ما الذي يفترضه الموظفون عند عدم تلقيهم آراء تقويمية؟

4 دقائق
نقص في الآراء التقويمية
shutterstock.com/fotogestoeber

تُعتبر الآراء التقويمية بمثابة وجبة يومية في عملي كمدربة تنفيذية، إذ أقدم في أحيان كثيرة آراءً تقويمية مباشرة للقادة الذين أعمل معهم، وأشاركهم بتقويم أداء شامل من زملائهم، ثم أساعدهم في فهم الآراء التقويمية التي يتلقونها، وإمعان النظر فيها. فماذا عن نقص الآراء التقويمية؟

أحد الآراء التقويمية التي يتلقاها المسؤولون التنفيذيون الذين أدربهم من مرؤوسيهم المباشرين مراراً وتكراراً "هي لا تقدِّم آراء تقويمية مفيدة بما فيه الكفاية".

وعندما أسأل هؤلاء المرؤوسين حول أثر ذلك عليهم، أجد أنهم يضعون تفسيراتهم الخاصة في ظل عدم فهم سبب تلقيهم آراء تقويمية قليلة جداً.

قصص حول نقص الآراء التقويمية

وإليك ثلاثة من بين القصص الأكثر شيوعاً التي يقولها الموظفون أنفسهم حول ما يُفكر به مدرائهم عندما لا يتلقون آراء تقويمية مفيدة بما فيه الكفاية، وسبب اعتبار هذه المشاكل مشكلة بالنسبة لهم (ولك)، وما يمكنك فعله كمدير لإعادة كتابة هذه القصص:

القصة الأولى: "طالما أنني لا أتسبب بمشاكل لمديري، فأنا بخير"

لماذا تعتبر هذه مشكلة؟ بينما يشعر بعض الأشخاص برضا تام إزاء البعد عن المشاكل، إلا أنّ معظم المحترفين يودّون معرفة الأثر الذي يتركونه، سواءً كان أثراً جيداً أم غير ذلك. وإذا كان معيار الأداء المُرضي "ليس موظفاً يتسبب بالمشاكل"، فإنّ معيارك منخفض جداً. ونتيجة لذلك، فمن الأرجح أنه سيكون لديك الكثير من الأشياء التي تركز عليها، ما يعني مجموعة كاملة من "غير مثيري المشاكل" مقارنة بمحترفين فعالين وملتزمين وذوي أداء عالٍ.

اقرأ أيضاً: ما الذي يسيء المدراء فهمه حول التقييم؟

وعلاوة على ذلك، يرجح أن يؤدي نشر هذه العقلية (علناً أو سراً) إلى منع الموظف عن توجيه اهتمامك إلى مسائل مهمة خوفاً من أنه قد "يخلق مشكلة"، ثم حرمانه من المدخلات الوحيدة التي يتلقاها منك.

ماذا تفعل عوضاً عن ذلك؟ يتعين أن تكون "عدم إثارة المشاكل" الحد الأدنى من توقعاتك، وليس الهدف الأعلى الذي تضعه للموظفين. وبعد أن تغير توقعك، غيِّر عقليتك ولغتك. أعلِم الموظفين بما تقدره وتثمّنه عالياً عندما يرقى أداؤهم إلى مستوى التوقعات أو يفوقها، وشارك وجهة نظرك حول ما كان يمكنهم فعله بشكل مختلف في حال لم يحققوا النتائج المطلوبة. وأعلِمهم أيضاً بما يُعتبر "مشكلة" غير مقبولة (مثل إبداء تعليقات غير لائقة، والتأخر في القدوم إلى العمل، ومستوى الإنجاز السيئ للمهمات) في مقابل "مشكلة" مقبولة (مثل صعوبة الحصول على مورد ما، أو عدم معرفة كيفية إنجاز شيء ما، أو الحاجة لملاءمة شخصية).

القصة الثانية: "لا يعتقد مديري أنني أستطيع تقبل الآراء التقويمية"

لماذا تعتبر هذه مشكلة؟ يُمثل تقديم آراء تقويمية تساعد الموظفين على تحقيق نتائج عمل أفضل جزءاً من وظيفة المدير، كما أنّ من وظيفته إيجاد مناخ من الأمان النفسي، وهو الاعتقاد أنك لن تتعرض للعقاب إذا ارتكبت خطأ ما، للمرؤوس المباشر ليتقبل الآراء التقويمية.

اقرأ أيضاً: ما الذي يجب عليك فعله إذا اعتقدت أن تقييم أدائك خاطئ؟

إذا كنتَ لا تقدم آراء تقويمية لأنك تخاف بالفعل من عدم تقبلها، عندها تكون مقصراً على ثلاث جبهات: أولاً، أنت لا تساعد مرؤوسك المباشر في امتلاك تأثير أكبر (ما يعني أيضاً، بصورة عامة، أنك لا تدعم ذلك الموظف كي يساعد الفريق والعملاء والمؤسسة بشكل أفضل). ثانياً، أنت لا تمثل قدوة تتحلى بسلوك مسؤول إذا أهملت تقديم الآراء التقويمية لأنك تخاف مما ستؤول إليه الأمور. ثالثاً، قد تساهم في غياب الأمان النفسي من خلال الفشل في خلق فرصة لمرؤوسك المباشر ليجرب الدعم بدلاً من العقوبة.

