اضغط زر التوقف المؤقت

3 دقائق
shutterstock.com/igor kisselev

قال مايك تايسون ذات مرة: "يطوّر كل شخص منا استراتيجية يتّبعها بغية تحقيق النجاح إلى أن يتلقّى لكمة على وجهه".

وأعتقد أن أزمة "كوفيد-19" هي إحدى هذه اللكمات التي تلقّاها كل منا على وجهه. في الواقع، أعتقد أننا تلقّينا ثلاث لكمات على الأقل، فقد تلقّينا اللكمة الأولى بصفتنا مواطنين، وذلك بعد تأثّر كل بلد بالأزمة تأثيراً بالغاً؛ في حين تلقّينا اللكمة الثانية بصفتنا مهنيين، حيث يمرّ كل عمل تجاري وكل قطاع في وضع صعب للغاية اليوم؛ وتلقّينا اللكمة الثالثة بصفتنا بشر، فقد تزعزعت حياتنا على العديد من المستويات، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين نحبهم بشدة.

كما أن الاستماع إلى الأخبار، وسماع ما يحدث، ومشاهدة القصص الدرامية التي يعرضها الأطباء والممرضات الذين يعملون على مدار الساعة لإنقاذ حياتنا كانت ولا تزال تجربة مؤلمة. كيف يمكننا إدارة هذه الأزمة غير المسبوقة؟ إن كلمة الأزمة في اللغة اليونانية القديمة تعني "وقتاً صعباً وخطيراً يتطلّب إيجاد حل له". كيف يمكننا تمهيد الطريق لحل هذه الأزمة اليوم؟  تتمثّل الخطوة الأولى في رأيي في "التروي".

فكّر في سيارة فيراري الفارهة من طراز "812 سوبر فاست"، ما الذي يُتيح للسيارة السير بهذه السرعة؟ عندما طرحت هذا السؤال في ندواتي، انطوت معظم إجابات الأفراد على "المحرك" أو "السائق" أو "الديناميكا الهوائية". في حين أن ما يسمح لسيارة فيراري أو أي سيارة أخرى بالسير بسرعة هو المكابح. ولن نتمكن من قيادة أي سيارة دون مكابح، حتى إن قدناها بسرعة 8 كيلو متر في الساعة، ذلك أننا سنتعرّض إلى حادث عند أول إشارة مرور. والأمر نفسه ينطبق علينا، فما يسمح لنا بالسير بسرعة هو قدرتنا على التروي واستخدام مكابحنا الداخلية.

بعبارة أخرى، يجب علينا التحقق من امتلاكنا ما يكفي من الطاقة في أجسادنا. في الواقع، يوجد أربعة أنواع مختلفة من الطاقة.

1- الطاقة الجسدية التي تُمثّل صحتنا ونشاطنا العام.

2- والطاقة العقلية التي تُتيح لنا التركيز والتعبير عن آرائنا بوضوح.

3- والطاقة العاطفية، بمعنى قدرتنا على التحمل وضبط النفس.

4- والطاقة الروحية التي تشمل دوافعنا وقيمنا الداخلية التي تؤثر على قراراتنا.

وبالنظر إلى الوقت الذي نعيش فيه، يجب علينا "استخدام المكابح" من خلال طرح سؤال بسيط للغاية على أنفسنا: ما هو أكثر مصدر للطاقة استنفدناه مؤخراً؟ أعتقد أن مخازن الطاقة العاطفية والروحية هي المخازن التي استنزفنا طاقاتها إلى أقصى حد، مثل السيارة، وأننا نعيش حالياً بالاعتماد على احتياطي الطاقة العاطفية والروحية. ما الذي يمكن أن يساعدنا في تزويد أجسامنا بهذه الاحتياجات العاطفية والروحية؟ نحن نعلم على سبيل المثال أن التواصل مع الطبيعة أو إجراء محادثة عميقة مع الأشخاص الذين نحبهم أو ممارسة التمارين البدنية أو الصلاة أو التأمل أو الاستماع إلى الموسيقى أو النوم المنتظم هي جميعها مصادر إيجابية للطاقة، في حين أن الإفراط في تناول الطعام أو التدخين أو قضاء وقت كثير أمام الشاشات هي ممارسات تؤثر على طاقاتنا بشكل سلبي.

ويمكن للعلوم الطبية قياس مدى تعبنا البدني وعبء العمل الذي نرزح تحته. ومن دون هذه العلوم، لن يكون روجر فيدرر أفضل لاعب تنس في سن 38. وما أقصده هو أننا نشهد اليوم مرحلة تطور اقتصاد المعرفة، وأنه من الضروري أن نقيس "عبء العمل المعرفي" الذي نرزح في ظلّه. ويمكن قياس عبء العمل المعرفي من خلال ثلاثة عوامل، ألا وهي السرعة التي نلتزم فيها بالاستجابة، ومدى تعدد المهام التي نؤديها والعوائق التي تعترض سبيلنا في أثناء أدائها، وتعقيد القضايا التي نتعامل معها، وجاء ذلك بحسب شركة "هينستا بيرفورمانس" (Hinsta Performance). ألقِ نظرة على وظيفتك، هل تعتقد أن عبء عملك المعرفي قد ازداد؟

إذاً، جميعنا اتبعنا استراتيجيات طوّرناها بغية تحقيق النجاح إلى أن تلقّينا عدة لكمات على وجوهنا. ونظراً لأننا نتعامل مع أزمة مزعزعة، يجب علينا استخدام المكابح قبل الانتقال إلى الوضع الطبيعي الجديد فترة من الوقت. كما يجب علينا التحقق من مستوى طاقاتنا ودعمها بأنشطة هادفة. وللقيام بذلك، لا بدّ لنا من التوقف برهة من الوقت وممارسة التفكير التأملي بهدف أن نكون على أتم الاستعداد عند الانتقال إلى الوضع الجديد. وسنصبح في نهاية هذه الرحلة أشخاصاً أفضل مما كنا عليه قبل أزمة "كوفيد -19". وأكتب هذا المقال وأنا مفعم بالأمل في أن تكون عاقبة هذه الأزمة حميدة في نهاية المطاف، فقد منحتنا هذه التجربة وعياً عميقاً والعديد من الدروس والمعاني التي فاتنا استقاؤها في خضم حياة كنا نخوض غمارها بسرعة.

توقف. تنفّس. وابتسم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي