كيف تشجّع الموظفين على الإبلاغ عن المخالفات التي يرونها؟

9 دقيقة

ملخص: تواصل الشركات الاعتماد على أدوات الامتثال مثل مدونات السلوك وعمليات التدقيق لحمل الموظفين على الإبلاغ عن المخالفات التي يرونها، لكنها لا تكفي وحدها. وقد استندت الكاتبة إلى عقود من أبحاث العلوم السلوكية وخبراتها في مراقبة القادة لنحو 30 عاماً، حتى استطاعت تطوير نموذج يطرح 7 استراتيجيات مترابطة لحث الموظفين على الإبلاغ عن المخالفات في مكان العمل.

بعد مرور أكثر من 50 عاماً على صياغة مصطلح "تأثير المتفرّجين" أو "لامبالاة المتفرجين"، لا يزال الكثيرون يرون مخالفات في مكان العمل، ومع ذلك يلتزمون الصمت المطبق. ولا يزال معظم المؤسسات يعتمد على الأدوات التقليدية القائمة على الامتثال، مثل مدونات السلوك والتدريبات وعمليات التدقيق في محاولة منها لتحفيز الموظفين على الإبلاغ عن المخالفات، غير أن هذا النهج باء بالفشل الذريع لأن التقديرات تشير إلى أن 1.4% فقط من الموظفين يبادرون إلى الإبلاغ عن المخالفات. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الاستراتيجيات الحالية غير فاعلة وغالباً ما تأتي بنتائج عكسية.

ولا بد من طرح هذا الموضوع للنقاش الجاد لأن الصمت المؤسسي يرسّخ جرائم أصحاب الياقات البيضاء التي ترتفع معدلاتها باطراد على الرغم من الاستثمارات التي تضخها الشركات بملايين الدولارات للقضاء على سوء السلوك. ولكم أدت الفضائح إلى تراجع تقييمات السوق وتدمير سمعة شركات عريقة، مثل "بوينغ" و"بي بي" و"بارينغز" (Barings)، وغيرها الكثير من الشركات الأخرى.

ويعتبر الخوف من العواقب هو السبب الرئيسي للصمت. فقد أثبتت إحدى الدراسات أن 82% من المبلّغين عن المخالفات تعرضوا للمضايقات وأن 60% منهم فقدوا وظائفهم وأن 17% منهم فقدوا منازلهم وأن 10% منهم حاولوا الانتحار. وتشمل قائمة أسباب الصمت الأخرى حاجتنا اللاواعية للانتماء وتفضيل الوضع الراهن أو الانحياز للوضع الراهن والتعامي المتعمّد عن الأخطاء.

فكيف يمكن للمؤسسات، إذاً، تحفيز الموظفين على الإبلاغ عن المخالفات والتجاوب معها بصورة فاعلة؟ أجريتُ تجربة عشوائية محكومة اختبرتُ فيها أنواعاً مختلفة من الرسائل مع 923 موظفاً للتعرف على هذه المعضلة عن كثب. وخلُصت النتائج التي توصلت إليها إلى حل مركّب يقتضي إعادة صياغة الاستراتيجيات الحالية.. حل متجذّر في علم السلوك.

أخطاء ترتكبها الشركات في كثير من الأحيان

قبل الخوض في الحل، نحتاج إلى فهم 3 افتراضات أو أخطاء يشيع ارتكابها في الشركات فيما يخص مكافحة سوء السلوك.

الأدوات الخاطئة. تفرط المؤسسات في الاعتماد على عدد ضئيل من أدوات الامتثال والرقابة للحيلولة دون ارتكاب المخالفات وتشجيع الإفصاح عنها. فإلى أي مدى كانت مدونات السلوك أو التدريبات أو عمليات التدقيق فاعلة عندما مارست "فولكس فاغن" الغش والتدليس بخصوص معدلات الانبعاثات الكربونية من سياراتها التي تعمل بالوقود؟ وإلى أي مدى حققت تدريبات واختبارات السلامة النتائج المرجوة منها عندما طرحت شركة "فورد" سيارة "بينتو" بعيب في تصميم خزان الوقود ونجاحها في توفير 137 مليون دولار ولكنها أودت بحياة عشرات الأرواح؟ الجواب: ليس كثيراً. لم يجرؤ إلا القليلون على الإبلاغ عن هذه المخالفات. لماذا؟ لأن أنظمة العقوبات تشل أفكارنا وتقف حائلاً بيننا وبين فعل الصواب. فعندما تتعرض مكافآتنا للخطر، مثل الترقيات أو الامتيازات الإضافية أو الزيادات في الأجور، فسوف تسيطر علينا الرغبة في حماية أنفسنا أولاً، ونستخدم عدسة العمل، وليس العدسة الأخلاقية، لنقرر ما يجب القيام به.

المحفزات الخاطئة للتواصل. عندما تصمم الشركات سياسات الامتثال ومدونات السلوك، فإنها تأمل أن تغذي إحساسنا بالواجب والمسؤولية الأخلاقية للإبلاغ عن أي سلوك سيئ، لكنها وبكل أسف لا تلهم الكثير من الموظفين أو تشجعهم على الإبلاغ. وقد خلُص تحليل طولي مستقل، على سبيل المثال، إلى أن مدونات السلوك "لا تكفي وحدها لتوجيه سلوك الموظف... وأنها تثير التوتر عند تنفيذها في مختلف الثقافات... وتتوخى المصلحة الذاتية... وتعتمد على فاعلية التواصل".

تعرض المشاركون في بحثي إلى موقف افتراضي لجأ فيه أحد كبار المسؤولين التنفيذيين إلى تخويف موظف صغير وإرغامه على تسريع طرح دواء جديد في الأسواق، على الرغم من عدم اكتمال الاختبارات الطبية اللازمة. لم يؤد هذا الموقف إلى تحفيز الشعور بمسؤولية الإبلاغ، بل حفّز الغضب من المدير الذي ارتكب المخالفة بمقدار 4 أضعاف. ولكن بينما أشار 91% من المشاركين إلى أنهم يعتزمون الإبلاغ عن الحادث، فإن 9% فقط منهم بادروا باتخاذ خطوة عملية في هذا السياق، وكانت الشجاعة -وليس إحساسهم بالمسؤولية- هي الوازع الرئيسي الذي دعا معظمهم إلى الإبلاغ عن مخالفات رؤسائهم. ويبرر المتفرجون تقاعسهم بما يطلق عليه علماء النفس توزيع المسؤولية، أي افتراض أن الآخرين سيتدخلون. وكلما كبرت المجموعة، اتسع شيوع هذا الافتراض، وتفاقمت المشكلة.

الافتراضات الخاطئة حول أنواع الموظفين. من الخطأ افتراض أن الشخصيات المُنفتحة أو المتفائلة أو القيادية، مثلاً، أكثر إقبالاً من غيرها على الإبلاغ عن المخالفات، فهذا الافتراض لا أساس له من الصحة، حيث أثبتت العلوم السلوكية أن الرجل ليس أكثر إقبالاً من المرأة على الإبلاغ عن المخالفات، وأن أصحاب الشخصيات المُنفتحة ليسوا أكثر جرأة من الانطوائيين، بصرف النظر عن القطاعات أو المهن التي يعملون بها. فالمسألة لا علاقة لها بالنوع أو النزعة السلوكية أو السن أو الشخصية، والإبلاغ عن المخالفات متاح للجميع.

حل متكامل

يجب اتخاذ خطوات أخرى لأن مدونات السلوك والتدريبات وعمليات التدقيق لا تكفي وحدها لحمل الموظفين على الإبلاغ عن السلوك غير اللائق عندما يرونه أمامهم. ويجب أن تتعامل أقسام المخاطر والامتثال مع أقسام التواصل، ويجب تعزيز الأدوات القائمة على الامتثال بالمحفزات القائمة على المشاعر.

وقد استندت إلى عقود من أبحاث العلوم السلوكية وخبراتي في مراقبة القادة لنحو 30 عاماً، حتى استطعت تطوير نموذج متكامل يطرح 7 استراتيجيات مترابطة لحث الموظفين على الإبلاغ عن المخالفات. يتميز هذا الحل بالربط بين استراتيجيات الامتثال التقليدية التي تخاطب العقل واستراتيجيات التواصل التي تخاطب العاطفة، كما يشدد على الإجراءات المرتبطة بالثقافة والتفكير النقدي والشجاعة والضمير.

ويمكن للمدراء تطبيق النموذج بالتسلسل أو اختيار الأدوات والمحفزات بالطرق الانتقائية، حيث يعتمد المزيج المثالي على ثقافة الشركة وحجمها وأنظمتها.

1. إعادة تصميم أدوات الإبلاغ في التسلسل الإداري

تفصل المؤسسات الذكية بين حافز الإبلاغ عن المخالفات من ناحية وإدارة القضايا المثارة من ناحية أخرى، فلكلٍّ منها أهدافه وآلياته الفكرية المختلفة.

ويجب على المؤسسات مراجعة آليات الإبلاغ الحالية وتحديثها للتأكد من مواكبتها للمستجدات. انظر على سبيل المثال إلى الاستثمار في تدريب الموظفين على اكتشاف الإشارات الدالة على سوء السلوك التي يرونها من موقعهم كمراقبين والاستجابة لها بالشكل المناسب. إذ لا يعرف الموظفون دائماً الأسلوب المناسب للاستجابة: هل المخالفة تافهة أم احتيالية، اعتباطية أم متعمدة؟ لقد نجح مثل هذه البرامج التدريبية في الجامعات في تعليم المشاركين كيفية تحديد المواقف التي يمكن أن تؤدي إلى الاعتداءات الجنسية، وهو ما يؤدي بدوره إلى الحد من ارتكابها.

ويجب على المدراء مراجعة سياسات عدم التسامح التي تُثني الموظفين دون قصد عن الاعتراف بارتكابهم خطأً ما أو فشلهم في شيء ما (كتحصيل مبالغ زائدة من العميل أو إجراء تجربة أدت إلى نتائج مخيبة للآمال). ويُنصح أيضاً بأن تيسّر عملية الإبلاغ. فيجب أن تكون الخطوط الساخنة آمنة عبر الإنترنت ومُعدة للاستعمال الخارجي، مع مراعاة عدم الكشف عن هوية المُبلغ وسهولة الوصول إلى أدوات الإبلاغ. يجب أن تتيح قنوات الإفصاح هذه إمكانية الإبلاغ الجماعي، فقد خلُص بحثي إلى أن معظم الناس يفضلون الإبلاغ عن سوء السلوك جماعات، ويتحاشون الإبلاغ عنه بصورة فردية.

وعندما تثار القضايا معك مباشرة، فلا تلُم المُبلغ (يرفض الناس الأخبار السلبية بحكم الغريزة، حتى إن أحد المتخصصين في الإبلاغ عن المخالفات يقول عن هذا المسلك: "تُلح على الفرد في هذا الحين رغبة عارمة في طرد المُبلغ عن المخالفة بدافع الاستجابة ذاتية المناعة"). واسأل نفسك عن مدى سرعتك وحساسيتك وفاعليتك في حل أي مشكلة تثار أمامك.

ويعد الاستثمار في أدوات الإبلاغ بالطبع أمراً غير مفيد بالمرة دون ثقافة تشجع النزاهة.

2. ترسيخ ثقافة السلامة

هل السلوك المؤذي مسموح به أم مرفوض في فريقك؟ هل تُوصف الأصوات المشككة بأنها تنم عن سلوك غير لائق أم سلوك بطولي؟ يعتبر تسامح الإدارة العليا واللهجة المستخدمة ذات أهمية كبيرة، كما أن الدعم المؤسسي والثقافة المتصورين من أهم الدوافع المشجعة على الإفصاح. فاحرص كل الحرص على عدم التعجل بإصدار أي أحكام مسبقة عند التحاور مع الموظفين حتى تُكسبهم الثقة في الكشف عن أي مخالفات قد تقع.

فالمدراء العظماء هم مَن يشعرون بما تشعر به الفرق ويبنون العلاقات بدلاً من الاعتماد على عمليات التدقيق أو الشائعات أو الاستقصاءات للكشف عن المخاوف وإظهارها على السطح. ويعقدون جلسات بانتظام مع الموظفين يشجعونهم خلالها على التعبير عن مخاوفهم. ويعترف المدراء العظام أيضاً بأخطائهم ليثبتوا أنهم بشر يصيبون ويخطئون ويعطون مرؤوسيهم رسالة طمأنة في حال ارتكابهم أي خطأ.

وعند الإقدام على اتخاذ قرارات مصيرية، بادر بالبحث عن الآراء الجدلية والاعتراضية أو كلف موظفاً بتمثيل دور محامي الخِصم. وكلما أسرعت في ترسيخ ثقافة الانتقاد، كان التفكير النقدي أسرع وصار الإقدام على التحدي أمراً طبيعياً.

3. استخدم الأسلوب الإيجابي في صياغة رسائلك

تؤثر طريقة صياغة الرسائل بشكل كبير على ترغيب الموظفين في الإبلاغ عن المخالفات. ويكمن مفتاح السر في صياغة رسائل تخاطب المصلحة الشخصية وتبرز دور التعاطف والشمول بالتوازي مع التشديد على التبعات الاقتصادية. ويختلف أسلوب صياغة الرسائل باختلاف طريقة الاستجابة من فرد لآخر.

فيمكنك أن تتحدث عن الصمت باعتباره "مشكلة الجميع" للتعبير عن الإبلاغ عن المخالفات كهدف مشترك وخيار جماعي، حتى تعزز روح الشمولية التي تفيد بأنكم "جميعاً في قارب واحد".

يمكنك أيضاً الحديث عن قرار الإبلاغ عن سوء السلوك باعتباره شكلاً من أشكال "إظهار التعاطف" أو "دعم الآخرين"، حيث يشجع هذا الأسلوب على الإبلاغ عن سوء السلوك في المواقف التي يحتاج فيها ضحايا التنمر أو المضايقات أو التمييز إلى دعم من الزملاء. وقد أثبتت الأبحاث أن التعاطف يشجّع على الإفصاح عن المشاكل وأن الإنسان يسعد بمساعدة الآخرين أكثر من سعادته بمساعدة نفسه.

حتى الموظفون الحريصون على مصلحتهم الشخصية سيكون لديهم الحافز للإبلاغ عن أي مخالفة إذا علموا أن العمل في الشركات المتورطة في الفضائح سيصيبهم بوصمة العار، ويؤثر على رواتبهم في المستقبل: وقد توصلت دراسة أجراها بول هيلي وجورج سيرافيم من "كلية هارفارد للأعمال" إلى أن المدراء الذين تركوا الشركات التي تورطت في فضائح جنائية قد حصلوا على رواتب أقل من أقرانهم في عملهم الجديد بنسبة 4% تقريباً.

4. المكافأة بحوافز غير نقدية

هل تغمغم متذمراً أم تُعرب عن تقديرك وامتنانك إذا أبلغك الموظفون بمخاوفهم أو أعربوا لك عن شكهم في ممارسات معينة أو لفتوا انتباهك إلى مخاطر محددة؟ توقعت شيرون واتكينز أن تلقَى الحفاوة والامتنان حينما أبلغت عن المخالفات ولفتت الانتباه إلى "علامات التحذير من التفسخ الثقافي" في شركة "إنرون". ولكن كان جزاؤها أن تم عزلها ونبذها، بل وجُرّدت من بعض مسؤولياتها. ولا يخفى أن اتخاذ مثل هذه الإجراءات أمر غاية في الصعوبة، بل مؤلم ويتطلب شجاعة هائلة، لذا، فهو يستحق التقدير وليس التوبيخ.

وعندما يُظهر المدراء حفاوتهم وامتنانهم، فإن هذا السلوك من جانبهم سيحفز ما يُعرف بتأثير العربة، ويشجع الآخرين على الإبلاغ عن المخالفات. وعلى الرغم من أن الجهات التشريعية والرقابية تقدم حوافز مالية للكشف عن سوء السلوك الجسيم، فإنني لا أنصح المؤسسات بأن تحذو حذوها، حيث تتصف إدارة مثل هذه البرامج بالتعقيد الشديد، وقد تؤدي إلى تقويض الثقافة التي تحض على فعل الصواب بدلاً من ترسيخها.

5. إبراز أدوار المبلّغين

بمقدور قادة الرأي والمؤثرين تشجيع الموظفين على الإبلاغ عن أي مخالفات قد يرونها وتسريع حالة الزخم. كانت راشيل دينهولاندر أول من جاهر باتهام لاري نصار، طبيب المنتخب الأميركي للجمباز، بارتكاب اعتداءات أخلاقية، وبعد بلاغها، تقدمت 265 ضحية أخرى ببلاغات ضده. وبعد أن دعت الممثلة أليسا ميلانو متابعيها على "تويتر" للرد إذا كانوا قد تعرضوا هم أيضاً لاعتداء أخلاقي، استجاب الآلاف في غضون ساعات.

ولا يمكن الادعاء بأن هناك نوعية محددة من الشخصيات (من حيث النوع أو السن أو المكانة أو الشخصية) تجيد أداء هذا الدور دون غيره. انظر مثلاً إلى غريتا ثونبرغ، تلك الفتاة المراهقة والمصابة بمتلازمة أسبرجر والتي تعتبر الآن إحدى رواد مكافحة التغير المناخي، أو انظر إلى الناشطة الباكستانية ملالا يوسفزي المدافعة عن تعليم الإناث وغيرها من حقوق الإنسان والحائزة على جائزة نوبل للسلام. ومن هذا المنطلق يجب على الشركات أن تغرس في نفوس موظفيها شجاعة الإبلاغ عن أي مخالفات يرونها في مختلف جوانب مؤسساتهم. كيف؟ من خلال وضعها على رأس الأولويات ودعوة المتطوعين ليكونوا جزءاً من حملة الشركة لتشجيع الموظفين على الإبلاغ عن المخالفات.

6. التحفيز بالقصص الدالة على الشجاعة

عندما تحتفي القيادات أو وسائل الإعلام بقصص أشخاص عاديين واتتهم الشجاعة لفعل الصواب، فإن هذا سيحد من خوف الموظف من نعته بصفات ذات دلالة سلبية. وعلى ذلك، يجب على الشركات تسليط الضوء على كل من موظفيها الذين تحلوا بالشجاعة لفضح سوء السلوك وغيرهم من النماذج الخارجية التي تمثل قدوة يُحتذَى بها في هذا السياق، مثل جيفري ويغان، المسؤول التنفيذي الأميركي الذي فجّر فضيحة قطاع التبغ وخلط النيكوتين بمواد كيميائية تسبب الإدمان، أو هاري ماركوبولوس، محلل الأوراق المالية الذي حذر مراراً وتكراراً هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية من مخطط بونزي لبيرني مادوف.

يعتبر التركيز على القصص الدالة على شجاعة أبطالها أسلوباً إقناعياً بمقدوره "توجيه" السلوك المستقبلي. اشتهر هذا الأسلوب على يد أستاذ علم النفس الاجتماعي روبرت تشالديني، ويحقق أثره لا شعورياً، شأنه في ذلك شأن الإعلانات. فكلما سمعنا أغنية أو علامة تجارية أو رسالة بصورة مكثفة، على سبيل المثال، أصبح وقعها مألوفاً على أذن السامعين، وصار تذكرها أسهل وبالتالي أحببناها أكثر وأكثر، وهي ظاهرة تسمى "تأثير التعرض المحض" أو "أثر التعرض المجرد".

وقد نجحت حملة السكك الحديدية الوطنية في المملكة المتحدة في حث المواطنين على الإبلاغ عن أي نشاط مشبوه، ما أدى إلى رفع معدلات الإبلاغ بين الجمهور بنسبة 90% في العام الأول من تدشين الحملة.

7. مساندة الحركات الداعية إلى إحياء الضمائر

تعمل اليوم حركات مثل "حملة #أنا_أيضاً" (#MeToo) و"حملة حياة السود مهمة" (#BlackLivesMatter) على إيقاظ ضميرنا الاجتماعي وتغيير سلوكياتنا من خلال تحفيزنا على الإبلاغ عن أي مخالفات قد نشهدها. وتستوعب العلامات التجارية كل القواعد السلوكية الجديدة، مشيرة إلى التزامها بالإنصاف والمساواة والعدالة. والعالم يراقب ما يجري، حيث يؤدي الالتزام بشيء أمام الجمهور إلى تضخيم الإحساس بالمسؤولية. وتوقعات المستهلكين لا حدود لها، حيث يتوقع 90% من المستهلكين أن تقدم الشركات موظفيها على الأرباح، ويتوقع 64% منهم أن تعطي الشركات الأولوية لاستراتيجيات الشمول، وفقاً لما خلُص إليه بحث أجرته شركة "إيدلمان" (Edelman) للعلاقات العامة.

ويجب أن تستمر المؤسسات في حماية المبلّغين عن المخالفات في مكان العمل والضحايا، ومعاقبة المخالفين، بغض النظر عن أقدميتهم. ويمكن للمؤسسات اعتماد هذه الاستراتيجية المتكاملة إسهاماً منها في الحد من ظاهرة صمت المتفرجين باستخدام المحفزات الصحيحة والأدوات المناسبة والاستماع إلى كافة الأصوات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي