كيف تساعد موظفيك على اقتناص الفرص في أثناء الأزمات؟

4 دقيقة
حالة عدم اليقين
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يثير الحديث الدائر عن عدم اليقين القلق لدى الموظفين إزاء وضعَيهم الحالي والمستقبلي، وقد تتفاوت ردود فعلهم ما بين المتفاعل والدفاعي والمنزوي على نفسه، وكأنه يريد عزل نفسه عن تأثيرات هذه الأزمة. وبالتالي، عندما تطلب منهم التحلي بالمرونة والالتزام بالعمل، وهو ما يطالِب به كثير من القادة، فأنت تزيد الضغط عليهم وتزيد الأمور سوءاً. إذاً، ما المطلوب من المسؤولين التنفيذيين لإدارة حالة عدم اليقين على نحو يساعد الموظفين بدلاً من إثارة قلقهم؟ يطرح المؤلف 4 استراتيجيات تساعد في وضع حالة عدم اليقين ضمن إطار إيجابي لتشجيع الموظفين على اغتنام الفرص التي تولدها.

يكثر حديث مسؤولي المناصب التنفيذية العليا عن إدارة الأزمات وحالات عدم اليقين، فيقولون: “نتعقل ونتروّى ونخفف تأثير المخاطر”. ويستفيضون في شرح ما يتخذونه من خيارات استراتيجية بغرض تعزيز قدرة الشركة على مواجهة الأزمات والخروج منها منتصرة، وعلى المستوى الشخصي يعملون على تقييد هوسهم بالكمال مع تجنب التبسيط غير المجدي.

إن مسار تركيزهم في هذا الصدد طبيعي ومألوف، فأصحاب المصلحة، ومنهم الموظفون، يرغبون في الاطمئنان إلى قدرة الشركة على تجاوز ظروف معقدة وغير مؤكدة ومتقلبة؛ ولا يريدون أن تصبح هذه الظروف ذريعةً لغياب الاستراتيجية أو لصنع قرارات سيئة أو لتقديم أداء ضعيف.

ولكن كل هذا الحديث عن الأزمة كفيل بإثارة القلق لدى الموظفين إزاء وضعهم الحالي وتجاه مستقبلهم. وقد تتفاوت ردود فعلهم ما بين المتفاعل والدفاعي والمنزوي على نفسه، وكأنه يريد عزل نفسه عن تأثيرات هذه الأزمة. وبالتالي، عندما تطلب منهم التحلي بالمرونة والالتزام بالعمل، وهو ما يطالِب به كثير من القادة، فأنت تزيد الضغط عليهم وتزيد الأمور سوءاً.

إذاً، ما المطلوب من المسؤولين التنفيذيين لإدارة حالة عدم اليقين على نحو يعزز الموظفين بدلاً من إثارة قلقهم؟ فيما يلي 4 استراتيجيات تساعد في وضع حالة عدم اليقين ضمن إطار إيجابي لتشجيع الموظفين على اغتنام الفرص التي تولّدها.

تبنّي عقلية اقتناص الفرص

ابدأ بالحديث عن الفرص المتاحة لشركتك، وخاصة الناجمة عن الأزمة؛ فهذا التأطير العقلي يوجه التركيز نحو ما يمكن للشركة تحقيقه لا التحدي الذي تواجهه.

تطلّع إلى شغل الحيز الذي خلا من المنافسين وتلبية احتياجات العملاء غير المُلباة. يمكنك أن تقول: “أنا متحمس على وجه التحديد لفرصة توسيع نطاق وجودنا في هذه السوق. فهناك عدد كبير من المستهلكين الذين يتطلعون إلى تغيير مزودي الخدمة أو إلى استمرار العمل باتفاقهم الحالي لعدم تيقّنهم من مستقبل الوضع الاقتصادي. ونحن لدينا عرض مقنع نقدمه لهم”.

وبينما تفعل ذلك، انتبه لمقدار الوقت الذي تقضيه في الحديث عن عدم اليقين وما ينطوي عليه من مخاطر محتملة؛ فذكر عدم اليقين في حديثك ينم عن أنه الوضع الطبيعي الذي تعمل فيه الشركة، وهذا ليس حقيقياً. كما أنه حديث يثير القلق، إذ يربط الموظفون تعبير “عدم اليقين” بكل ما هو سلبي من تأثيرات ومخاطر.

حاول استخدام كلمات أو عبارات مغايرة ولكنها تنقل المعنى نفسه؛ ومنها على سبيل المثال: “علينا معرفة المزيد عن تأثير تغير المناخ في عملياتنا وبنيتنا التحتية وسلسلة التوريد”. ولا أعني بذلك أن تتجنب الموضوع أو أن تبالغ في تبسيط الآثار، ففي هذا تقويض لنزاهتك؛ بل أن تدفع الموظفين إلى التفكير خارج نطاق أنفسهم وأن تكون أولويتهم هي الفرصة، فذلك يفصلهم إلى حد ما عن ردود فعلهم العاطفية.

تحديد التأثيرات والخطوات التي سوف تتخذها الشركة

يركز المسؤولون التنفيذيون جهودهم في كثير من الأحيان على التعليق على أوجه عدم اليقين الشاملة الناجمة عن التطورات الجيوسياسية أو الظروف الاقتصادية أو التحولات التكنولوجية، ومع أنها محاولة حسنة النية لإظهار ما تتمتع به الشركة من الذكاء والحصافة والبراعة أو لطمأنة الموظفين إلى أن التنفيذيين ينهضون بمسؤولياتهم، فهذا الحديث يولّد لدى الموظفين تساؤلات حول أهميتهم في الشركة ودورهم فيها.

بدلاً من ذلك، عليك أن تحدد أوجه عدم اليقين التي تؤثر في شركتك وأن توضح لهم رأيك؛ يمكنك أن تقول على سبيل المثال: “ثمة غموض في إمكانية صدور قوانين ناظمة جديدة بخصوص منتجاتنا، ونتيجة لذلك سنتأنى في تنفيذ المزيد من الاستثمارات خلال الأشهر الستة المقبلة، وسندخل إلى أسواق جديدة ذات مستوى تنظيم أقل صعوبة، وسنسعى إلى المشاركة في إجراءات تطوير القوانين.

وحتى تشجع الموظفين على التفكير البنّاء عليك أن تكون قدوة لهم في ذلك، والتمس معلومات أكثر عما يحدد أوجه عدم اليقين من الإشارات والاتجاهات الأساسية (وكثير منها يستمر على مدى فترة زمنية طويلة)، وينطوي ذلك على توضيح ما تعرفه وما لا تعرفه واستكشاف ما يجري في أطراف شركتك، مثل العملاء والموردين والشركاء.

وبالإضافة إلى وضع سيناريوهات لحالات عدم اليقين المحتملة، من المهم أن تخطط لتطورها وتأثيرها حسبما تريده أنت؛ أي أن تعمل باتجاه عكسي انطلاقاً من النتيجة المرجوة وأن تحدد احتمالات كل حالة من حالات عدم اليقين. قيّم أثر هذه السيناريوهات في استراتيجيتك، بتغيير الفرضيات التي تدعم قراراً استراتيجياً ما مثلاً.

وبعد إتمام هذا العمل انتقل إلى التنفيذ الذي قد ينطوي على ما يلي:

  • خطوات تكتيكية قصيرة الأمد (ومنها إعادة تخصيص الموارد أو التحوط للمخاطر المالية).
  • الاستعداد للمبادرة ما إن تسنح الفرصة (مثل تجربة نشاط أو إجراءات معينة).
  • إجراء مجازفة طويلة الأمد بناءً على النتيجة التي سوف تسفر عنها حالة عدم اليقين (مثل تنفيذ استثمار أو عقد شراكة).

مشاركة ما تعلمته

حدّث الموظفين عن مشاعرك إزاء حالة عدم اليقين وكيف تتعامل معها، أخبرهم عن طريقتك للتركيز باستمرار على الفرص وتفادي الوقوع في براثن الانشغال بالسلبيات والتشاؤم. وبذلك ستشجع الآخرين على التصريح بمخاوفهم دون القلق من العواقب، وسيعتبرون هذا الحوار تجربة تعلّم.

حدّث الموظفين عن حالات عدم اليقين التي تغلبت الشركة عليها في الماضي، واستعرض قصص المرونة والابتكار. ولا يُقصد من ذلك استدراج الموظفين إلى شعور زائف بالأمان أو تشجيعهم على الرضا عن وضعهم الحالي، فهذه فرصة للتعلم من تلك التجارب وغرس الثقة في قدرة الشركة على النجاح في تجاوز الصعوبات مرة أخرى. تحدّث عن حالة عدم اليقين التي واجهتها الشركة ومخاوفكم آنذاك، والإجراءات التي اتخذتموها لحماية أعمال الشركة وما تعلمتموه من الأزمة. ومع أن الظروف ربما تكون مختلفة هذه المرة، فهذه الذكريات تذكّر الموظفين بما يمكنهم تحقيقه.

ذات مرة، قالت رئيسة تنفيذية سبق لي العمل معها، في كلمة لها: “تشهد بعض أسواقنا اضطرابات سياسية قد تؤدي إلى تغيير الحكومات، وهو موقف تعاملنا معه من قبل. وتعلمنا منه أهمية رصد التطورات من كثب وتوخي الحذر في خطابنا والاستعداد للتعاون مع وزراء ومسؤولين جدد”.

تشجيع الموظفين على استكشاف فرص جديدة

لا يفترض بالمسؤولين التنفيذيين أن يتصدوا لحالة عدم اليقين وحدهم، لذلك شجع فرق العمل أو الأقسام أو وحدات العمل على تركيز اهتمامها على حالة عدم اليقين التي تجيد التعامل معها، مثل التي تؤثر في مجموعة المواهب أو الموردين، وإلا ستنشغل بحالات عدم اليقين التي لا يمكنها السيطرة عليها. يمكنك أن تقول: “أدرك أن حالة عدم اليقين هذه مزعجة. ولكنني أطلب منكم التركيز على أبرز ما تحسنون أداءه؛ ألا وهو خدمة عملائنا. هذا سيتيح لنا فرصة أمثل لتجاوز هذه الأزمة في وضع جيد”.

أسس فرقاً ريادية تكشف عن الفرص في خضم الأزمات، مع الحرص على أن تضم هذه الفرق أفراداً ذوي خلفيات ومهارات وأدوار وظيفية متنوعة، وسلّحهم بالأدوات التي تساعد في توجيه مسار تفكيرهم وامنحهم صلاحيات صنع القرار وحملهم المسؤولية.

سيكون من باب المبالغة في التبسيط القول إن هناك فرصة في كل حالة عدم يقين تواجه الشركة؛ ولكنها في الغالب تواجه آثاراً ملموسة عليها الحد منها أو تجنبها. ولكن التعامل معها على نحو استراتيجي يمكّن الموظفين من تحمل مسؤولية أكبر عن مهامهم وأدوارهم في الشركة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .