كيف تحدد أي مشاريع علم البيانات التي عليك استهدافها؟

4 دقائق
استهداف مشاريع علم البيانات

في عام 2018، أصبح لدى كل مؤسسة استراتيجية البيانات الخاصة بها. ولكن، ما هي مقومات استراتيجية البيانات العظيمة؟ وكيف يمكن استهداف مشاريع علم البيانات في أي مؤسسة؟

نعلم جميعاً كيف يبدو الفشل في استهداف مشاريع علم البيانات. فالموارد تُستثمر وفرق العمل تُشكّل والوقت يمر، غير أنه لا يتمخض شيء عن ذلك. ولا يستطيع أحد أن يضع يده على العلة؛ فاللوم يقع على شخص آخر دائماً وأبداً.

ومن الصعب التفريق بين النجاح المتواضع والتميّز. وحقيقة الأمر أنه في ميدان علم البيانات، يتشابه الاثنان كل التشابه ربما لعام كامل. ولكن بعد عدة سنوات، ستكشف الاستراتيجية الممتازة عن نتائج أعظم قيمة بفارق مهول.

تبدأ الاستراتيجيات المتواضعة والممتازة على حد سواء بسلسلة من التجارب والاستثمارات المؤدية إلى مشاريع البيانات. وبعد بضع سنوات، تتكلل بعض هذه المشاريع بالنجاح، وتمضي في طريقها إلى مرحلة الإنتاج.

اقرأ أيضاً: تحليل بيانات الناس لا يكشف كل شيء عنهم

وفي الاستراتيجية المتواضعة، قد يكون لمشروع أو اثنين من هذه المشاريع عائد استثماري واضح للأعمال. وعادة ما تنطوي هذه المشاريع على الأتمتة من أجل توفير التكاليف، أو تكون تطبيقاً للتعلم الآلي على عملية راهنة لتحسين كفاءتها أو أدائها. ويبدو هذا أشبه ما يكون بالنجاح، وقد يكون كافياً، لكنه يغفل عن الميزات الفريدة لاستراتيجية البيانات الممتازة.

في الاستراتيجية الممتازة، كُلل المزيد من مشاريع البيانات بالنجاح، وكانت فعالة من حيث التكلفة على نحو مفاجئ في تنفيذها. فضلاً عن ذلك، فإن عملية بناء أول عدد محدود من المشاريع تشكل مصدر إلهام لأفكار مشاريع جديدة. وفي الاستراتيجية الممتازة، سوف تتضمن المشاريع الأتمتة والكفاءة وتحسينات الأداء، غير أنها ستضم أيضاً مشاريع وأفكاراً لتوليد إيرادات جديدة، وأعمالجديدة كلياً تستند إلى أصول البيانات الفريدة الخاصة بك. ويتضافر عمل فرق البيانات ببراعة، ويبني الفريق منهم على عمل الفريق الآخر، وتتآزر الفرق كلها بسلاسة مع شركاء أعمالهم. وثمة رؤية واضحة للشكل الذي يمكن أن يكون عليه مستقبل الأعمال المستند إلى التعلم الآلي، ويعمل الجميع معاً لتحقيق هذه الرؤية.

كيفية بناء استراتيجية بيانات ممتازة 

تتطلب صياغة استراتيجية البيانات، مشاركة العديد من الأطراف، بما في ذلك خبراء بيانات وقيادات تقنية وخبراء أعمال وخبراء متخصصين. وتقتضي أيضاً أن توفر القيادة التزاماً حقيقياً بالجهد.

اقرأ أيضاً: استخدام البيانات لتوفير رعاية صحية أفضل للمشردين

إليك كيفية تحديد معظم الشركات لمشاريع البيانات التي يجب استهدافها، وأيها يُعد وحده وصفة مضمونة لاستراتيجية بيانات متواضعة؛ تحدد الإدارة مجموعة من المشاريع التي تود رؤيتها قيد التنفيذ، وتضع هامش احتمالات واسعاً لترتيب الأولويات: يمثل أحد محوريه قيمة مشروع ما للأعمال، بينما يمثل الآخر مدى تعقيده المقدر أو تكلفة تطويره. ويُعطى كل مشروع نقطة على المخطط، وتخصص الإدارة موارد الشركة المحدودة للمشاريع التي تعتقد بأن تكلفتها أقل من غيرها وتتمتع بأعلى قيمة تجارية.

إن هذا ليس بالمسار الخاطئ، لكنه ليس مثالياً أيضاً. فإن استراتيجية البيانات الممتازة تتجاوز التقييم المباشر لكل مشروع بشكل منفصل لدراسة أبعاد إضافية قليلة.

أولاً، تتضمن استراتيجية البيانات الممتازة نواة مؤسسية جيدة التنسيق

تعتمد على استثمار تقني مركزي وعناصر افتراضية مُنسقة ومُنتقاة بعناية من أجل تصميم تطبيقات البيانات. حيث تسمح مركزية العناصر الافتراضية لكل تطبيق باتخاذ قرارات مختلفة إذا لزم الأمر، مع الحفاظ على أقصى قدر ممكن من التوافق والمرونة عبر المؤسسة بمرور الوقت افتراضياً.

اقرأ أيضاً: كيف تساعد فريقك على معرفة التوظيف الصحيح للبيانات؟

على سبيل المثال، شهدت إحدى شركات الإعلام العالمية التي عملت معها نمواً كبيراً عن طريق عمليات الاستحواذ على شركات أخرى. وكان لكل تخصص تجاري فيها مجموعة مختلفة من التقنيات، وفريق مستقل لتقنية المعلومات، مما أفضى إلى خلق تحديات فيما يخص دمج البيانات القائمة بالفعل، ومختلف التصاميم لجميع الاستثمارات المستقبلية. وكان تحقيق المركزية لهذه الممارسة محورياً لنجاح الشركة المستمر.

ثانياً، تتميز استراتيجية البيانات الممتازة بأنها محددة في المدى القريب ومرنة في المدى البعيد

إننا نعرف الكثير جداً عن الشكل الذي ستبدو عليه قدرات التعلم الآلي في المستقبل، لكننا نعرف القليل عما ستبدو عليه هذه القدرات في العام المقبل. ولا يسعنا سوى تخمين ما سيكون ممكناً في غضون 5 سنوات من الآن. وبالمثل، فإن النشاط التجاري يتغير دائماً، مما يؤدي إلى خلق منافسات وفرص جديدة. إن المؤسسات التي تنخرط في دورات تخطيطية لمدة 5 سنوات، ستهدر الفرص التي تظهر في الوقت الراهن. وإن الاستراتيجية الممتازة هي تلك القابلة للتكيف والتي تعتبر وثيقة حية.

إن أفضل الاستراتيجيات هي تلك التي لديها إيمان راسخ بأنها تسير في الاتجاه الصحيح، لكنها مرنة في تفاصيل الطريقة المثلى للوصول إلى غايتها. وبعبارة أخرى، لديك فهم واضح لهدفك النهائي، ولكن ليس بالضرورة أن تحدد كل خطوة عليك اتخاذها مسبقاً لتحقيق ذلك.

وأخيراً، تضع استراتيجية البيانات الممتازة في الحسبان فكرة رئيسية واحدة؛ وهي أن مشاريع علم البيانات ليست مستقلة عن بعضها

فمع كل مشروع يُستكمل، سواء تكلل بالنجاح أو باء بالفشل، فإنك ترسي أساساً لبناء مشاريع لاحقة بسهولة أكبر وبتكلفة أقل.

استهداف مشاريع علم البيانات

إليك ما تبدو عليه عملية اختيار المشروع في شركة تتمتع باستراتيجية بيانات ممتازة: أولاً، تجمع الشركة الأفكار، ويجب توسيع نطاق هذه الجهود قدر الإمكان في شتى أرجاء المؤسسة وعلى جميع المستويات. فإذا رأيت الأفكار الجيدة والواضحة فقط ضمن قائمتك، فلا بد أن تقلق، لأن هذه علامة على أنك تغفل عن التفكير الإبداعي. وما أن تتشكل لديك قائمة كبيرة، بادر إلى فرز الأفكار بحسب وجاهتها التقنية. وبعد ذلك، ضع مخطط التشتت الموصوف أعلاه الذي يُقيِّم كل مشروع وفقاً لتكلفته النسبية أو درجة تعقيده وقيمته بالنسبة للأعمال.

الآن أصبح الأمر مثيراً! ارسم خطوطاً على مخطط التشتت -هامش الاحتمالات- الخاص بك بين المشاريع التي يُحتمل أن تكون وثيقة الصلة. توجد هذه الصلات حيثما تشترك المشاريع في موارد البيانات؛ أو حيثما أتاح مشروع واحد جمع بيانات مفيدة لمشروع آخر؛ أو حيثما كانت الأعمال التأسيسية لمشروع ما صالحة لتأسيس مشروع آخر. ويقر هذا النهج بوقائع العمل في مثل هذه المشاريع، مثل حقيقة أن بناء مشروع سابق يجعل عملية بناء المشروع اللاحق أسرع وأسهل (حتى لو باء المشروع السابق بالفشل). وستكون تكاليف جمع المعلومات وبناء مكونات مشتركة قد استُهلكت عبر المشاريع المختلفة.

من شأن هذا النهج أن يجعل المشاريع ذات القيمة الأعلى - تلك التي ربما بدت طموحة أكثر من اللازم - تبدو أقل شبهاً بدَفعة قوية باهظة التكلفة إلى الأمام. وبالمقابل، فإنه يكشف عن أن مثل هذه المشاريع ربما كانت بحق أكثر كفاءة وأماناً للإقدام عليها من تلك المشاريع الأخرى ذات القيمة الأقل التي بدت جذابة في تحليل ساذج.

وبتعبير آخر، تقر استراتيجية البيانات الممتازة بأن المشاريع تتأثر بعضها البعض، وأن تكاليف المشاريع تتغير بمرور الوقت في ضوء المشاريع الأخرى التي تم تنفيذها (والتقنيات الجديدة أيضاً). ويسمح ذلك بتخطيط أدق، وربما يوسِّع نطاق قدرات المؤسسة بأكثر مما هو متوقع. وبوسعك مراجعة عملية التخطيط هذه كل ربع عام، الأمر الذي يتسق مع سرعة تغيّر تقنيات التعلم الآلي وتبدلها.

إننا نَمرُ الآن بمرحلة لم يتم فيها تطوير التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي وإدارة البيانات حتى الآن لتكون منتجات جاهزة للأعمال، أو حتى آمنة للاستثمار فيها. ولهذا السبب، ستُحْسن الشركات التي تمتلك استراتيجيات بيانات ممتازة الاختيار على الأرجح في المستقبل من أجل استهداف مشاريع علم البيانات.

اقرأ أيضاً: كيف تستخدم تحليلات بياناتك الخاصة بشكل جيد؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي