة، فكر في كيفية ارتباط أفكارك بما قيل وبأي بحث آخر يكون قد سُلط عليه الضوء في الاجتماع. اعمل على جعل ردك مبنياً على ما قيل، بحيث يصبح النقاش شاملاً أكثر.
ربما تبدو هذه الخطوات الأربع في عملية الإصغاء غير طبيعية عندما تمارسها لأول مرة عند محاولة زيادة كفاءة الاجتماعات. ويستغرب الناس صدور ذلك عنك إن كنت من الأشخاص الذين يحبون الدفع بأجندتهم الخاصة. وربما تميل لإدخال أفكارك الخاصة بدل الاستماع بصدق والتفسير والتحقق والأخذ بالاعتبار نقاط التقاطع. على أية حالة، يقلل التدرب على الإصغاء تدريجياً من الكلام المتبادل الذي لا طائل منه ومن الصراع ويزيد من الوضوح، وهو ما يمنحك أفضلية للانطلاق بقوة في اجتماعك القادم.