ماذا تفعل عوضاً عن ذلك؟ افصل القصة عن الحقائق حول كيفية تلقي مرؤوسك المباشر للآراء التقويمية. إذا كنت لا تقدم آراء تقويمية منتظمة لأنك تفترض أو تخاف من أنّ زملاءك لن يتقبلوها، فاسأل نفسك "ما الدليل الملموس والجدير بالملاحظة الذي أبني عليه فرضيتي؟". إذا كانت قائمة الأدلة تشمل سلوكيات مثل "يُغادر الاجتماعات على عجل عندما يسمع شيئاً لا يتفق معه" أو "غالباً ما تسأل فيما هل ستُطرد إن قامت بأمر ما، عندما أوجه اهتمامها إلى مشاكل عميل معين"، عندها يكون لديك ما يبرر قلقك. في مقالتي "عندما لا يتلقى الموظف آراء تقويمية" (When Your Employee Doesn’t Take Feedback)، أقترح أن يبدأ المدراء بتقديم آراء تقويمية حول كيفية تلقي الموظف للآراء التقويمية (أو في هذه الحالة، كيف سيكون وقع الآراء التقويمية عليه بناء على مواقف مشابهة).

وإذا اتضح أنك لا تمتلك دليلاً مقنعاً يدعم اعتقادك أنه لن يتقبل آراءك التقويمية، عندها يجب عليك أن "تفعلها فحسب". أعطِ لموظفيك الآراء التقويمية التي يتوقون إليها.

القصة الثالثة: "لا يعتقد مديري أنّ بإمكاني أن أتغير"

لماذا تعتبر هذه مشكلة؟ إذا كنت تعتقد حقاً أنّ الموظف لا يستطيع أن يتغير، فلن تقدم له الموارد أو الفرص ليفعل ذلك. ومن شأن هذا أن يجعلك في مكان أفضل، ولكن على حساب النجاح الحالي لموظفك، ومساره المهني في المستقبل. يكتب كريس ميلر، وهو مدير برنامج إنمائي تنفيذي تابع لجامعة كارولينا الشمالية (UNC Executive Development)، في ورقته البيضاء المعنونة "التوقعات تصنع النتائج: عقلية النمو في الشركات" (Expectations Create Outcomes: Growth Mindsets in Organizations) "غالباً ما يفشل المدراء الذين يمتلكون عقلية ثابتة في الاعتراف بالتغيرات الإيجابية في أداء الموظفين. كما يقل احتمال تدريبهم للموظفين على كيفية تحسين أدائهم أو قيامهم بتقديم آراء تقويمية بناءة... ويؤدي هذا إلى خسارة المواهب في الشركات".

اقرأ أيضاً: كيف توجه ملاحظات تقييمية لأشخاص يبكون وينفعلون أو يجادلون؟

ماذا تفعل عوضاً عن ذلك: اعتمد عقلية النمو، لموظفيك ولنفسك. كما يكتب ميلر "يرحب الموظفون الذين يمتلكون عقليات نمو بالتحديات، ويعملون بجد وفعالية أكبر، وهم مثابرون في وجه الصعوبات، ما يجعلهم متعلمين أكثر نجاحاً، ومساهمين أفضل في مؤسساتهم مقارنة بالموظفين ذوي العقليات الثابتة (برايكينو، 2015)". إذا اعتمدت عقلية نمو تجاه الموظفين، فستقدم آراء تقويمية أكثر، لأنك تعتقد أنهم سيرحّبون بالتحدي وسيكونون على قدر هذا التحدي. وإذا اعتمدت عقلية نمو تجاه نفسك، فستكون أكثر ارتياحاً في تقديم ملاحظات تقويمية، لأنك تثق في أنك سترحّب بالتحدي.

وكما يكتب الدكتور برينيه براون في كتاب "النهوض بقوة: كيف تغير قدرتنا على العودة إلى الوضع الأصلي الطريقة التي نعيش بها ونحب بها ونربي أولادنا بها ونقود بها" (Rising Strong: How the Ability to Reset Transforms the Way We Live, Love, Parent, and Lead) "في ظل غياب البيانات، نقوم دائماً باختلاق القصص". من خلال تقديم آراء تقويمية مفيدة، ستزوّد الموظفين بالبيانات التي يحتاجونها للقيام بالأمور المفيدة، والقليل من غير المفيدة، وستزوّدهم أيضاً بفرص أقل لاختلاق قصصهم الخاصة بعيداً عن أيّ نقص في الآراء التقويمية.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن إعطاء رأي تقييمي قاس يساعد في النمو المهني؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي