سؤال من قارئ: أشغل منصب مديرة الموارد البشرية لمؤسسة عالمية ناجحة جداً تنشط في مجال الضيافة وخدمات الترفيه. وأعمل لدى هذه المؤسسة منذ عام واحد، لكن هناك مشكلة أن ثقافة الشركة مُرهقة. المدير العام الذي أعمل لديه غير مكترث إطلاقاً بشأن كيفية الإدارة. إذ لا يشعر بالندم في دفع العاملين إلى الحد الأقصى لتحقيق الأهداف المالية وأهدافه وأهداف المؤسسة. وبالفعل يُنهَك الموظفون بشكل كبير، ما أدى إلى تدهور صحتهم، ووصولهم إلى أعلى مستويات التوتر. إذ يُطلب منا باستمرار بذل المزيد من الجهد دون مقابل مناسب، كما نطالب بفعل الكثير باستخدام موارد متضائلة. ولسوء الحظ، لا يوجد شخص آخر لإبلاغه بهذا الوضع. فحتى المدير الإقليمي للموارد البشرية الذي أقع في دائرة مسؤوليته متواطئ مع المدير العام في سياساته، ولا يدعم الآخرين أيضاً. إذ يبدو أن هذه هي الثقافة السائدة في المستويات العليا من السلطة، ولهذا فسؤالي هو:
كيف يمكنني التعامل مع المدراء الذين لا يعلمون أساليب الإدارة الصحيحة ولا يكترثون بشأن إرهاق موظفيهم؟
يجيب عن هذا السؤال:
دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليشيا تيلمان: الرئيسة التنفيذية لقسم التسويق في شركة البرمجيات الشهيرة "إس أيه بي".
أليشيا تيلمان: إنها فرصة رائعة لعدد قليل من الموظفين للالتقاء بشأن هذا الأمر. لذلك سيتعيّن على كاتبة السؤال استجداء بعض الآراء من الموظفين الآخرين في مختلف أماكن العمل في المؤسسة. وإذا كان هذا الأمر محصوراً على وظيفة معينة، فتختار بعض الأفراد منها، لكن تطلب أيضاً بعض الآراء من الوظائف الأخرى لمعرفة ما إذا كان هذا السلوك له تأثير عليهم أيضاً. لذلك، سترتب لقاءً مع بعض الأفراد، وتجري معهم محادثة حول هذا الأمر.
أليسون بيرد: أشجعها على اتخاذ خطوة أولى قبل أن تفعل ذلك. لقد نشرنا فعلياً الكثير من المقالات عن كيفية التعامل مع مدير صعب المراس، مثل: "كيف تتعامل مع رئيسك الذي يجعلك متوتراً"، و"ماذا تفعل عندما يكون لديك مدير سيء"، و"نصائح للعمل تحت قيادة مدير من نوع A". و"كيف تخبر مديرك أن لديك الكثير من العمل". وجميع هذه المقالات توصي بوجود أمر مهم للغاية يجب أن تبدأ به، وهو التعاطف. لذلك، يتعين عليك فهم الدافع وراء قيادته الصعبة هذه. فهل يعود ذلك لأنه شخص مستبد، وله وجهة نظره الخاصة حول ما يجب أن يفعله الفريق؟ أم بسبب الضغوط الكبيرة التي يتحملها بدوره؟ إذ إننا نشرنا بحثاً يوضح أنه عندما يكون المدراء أنفسهم منهَكين، فهم يعاملون العاملين بطريقة أقل إنصافاً. لذلك، أعتقد أنه إذا كان بإمكانها البدء من هذا المنطلق قبل أن تلتقي الآخرين وتكتشف كيف سيتعاملون معه، فإنها ستكون قد قطعت شوطاً طويلاً.
اقرأ أيضاً: 6 علامات تدل على أن هنالك مشكلة في ثقافة شركتك
أليشيا تيلمان: التحدي الوحيد هناك هو ما قالته كاتبة السؤال بشأن أن هذا السلوك أمر مشترك بين العديد من المدراء المختلفين. وهذا لا يعني أنه يجب تفهم الضغوط التي يتعرضون لها، إذ يجب أن يتم تفهمها بالطبع، وربما يكون هذا الأمر موضع ترحيب من قِبل مديرها المباشر، فقد يحتاج إلى معرفة هذا النوع من الآراء، وهو أنّ الموظفين يشعرون حقاً بالتوتر بسبب الضغط الممارس عليهم، حتى يتمكن هو بدوره من تدعيم موقفه مع مديره. للأسف، سأقول، رغم ذلك، إننا لن نكون قادرين على حل جميع المشكلات. إذ قد تكون هذه تحديات نظامية وتاريخية تختار القيادة عمداً عدم الأخذ بوجهة نظرك فيها. لكن قبل أن تصل إلى هذا الاستنتاج، عليك أولاً إعطاء الأمر فرصة. ونأمل أن يكون هناك تفاهم حول هذا الأمر. وإذا لم يكن كذلك، في هذه الحالة، أنتِ بحاجة إلى اتخاذ خيار شخصي حول ما إذا كانت هذه هي الشركة التي ترغبين في قضاء حياتك المهنية فيها.
دان ماغين: أتساءل عما إذا كانت القيادة العليا لهذه الشركة ستنظر في الأساس إلى هذا الوضع على أنه مشكلة. عندما قرأت الوصف الذي كُتب في السؤال، وجدت أنّ كاتبتها تصف نوعاً من الثقافة التي تطالب بالأداء العالي مع الكثير من المساءلة الشخصية والكثير من الأهداف الموسّعة، وليس الكثير من التعاطف حول كيفية تعارض هذا مع حياة الموظفين الشخصية أو احتياجاتهم. لذلك، أعتقد أن ما يحدث هو قرار الإدارة المتعمد بتبني هذا النوع من الثقافة. وعلى الأرجح، هو مظهر من مظاهر الاقتصاد الصناعي الذي نعاصره حالياً، وكذلك هو مظهر يدل على ما قد تطالب به الأسواق المالية من هذه الشركة في الوقت الحالي، وأظن أنك إذا دخلت في حوار صريح مع هذه القيادة حول هذا الأمر سيقولون: "حسناً، من المحتمل أن الكثير من الأفراد لن يجدوا هذه الثقافة مناسبة معهم، وإذا وجدت نفسك ضمن هذه المجموعة، فيمكنك المغادرة".
أليسون بيرد: لكن ماذا لو جلبت له كل الدراسات التي توضح كيف يؤدي الإرهاق الزائد إلى نتائج سلبية، وإنه أمر يؤدي إلى نتائج عكسية على الإنتاج، وأن أداء الأفراد يصبح ضعيفاً عندما يكونوا منهَكين؟
دان ماغين: أنا فقط لست متأكداً من أنه نقاش ستفوزين به، ولكن قد يستحق الأمر المحاولة. الشيء الآخر الذي أدهشني في هذه الرسالة هو أن المرسلة تشغل منصب مدير موارد بشرية في شركة عالمية. وأتساءل عما إذا كان هذا المنصب يخوّل لها الكثير من السلطة أو التأثير. فستكون الرسالة مثيرة للاهتمام لو كانت جاءت من مدير عام آخر. قد يكون بمقدور المدير الفردي أن يقول: "حسناً، سأسمح لعمالي بالعمل بوتيرة أقل ولفترة أطول"، أو "سأضع الحدود التي توضح متى نرد على رسائل البريد الإلكتروني ومتى لا نفعل ذلك". لكن كمدير للموارد البشرية، أعتقد أنه سيكون من الصعب عليها أن تمتلك النفوذ الذي تريده.
أليسون بيرد: خاصة من دون دعم مديرها الإقليمي.
أليشيا تيلمان: أعني إنني عملت دائماً مع الشركات التي يكون فيها مدراء الموارد البشرية هم المضيفون للثقافة، ويتمتعون أيضاً بسلطة كبيرة عندما يرون شيئاً متعارضاً، سواء لا يتواءم مع قيمنا بالطريقة التي نعمل بها، أو أموراً تحدث في على حساب حقوق موظفينا. فلقد عملت دائماً مع الشركات التي يتمتع فيها مدير الموارد البشرية بصلاحية كبيرة للإبلاغ عن ذلك، ومساءلة الأشخاص المسؤولين عن حدوثه. وحينها كانت القيادة العليا تدعم هذه الخطوات دون أدنى شك. وهذا هو السبب الذي جعل هذه المسألة مثيرة للاهتمام، بمعنى إنني أعتقد أن على كاتبة السؤال بذل بعض الجهد للتحدث مع الموظفين الآخرين، وطرح مخاوفهم. ولكن إذا قابلت القيادة الأمر بالتصرفات ذاتها، يمكن لهذه الموظفة إما أن تهدر حياتها محاولة تغيير ذلك، أو يمكنها اتخاذ قرار أسرع بالبحث عن شركة تستمع حقاً إلى ما يدفع لتحقيق النجاح الشامل لشركتهم وهو موظفوهم.
أليسون بيرد: نعتقد أنها يمكن أن تبدأ بالتماس آراء الآخرين لمعرفة ما إذا كانوا يرون هذه المشكلة أيضاً. وأن تسلك ما أسماه بوب ساتون، أحد ضيوفنا الخبراء الآخرين، بحشد القوات. كما نعتقد أنها يجب أن تحاول اتباع سياسة التعاطف مع القادة وفهم الضغط الممارس عليهم. وبعد ذلك، ستكتشف ما إذا كانوا يريدون في الواقع ثقافة عالية الأداء وأنهم يحاولون بالفعل التخلص من الأشخاص استناداً إلى ذلك. كما ستكتشف إذا كان هناك شخص ما في مستواها في مجال الموارد البشرية، حتى مع حشد القوات، لديه القدرة على تغيير الوضع. ورغم ذلك، نعتقد إنها، على المدى الطويل، ستكون على الأرجح أفضل حالاً في العثور على شركة تكون فيها الثقافة أكثر انسجاماً مع قيمها وبهذا ستتمكن من تجاوز ثقافة الشركة المرهقة.
اقرأ أيضاً: