كيف تكتشف إن كانت بيئة العمل سامة قبل الانضمام للشركة؟

6 دقيقة
بيئة عمل سامة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: قد تكون متحمساً للمضي قُدماً نحو فرصتك المهنية التالية، خاصة إذا كنت تحاول الهروب من بيئة عمل سامة. لكن يجب عليك عدم تجاهل علامات السميّة الواضحة في أثناء إجراء مقابلة العمل مع الشركة التي يُحتمل أن تعمل بها. قد يكون اكتشاف السمية في مؤسسة لا تعمل بها حالياً صعباً، ولكن إذا كنت تحاول ترك مكان عمل سام دون أن تتحرى بدقة عن الشركة التي يُحتمل أن تعمل بها، فقد ينتهي بك الأمر إلى العمل في بيئة عمل بائسة أخرى. تعرض المؤلفة 3 علامات تحذيرية يجب الانتباه إليها لتجنب الانضمام إلى مكان عمل سام.

في بداية مسيرتي المهنية، شعرت بالحماسة عندما تلقيت اتصالاً من إحدى أكبر شركات مستحضرات التجميل لإجراء مقابلة لشغل منصب في مجال التسويق. كنت قد تقدمت بطلب عبر الإنترنت وأتذكر أن وكيل التوظيف أصر بشدة على أن أحضر إلى مكتبه لإجراء المقابلة قبل أقل من 48 ساعة من الموعد المحدد. فاتصلت بالشركة التي كنت أعمل فيها آنذاك وادعيت أني مريضة، وذهبت إلى مكتب الشركة المحتملة، حيث أجريت 11 مقابلة شخصية مع 11 شخصاً مختلفاً.

كانت المقابلات مرتبة واحدة تلو أخرى، لم يمنحوني استراحة غداء، ولم يقدموا لي القهوة أو حتى كوباً من الماء في أثناء مقابلة الموظفين. عندما طلبت استخدام دورة المياه، بدا لي أحد الموظفين الذين أجروا معي المقابلة منزعجاً من اضطراري إلى استخدام بطاقة الدخول الخاصة به ومرافقتي إلى الجانب الآخر من القاعة. بالإضافة إلى ذلك، تأخر الشخص الذي سيكون مديري 15 دقيقة عن المقابلة (وحدث ذلك في 4 مقابلات أخرى أيضاً دون أن يقدم أحد منهم أي اعتذار)، وقد بدا أحياناً غير مهتم وهو يتصفح هاتفه وقاطعني عدة مرات عندما كنت أحاول الإجابة عن أسئلته.

عندما عُرضت عليَّ الوظيفة في اليوم التالي، قال وكيل التوظيف إن عليَّ أن أخبره بقراري بحلول الساعة الخامسة مساءً وإلا سينتهي العرض. وخوفاً من أن أفقد الوظيفة، استسلمت للضغط وعاودت الاتصال به لأقبل العرض دون تفاوض أو طرح أي أسئلة. لسوء الحظ، تجاهلت الإشارات التحذيرية جميعها قبل عملية المقابلة وفي أثنائها، لأكتشف لاحقاً مزيداً منها مع بدء العمل هناك. اكتشفت أنه أحد أكثر أماكن العمل سميةً التي واجهتها في حياتي المهنية.

ما الذي يجعل مكان العمل ساماً؟

في استقصاء حديث أجرته شركة فليكس جوبز شمل 2,600 موظف أميركي، قال 42% من المشاركين إنهم يفكرون بجدية في ترك وظائفهم، وقال 20% منهم إنهم استقالوا مؤخراً، ووفقاً لنتائج الاستقصاء، كانت الثقافة السامة في مكان العمل ثالث سبب قدمه الموظفون لتبرير رغبتهم في الاستقالة. كما كشف استقصاء قوة العمل في الولايات المتحدة لعام 2023 الذي أجرته جمعية علم النفس الأميركية عن أن 22% من الموظفين أفادوا بأن بيئة عملهم “أضرت بصحتهم العقلية”. وأخيراً، تُظهر الأبحاث أن التوتر المستمر الناجم عن سوء المعاملة في مكان العمل يمكن أن يؤدي حتى إلى مشاكل صحية جسدية مثل أمراض القلب والسرطان.

إذا كنت تعمل في مكان عمل سام، فمن السهل إلى حد ما التعرف على السمات المميزة للسمية، مثل الصراخ والتنمر وانتشار النميمة وأعباء العمل التي لا يمكن إدارتها. لقد حدد الباحثون في دراسة حديثة حللت أكثر من 1.3 مليون تقييم على موقع غلاس دور 5 سمات للثقافة المؤسسية السامة: عدم الاحترام؛ تفتقر إلى الشمول؛ السلوك غير الأخلاقي؛ المنافسة الشرسة؛ سوء المعاملة.

كيف تقيّم إذا ما كان مكان العمل المحتمل ساماً؟

قد يكون اكتشاف السمية في مؤسسة لا تعمل بها حالياً صعباً، ولكن إذا كنت تحاول ترك مكان عمل سام دون أن تتحرى بدقة عن الشركة التي يُحتمل أن تعمل بها، فقد ينتهي بك الأمر إلى العمل في بيئة عمل بائسة أخرى. فيما يلي 3 علامات تحذيرية يجب الانتباه إليها لتجنب الانضمام إلى مكان عمل سام.

سوء تنظيم المقابلة الشخصية

تقول مؤسِّسة شركة ذا ريَليست ريكروتر (The Realest Recruiter) لخدمات التوظيف، جويل لالجي: “إن تجربة المرشح السيئة في أثناء عملية التوظيف توفر نظرة ثاقبة على ثقافة الشركة”، وتضيف: “يمكن أن تشمل العلامات التحذيرية التي تدل على السمية داخل الشركة جوانب مثل ضعف تواصل وكيل التوظيف أو التواطؤ أو الاضطرار إلى إجراء جولات عديدة من المقابلات”. وتتضمن العلامات الأخرى التي قد تشير إلى سمية المؤسسة بدء عملية إجراء المقابلات مع المرشح وإيقافها مؤقتاً ومن ثم إعادة إجراء المقابلات بعد أشهر؛ وعدم المرونة في مواعيد المقابلات وتوقيتها؛ والتغييرات الكبيرة في الوصف الوظيفي المطلوب في أثناء عملية التوظيف؛ والضغط على المرشحين لقبول العروض في يوم المقابلة.

وفقاً لخبرة لاجلي التي تمتد لسنوات طويلة في مجال التوظيف، تمنح الشركات ذات السمعة الطيبة المرشحين أسبوعاً للرد على عرض التوظيف.

وبحسب تجربتي، قد تلاحظ علامات تحذيرية على السمية أيضاً في أثناء المقابلات الفعلية، مثل مقاطعة الإجابات أو تجاهلها والهيمنة على المحادثة والوصول متأخراً جداً دون تقديم أي اعتذار والانشغال بأجهزة الهاتف والظهور مشتت الانتباه. تذكّر أن المقابلات الشخصية توفر فرصة لكل من المرشح وفريق التوظيف لتقييم كل منهما الآخر. وعلى حد تعبير مايا أنجيلو: “إذا أظهر لك شخص ما سلوكاً معيناً، يجب أن تثق بأن هذا السلوك انعكاس حقيقي لشخصيته”، فإذا لم يظهر القائمون على المقابلة سلوكاً رزيناً والتقدير والاحترام، فقد يكون ذلك مؤشراً على ما قد تواجهه إذا قررت الانضمام إلى الشركة.

اسأل الموظفين الحاليين عن تجربتهم

استمع جيداً إلى الإجابات التي يقدمها الموظفون الحاليون عندما تستفسر منهم حول الوظيفة والفريق المحدد الذي ستكون جزءاً منه والمؤسسة عموماً.

قد يشارك بعضهم تجاربهم بصراحة، سلبية كانت أو إيجابية. على سبيل المثال، كنت أجري مقابلة عمل في إحدى المرات عبر تطبيق زووم، وأخبرتني إحدى من أجروا معي المقابلة في النهاية بأنها كانت تبحث خفية عن وظيفة أخرى ونصحتني بعدم الانضمام إلى الشركة، وقد أوضحت بصراحة أن سبب مغادرتها هو الخلل الوظيفي في الفريق.

لكن قد لا يكون معظم الموظفين القائمين على رأس عملهم في المؤسسة منفتحين بشأن تجاربهم في بيئة العمل السامة، مع ذلك، بمقدورك أن تستخلص رؤى قيّمة من خلال تحليل ما يقولونه وما هو مضمّن في كلامهم بعناية.

انتبه إلى أنواع العبارات التالية، ولا تتردد في طرح أسئلة متابعة للحصول على مزيد من التوضيح والتفاصيل:

  • “بالتأكيد، الفريق صغير. لكن هناك فرصة كبيرة للقيادة وتحمل المسؤولية وإحداث تأثير كبير” . قد تشير هذه العبارة إلى أن الفريق يعاني نقصاً في الموظفين والموارد وقد يكون مثقلاً بالعمل، خاصة إذا كان الفريق يشغل أدواراً تركها آخرون. تابع واسأل: “كيف تغيرت ميزانيتكم ومواردكم خلال السنوات الثلاث الماضية؟” هل زدتم عدد الموظَفين أم قللتم منه؟
  • “الهيكلية مسطحة في مؤسستنا ولا نولي أهمية كبيرة للألقاب”. قد تشير هذه العبارة إلى أن الموظفين قد يحملون ألقاباً لا تعكس مسؤولياتهم بدقة و/أو يتقاضون راتباً أقل من متوسط السوق بالنسبة للأدوار المماثلة. تابع واسأل: “كيف تتعامل مؤسستك مع مكافأة الموظفين في مؤسسة ذات هيكلية مسطحة؟”.
  • “خضعت المؤسسة للكثير من التغييرات في العام الماضي لتحسين وضعها”. قد تشير هذه العبارة إلى أن إدارة الشركة ربما لا تزال تفتقر إلى رؤية واضحة لاتجاه الشركة، ما قد يؤدي إلى عدم الاستقرار وارتفاع معدل دوران الموظفين. تابع واسأل: “هل يمكنك أن توضح بمزيد من التفصيل التغييرات التي شهدتها المؤسسة العام الماضي وكيف أسهمت في تحسين وضعها؟”.
  • “نؤمن بأن على الموظفين تولي مسؤولية تطورهم الوظيفي”. قد تشير هذه العبارة إلى أن المؤسسة لا توفر دعماً كافياً للتقدم الوظيفي أو الموارد اللازمة للتعلم والتطوير. تابع واسأل: “هل يمكنك تقديم بعض الأمثلة عن كيفية نجاح الموظفين في توليهم مسؤولية تطوير مسيرتهم المهنية في مؤسستك؟”.

يبدو أن عدداً كبيراً من الموظفين يغادرون الشركة بدلاً من انضمام موظفين جدد

قال لي أحد وكلاء التوظيف ذات مرة بحماسة محاولاً جذبي إلى وظيفة شاغرة في شركته: “هناك الكثير من الفرص للنمو في الشركة. لدينا عدد من الوظائف الشاغرة التي ستكونين مرشحة مناسبة لها”.

قد يكون توافر الكثير من الوظائف الشاغرة علامة على نمو الشركة في مجالات عدة مثل التوسع في المنتجات أو الخدمات الحالية أو الدخول في خطوط أعمال جديدة، ولكن ذلك يمكن أن يشير أيضاً إلى معدل دوران كبير بسبب سمية مكان العمل، خاصة إذا تكرر شغور الوظائف نفسها في إدارة أو قسم معين. إذا لم يكن بمقدور المؤسسات استبقاء المواهب وكان الموظفون يغادرون غالباً وبسرعة، فقد يكون ذلك علامة على مشاكل أخرى داخل الشركة.

كانت شركة وكيل التوظيف الذي تواصل معي تعاني معدل دوران مرتفع، إذ يغادر الكثير من الموظفين وينضم القليل منهم، وقد استنتجت ذلك بعد البحث عن الوظائف الشاغرة على موقع الشركة الإلكتروني والبحث عبر موقع لينكد إن. وجدت أشخاصاً على موقع لينكد إن يحملون المسمى الوظيفي نفسه الذي طُلب مني إجراء مقابلة عمل لشغله، وقد بقوا في مناصبهم أقل من عام (في حالتين، ستة أشهر فقط). كما لاحظت توافر عدد كبير من الوظائف الشاغرة على موقعهم الإلكتروني في موقعين محددين. لم أتمكن من تحديد أي تغييرات مهمة في العمل (على سبيل المثال، عملية استحواذ أو توسع في خط إنتاج جديد) من خلال بحثي والمعلومات التي قدمتها وكالة التوظيف. تواصلت بعد ذلك مع موظف سابق على موقع لينكد إن للاستفسار عن تجربته في الشركة، وقد نصحني بشدة بتجنب الانضمام إليها وأخبرني بأن معدل الدوران المرتفع يرجع إلى وجود اثنين من القادة السامين في الموقعين.

يمكنك معرفة إذا ما كانت الشركة تعاني معدل دوران مرتفع من خلال البحث في الوظائف المعروضة حالياً وضبط تنبيهات الوظائف للشركة على مواقع مثل إنديد ولينكد إن لتتبع الوظائف الشاغرة التي يُعلن عنها ومراقبة وتيرة نشرها. إذا كانت الأدوار نفسها تُنشر بانتظام، فقد يكون ذلك إشارة تحذيرية أخرى على أن ثقافة الشركة سامة.

يمكن أن تكون تقييمات موقع غلاس دور أيضاً مصدراً مهماً لتقييم مدى سمية المؤسسة. بطبيعة الحال، قد لا تعكس تجارب الآخرين في المؤسسة بالضرورة ما ستكون عليه تجربتك. لقد أثبتت الأبحاث أن الأفراد غالباً ما يشاركون تقييماتهم عبر الإنترنت عندما تكون تجربتهم إيجابية أو سلبية جداً، لذا ضع في اعتبارك أن هذه التقييمات قد يشوبها بعض التحيز.

ولكن لا دخان من دون نار، فإذا لاحظت إشارات متكررة إلى وجود بيئة عمل سامة، فإن الأمر يستحق الانتباه. يمكنك أيضاً التواصل مع الأشخاص في شبكتك المهنية على موقع لينكد إن الذين عملوا في المؤسسة وسؤالهم إذا ما كانوا على استعداد لمشاركة تجربتهم معك، فبحسب تجربتي، العديد من الأشخاص على لينكد إن على استعداد لمشاركة تجاربهم وتقديم النصيحة. مثلما يرغب العديد من المؤسسات في التحقق من مراجع المرشحين للوظائف، فهذه فرصتك أيضاً للتحقق من مراجع الشركة التي يُحتمل أن تعمل بها في المستقبل.

قد تكون متحمساً للمضي قدماً نحو فرصتك المهنية التالية، خاصة إذا كنت تحاول الهروب من بيئة عمل سامة. ولكن يجب ألا تتجاهل العلامات التحذيرية التي قد تكون واضحة أمامك. قد يساعدك اكتشاف هذه العلامات التحذيرية على تجنب الانضمام إلى مكان عمل سام وتوجيهك إلى بيئة عمل أكثر صحة ودعماً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .