تجنب الإدارة التفصيلية حتى تزيد ولاء موظفيك

3 دقيقة
الإدارة التفصيلية
shutterstock.com/Yaaaaayy

ملخص: من المؤكد أن كل مدير يود أن ينجز موظفوه مهامهم على الوجه الأكمل ويرفع مستوى إنتاجيتهم إلى أقصى حد ممكن، المشكلة أن هذه الرغبة تسفر في معظم الأحيان عن اتباع أسلوب "الإدارة التفصيلية"، وعلى الرغم من أن هذا الأسلوب قد يحسّن النتائج، فإنه يؤدي أيضاً إلى شعور الموظف بالانفصال عن بيئة العمل. ولتفادي هذه النتائج الكارثية تنصح الكاتبة بالاستفادة من مواطن القوة لدى موظفيك بانتظام. وإذا أعيتك الحيلة بسبب شُّح الموارد أو غيرها من العوامل، فلا مفر من فصل الموظف الذي لا يرقى إلى مستوى توقعاتك. كما تنصح بالوضوح بشأن توقعات الأداء المطلوب من الموظفين الجدد، وتجنُّب الوقوع في متلازمة الإعداد للفشل، أو خلق ثقافة مؤسسية ترتكز على إثبات أنك على حق دائماً وأن موظفيك مخطئون دائماً؛ وبذلك يمكنك تسخير الوقت الذي كنت تهدره في الإدارة التفصيلية لأداء أعمال بنّاءة أكثر.

كل مدير يريد أن يكون موظفوه أكثر إنتاجية، وأن يتعاونوا بحيوية أكبر ويعملوا بكفاءة أكبر، لكن ثمة مدراء متميزين كثيرين سلكوا طرقاً محفوفة بالمخاطر في سعيهم إلى تعزيز الإنتاجية، نحن هنا نتحدث عن الإدارة التفصيلية. من الطبيعي أن يعتقد المدراء حتى المتمرسون منهم، أن مراقبة مرؤوسيهم المباشرين من كثب يحسّن مستوى عملهم؛ فمن المؤكد أن مثل هذا التدقيق قد يكشف عن فرص للتحسين، مثل الكشف عن عمليات يمكن تبسيطها أو طرق مختصرة يتبعها الموظف وتدمّر الجودة أو لا يتبعها وكان حرياً به اتباعها.

لكن إذا سلكنا هذا المسار كثيراً، فإن الآثار الضارة الناجمة عن الانفصال عن بيئة العمل ستدمّر أي مكاسب يمكن تحقيقها من تحسين العمليات.

ما هو الانفصال عن بيئة العمل؟ يشير هذا المفهوم في المقام الأول إلى انقطاع العلاقة الوجدانية بين الموظف وعمله؛ فالموظف المنفصل عن بيئة عمله يخصص وقته للمهام الموكلة إليه، لكن بلا مبالاة، ولا تؤثر لا مبالاته تلك على إنتاجيته فحسب، بل على إنتاجية زملائه أيضاً. ويمثّل الإصرار على نمط الإدارة التفصيلية أحد أهم العوامل المسببة للانفصال عن بيئة العمل؛ لأنه يوحي للموظف بأنك لا تثق في عمله أو في حصافته.

وانفصال الموظفين عن العمل مكلف.

فوفقاً لكتاب "12: عناصر الإدارة العظيمة" (12: The Elements of Great Managing) الصادر عن مؤسسة غالوب، فإن التغيُّب الناجم عن الانفصال عن بيئة العمل يكلف الشركة التي تضم 10,000 موظف 600,000 دولار سنوياً في صورة رواتب عن أيام لا يؤدي فيها الموظف عمله، و"تبلغ تكلفة الدوران الوظيفي الناتج من الانفصال عن بيئة العمل ملايين الدولارات سنوياً في معظم الشركات الكبيرة". وعلى النقيض من ذلك، فالموظفون المندمجون في العمل أكثر إقبالاً على الحضور إلى العمل والبقاء في الشركة فترة أطول من الزمن وتحقيق إنتاجية أكبر في وظائفهم. أثبتت أبحاث مؤسسة غالوب التي أشار إليها الكتاب أن الفِرق التي يرتفع بها مستوى الاندماج في العمل تحقق في المتوسط ​​إنتاجية أعلى بنسبة 18% وربحية أكبر بنسبة 12% من الفرق الأقل اندماجاً في العمل.

ما يدعو للتفاؤل أن موقعك الإداري يمنحك تأثيراً هائلاً على مستويات اندماج مرؤوسيك المباشرين في العمل؛ فما الذي يمكنك فعله، إذاً، لزيادة مستويات اندماجهم وبالتالي إنتاجيتهم؟ يمكنك مبدئياً السير على نهج دليل غالوب الإرشادي والاستفادة من مواطن القوة لدى موظفيك بانتظام.

لنفترض أن لديك مرؤوساً مباشراً قلّما يقدم تقارير المبيعات في الوقت المحدد أو لا يُعدُّها بالطريقة الصحيحة. اسأل نفسك: "ما هي المهام التي يتفوق فيها هذا الموظف؟" ربما كان بارعاً في حل شكاوى العملاء. أو ربما كان مصدراً دائماً للأفكار الإبداعية حول الحملات الترويجية. أياً كانت مواطن قوته، فكر في طرق للاستفادة منها بحيث تتمكن من إضافة قيمة أكبر لمؤسستك. حاول في الوقت نفسه أن تقلل الأعمال التي لا يحقق فيها نجاحاً كبيراً أو حاول إعادة توزيع بعضها.

يستحيل أحياناً تحقيق هذا المطلب بسبب ضآلة الميزانيات وضعف القدرات وغيرها من القيود، وعندئذٍ سيكون فصل هذا الموظف أفضل إجراء يمكنك اتخاذه. لكن التوصل إلى طريقة للاستفادة من مواطن قوة موظفيك يستحق الجهد المبذول نظراً لارتفاع تكلفة الدوران الوظيفي وظاهرة شُّح المواهب التي تلوح في الأفق.

إجراءات أخرى يمكنك تنفيذها:

  • وضّح توقعات الأداء للموظفين الجدد. وحينما يشعرون بالارتياح في أدوارهم، قلّل إشرافك المباشر على أعمالهم.
  • إذا وجدت نفسك تشعر بالسلبية الدائمة تجاه أداء موظف معين، فاحرص على ألا تقع في متلازمة الإعداد للفشل التي شخَّصها عالما الإدارة بالمعهد الأوروبي لإدارة الأعمال (إنسياد) جان فرانسوا مانزوني وجان لوي بارسو. تعبّر هذه المتلازمة عن الوقوع في دوامة تدنّي مستوى الأداء؛ إذ يتوقع المدير تدنّي مستوى أداء الموظف، ومن ثم يشرع في ترصُّد الأخطاء وتجاهل النجاحات أو الاستخفاف بها. ولتجنُّب هذا النمط، حاول التشكيك بانتظام في صحة تصوراتك عن الموظف من خلال طرح الأسئلة الآتية على نفسك: ما هو واقع عمله؟ هل هو بالسوء الذي أتصوره؟ بالطبع، من الممكن أن يكون أداؤه في غاية السوء لدرجة أنك ستضطر إلى الاستغناء عنه، لكن تغيير نظرتك له قد يكشف أحياناً أنه يؤدي عملاً جيداً حقاً.
  • يجدر بك ألا تخلق ثقافة مؤسسية ترتكز على إثبات أنك على حق دائماً وأن موظفيك مخطئون دائماً أو عادةً، لذلك ادعُ الموظفين لانتقاد آرائك. وبمرور الوقت، ومع شعورهم براحة أكبر في هذا الدور، سيجدون في أنفسهم الشجاعة لمناقشتك في أي مخاوف تتعلق بالأداء.

عندما يدرك موظفوك أنك تقدّر مواطن قوتهم وحصافتهم، فسيستفيد الجميع. وبازدياد مستويات اندماجهم في العمل، ستتحسن مستويات أدائهم أيضاً على الأرجح. ويمكن تسخير الوقت الذي كنت تهدره في إدارتهم إدارة تفصيلية لأداء أعمال بنّاءة أكثر.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي