ملخص: مع أي تغيير كبير في حياتك المهنية تأتي الحاجة إلى مهارات جديدة، ولكن هذه المهارات تصبح أهم عندما تبتغي تغييراً مهنياً جذرياً، فحينئذ سيتطلب الأمر أكثر من حضور ندوات عبر الإنترنت لبناء المعرفة الضرورية للوصول إلى هدفك، ويجب أن تخصص قدراً كبيراً من الوقت للتعلم الموجه ذاتياً أو لبرامج التدريب الرسمي أو حتى العمل في وظيفة إضافية لاكتساب المهارات اللازمة لتحقيق قفزة كبيرة في مسارك المهني. ثمة استراتيجيات تجعلك فعالاً في تخصيص الوقت باستمرار لاكتساب مهارات مهنية جديدة، أولها قبول الالتزام بالوقت؛ لذا قد تقلص الأنشطة غير الضرورية. ثانياً، ابحث عن متطلبات مجالك الجديد وحددها، سواء كنت تسعى للحصول على ترخيص رسمي أو الانخراط في عمل مستقل أو عمل جانبي. والاستراتيجية الثالثة هي دمج التعلم في أنشطتك اليومية. ورابعاً، حدد أوقاتاً تخصصها لبناء المهارات والتزم بها. وخامساً، نسّق جدول عملك ليتماشى مع هدفك إذا لزم الأمر.
في بعض الأحيان لا يكون ما تحتاج إليه وظيفة جديدة فحسب، بل تغييراً مهنياً جذرياً. فربما كنت تعمل في مجال التمويل وتريد الآن التخصص في الوخز بالإبر، أو أنك خبير تسويق تستهدف بناء شركة ناشئة، أو مدرّس تتطلع إلى دخول مجال توريد المأكولات والمشروبات وتخطيط الفعاليات.
في هذه المواقف، يتطلب الأمر أكثر من حضور ندوات عبر الإنترنت لبناء المعرفة أو الخبرات الضرورية للوصول إلى هدفك. ويجب أن تخصص قدراً كبيراً من الوقت للتعلم الموجه ذاتياً أو لبرامج التدريب الرسمي أو حتى العمل في وظيفة إضافية لاكتساب المهارات اللازمة لتحقيق قفزة كبيرة في مسارك المهني.
هذا ليس بالأمر السهل، لكنه ممكن.
وجدت من خلال خبرتي في التدريب على إدارة الوقت أن هذه الاستراتيجيات هي الأشد فعالية لتوفير الوقت باستمرار لاكتساب مهارات مهنية جديدة كلياً.
اقبل الالتزام بالوقت
من المهم أن تدرك في البداية أنه لن يتيح لك الاعتناء بحياتك الشخصية ووظيفتك الرئيسة والعمل على بناء مهاراتك أي وقت للأشياء الأخرى؛ أي أن نجاحك في تحقيق تغيير مهني كبير يستدعي تقليص نشاطك في مجالات أخرى. سوف تقلص وقت عناصر اختيارية في حياتك، مثل متابعة برامجك التلفزيونية المفضلة وممارسة الأنشطة الترفيهية وارتياد الحفلات الموسيقية والمشاركة في عمل تطوعي. وفي بعض الأحيان ستضطر إلى تقليص أنشطة أساسية أيضاً، فربما لا يزال روتين الركض اليومي متاحاً لكن لا مجال للتدريب على سباق الماراثون، وقد تحصل على قدر مقبول من النوم ليلاً طوال الأسبوع لكن التأخر في الاستيقاظ نهار عطلة نهاية الأسبوع ممنوع، ولا بأس من قضاء وقت ممتع مع عائلتك كل يوم ولكنك ستعود إلى تدريبك وتعليمك بمجرد أن يدخل الأطفال فراشهم.
أحذرك من أن تضحي بصحتك أو بأهم علاقاتك لإنجاح هذا التغيير، لكن النقلة الجديدة في مسارك المهني تستحق تخصيص قدر كبير من الوقت لها.
اختر ما تركز عليه
إذا حسمت أمر إجراء نقلة كبيرة في مسارك المهني وخصصت لها الوقت اللازم فابحث عما يتعين عليك فعله من أجل مجالك الجديد، يمكن أن يتمثل في الاشتراك ببرنامج تعليمي يؤهلك للحصول على ترخيص أو شهادة رسمية أو برنامج تعليمي أكثر استقلالية، أو الانخراط في عمل جانبي.
قبل أن تخصص لهذه النشاطات الكثير من الوقت، احرص على تحديد النشاطات التي تستحق وقتك الثمين، وإذا كان عليك الالتحاق ببرنامج رسمي لممارسة مهنتك الجديدة على نحو قانوني، فخصص وقتك الإضافي للدورات والإجراءات المطلوبة، وبمجرد قبولك خصص الوقت لما تتطلبه دراستك. لا تقضي الكثير من الوقت في التعلم الموجه ذاتياً لأنك لا تلفت به انتباه أحد، والعكس صحيح إذا لم يكن البرنامج الرسمي ضرورياً. فالعودة إلى الدراسة الأكاديمية تؤخر نجاحك في تحقيق هدفك إلى حد بعيد، لكن يمكنك الاستفادة من طرق أخرى متاحة لاكتساب المهارات والخبرات.
اجعل التعلم أسلوب حياة
من أفضل طرق تخصيص وقت للتعلم المستقل أن تدمجه في أنشطتك اليومية. على سبيل المثال، إذا كان عليك الاستماع إلى المواد الصوتية الخاصة بالدورة التدريبية، فافعل ذلك في أثناء المشي أو قيادة سيارتك إلى العمل. وإذا كنت تريد القراءة فاقرأ في أثناء التنقل في وسائل النقل العام أو عبر تطبيق في هاتفك يقرأ لك النص في أثناء المشي أو القيادة [بفضل تطبيقات القراءة الصوتية، مثل (Talk) و(Text to Speech!)، يتسنى لي تحصيل محتوى الكتب الكبيرة].
أما إذا اعتدت القراءة أو مشاهدة المحتوى على هاتفك في أثناء فترات لا تعمل بها، مثل الانتظار في عيادة طبيب أو اصطحاب ابنك إلى تدريب كرة القدم، فاغتنم هذا الوقت لمراجعة المواد التدريبية والتعليمية. لا تستهن بأي لحظة متاحة.
خصص وقتاً
يساعدك امتلاك بعض أوقات الفراغ خلال يوم عملك على إنجاز الكثير، ولكن إذا كان لديك قدر كبير من المواد التي تجب دراستها أو الدورات الدراسية الإلزامية التي يجب إتمامها، فستحتاج إلى تخصيص وقت محدد لتنغمس في التعلم.
عندئذ، يفيدك الانخراط في برنامج تعليمي رسمي إذا كانت يقدم حصصاً دراسية مباشرة تستدعي حضورك الشخصي أو الافتراضي، يعزز هذا من التزامك بالهدف واستمرار تعلمك. أتولى تدريب عميلة تدرس لدرجة ماجستير إدارة الأعمال، وتعمل بدوام كامل، وتذهب إلى حصة دراسية ليلة الأربعاء، وتحضر ساعات اجتماع في المكتب في أثناء عطلة نهاية الأسبوع، وتغتنم ساعتين قبل تلك الاجتماعات وساعة بعدها لإنجاز مهام الدراسة جميعها. هكذا، تستثمر الوقت باستمرار في تعلمها في توقيتات محددة كل أسبوع. وإذا كنت تعمل في وظيفة ثانية لاكتساب مهارات جديدة، ما يستدعي العمل ساعات محددة؛ من 5 إلى 9 مساء يوم الثلاثاء ومن 9 صباحاً إلى 2 مساء يوم السبت مثلاً، فسوف يساعدك ذلك في سهولة المداومة على صقل مهاراتك.
ويلزمك تحديد الوقت الكافي لإتمام كل مهمة من مهامك وفق الوتيرة التي تناسبك. كان عملائي يحددون عادةً ليلة أو ليلتين في الأسبوع لتخصيص من 90 دقيقة إلى ساعتين للتعلم، من الساعة 7 مساءً إلى 9 مساءً، وعادةً ما يكون لديهم وقت دراسة أطول في عطلة نهاية الأسبوع، 3-4 ساعات. قد يخصص البعض ساعة الغداء للتعلم، لكن التجربة علمتني أن معظمنا يجد صعوبة في الحفاظ على هذا الروتين في ساعة مثل هذه، ما لم تكن المهمة بسيطة مثل التعليق على مشاركات زملاء الدراسة. ينبغي لك أن تخصص وقتاً يلائمك وفق التزاماتك في العمل وحياتك الشخصية، وتأكد من استمرارية نشاط التعلم حتى يصبح روتينياً.
من المهم للغاية، من وجهة النظر العملية وكذلك العاطفية، أن تعرف بوضوح متى تركز على تعلمك ومتى لا تركز عليه؛ عملياً، يساعدك ذلك على تجنب وضع خطط أخرى أو العمل حتى وقت متأخر أو نسيان التركيز على التعلم، أما عاطفياً فهو يساعدك على تفادي الشعور المزعج المستمر بأن عليك أن تعمل على تطوير ذاتك ولكنك لا تعرف متى تنشط في نشاطات التطوير ومتى ترتاح.
عدّل جدول عملك
قد تضطر إلى تعديل جدول عملك لرفع فعاليته وفق تقدير دقيق لاحتياجاتك في بناء مهاراتك، وابدأ بمراجعة سياسات مؤسستك بشأن أوقات العمل. ثم فكر في أنسب العناصر الداعمة لتطوير ذاتك، مثل تعديل ساعات عملك: يمكنك الحضور إلى مقر العمل في وقت أبكر كي تغادر مبكراً فيصبح لديك وقت للتعلم أو للعمل الإضافي، أو أن تحضر إلى العمل متأخراً وتغادر في ساعة متأخرة، وتعكف على تطوير ذاتك في الصباح الباكر. وإذا كانت سياسات المؤسسة تسمح يمكنك العمل 10 ساعات في 4 أيام من الأسبوع بحيث تتفرغ في اليوم الخامس للتعلم أو لوظيفة أخرى. وبعد أن تستقر على الروتين الأنسب لك، ناقش مديرك حول إمكانية تنفيذ التغييرات في إطار طبيعة عملك.
وأخيراً، أوصيك، في حال عجزت عن تنظيم وقتك وتخصيصه لتحقيق هدفك، بالتفكير في التحول إلى العمل بدوام جزئي؛ أي إنجاز ما نسبته 75% أو 80% من المهام التي كنت تنجزها بدوام كامل، إن أمكنك ذلك. تلك ساعات إضافية تعينك على التركيز على متطلبات تحقيق نقلة ناجحة في مسارك المهني.
اعلم أن اكتساب مجموعة جديدة كلياً من المهارات من أجل الانتقال إلى مسار مهني جديد غاية لا تدرك إلا بتخصيص الوقت وبذل الجهد والتفاني والتركيز، ولكنك إن عزمت على التغيير بحق ولجأت إلى الاستراتيجيات السليمة امتلكت وسائل تحقيق الهدف حتى في خضم جدول عمل مزدحم فعلاً.